عدت للموضوع مرة أخرى لأنه قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا ظاهرة معزولة لكن الواقع يؤكد أن الأمر عام ولا بد من تناول لب الموضوع مع التعريج على حواشيه.
فالأمر يتعلق بأسلوب الدعوة في ديننا الحنيف الذي هو في الأصل دين الفطرة ودين الوسطية ودين الإعتدال ودين اليسر ودين التسامح ودين القيم الانسانية النبيلة.
إذا أردنا أن نعرّف ماهية "الإلتزام" ؟ فإننا نقول ببساطة هو تطبيق الفرائض الدينية والالتزام بها واتباع هدي الني محمد -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين والتابعين من بعدهم من العلماء الربانيين. ولكن هناك تساؤلات ينبغي أن تطرح:
هل يتمتع المرسل (الخطيب-الداعية-الآمر بالمعروف) بكل الخصائص الواجب توفرها فيه في مجال الدعوة ؟
هل أسلوب الخطاب الديني الحالي له "رجع صدى" إيجابي أم العكس ؟
هل الرسالة المراد إيصالها إلى المستقبل تصل إلى الطرف الآخر بشكل جيد ولها تأثير أم لا ؟
هل الوسائط (قناة الرسالة) مختارة وفق أساليب الدعوة ؟
دراسات "تحليل المحتوى" المطبقة على عينات من الخطاب الديني الحالي عموما تشير أن الكثير يمتعضون من أسلوب هذا الخطاب في النماذج التي ذكرتها من قبل الأخت "طموحة" وينبغي مراجعة أوتغيير هذا الأسلوب على كل المستويات.
ثم هناك أمرا آخر أريد الإشارة إليه وهو هل يكفي أن يكون الواحد منا يلبس القميص ونصف الساق (البانتكور) ويضع طاقية على رأسه ويطلق لحيته ويعطّربالمسك ويستعمل السواك ويحافظ على الصلوات والشعائر الدينية، أقول هل يكفي ذلك لأقول عنه أنه "ملتزم" ؟
السؤال الجوهري هو: بالإضافة إلى تطبيق الفرائض والسنن، ماذا قدمت أنا كمسلم لهذا الإسلام ؟ هل أنا مسلم إيجابي وفعال أم مسلم سلبي "من باب أضعف الإيمان" ؟
هل أضفت لبنة في صرح هذا الدين ؟ أم هدمت بمعول جهلي الفكري لبنات في صرح هذا الدين وبقيت فقط أراوح مكاني وأقوم بوضع قائمة للعلماء ورصد زلاتهم وسبهم وأتعصب لعلماء آخرين أعادي وأوالي لأجلهم ؟
ماذا يفعل بي الإسلام إذا لم أساهم في إبراز الصورة الحقيقية الناصعة والمبادئ السمحة التي أتى بها ؟
هل أشارك وأنشط في جمعيات التكفل باليتامى والطفولة المسعفة وديار العجزة والمشردين بدون مأوى ومحو الأمية والحملات التطوعية بكل أشكالها التي تطرق إليها موضوع "الضوء الأخضر" ؟
هل من خلال إبحاري في عام النت أفكر في الإسلام خارج أرضه وأعرّف غير المسلمين بهذا الدين وأدعوهم إليه ؟
أصدقكم القول أني لأغار من أولئك الذين ينشئون مواقع بمختلف اللغات الأجنبية خاصة بالدعوة للإسلام بأساليب راقية جدا.
الإلتزام سلوك حضاري، ينبغي معرفة قواعده وأصوله ومقاصده جيدا قبل الإقدام على أية خطوة عملية في نهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي مجال الدعوة عموما.
|