و إذا غربلنا أخبار الأيام، وبعض الروايات التي يرويها أهل الأخبار، فإننا نتوصل منها إلى أن قضاعة كانت قد اشتركت مع ربيعة ومعدّ في محاربة "يمن".
فقد ذكر مثلاً: إن "عامر بن الطرب العدواني" قاد ربيعة ومضر وقضاعة كلها "يوم البيداء"، لليمن حين تمذحجت على بني معد. وذكر أن "ربيعة ابن الحارث بن زهر التغلبي" قاد مضر وربيعة وقضاعة يوم السلان إلى أهل اليمن، وأن ابنه "كليب بن ربيعة"، و هو "كليب وائل"، قاد ربيعة ومضر وقضاعة يوم "خزازى" إلى اليمن. ولعل في هذه الأمثلة وفي غيرها تأييداً لرأي غالب قضاعة وبقية النسابين الذين يرجعون نسب قضاعة إلى بني معد، أي إنها كَانت في حلف مع ربيعة ومضر، وهما من بني معد. ولما كانت ربيعة ومضر في نزاع مع اليمن، كانت قضاعة معها في هذا النزاع.
وتذكر "قضاعة" في الأخبار مع "مضر" و "ربيعة" و "اليمن" وهذا يدل على إنها كانت في منزلة المذكورين في الكثرة والمكانة. وقد عدت في قبائل "الحلة" من العرب ما خلا علافا وجناباً. وأهميتها هذه وكثرة عددها، دفعت العدنانيين و القحطانيين إلى ضم نسب قضاعة إليهم، لما كان في هذا الضم من أثر كبير في تقوية مركز أحد الطرفين.
و يذكر "ابن سعد" أن ولد "معد" تفرقوا في غير بني معد سوى "نزار"و قد أدرك "ابن سعد" و أمثاله ذبك من اختلاطهم باليمانيين، الامر الذي أدى إلى تداخل النسب، فصارت أنسابهم لذلك مترجحة بين قحطان و عدنان.
نزار
و هو جد القبائل "النزارية" المنحدرة على رأي النسّابين من نزار بن معدّ من زوجة "معانة بنت جوشم بن جلهمة" ، أو "معانة بنت جهلة" من جرهم. و هو على زعم الاخباريين والد أربعة أولاد، هم: ربيعة، و مضر، و أنمار و إياد. و هم أجداد قبائل كثيرة في الوقت نفسه. و قد انتشرت هذه القبائل في اواسط بلاد العرب و شماليها. و هناك اسطورة رواها المؤرخون و النسابون عن اختصاص كل ولد من أولاد نزار و عن المناطق التي نزلت بها قبائلهم و احتكامهم إلى "الافعى الجُرهمي" أو "أفعى نجران".
و قد زعم بعض أصحاب الأخبار أن أم ربيعة و أنمار: "حدالة" "جدالة" بنت و علان بن جوشم بن جلهمة بن عمرو" من جرهم، و أن أم "مضر" "سودة بنت عَكّ"، كما زعم بعض المؤرخين أن إياد و أنمار هما من أبناء معدّ، وأما نزار، فقد كان من عقبه البطنان: ربيعة، ومضر.
وقد نعتت مضر ب "الحمراء"، فقيل: "مضر الحمراء "، ونعتت إياد ب "الشمطاء" و "البلقاء"، وقيل لربيعة "الفرس"، ولأنمار "الحمار".
ويقال للنزاريين: "نزارية" و "بنو نزار" و "أبناء نزار" 0 أما التنزر فالانتساب إلى نزار، ويقال: تنزر الرجل، إذا تشبه بالنزارية، أو أدخل نفسه فيهم. واستعملت "النزارية" في مقابل "اليمانية" في أيام الأمويين
ويرى "ليفي ديلافيدا" إن "النزارية" فكرة سياسية نجمت في العصر الاْموي، في وسط ذلك الصراع الحزبي المعروف، وعلى الأخص بعد معركة "مرج راهط"، وانها لا تمثل حقيقة تأريخية، فهي لا تعني رابطة قبائل بالمعنى المفهوم. ومن رأيه إن هذا الموضوع لم يدرس دراسة كافية بعد، وان المواد اللازمة لدراسته غير متوافرة.
وقد ذهب أيضاً إلى أن أقدم من ذكر اسم "نزار" من الشعراء الجاهليين هو "بشر بن أبي خازم"، و "كعب بن زهر" من الشعراء المخضرمين ويرى إن "بني نزار" الواردة في شعر "حسان بن ثابت" لا تعني النزارية، أي أبناء نزار بن معد بن عدنان على نحو ما يذهب إليه أهل الأنساب، بل جماعه أخرى هي من نسل "نزار بن معيص بن عامر بن لؤي" من قريش.
ويرى "ليفي ديلافيدا" أيضا إن ما ورد في شعر "أمية بن أبي الصلت" من شعر، نسب فيه ثقيفاً إلى نزار، وما ورد في قصة "الأقرع بن حابس التميمي" من ذكر "نزار"، لا يمكن أن يبعث الثقة إلى النفوس ولا الاطمئنان إلى القلوب، بل يظهر إن ما ورد إنما وضع لأغراض واضحة هي على زعمه إلحاق نسب ثقيف بنزار، وقد كان ذلك موضع جدل في ذلك العهد، وإثبات نسب "بجيلة" وهو نسب كان موضع جدل أيضاً.
أما انا، فأرى إن "نزاراً" من القبائل التي كانت معروفة في القرن الرابع بعد الميلاد، بدليل ورود اسمها في النص المعروف ب "نص النمارة" الذي وضع على قبر "امرىء القيس"، ويعود عهده إلى سنة "328" للميلاد. فقد ذكرت في جملة القبائل التي خضعت لحكمه. ولكن النص لم يتحدث عن نسب نزار ومواضعها في ذلك الزمن. وفي الجملة إنها ذكرت مع قبيلة "أسد".
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|