السؤال
ما هي الحدود الممنوعة في التعامل بين الزوج وزوجته في عدة طلاقها الرجعي ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فإن المرأة عندما تكون مطلقة طلاقاً رجعياً تكون هناك صلة بينها وبين زوجها ، وإن كان لا يحل له أن يستمتع بها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والصلة إنما هي تظهر في كونه يرثها وترثه ، وفي كونها مأمورة بأن تبقى في نفس بيته كما دل على ذلك قول الله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (الطلاق: من الآية1) ، وفي هذا ما يدل على جواز أن ينظر إليها ويراها ، وأن يخلو بها خلوة من غير استمتاع ، أما أن يستمتع بها فالمتعة غير جائزة ، أي متعة كانت ، فلا يحل له أن يواقعها ، ولا يحل له أن يضمها ، ولا يحل له أن يقبلها ، وإنما يجوز له النظر إليها لعل في هذا النظر ما يشجعه على مراجعتها ، ومن أجل ذلك استُحب لها أن تتزين حتى يكون في ذلك ما يدفعه إلى مراجعتها في خلال العدة ، أما الاستمتاع كما قلنا بأي وجه من الوجوه فهو لا يحل ، وإنما تُظهر له ظاهر زينتها دون باطن زينتها ، وليحذرا من الوقوع في محارم الله ، فإن مالت نفسه إليها فلا يأتينها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والمراجعة الشرعية عندنا تتوقف على شهادة شاهدين أخذاً بما دل عليه قول الله تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (الطلاق: من الآية2) ، فلا بد من أن يشهد شاهدين على مراجعتها ، على أن يكون ذلك إبان عدتها قبل أن تنسلخ عدتها ، أما بعد أن تنسلخ عدتها فإنه في هذه الحالة يكون كواحد من الخطاب وهي أملك بنفسها منه ، فلا تحل له إلا بعقد جديد مع جميع لوازمه الشرعية وهي رضاها وإذن وليها وصداق جديد وبينة ، والله تعالى أعلم .
السؤال
يوصي البعض بأن يكفن من ماله ولا ينتبه لذلك إلا بعد أن يدفن الميت ، فكيف يتصرف الوصي في هذه الحالة ؟
الجواب :
في هذه الحالة أي عندما يتعذر تنفيذ الوصية فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، فإن كان الورثة كلهم بُلّغاً عُقّالا بحيث يسوغ لهم أن يتصرفوا في التركة كما يشاءون فإنه ينبغي لهم أن ينفقوا ذلك في الخير من غير أن يكون ذلك لازماً عليهم ، ولكن ذلك أبر لميتهم وأفضل لهم ، وإن لم يفعلوا ذلك فإن هذا الأمر يرجع إليهم .
أما إن كان الورثة أيتاماً أو كان بعضهم يتامى فإن ذلك لا يسوغ في مال اليتامى وإنما يسوغ في مال البُلّغ العقلاء المالكين لأمرهم ، والله تعالى أعلم .
السؤال
ما رأي سماحتكم فيما يوصي به البعض من إعطاء مبلغ معين لمن شارك في الدفن أو الحفر لقبره حيث إن عدد المشاركين في ذلك كبير يشق على الوصي معرفتهم ؟
الجواب :
عندما يتعذر الوصول إلى الموصى لهم فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، إلا إن كانت هذه الوصية من ضمان ففي هذه الحالة لا بد من البحث عن الموصى لهم أو عن ورثتهم إن كانوا قد ماتوا ، فإن تعذر ذلك فحكم ذلك حكم المال الذي جُهل ربه ، وكل مال جُهل ربه فإن فقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم .
السؤال
أصبحت عيادات الفحص قبل الزواج تكشف عن وجود بعض الأمراض الوراثية في أحد الزوجين ، وقد يحكم الأطباء أن احتمال انتقال هذا المرض إلى الأبناء بنسبة مرتفعة .
ففي حال تعلق رجل وامرأة بعضهما ببعض فهل لهما أن يتزوجا مع هذه النتيجة من الفحص الطبي ؟
الجواب :
هذه نتيجة فيها خطورة ، إن كانت نسبة احتمال انتقال الأمراض إلى الذرية نسبة عالية فالإقدام على الزواج فيه تعريض للذرية للخطر ، ولا ينبغي للإنسان أن يعرّض ذريته للخطر إنما عليه أن يحرص على سلامة الذرية .
