أستاذي أنا راقي،
طريقتك وأسلوبك في الرد والتجاوب مع الأسئلة المطروحة شجعتني مرة أخرى أن أواصل طرح أسئلة أخرى مدعمة ببعض التوضيحات، مطبقا مبدأ "استغلال أحسن للموارد المتوفرة" والمتمثلة في شخصك الكريم وأشكرك مسبقا على رحابة صدرك.
سيدي،
هل توافقني الرأي حينما أقول لك أن أعلى قمة للدعاية بكل أشكالها هي "الأغنية" ؟
هذه الدعاية لا يضاهيها نموذج الدعاية الشيوعية بقيادة "لينين" ولا نموذج الدعاية الفرنسية بقيادة "شارل ديغول" ولا نموذج الدعاية النازية بقيادة "جوزيف غوبلز" ولا نموذج الدعاية اللبيرالية الأمريكية بقيادة "جون مكارتي"؟
سيدي،
دعاية الأغنية تتجسد في ثلاث مستويات: مستوى الشخص، مستوى اللحن ومستوى الكلمات؛
على مستوى الشخص (المغني) يصبح مثالا وقدوة للمتأثرين به في مظهرهم وسلوكهم ونمط تفكيرهم،
على مستوى اللحن الذي يعتبر من أهم المؤثرات (خاصة إذا كان اللحن ماجنا) والذي يضفي على الأجواء طابعا مميزا وخاصا،
على مستوى الكلمات، هناك بيت القصيد، لماذا ؟ لأن هذه الكلمات أسمعها، قد تعجبي وقد لا تعجبني. إذا أعجبتني سأحفظها وأرددها وسأنشرها وأنقلها إلى الآخرين.
تصور سيدي، أن الطفل منذ نعومة أظفاره وهو يسمع مطربا معينا يقول في كلمات أغنيته عن المرأة " يا الخداعة.. يا النكارة .. يا العقرب التي لا بد منها "، تصور كيف يترسخ في ذهنه إنطباعا قبليا خاطئا عن أمه وأخته وزوجة المستقبل ؟
وتصور، كيف يصبح هذا المطرب مرجعا من المرجعيات الأساسية في نقاشاتنا وحياتنا،
تصور سيدي أن رجلا يشتكي لصديقة زوجته النكدية فينصحه هذا الأخير بتطبيق قول المطرب بأسلوب يحرض على هدم الأسرة واتباع الفسق قائلا له" طلق مرتك ودير وحدة من الليسي وانت تهنيت ؟" أي طلّق زوجتك الحلال واتخذ خليلة يافعة تدرس بالثانوية ويتهنى الفرطاس (الأصلع) من حك الراس؟".
وتصور سيدي أن يكون الرجل مهموما فينصحه صديقه أيضا بسماع الأغاني السوقية الهابطة مطبقا المبدأ الرخيص القائل "هبّط الـ "niveau" يطلع الـ"moral" ؟ أي حينما تكون مهموما إجعل المستوى نازل في الأرض وبذلك ترتفع المعنويات" بسماع الأغاني الهابطة؟
تلك هي قمة الدعاية "الأغنية". أليس كذلك سيدي "أنا راقي".
سؤال الثاني سيدي الفاضل و-قد تناوله أستاذي القلم الحزين بمنظور آخر-:
ما مدى المسئولية الكبرى التي تتحملها وسائل الإعلام خاصة مجال السمعي-البصري المتمثل في القنوات الفضائية الغنائية التي انتشرت كالفطريات لدرجة تلقيبها بقنوات "الشطيح والرديح" وأنت تعلم سيدي أنه لا أسهل من أن تنشئ قناة غنائية وتمنح لك التراخيص اللازمة وكل الإمكانات الضرورية عكس القنوات الهادفة صاحبة الرسالة السامية والتي تصد في وجهك كل الأبواب زاعمين أن كل موجات البث محجوزة ؟
تقبل تحياتي ولك خالص الود.
|