*هناك عدد من المفاهيم يقول البعض بأن دعاة المسلمين يوضحونها بصورة تخالف الواقع الذي يعيشه الناس اليوم، من بين ذلك يقولون بأن هنالك عداوة مستحكمة بين العقيدة الإسلامية وعقيدة أهل الكتاب حيث أن الصورة المدفوع بها هو أن أصحاب هذه العقيدة لا يحملون شيئاً من الخير للأمة المسلمة، ولكن الذي يشاهده الناس الآن هو أن أصحاب هذه العقيدة يندفعون الآن بأعداد كبيرة للدفاع عن شعوب مسلمة في حين لا يرى شيء من ذلك عند المسلمين بالطرق السلمية نفسها ، فهل هذا يشكك في عقيدة المسلم ؟
** عقيدة المسلم عقيدة واضحة لا غبار عليها ، ويجب أن نعلم قبل كل شيء أن العقيدة الصحيحة التي جاء بها الكتاب المنزل قبل القرآن الكريم لا تتصادم مع عقيدة القرآن ولا تختلف مع عقيدة القرآن ، ولم يكن نسخ في المعتقدات أبداً ، ليس هنالك نسخ في شيء من المعتقدات ، وإنما حصل ما حصل من التحريف ، والقرآن الكريم جاء ليصوب هذا الذي حصل ، جاء ليرد الناس إلى الجادة التي كان عليها الأنبياء المتقدمون .
ونحن نجد القرآن الكريم ينصف أهل الكتاب فلا يعمم الحكم عليهم بالانحراف جميعاً لأن بعض أهل الكتاب في عصر النبوة أدركوا الحقيقة وأتبعوا الحق بل وكانوا على الحق من قبل أن ينزل القرآن ، الله تبارك وتعالى يقول في هؤلاء ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:52-55)، هكذا يصف طائفة من أهل الكتاب ، هؤلاء اتبعوا الحق ، وآمنوا به وارتضوه ولم يفرطوا فيه .
كذلك يقول الله تعالى ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:113-114) ، وكذلك يقول الله تبارك وتعالى( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:82-83) إلى آخر ما وصفهم الله تعالى به .
فإذاً هذا ثناء من الله تبارك وتعالى على طائفة من أهل الكتاب ، أنزل فيهم الحق تعالى قرآناً يتلى في الصلوات وفي غيرها ، وهو مما يدل على إنصاف من كان منصفاً ومن كان متبعاً للحق ومن كان حريصاً على الحق .
ونحن لا نشك أن كثيراً من الناس على الفطرة . كثير من الناس لو تبينوا الحقيقة لاعتنقوها ، ولو تبينوا الحق لاتبعوه ، ولكن هنالك ضباب حال ما بينهم وبين معرفة الحق ، فبما أنهم على الفطرة ينساقون إلى الخير وينساقون إلى الإنصاف .
ونحن نرجو أن يكون هنالك عرض حسن للإسلام من قبل المسلمين ، وهذا يتوقف كما قلت إلى أن تصوغ الأمة نفسها صياغة جديدة ، صياغة تكون نابعة من القرآن ومن السنة الثابتة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، عندئذ تكون هذه الأمة حقيقة بأن تعرض الإسلام الحق ، أما وهي على ما هي عليه من الانحراف في الفكر ومن الاختلاف في المناهج والمسالك ومن اتباع ذات اليمين وذات الشمال وإيثار الهوى على الهدى فإن ذلك مما يجعل ظهور الإسلام عند هؤلاء ظهوراً مكتنفاً بضباب ، فلذلك من المهم أن يقشع هذا الضباب ، وأن تسطع شمس الحقيقة حتى يذوب هذا الضباب ويتبين الناس حقيقة الإسلام دين الله تعالى الحق .
*هل الأخلاق الإسلامية أخلاق نسبية ، أم أنها تتسم بالثبات ولا تتغير بتغير الزمان والمكان ؟
** الأخلاق الإسلامية بطبيعة الحال أخلاق ثابتة لأنها نابعة من الفطرة ، والإسلام هو دين الفطرة ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30 ) .
* الدعوة إلى الله بالأخلاق كيف يمارسها المسلم ؟
** نعم، نحن ذكرنا فيما تقدم أن الداعية يجب أن يكون أدمث الناس خلقا وأحسنهم معاشرة وألطفهم قولا وأصدقهم حديثا، الداعية إلى الله تعالى إنما يمثل الدعوة بمعاملته وبخلقه ، فلذلك كان جديراً بأن تتجسد الدعوة من خلال الأخلاق ، وأن تكون أخلاقه جذابة إلى الذين يدعوهم إلى الخير ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، لا أن يكون قاسي المعاملة مكفهر الوجه عابس الجبين لا يلقى الناس إلا بوجه منقبض، لا ينظر إليهم إلا شزرا فهذا مما يتنافى مع الدعوة التي يدعو إليها المؤمن ، وكما ذكرنا الله تبارك وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125) ، وقال ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت:46) ، وقال كذلك ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:33-34) ، فالأخلاق مطلوبة من الداعية ، الداعية لا يمكن أن يؤثر على الناس من خلال دعوته إلا بحسن معاملته وبطيب معشره ، فلذلك نحن ننبه جميع إخواننا الدعاة بأن يتقوا الله في أنفسهم ، وأن يتقوا الله في دعوتهم ، وأن يحرصوا على الملاطفة الحسنة والمعاشرة الطيبة .
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|