الإنسان يسعى إلى تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلّم والاقتداء به بقدر إمكانه ولكن في بعض الأحيان لا يجد تلك العاطفة المتنامية التي تدفعه إلى تقديم الكثير من صور القدوة ، فما هي الطرق التي يقوي بها الإنسان عاطفته تجاه النبي صلى الله عليه وسلّم ؟ وهل الذي قصّر في ذلك ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده ) ؟
النبي صلى الله عليه وسلّم بيّن أن حبه بعد حب الله سبحانه وتعالى من مقتضيات الإيمان بالله وبه صلى الله عليه وسلّم ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا في الله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.
ويقول صلى الله عليه وسلّم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
ويقول : والذي نفسي بيده لا يؤمن حتى أكون أحب إليه من والده وولده .
والرسول صلى الله عليه وسلّم يبين لنا قيمة حبه في موازين الإيمان وذلك بعد حب الله .
ولا ريب أن الحب ينشأ في نفس الإنسان تجاه غيره لأحد سببين: إما تفوقه عليه وعلى غيره، وإما بسبب يد سخية كانت منه عليه بحيث قدمت إليه خيرا .
وعلى كلا الأمرين النبي صلى الله عليه وسلّم يجب أن يفوق حبه حب الناس أجمعين، على كلا الاعتبارين، فإذا جئنا إلى عظم قدره صلى الله عليه وسلّم ، فمن من البشر من يسامي النبي صلى الله عليه وسلّم في قدره ؟ مَن مِن البشر يصل إلى ذلك المقام الرفيع الذي رفع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلّم إليه ؟
حسبنا هذا الثناء الذي في القرآن الكريم على شخص النبي صلى الله عليه وسلّم ، وحسبنا أن الله عز وجل كما قرن كلمة التوحيد بالشهادة له صلى الله عليه وسلّم بالرسالة ، حيث أُمرنا أن نقول أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله .
وحسبنا أن في الأذن يتردد ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلّم .
وحسبنا أن نجد في كتاب الله سبحانه أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم تُقرن بطاعة الله عز وجل .
وحسبنا أننا نجد في كتاب الله أن الوعيد على معصية الرسول صلى الله عليه وسلّم يقترن بالوعيد على معصية الله عز وجل.
إذن هذا قدر رفيع رفع الله تعالى إليه النبي صلى الله عليه وسلّم .
فإذا جئنا إلى عظم شخصيته صلى الله عليه وسلّم نجد في القمة.
وإذا جئنا أيضاً في نفس الوقت إلى ما كان فضل على الإنسانية فهو يفوق الناس جميعاً في ذلك، بل النبي صلى الله عليه وسلّم كان رجلاً حانياً كريماً يحنو على هذه الإنسانية ويحب أن ينقذها من ورطتها ، ويحب أن يخلصها من مأزقها ، ويحب أن يدخلها في رحمة الله تعالى ، فإذن كان بهذا القدر وتفانى وصبر وصابر من أجل إبلاغ هذه الدعوة ، ولولا هذا التفاني ولولا هذا الصبر الذي كان بتوفيق الله لما وصلنا إلينا من الإسلام شيء ، فإذن هو أولى بأن يُحب فوق الناس جميعا .
هذه المشاعر عندما تمتزج بأحاسيس الإنسان لا ريب أنه في هذه الحالة يحس بقدر شخص النبي صلى الله عليه وسلّم ، ويجتمع الشعور النفسي مع التفكير العقلي حتى يصير الإنسان مقدراً لشخصه صلى الله عليه وسلّم ومعظماً له ومتفاعلاً مع هذا الإحساس الذي يصدر عنه .
ـ شخص يقوم بشراء أرض وهو لا يستطيع تحديد موقعها كونه لم يُدل عليها ولكن أرقامها واضحة بياناتها واضحة عادة تكون في المواصفات ، ما حكم هذه المعاملة ؟
البيع والابتياع لا بد من أن يكون بطريقة واضحة سليمة ليس فيها غرر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر، والغرر بيع الشيء الذي يُجهل، كأن يبيع شيئاً في ظرف من غير أن يُنقش الظرف ويُعرف ذلك الشيء وتُعرف ماهيته أو يُعرف وصفه كما هو، أو بيع ما لم يُدرِك كذلك هو من بيوع الغرر ، وكذلك بالنسبة إلى ما جُهل الشيء المجهول، لأن هذه الأرض قد يختلف ثمنها بين مكان وآخر، قد تكون في مكان ما أكثر ثمناً وفي مكان آخر أقل ثمناً، ولذلك يجب أن يكون الموقع معروفاً لأجل تفادي الغرر ، فإن الغرر يُمنع إذ لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أخيه إلا بحق ، وهذا ليس حقاً ما دام هو لا يعرف حقيقة المبيع ، ولا عبرة بمعرفة مواصفات الأرض ، فقد تكون الأرض بمواصفات معينة هذه المواصفات تختلف قيمتها ما بين مكان ومكان آخر فإن للأمكنة تأثيراً في رفع السعر أو خفضه .
ـ هل يجوز شراء شقة بواسطة مكاتب عقارية هي لم تزل قيد التخطيط ، واضح في التخطيط حجمها وواضح أيضاً ربما ما قد يستخدم فيها ولكن هي غير مشيدة إلى الآن ؟
هذا من بيع غير الحاضر ، بيع غير الحاضر لا يكون إلا بطريقة السَلَمْ ، وطريقة السَلَمْ أباحها النبي صلى الله عليه وسلّم عندما جاء إلى المدينة المنورة أباح البيع بطريقة السَلَمْ لأجل رفع الحرج عن الناس كانوا يُسلمون في الحبوب التي كانوا يشترونها ، فالنبي صلى الله عليه وسلّم أباح على أن يكون السَلَمْ في كيل معلوم أو وزن معلوم بحيث يضبط المُسْلَم فيه من حيث الكيل أو من حيث الوزن مع ضبط الجنس لا بد من ذلك ، أما ما عدا ذلك فقد اختلف الفقهاء فيه ، منهم من رخص في العروض أن يُسْلَم فيها قبل أن تحضر ولو كانت غير طعام ، ومنهم من حصر السَلَمْ في الطعام كما كان فعل النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أقر أهل المدينة على هذه المعاملة .
ونحن نرى بالنسبة إلى العروض إن كانت مما يمكن ضبطه بالدقة بحيث يضبط طوله وعرضه إن كان مما لا يوزن وتضبط جميع أوصافه كأن يكون السَلَمْ في سيارة مثلاً يؤتى بها من مكان بعيد فلا حرج ، أما في الأصول فإن السَلَمْ في الأصول لم أجد دليلاً على جوازه ، كيف يجوز السَلَمْ في الأصول هذه أصول ثابتة وليست بعروض ، والسَلَمْ هو بيع غائب بحاضر أي أن يباع بنقد بكيل معلوم أو وزن معلوم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم .
يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
المصدر / جريدة الوطن
|