وإنما يُنظر في هذا التعلق ، هل هو تعلق قد يفضي إلى ارتكاب الفحشاء ، بحيث يكون بالزواج درء لمصيبة أكبر ، فإن كان كذلك ففي هذه الحالة ليقدما على بركة الله ولكن مع التوقي من النسل خشية أن تكون الذرية كما يقول الأطباء ذرية معرضة للأمراض .
السؤال :
البعض سماحة الشيخ يقول بأنه لم يأت نص في القرآن الكريم يحرم أو الأحاديث النبوية الشريفة يحرم التدخين ولذلك فما دام لم يرد نص في تحريمه فلذلك هو مكروه فحسب ، هل هذا الكلام صحيح ؟.
الجواب :
طيب ، كذلك أيضاً الهيروين وغيره من هذه الآفات المنتشرة لم ينص على شيء منه في القرآن الكريم . أنا أتحدى أولئك الذين يطالبون بالنص على تحريم التدخين أن يأتوا بنص أيضاً على تحريم هذه الأشياء فإما أن يقولوا بإباحتها ، وإما أن يقولوا بتحريمها وتحريم التدخين معها .
وكذلك هنالك أشياء كثيرة من الضرر ، السم لم يأت نص صريح بأنه لا يجوز تناول السم ، ولكن نُهي عن قتل الإنسان نفسه ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ( النساء : من الآية 29) ، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم جاء وصفه في التوراة والإنجيل والقرآن بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث ، ومن الذي يقول بأن التدخين من الطيبات ، رائحته خبيثة وطعمه خبيث وأثره خبيث كل ما فيه خبيث ، هو ضرر لا نفع فيه قط ، فكيف مع ذلك يقال بإباحته ؟
وجدت بعض الناس أيضاً الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة يحاول أن يدافع عن ذلك ويقول أيضاً الشحوم تضر بالجسم فلماذا لا يقال بحرمة الشحوم ؟
الجواب الشحوم قد يحتاج إليها الجسم لا بد من نسبة من الشحوم في الجسم ، وعدم وجود نسبة قط عدم تغذي الجسم بشيء من الشحوم يؤدي ذلك إلى الضرر في الجسم بخلاف التدخين ، فإن التدخين لا يحتاجه الجسم أبداً بل ما يلج إلى الجسم من الدخان إنما هو سم زعاف قاتل فكيف يقاس التدخين على الشحوم أو يحمل عليها ، الشحوم شيء آخر .
نعم المبالغة في كل شيء حتى الطعام الطيب الذي هو في الأصل لا ضرر فيه ، حتى التمر لو أكثر الإنسان منه إلى حد الإسراف فإن ذلك يعد حراما لأن الله تعالى يقول ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا )(الأعراف: من الآية31) ، فإن كان يؤدي إلى التخمة وهو يعلم ذلك ويأكل إلى يتخم نفسه عمداً فإنه بهذه الحالة يكون قد أضر بنفسه ، ويكون بتجاوزه حدود الاعتدال قد وقع في الحرام .
وكذلك الماء الذي هو سبب في الحياة عندما يكثر الإنسان منه إلى أن يضر بنفسه وهو متعمد لذلك ، يحمل نفسه على شرب الماء من غير أن تكون نفسه بحاجة إلى هذا الماء ، من غير أن يكون جسمه بحاجة إلى هذا الماء ، وإنما يكره نفسه على نفس الماء إلى أن يؤدي ذلك إلى الضرر به فذلك أيضاً حرام ، كما دلت الآية الكريمة ( ولا تسرفوا ) بعد إباحة الأكل والشرب ( وكلوا واشربوا ) فإن كل شيء مقدر بمقدار الاعتدال ، وكذلك تناول الشحوم إنما هو مقدر بمقدار الاعتدال بقدر ما ينفع ولا يضر ، ولا يقال بحرمة الشحوم على الإطلاق كيف وفيها نفع للجسم بل الجسم بحاجة إليها ولا يقوم بدونها ، وإنما هذه من باب مغالطة الحقائق ، والله تعالى المستعان .
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة