إن قرآننا الكريم هو دستور حياتنا، منهاج رباني صالح لكل زمان و مكان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولكن حينما نتصفح واقعنا اليومي نكتشف أن هذا الدستور العظيم قد قزم دوره واقتصر على مجالات معينة إلى درجة أن أصبح مقرونا أحيانا بالجوانب السلبية التي لها تأثير غير محبب على نفسياتنا و على الطرف الآخر، فكيف يعقل أن نعطي انطباعا دائما أن القرآن الكريم يقترن دائما بالحزن والموت والعالم الآخر ؟
نمر عبر الشارع أو الحارة أو الزنقة أو الحي ونسمع آيات قرآنية تتلى في أحد البيوت فنقول يجب أن نغير المسلك لأن هناك جنازة في هذا الشارع.
وحتى في أفلامنا العربية نكرس هذه الفكرة من خلال إدراج مشاهد الموت ومواكب الجنائز واستقبال التعازي ويوظف القرآن الكريم كخلفية للمشهد الدرامي أو كمؤثر صوتي يضفي على الجو طابع الكآبة والحزن.
صحيح أن من بين أنجع السبل لحفظ القرآن الكريم وتصحيح أحكام التلاوة والتجويد لدى حافظ القرآن الكريم هي الاستماع له عبر الوسائط المختلفة، ولكن يجب أن يكون ذلك في حدود ومجال سلطة الشخص كالسيارة الشخصية مثلا والبيت مع مراعاة المحيط الآخر وعدم إزعاج الآخرين حتى ولو بالقرآن الكريم (وهذا رأي علماء الدين).
من جهة أخرى لماذا نجعل القرآن الكريم مادة للديكور والزينة من خلال رسم آيات قرآنية بمختلف فنون رسم الخط العربي في لوحات فنية تحمل سور "أية الكرسي، المعوذتين وغيرها" ونعلقها على جدران بيوتنا.
ولماذا نتجرأ على قرآننا الكريم بنوع من الوقاحة ونضع آياته على الأبواب الزجاجية لمحلاتنا التجارية وتصوروا أن يكتب أحد مالكي قاعة الحفلات على مدخلها " ما شاء الله" و "هذا من فضل ربي" رغم أن تلك القاعة تحتضن كل أنواع الصخب الموسيقي الماجن ؟؟.
ونجد أحيانا آيات قرآنية تطبع على "سيديهات فالسو" خاصة بالسفر وعلى "يافطات" نعلقها على هياكل سياراتنا كي تحفظنا من العين والحسد ؟
حتى المقابر والأماكن العمومية والأماكن التي تصنف مقدسة، لم تخلو هي أيضا من الكتابات القرآنية وتتعرض وتهان في كثير من الأحيان عبر التدنيس من الغير وبسبب العوامل البيئية والمناخية.
أين هو قرآننا الكريم الذي يجب أن يحفظ في الصدور ويتربع على عروش القلوب ويطبق في الواقع ؟
وإلى هذه الدرجة أصبحنا نختصر دستورنا الرباني في جوانب سلبية معينة..