نظرة إلى التدبر في القرآن الكريم ح3
			 
			 
			
		
		
		 
			  
		إخوتي الأحبة .. 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
بعد انقطاع – وإن لم يكن طويلا – شغلني عن التواصل معكم بعض الأمور ، التي أرجو أن يكون الانشغال بها عملا يحبه الله تعالى ويثيب عليه .. أعود لأتجاذب مع إخوان لي لم تلدهم أمي ، أطراف الحديث الشيق .. 
وهل من حديث أكثر جاذبية و حلاوة من الحديث عن كلام الله عز وجل .. مع إخوة متحابين في الله 
كنت أقول – في الحلقة السابقة – أن القرآن الكريم رسالة من الله عزو جل إلينا نحن البشر ، يهدينا بها سبحانه سبل السلام ، ويوصلنا بها إلى غاية كمالنا البشري ويحقق لنا بها السعادة في الدنيا والآخرة . 
ويبقى الدور علينا أن نتعاطى مع القرآن بهذا الفهم الصائب ، فنغنم ونسعد ونفوز {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}(آل عمران/185).  
أو أن نتعاطى مع كتاب الله المجيد على أنه كتاب وصايا ونصائح عامة ، لا يرتبط أولها بآخرها ولا ترسم للإنسان نهجا سويا واضح المعالم ، ليسير على هداه ، وهذا ما قاله بعض من لا فهم لهم ولا معرفة بحقائق الأمور ، من الغربيين ، وتبعهم بعض المتأثرين بهم . 
ولكي نقرب الفكرة أكثر ، نقول : 
لو أنك حضرت ندوة علمية حول قضية الطلاق - مثلا -  ، واستمعت إلى ورقة كل واحد من المحاضرين الأكارم ، وكانت على النحو التالي : 
المحاضر الأول / تحدث عن فكرة الموضوع التي هي محل البحث ، واستعرض الجوانب النفسية والآثار الاجتماعية للطلاق ، تمهيدا لبيان أسبابه ، وطرق تلافيه أو التقليل منه ... 
المحاضر الثاني / تحدث عن التركيبة الإجتماعية للمجتمع العماني ، وبين الفوارق والاختلافات ، ثم شدد على ضرور التجانس والتوافق بين الطرفين ، عند اختيار شريك الحياة ( الزوج والزوجة ) ، واعتبر عدم مراعاة ذلك التوافق سببا رئيسيا لوقوع الكثير من حالات الطلاق . 
المحاضر الثالث والأخير / تحدث عن قدرة الله تعالى ، وعن قابليات الإنسان ، وعن أثر العلم في تطوير الحياة ، وعن العلاقات الاجتماعية بين الناس ، وعن أحكام الشرع الحنيف في مسألة السفر والصيام في السفر ، وختم كلامه بتوجيه نداء إلى كل زوج وزوجة أن يعيشوا بمحبة وسلام وأن يكونوا لبنة اجتماعية قوية متماسكة ، لينعم أولادهم بالرخاء والسعادة . 
وبعد انتهاء الندوة ، أعطيت لك ورقة تقييم للندوة ، من قبل الإدارة ، ماذا ستكتب في تقييمك لورقة كل واحد من المحاضرين ؟؟ 
هل ترى أن خطاب رب العزة والجلالة في كتابه المجيد الذي أرسله هدى ورحمة للعالمين ، والذي جعله تبيانا لكل شئ ، يمكن أن يكون متشتتا متبعثرا ، لا يرمي إلى غرض معين ، ولا ينضوي تحت وحدة موضوعية ، تقدم للإنسان رسالة واضحة ورؤى سديدة ، يمكنها أن تكون منهاجا ودستورا نحو العلو والرقي والكمال ... 
نعم هذا لا يمنع أن تكون كل سورة أو مجموعة من السور ، تحمل طرحا مختلفا عن غيرها من المجموعات أو السور ، ولكن هل تقبل أن تكون السورة الواحدة ، التي هي بمثابة خطاب واحد في مجلس واحد يصدر من متحدث حكيم ، لهدف واحد ، أن تكون هذه السورة متبعثرة الأفكار مشتتة الأطروحة ؟؟ 
ولربما يقال أن الآيات الشريفة نزلت متفرقة طوال فترة النبوة المباركة ، وهذا يعني أنها نزلت في مواضيع متفرقة !! 
فنقول : هذا صحيح في قدر من سور القرآن الكريم ، لا في كل السور ، ولكن الأهم من ذلك أن ترتيب الآيات المباركة في السور الشريفة ، وبعبارة أخرى تشكيل السور المباركة ، إنما تم بفعل النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه ، بوحي من الله تعالى { إن علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرآناه فاتبع قرآنه } . 
وإلى أن نلتقي في الحلقة القادمة أستودعكم الله العلي القدير  
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  
		  
	
		
		
		
				
		
		
		
		
		
		
	
	 |