لم أرى الشمس بالأمس ( قصة قصيرة )
لم أرى الشمس بالأمس
نسمات صباحي في ذلك اليوم اضطجعت خلف جبال سمر ، فلم انعم بها كالعادة ... أحسست به إلى جانبي فتوجهت إليه وكل نقطة دم في وجهي حانقة عليه ..
- لم لم تحظر بالأمس ؟؟
هل أصبحت مواعيدي لا تساوي شيئا عندك إلى هذه الدرجة ، قسما إني سألعن أجدادك جدا جدا ..تأتي وتذهب وكان الرأي رأي ... ثم الم أخبرك أننا سوف نتحدث اليوم عن والدي أو بالأحرى سوف أحدثك أنا أيها الأخرس ؟!
كانت نظراته البلهاء تنغرس في صدري وأنا أودع نورسا تائها فالبحر بعيد من هنا ، اعرني أذنيك يا عديم الملامح فلست مستعدا كي أعيد لك... عيناي الصارمتان كانتا تحدثانه أكثر مما يحدثه لساني ..
أنا لا اشك في حبك لوالدي ، مثلي طبعا ...وخاصة نصائحه التي احفظها غيبا ... أنا متأكد أن والدي هو خليط من بشر ومن ملائكة نعم والدي ملاك ...هل تفهم والدي ملاك يا ....
لماذا تذهب تهديداتي لك سدا ؟؟ ، وتتكسر على صخور عنادك يا مخبول ...إن الحديث عن والدي ليس ذو شجون فقط.. بل هو الشجون نفسه .
هل تذكر ذلك اليوم الذي خانتني فيه صخور حوض الماء في مزرعتنا ، فقبلتني قبلة سال لها عدة لترات من دم راسي الصغير ..وحين سمع والدي بالخبر اقبل نحوي وهو يلوح بشئ في يديه اظنك تعرفه وهو يقول إن الله تعالى قال ( والذين يمشون على الأرض هونا ) ولم يقل الذين يمشون مثل العفاريت وأنت تعرف ما حصل بعد ذلك.... ومع هذا فانا سعيد ..
لكن هل الجن والعفاريت تمشي على الأرض يا صديقي ؟؟ رمقني بنصف عين ربما أدهشته كلمة صديقي فهو يسمعها لأول مرة .. فعاجلته لماذا هذه النظرة ؟؟ أأذهلتك كلمة صديقي ؟ نعم أنت صديقي ولكن ليس برغبتي ، وإنما قدري أن تكون صديقي ولصيقي ..
آه ....يا والدي لو تعلم تلك الأرض التي تحضنك بين سهولها وجبالها فضلك ومكانتك ..لما كفاها الدم والحديد لتتمسك بك ..
اسمع يا كومة السواد ، قبل أن ارحل عن خلقتك المشئومة أريد أن أخبرك أننا لن نصل إلى درجة والدي مهما فعلنا ..فوالدي ذلك النسيج الملائكي ..
يساورني شك غريب بأنك لا تفهم أو تتظاهر بذلك ..
بعد لحظات من رحيلي عنه وأنا مدرك أن لعناته تشيعني ، تذكرت أني لم أحاسبه على غيابه بالأمس ..
ولكن أنا من يجب إن يحاسب نفسه ..بل أنا المجنون والمعتوه ..فكيف له أن يحظر .. وأنا لم أرى الشمس بالأمس ...
تمت
فارس الحصن
 |
|