عدنا لمناقشة الموضوع الراهن ولنجيب عن السؤال: ماذا سنتعلم من الأزمة المالية ؟
قبل أن نفعل ذلك تجدر بنا الإشارة إلى نقاط مهمة بالنسبة تخص بعض الحكومات العربية، فربما قد تتخلى عن بعض الذهنيات السيئة التي ورثتها على مدار السنوات الماضية وخاصة في الفترة التي عرفت ارتفاعا غير مسبوق لأسعار البترول !!
لقد بدأت واردات بعض الدول العربية المصدرة للبترول تتعاظم بشكل لا يتناسب مع قدراتها الحقيقية في الظروف العادية.
وخلال السنتين الأخيرتين تحديدا، شهدت تلك الدول ظاهرة "النقود السهلة" نتيجة بلوغ سعر النفط مستوى 150 دولار للبرميل، ومعها أصبح بمقدور أي كان الحصول على ملايين الدولارات لدى البنوك واستثمارها في أمور تافهة وإغراق الأسواق المحلية بسلع دون أدنى مراقبة !!
كما بلغت احتياطيات الصرف مستويات قياسية دون أي جهد حقيقي، مما أصاب الحكومات بالكسل ودفعها إلى التراخي عن إصلاح الاقتصاد. وكان سلوك المواطن العادي على شاكلة سلوك الحكومات !!
بل بالعكس فإن هذا المواطن الذي يشتكي عدم انعكاس "البحبوحة المالية" على حياته اليومية، لجأ إلى توريط نفسه مع البنوك مثلا بشراء سيارات أجنبية الصنع عن طريق الإقراض، بدون أدنى تدخل من الحكومات للمطالبة بتوضيح مخاطر الخطوة التي أقدم عليها.
تشير التقديرات إلى أن قروض البنوك الموجهة للاستيراد تعادل ضعفي ما تقدمه هذه البنوك للاقتصاد، إذا ما استثنينا القروض غير الناجعة التي تمنح إلى مؤسسات عمومية مشلولة.
يرى الخبراء أن الإقراض للاستيراد في حد ذاته ليس بالوسيلة السيئة إذا ما تم استخدامه بطريقة مسئولة، أما أن تتحول أموال البترول إلى مجرد ضمانة مثلا لمصانع السيارات وشركات المنتجات الغذائية الرديئة، فالأحسن أن تبقى تحت الأرض!!
إن ما خسرته أسعار النفط في أسابيع قليلة سمح بكشف ملامح السبع العجاف القادمة.
إن الوسائل السابقة في معالجة الملفات الاقتصادية في العالم العربي والاسلامي، ترتب عنه استمرار دوران عجلة الاقتصاد في حلقة مفرغة.
هناك محفزات اقتصادية أفضل، لكنها لم تنفذ رغم وجود المال !!
إن المشاريع الجادة تمثل استثمارات حقيقية ستكون بمثابة إضافة دائمة للاقتصاد وخلق الثروة وتوظيف الملايين.
على المدى الطويل، يجب أن تصحح الحكومات أخطاءها السابقة، فعوض انشغال البنوك بضمان وظائف للأوروبيين والآسياويين، يجب التركيز على خلق مؤسسات استثمارية محلية، تسمح بتنويع الاقتصاد وفك ارتباطه بالنفط الذي لا نملك تحديد سعره.
ليس هناك من شك في أن الحكومات التي تبنت الخصصة المطلقة ستراجع مواقفها بعد مسارعة أمريكا وأوروبا إلى تأميم البنوك..
وإذا لم نتعلم من الدرس فإننا سنستحق كل ما يحل بنا بعدها !!
علينا بمراجعة أنظمتنا الاقتصادية والمالية حتى نفك ارتباطنا بلأقوياء ونتحرر من تبعيتنا لهم.. فكما قلنا من قبل " بمجرد عطسة من امريكا أصبنا جميعا بالزكام !! "
صبـــر.. و إيمـــان.. إرادة.. و أمـــــــل.. |
|