فالمادة العضوية تشكل جزءً رئيسياً من الأراضي الخصبة Productive soils فهي إلى جانب تحسينها للخواص الطبيعية للأرض فإنها كمخزن لكثير من العناصر الغذائية اللازمة للنبات وخاصة عناصر الكربون والنتروجين إلى درجة كبيرة والفوسفور والحديد والكبريت بدرجة أقل.
وتتأثر صلاحية كثير من هذه العناصر في صورتها غير العضوية بالمادة العضوية نظراً للتفاعلات الكثيرة التي تتم بينهما، عموماً فإن الأراضي الموجودة في ساحة معينة تزداد خصوبتها بزيادة محتواها من المادة العضوية إلا أن الأراضي المنخفضة في محتواها العضوي ليست دائماً غير خصبة بدليل أن كثير من الأراضي الصحراوية المنخفضة في محتواها من المادة العضوية تكون ذات خصوبة عالية عند وضعها تحت نظام الزراعة إلا أنه يجب مراعاة المحافظة على محتوى مثل هذه الأراضي من المادة العضوية نظراً لانخفاضه المستمر مع الزراعة مالم يضاف النتروجين والمادة العضوية لها.
وتعتبر المادة العضوية مصدراً رئيسياً للنتروجين الذي ينطلق من المادة العضوية على صورة أمونيا ثم تتم أكسدته إلى نترات. ومن المرغوب فيه أن تتم هذه التغيرات بالسرعة المناسبة حتى يظل مستوى النترات مرتفع أثناء أطوار نمو النبات المختلفة وتتوقف صلاحية النتروجين العضوي للنبات على نسبة الكربون إلى النتروجين C/N Ratio في المادة العضوية على معدل تحللها.
فالكائنات الحية الدقيقة تعتمد على الكربون كمصدر للطاقة اللازمة لها وعلى النتروجين وعناصر أخرى لبناء أجسامها- هذه النسبة تكون كبيرة جداً في المواد النباتية الطازجة وأكبر من تلك التي في خلايا الكائنات الدقيقة – عموماً فإن الأحياء الدقيقة تؤقلم نشاطها بسهولة على المواد النباتية ذات النسبة 1:30 أو أقل . وعندما تكون هناك موارد ذات نسب أكبر من ذلك فإن الكائنات الدقيقة تبحث عن مصدر آخر للنتروجين في البيئة النامية بها أو أن تكاثرها يتحدد بمستوي النتروجين الموجود وبالتالي فإن نشاطها يقل حتى يتم تحلل بعض الخلايا الميكروبية لتشكل مصدراً إضافياً للنتروجين. ولذلك فإن قش الحبوب ذو النسبة 1:80 يتحلل ببطء في المراحل الأولى ويستهلك نتيجة لذلك كل النتروجين الصالح بالأرض وعندما يتحول الكربون الزائد إلى ثانية أكسيد الكربون وبالتالي تقل نسبة C/N فإن بعض النتروجين غير العضوي ينطلق إلى النبات للاستعمال. كما أن للمادة العضوية تأثيراً على تحبب الأراضي وتكوين البناء الثابت Stable Structure ومن ثم خدمة تلك الأراضي وتهويتها وقدرتها على حفظ الماء وكذلك مقاومتها للتعرية كلها تتحسن بفضل تأثير المادة العضوية.
ولاتحتوي جميع الأراضي على نفس النسبة من المادة العضوية فمع تحلل المادة العضوية فإن الدبال يتكون وجزءً من الدبال القديم يكون في مراحل مختلفة من المعدنة ويحدد التوازن بين هاتين العمليتين كمية الدبال الموجودة بالأرض عند أي وقت من الأوقات. ويتساوى معدل تكوين الدبال مع معدل معدنته عندما تقترب الأرض من النضج Maturity إلا إذا تغيرت الظروف البيئية. ولأن الأراضي تتكون تحت ظروف بيئية مختلفة وكذلك توجد أراضي عند مراحل متعددة من النضج فإن ذلك يؤدي إلى اختلاف محتواها من المادة العضوية ويتحدد الاتزان السابق الإشارة إليه بواسطة العوامل الآتية:
1- قوام الأرض
2- الطبوغرافيا التي تؤثر على التعرية والصرف
3- المناخ شاملاً لمعدلات الأمطار ودرجة الحرارة
4- طبيعة وكمية النباتات الطبيعية التي تتكون الأرض تحتها.
