"الله يحسن خاتمتنا يارب"
			 
			 
			
		
		
		 
			  
		 بسم الله الرحمن الرحيم  
 
 
 
((مااااااتت وهي ترقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  ـــــــــــــــــــــص)) 
 
 
 
 
ركبت السيارة ، كشفت الغطاء عن وجهها  
 
أصلحت من حال عباءتها ، تأكدت من حقيبتها  
 
الهاتف النقال ، المال ، عطرها .... لم تنس شيء .... 
 
انطلقت السيارة بهدوء نحو صالون التجميل ، وتجولت هي بنظرها ... 
 
وقفت السيارة ، ارجع إلينا الساعة الثانية عشر ... 
 
^**^**^**^ 
النساء كثير في الداخل ، لا بأس فأنا عميلة دائمة ومميزة  
 
لابد أن تراعي صاحبة الصالون هذا الأمر وإلا  
 
استقبال حافل ، تبادلن الابتسامات ، ذهب الخوف ، لن نتأخر كثيراً ... 
 
هذا حمام زيتي ، انتظري ساعة ... 
 
مجلة أزياء ، عرض لبعض التسريحات ، قلبت الصفحات تنقلت بين المجلات المختلفة... 
 
مضت الساعة ، ارتفع آذان المغرب ، أسلمت نفسها لمصففة الشعر  
 
جففت شعرها ، غاب الآذان ، ومضت الصلاة ... 
 
إزالة الشعر وتنظيف البشرة ، أنصتت لموسيقى هادئة ، تحولت لأخذ حمام مائي ... 
 
ارتفع الآذان ، إنها صلاة العشاء ، لم يتبق على الفرح سوى بضع ساعات ... 
 
وضعت رأسها بين يديّ المصففة ، اختارت التسريحة ، تناثر الشعر بين يديها ، يودعها وداعاً حزيناً  
 
ألقت نظرة إلى المرآة لم تعرف نفسها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيها ، لن يسبقني أحد ... 
 
رسمت وجهها لطخته بالألوان ، تغيرت ملامحها ، نظرت إلى الساعة  
 
الواحدة ، ألقت العباءة على كتفها ، وبحذر شديد و ضعت الغطاء على رأسها ... 
 
ركبت السيارة ... إلى المنزل بسرعة لقد تأخرت ... 
 
لبست فستانها ، تعرت من حياءها ، بدت بطنها ، وسائر ظهرها  
 
أنكمش الفستان عن ركبتيها ، دارت حول نفسها ، لن يغلبني أحد ... 
 
^**^**^**^ 
 
العيون ترقبها ، الكل يتأملها ، نظرات الاعجاب تحيط بها ، تقترب منها ... 
 
نظرات السخط تنفر منها ، تغمض عينيها تقززاً من حالها ... 
 
السفيهات يلاحقنها بالتعليقات الساخرة ... 
 
رقصت على انغام الموسيقى ، اهتز جسدها ... 
 
تنوعت الأغاني وتنوع رقصها ... لم يسبقها أحد ، ولم يغلبها أحد ... 
 
الكل يتابعها ، الكل يتحدث عنها ... 
 
من أين أتت بكل هذا ؟ 
 
كيف تعلمت كل هذا ؟ وكيف حفظت كل هذه الأغاني ؟ الكل يعرف الإجابة ... 
 
 
^**^**^**^ 
 
توقفت عن الرقص ، سقطت على الأرض ، ارتفع الصراخ  
 
تدافع النساء إلى المسرح ، نادوها فلم تجب ، حركوها فما تحركت  
 
ارتفع الصراخ ، حملوها ، أحضروا الماء ، مسحوا وجهها ، بكت الأم والأخوات  
 
ارتفع العويل ، علا النحيب ، تدخل الأب والأخ  
 
اختلطت الأمور تحول الفرح إلى حزن ، والضحكات إلى بكاء ، توقف كل شيء ... 
 
ألبسوها ... غطوا ما ظهر من جسدها ... 
 
حضر الطبيب ، أمسك بيدها ، وضع سماعته على صدرها  
 
أرخى رأسه قليلا ، انطلقت الكلمات من شفتيه لقد  
 
ماتت ... لقد ماتت ... 
 
 
^**^**^**^ 
 
ارتفع النحيب ، جرت الدموع ... 
 
 
ألقت الأم بجسدها على صغيرتها الجميلة  
 
أخفى الأب وجهه بين يديه ، الأخ يدافع عبراته  
 
خلاص يا أمي خلاص ... 
 
