عدت من جديد،
عبارة "اختلفنا من يحب الثاني أكثر ..
واتفقنا إنك أكثر وأنا أكثر .. "
عندما نتمعن هذه العبارة جيدا، نجد أن الاختلاف كان حول أمر إيجابي (الحب) وهو في الحقيقة مبني على أساس اتفاق مسبق!
فجوهر الموضوع يطبعه "الاتفاق" أما لواحقه فهو اختلاف في الكيفية وفي الدرجة !
تماما حينما أقول لزميل لي في الدراسة: " نحن متساويين في التفكير ولكن أنت أكثر مني تساويا !"..
أحيانا نتطرق إلى قضية معينة ونناقشها ونقول في الأخير : "اتفقنا" ؟ ونحن لم نختلف أصلا !
الاختلاف هو عدم تطابق الرؤى، وهذا شيء طبيعي، لأن كل إنسان ينظر إلى الأمر من زاوية معينة قد لا يراها الطرف الآخر، ينظر إليها حسب معايير معينة تدخل فيها عوامل كثيرة،،
صحيح أن قائمة الاختلاف مع الآخرين لا تعد ولا تحصى وقد تؤدي إلى القطيعة !
لكن، لماذا كل ذلك ؟
لأننا أحيانا لا نتقبل فكر الآخر،
لأننا نناقش الأمور انطلاقا من أحكام مسبقة بعيدة عن الموضوعية وعن منطق الأشياء !
لأننا نعتقد أننا وحدنا من نملك الحقيقة المطلقة !
لأننا نتعصب لآرائنا من باب "معزة ولو طارت !"،
لأننا لا نتعلم ولا نحسن أبجديات الحوار،
لأننا نناقش وكأننا في حلبة صراع فكري تكون فيه الغلبة لمن لديه عضلات فكرية قوية !
لأننا نناقش من أجل المناقشة (مناقشة بيزنطية) ولا نبحث عن الهدف ونترك النهاية مفتوحة،
تقول الحكمة: "جادلت العالم فغلبته وجادلت الجاهل فغلبني"..
العالم يؤمن أن الأحكام النهائية تبنى على أساس الأدلة والبراهين والإقناع وأن الاختلاف رحمة ويمكن تجاوزها واحتواءها!
الاختلاف موجود على أعلى المستويات وخاصة في القضايا المصيرية، ورغم أنها قد تكون عميقة إلاّ أن المساعي الحثيثة والإرادة الحسنة في رأب الصدع وتجاوز الخلافات والوصول إلى حلول (ترضي جميع الأطراف) كحال المفاوضات مثلا، وقد يستغرق ذلك سنوات و يستدعي تدخل أطراف أخرى وسيطة لتقريب وجهات النظر والخروج باتفاق نهائي حتى ولو قدم كل طرف بعض التنازلات !
كيف نتجنب الوقوع في الاختلاف أثناء تعاملنا مع الآخر ؟
عن طريق تطبيق مهارتين أساسيتين في فن التعامل مع الآخرين:
- التبليغ الجيد،
- الانصات الجيد،
وأنا أتفق معك يا درة الإيمان في خلاصة قولك: "ما دامنا عرب فإننا لن نتفق أبدا ..!"،
لأنه واقع ،
وأختلف معك لأن "الاتفاق" موجود ولكن نسبته مقارنة بالاختلاف ضئيلة جدا، وهذا لا ينفي وجوده !
(ها شفتي يا درة الإيمان، اختلفنا واتفقنا رغم أننا عرب !)
صبـــر.. و إيمـــان.. إرادة.. و أمـــــــل.. |
|