السؤال
بالنسبة للحاج عندما يعود من الحج كيف ينبغي أن يكون ؟
الجواب :
الحج كغيره من العبادات شرع من أجل غرس روح التقوى في عباد الله ، ولئن كانت العبادات بأسرها تؤدي إلى هذه الغاية المطلوبة والقرآن الكريم يدل على ذلك ونبهنا على هذا مراراً ، فإننا نجد أن القرآن يؤكد اقتران الحج بالتقوى في كثير من آيات الكتاب أكثر من غيره فالله تبارك وتعالى يقول ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: من الآية196) ، ثم يختتم ذلك بقوله سبحانه ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (البقرة:196) ، ثم على أثر ذلك يقول : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) (البقرة:197) ، ثم يقول ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة:203) .
ثم نجد أن الله سبحانه وتعالى أيضاً يقول ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج: من الآية32) .
ويقول في البدن التي تساق إلى ذلك المكان المقدس ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج: من الآية37) .
فإذن الحج هو من هذه العبادات التي تغرس روح التقوى في نفس الإنسان وتثمر في سلوكه تقوى الله تبارك وتعالى بحيث يكون هذا الإنسان حريصاً على اتباع أمر الله ، فعندما ينقلب عليه أن يقلب صفحته من الشر إلى الخير ومن الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشد ومن الفساد إلى الصلاح ومن الانحراف إلى الاستقامة ومن النفرة من إخوانه إلى التآخي معهم ، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق ومن كل شر إلى كل خير .
كما أن هذا الإنسان يؤمر أيضاً وهو قد أكرمه الله سبحانه وتعالى بالوفادة إلى ربه سبحانه في تلكم الأماكن المقدسة أن يحرص على تذكر الانقلاب إلى الله تعالى في الدار الآخرة ، وأن يزن جميع تصرفاته وأعماله بموازيين الحق التي أنزلها الله سبحانه وتعالى ليكون مستعداً للانقلاب إلى ربه تبارك وتعالى وهو نظيف الجيب طاهر القلب والنفس نقي السلوك بعيد عن معاصي الله مستمسك بحكم الله تعالى المتين ناهج صراطه المستقيم ، وبهذا كان الحج ينفي الأوزار ينفي المعاصي كما جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) ، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يكون حجه مبروراً وعلامة بره أن يعود خيراً منه عندما ذهب ، والله تعالى الموفق .
* في قوله تعالى (وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) (يونس:12)، هذا واضح في حياة عدد من الناس يتضرعون إلى الله سبحانه وتعالى ويدعونه في وقت الشدة فلما تنكشف تلك الشدة وتزول تلك الغمة يعود إلى سابق عهده وينسى ربه سبحانه وتعالى، فهل لكم أن تجلّوا هذه النقطة وتعطوها قدرا من التوضيح؟
- إن الله سبحانه وتعالى شأنه عظيم وفضله عظيم وبطشه شديد، على الإنسان أن يكون دائماً مستشعراً نعمة الله تعالى ومستشعراً خوفه من الله، فهو يستدفع البلاء بتقوى الله ويستجلب رحمة الله تعالى بطاعته، على الإنسان أن يكون حريصاًً على طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن يكون حريصاً على اجتناب كل ما يسخطه سبحانه وتعالى، وإنما طبيعة البشر أن يحرص الإنسان دائماًً على سلوك هذه المسالك التي تنحرف به ذات اليمين وذات الشمال
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها *** إذا لم يصنها للبصائر نور
هذه طبيعة النفس البشرية وإنما هذه الأحداث تُذكّر الإنسان ولكن هل يبقى مدكرا؟
نحن كم نرى من آيات في كتاب الله تدل على أنه هكذا شأن الأمم التي نسيت ربها سبحانه وتعالى.
نحن نجد في كتاب الله سبحانه وتعالى آيات كثيرة تدل على أن كثيراً من الناس عندما يحيط بهم بطش الله سبحانه وتعالى عندئذ يحاولون أن يدعوا الله ويحاولون أن يخلصوا لله ويحاولوا أن يتقربوا إلى الله كما يقول الله سبحانه وتعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُون) (العنكبوت:65)، والله سبحانه وتعالى يقول (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُون) (الأنعام:64)، أي بعدما ينتهي الإنسان من الكرب الذي كان فيه ويتخلص من محنته وشدته يعود إلى الإشراك، ولا يلزم أن يكون الإشراك باتخاذ إله مع الله، قد يكون الإشراك حتى بطاعة الشيطان بدلاً من أن يطيع ربه مع أنه مأمور بأن يطيع الله، نحن نرى أن الله سبحانه وتعالى يقول (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين) (يّس:60) أي أن لا تطيعوه (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم) (يّس:61)، فيأمر الله سبحانه وتعالى عباده بطاعته.
ويحذر الله سبحانه العباد في هذا السياق وفي سياق بيان نعمته عليهم بتنجيتهم من الشدائد والبلاء يحذرهم مما هو أشد يقول الله سبحانه (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون) (الأنعام:63-65)، إذن هذه النقطة يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه معها، وأن يحرص على أن يستبدل بالشر خيرا وبالفساد صلاحا وبالاعوجاج استقامة وبالضلالة هدى، ويحرص على تقوى الله وطاعته وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|