تاريخ بلوشستان (مكران) الاسلامي
المقدمة
ترتبط مكران بعلاقات وثيقة مع الجزيرة العربية منذ أقدم العصور ، ولكن أول حملة للمسلمين جرت في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وتمكنوا من فتح مكران وكرمان ، وأصبحتا قاعدة للقيام بعمليات أو غارات على امتداد فترة الفتوحات الاسلامية في فترة الخلفاء الراشدين والأمويين. وكانت مكران طوال تلك الفترة تحت ولاية اسلامية ، وأقبل أهلها على الاسلام وأقيمت بها الحواضر الاسلامية وتشبع سكانها بمظاهر الحضارة العربية وتزودوا من مصادر الثقافة الاسلامية وأثروا في المجتمع الاسلامي وتأثروا به ، ثم توالت موجة الفتوحات الأخرى ( الغير اسلامية ) فتراجعت اللغة العربية وبدأت مظاهر اللغة والحياة الفارسية بالظهور.
علاقة مكران ببلاد العرب قبل الإسلام
تضرب مكران بجذورها في اعماق التاريخ فهي من البلاد ذات الحضارة القديمة الموغلة في القدم ، وتعرف اليوم باسم " بلوجستان " كأقاليم قسمت بين أربع دول على مداد التاريخ هي ( إيران ، وباكستان ، أفغانستان و عمان). وقد دلت الحفريات والكشوفات الأثرية التي قامت بها بعثة مارشال سنة 1922 م والتي اسفرت عن العثور على مدينتين قديمتين في شرق بلوجستان " ميهريجان " و " هربا " دلت على وجود حضارة يرجع تاريخها الى عصر بناة الأهرام وتمتد في أغوار الزمان إلى آلاف السنين قبل ميلاد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم. ويفصل البحر مكران عن الجزيرة العربية ولهذا من الطبيعي ان يكون البحر هو أول حلقة اتصال بين العرب وأهالي مكران وامتدت إلى أن وصلت إلى بلاد السند والهند. كما استقر بعض العرب في بعض المناطق الساحلية واندمجوا مع أهلها ، كما حمل العرب منتجات مكران وثمارها إلى بلادهم. كما ان العرب استغلوا الساحل المكراني للانطلاق في تجارتهم نحو بلاد الهند والصين وما وراءها ، واشتهر موانىء مكرانية في هذا الجانب مثل ميناء تيز ( جوادر ) وميناء الديبل ( كراتشي ). باختصار كانت هناك علاقات تجارية بين العرب وأهالي مكران وقد اقام العرب في الموانىء والمدن الساحلية المكرانية واستوطنت جاليات عربيه هناك قبل الفتح الاسلامي لمكران وكذلك كان هناك هنود أقاموا في بلاد مكران والجاليات العربية وتأثروا من بعضهم البعض.
الحملات الإسلامية على مكران
في بادىء الحملات الإسلامية في عهد الخليفة أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - وُلي عثمان بن أبي العاص الثقفي عمان والبحرين وأعدّ حملات احداها باتجاه مكران ولكن لم تكن منظمة أو بداعي الاستقرار وإنما هي حملات أولية استطلاعية هدفها الاستكشاف والتعرف وجمع المعلومات عن هذه البلاد. وبمجرد عودة قوات هذه الحملات ورجوع المجاهدين كتب الوالي - عثمان بن أبي العاص - إلى الخليفة - أبوبكر الصديق رضي الله عنه يشرح له ما حدث وما تحقق من نتائج فلم يبد الخليفة ارتياحا لهذا