قامت الأم مذهولة ، صرخت ، لقد تحركت ، تحولت الأنظار نحوها  
 
لقد جنت ، لقد ماتت هكذا قال الطبيب ... 
 
أسرع الأب والأخ والأخوات نحو الأم ... 
 
المشهد رهيب ، والمنظر مؤلم ... 
 
سقطت الأم على الأرض... 
 
الأخوات فقدن السيطرة على مشاعرهن ... 
 
والأخ يصرخ ... لا ... لا ... مستحيل ... 
 
تجلد الأب ، أمسك بالأخ ، وبلهجة حازمة أخرج الأخوات  
 
وهن يحملن أمهن ... 
 
حضر بعض النسوة من الأسرة ... 
 
نظروا إلى الميتة ، ترقرقت الدموع ، وضعت الكبيرة منهن يدها على رأسها  
 
انطلقت منها كلمة : فضيحة ... فضيحة ... 
 
أسرعت نحو الأب ، يجب أن تستر عليها ، أحضروا المغسلة هنا  
 
ادفنوها بين الصلوات ، إنها فضيحة ، ماذا يقول الناس عنا ... 
 
أرخى الأب رأسه ، نعم ، نعم ...  
 
إنا لله وإنا إليه راجعون ... 
 
^**^**^**^ 
 
جاءت المغسلة ، جهزت سرير الغسل ، وضعت الأكفان والطيب ، جهزت الماء ... 
 
أين جثة المتوفاة ؟... 
 
سارت العمة أمامها ، فتحت الباب ... 
 
الفتاة على السرير مغطاة بغطاء سميك .. 
 
وبجانب السرير وقفت الأم تكفكف دموعها ... 
 
أمسكت بورقة الوفاة ، الاسم ............ العمر : ثمانية عشر عام  
 
سبب الوفاة : سكتة قلبية ... 
 
شعرت بالحزن ، نطقت بكلمات المواساة للجميع ...  
 
كشفت الغطاء ، تحول الحزن إلى غضب ، لماذ تركتموه على هذا الوضع  
 
لقد تصلبت أعضائها ، كيف نكفنها ...  
 
الحاضرات لم يستطعن الإجابة ، سكتن قليلاً ... 
 
زاد حنق المغسلة ، انبعث صوت الأم ممزوجاً بالبكاء ... 
 
لم تكن هكذا حينما ماتت ، لقد اتخذت هذا الوضع بعد لحظات من موتها ... 
 
لقد سقطت على المسرح وهي ترقص  
 
حملناها جثة هامدة ، حضر الطبيب ، كتب التقرير  
 
ايقنت حينها بأنني قد فارقت ابنتي ، ألقيت بجسدها عليها  
 
رحت أقبلها ، وأبكي ، شعرت بيدها اليمين ترتفع  
 
ويدها اليسرى تعود وراء ظهرها ، أما قدمها اليسرى فقد تراجعت للوراء  
 
أرعبني الموقف ، صرخت حينها ثم سقطت على الأرض  
 
لأجد نفسي في غرفتي ومن حولي بناتي يبكين أختهن  
 
ويبكين نهايتها المؤلمة ... 
 
انتحبت بالبكاء ، أنا السبب أنا من فرط في تربيتها  
 
أنا من غشها ، ياويلي وياويلها من عذاب الله ياويل أباها وياويلنا جميعاً ... 
 
كانت تحب الرقص والغناء ، فماتت ......  
 
وستدفن في قبرها ........ يارب ارحمها يارب ارحمني يارب اغفر لها ...  
 
محاولات لأعادة جسدها إلى وضعه الطبيعي ، الفشل كان النتيجة ... 
 
بذلت المغسلة مجهوداً جباراً في تكفينها ... 
 
وفي لحظة هدوء وبعيداً عن العيون ، نقلت الجنازة إلى المقبرة ... 
 
وهناك صلى عليها الأب والأخ وبعض المقربين ... 
 
نعم لقد دفنت وهي في وضع راقص ...  
**اللهم ثبتنا عند الموت  
 
وجعل خاتمتنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله  
 
اللهم ارحمنا اذا غسلنا اهلونا وارحمنا اذا كفنونا ياارحم الراحمين ** 
*اللهم آآمين* 
 
 
 
> 
> 
> 
> 
 
((راق لي)) 
 
> 
> 
> 
 
&قلـــــــــــــــــــــــبي منـــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــار&
  
		  
	
		
		
		
				
		
		
		
		
		
		
	
	 |