ففي الأراضي المستوية يحدث تجمع للمادة العضوي أكثر من تلك الموجودة على المنحدرات نظراً لتأثير التعرية في إزاحة الطبقة السطحية من الأراضي الموجودة على المنحدرات. وفي المنخفضات Depressions حيث يكون الصرف محدداً فإن معدل التحلل يكون بطيئاً ومن ثم يزداد التجمع Accumulation ويزداد التجمع تحت ظروف البرودة والرطوبة حيث تكون معدلات النمو مرتفعة والظروف غير مشجعة على التحلل مما يترتب عليه تجمع كميات كبيرة من الدبال، أما في الأجواء الرطبة الحارة فإن التجمع يكون قليلاً نظراً لزيادة معدلات التحلل ويلاحظ عموماً أنه بزيادة الحرارة 10 درجات مئوية فإن محتوى الأرض من المادة العضوية ينخفض بمعدل النصف أو الثلث، ويجب ملاحظة أن كمية من المادة العضوية بالأرض ذات أهمية أقل من نشاط تلك المادة العضوية، نتيجة لتحلل المادة العضوية، فإن ثاني أكسيد الكربون ينطلق منها باستمرار مكوناً لحامض الكربونيك الذي يعمل على إذابة الكثير من الصخور والمعادن بالأرض. كذلك فإن المادة النباتية الخضراء سريعة التحلل بالأرض وربما تعمل على تحلل المادة العضوية الموجودة طبيعياً بها ويزيد السماد الحيواني (البلدي) من محتوى الأرض من المادة العضوية عن السماد الأخضر Green Manure.
نسبة الكربون إلى النتروجينRatio C/N وعلاقتها بتحلل المادة العضوية:
إذا أضيفت إلى التربة أي مادة نباتية فإن سرعة انحلالها تتوقف على نشاط الأحياء الدقيقة، وهذا يتوقف بالتالي على كمية الآزوت المتوفرة. فإذا احتوت المادة النباتية الآزوت بكمية مناسبة بإن البكتيريا تستفيد من جسمها، أما إذا احتوي على كميات غير كافية من الآزوت فإن البكتيريا تستفيد عند ذلك من الآزوت الموجود في التربة مؤقتاً نظراً لتمثيل الجزء الذائب منه في أجسام الميكروبات والذي ينطلق ثانية بعد موت الميكروبات عند انتهاء التحلل. فإذا أضيف قش القمح مثلاً إلى الأرض ونسبة C/N به كبيرة وكانت الأرض فقيرة بالآزوت فإن الكائنات الدقيقة تستفيد من الجزء الموجود في التربة، فإذا زرعت التربة أثناء ذلك تظهر على المحصول المنزرع أعراض نقص الآزوت، وللتغلب على ذلك من الضروري إضافة الآزوت الذائب على صورة سماد بحيث يكفي لاحتياجات الكائنات الدقيقة وكذلك للمحصول المنزرع.
وعند قلب النباتات البقولية في التربة كسماد أخضر فإنها تمد كل من الكائنات والنباتات الحية المزروعة بالآزوت ويلاحظ أن نسبة C/N Ratio فيها بين 20-25 : 1 .
وكقاعدة عامة فإن المادة العضوية التي تحوي آزوتاً أقل من 1.5 % فمن المحتمل ألا ينطلق منها كمية الآزوت لذلك الموسم.
ويستفاد من تلك النقطة عند عمل السماد العضوي الصناعي Compost من مخلفات المزرعة التي تكون غالباً ذات محتوى ضعيف من الآزوت فلإسراع التحلل يضاف إلى المخلفات أسمدة آزوتية حتى تستمد الأحياء الدقيقة ما تحتاجه من الآزوت لبناء أجسامها كي تسعر عملية التحلل.
أهمية المادة العضوية في نمو المحاصيل:
تعتبر المواد العضوية مصدراً من المصادر الهامة للعناصر المعدنية فتنفرد هذه العناصر المعدنية بعد إتمام انحلال المادة العضوية وتصبح على صورة قابلة للاستفادة وعلى هذا تتوقف مقدرة الأراضي على الإمداد المستمر للعناصر الغذائية أساساً على محتواها من المواد العضوية.
وتعتبر المادة العضوية كذلك مصدراً لغذاء الكائنات الحية الدقيقة بالأرض. وتعطي المواد العضوية بما تحتوي من اللجنين والسيليلوز والنشا والسكريات والدهون والبروتينات الفرصة للإعداد الهائلة من الكائنات الأخرى المتطفلة عليها.
وتزيد المادة العضوية من قدرة الأراضي على احتفاظها بالماء، إذ أن المواد العضوية ماهي إلا غرويات تتشرب الماء، وعلى ذلك فإن إضافة المادة العضوية بطريق مباشر على صورة أسمدة أو غير مباشر كذلك بقايا المحاصيل بها تزيد من مقاومة مثل هذه الأراضي للجفاف.ولاتزيد إضافة المادة العضوية إلى الأرض المنزرعة من نسبة الدبال فيها كثيراً لأن عمليات الخدمة المختلفة تعمل على أكسدتها، ويمتاز سطح الأرض غالباً بمقدرته الكبيرة على الاحتفاظ بالماء نظراً لوجود المادة العضوية به بنسبة مرتفعة. كما يجب أن تجري العمليات الزراعية بطريقة صحيحة للمحافظة على المادة العضوية بالأرض والتي تعتبر كمخزن للعناصر الغذائية.
وتساعد المواد العضوية على تحسين بناء الأرض وتكوين الحبيبات المركبة مما يؤدي إلى تحسين التهوية وسهولة رشح المياه وزيادة المساحة التي تشغلها الجذور عن طريق خفض مستوى الماء الأرضي، كما تحمل الحبيبات الغروية كثيراً من الشحنات السالبة مما يزيد قدرة مثل هذه الأراضي على امتصاص العناصر الغذائية وبالتالي تزيد من خصوبة الأراضي.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|