03-08-2008
|
#11
|
غرباء
|
|
من مواضيعي |
|
|
هذه هي الحلقة (9) من كتاب استمتع بحياتك للدكتور محمد العريفي
الحلقة غير مكتملة
طويلة...بس صدقوني بتستاهل...
================================================== ===
مع المخالفين
 الكفار .. كان صلى الله عليه وسلم يعاملهم بالعدل .. ويستميت في سبيل دعوتهم وإصلاحهم .. ويتحمل أذاهم .. ويتغاضى عن سوئهم ..
كيف لا .. وقد قال له ربه : (وما أرسلناك إلا رحمة) ..
لمن ؟! للمؤمنين ؟!
لا .. (إلا رحمة للعالمين) ..
وتأمل حال اليهود .. يذمونه ويبتدئون بالعداوة .. ومع ذلك يرفق بهم ..
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن اليهود مروا ببيت النبي فقالوا : السام عليكم (أي الموت عليك) ..
فقال صلى الله عليه وسلم :وعليكم ..
فلم تصبر عائشة لما سمعتهم .. فقالت : السام عليكم .. ولعنكم الله وغضب عليكم ..
فقال : مهلاً يا عائشة .. عليك بالرفق .. وإياك والعنف والفحش ..
فقالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟
فقال : أو لم تسمعي ما قلت ؟! رددت عليهم فيستجاب لي .. ولا يستجاب لهم في .. نعم .. ما الداعي إلى مقابلة السباب بالسباب!أليس الله قد قال له : (وقولوا للناس حسناً)..
************************************************** *************
لما ظهر صلى الله عليه وسلم بدعوته بين الناس .. جعلت قريش تحاول حربه بكل سبيل .. وكان مما بذلته أن تشاور كبارها في التعامل مع دعوته صلى الله عليه وسلم .. وتسارع الناس للإيمان به..
فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا .. وشتت أمرنا .. وعاب ديننا .. فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه..
فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة..
فقالوا: أنت يا أبا الوليد .. وكان عتبة سيدا حليما ..
فقال: يا معشر قريش .. أترون أن أقوم إلى هذا فأكلمه .. فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضها ..
قالوا: نعم يا أبا الوليد ..
فقام عتبة وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. دخل عليه .. فإذا هو صلى الله عليه وسلم جالس بكل سكينة .. فلما وقف عتبة بين يديه .. قال : يا محمد ! أنت خير أم عبدالله ؟!
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. تأدبا مع أبيه عبدالله ..
فقال: أنت خير أم عبدالمطلب ؟
فسكت صلى الله عليه وسلم .. تأدبا مع جده عبدالمطلب ..
فقال عتبة: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عِبْتَ .. وإن كنت تزعم أنك خير منهم .. فتكلم حتى نسمع قولك ..
و قبل أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة .. ثار عتبه وقال :
إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك !!.. فرقت جماعاتنا .. وشتت أمرنا .. وعبت ديننا .. وفضحتنا في العرب .. حتى لقد طار فيهم أن قريش ساحراً .. وأن في قريش كاهناً .. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى .. أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى ..
كان عتبة متغيراً غضبان .. والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يستمع بكل أدب .. وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلى النبي عن الدعوة ..
فقال : أيها الرجل إن كنت جئت بالذي جئت به لأجل المال .. جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً ..
وإن كنت إنما بك حب الرئاسة .. عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت .. وإن كان إنما بك الباه والرغبة في النساء .. فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا .. !!
وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن تراه .. لا تستطيع رده عن نفسك .. طلبنا لك الطب .. وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه .. فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتدواى منه ..
ومضى عتبة يتكلم بهذا الأسلوب السيئ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويعرض عليه عروضا ويغريه .. والنبي عليه الصلاة والسلام ينصت إليه بكل هدوء .. وانتهت العروض .. ملك .. مال .. نساء .. علاج من جنون !!
سكت عتبة .. وهدأ .. ينتظر الجواب .. فرفع النبي عليه الصلاة والسلام بصره إليه وقال بكل هدووووء : أفرغت يا أبا الوليد؟
لم يستغرب عتبة هذا الأدب من الصادق الأمين .. بل قال باختصار : نعم..
فقال : فاسمع مني ..
قال : أفعل ..
فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ﴿حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون..﴾ ..
.. و فجأة جلس عتبة على الأرض .. ثم اهتز جسمه.. فألقى يديه خلف ظهره ..و اتكأ عليهما.. و هو يستمع .. ويستمع..
و النبي يتلو ويتلو... حتى بلغ قوله تعالى.. " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود "
فانتفض عتبة لما سمع التهديد بالعذاب .. و قفز ووضع يديه على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوقف القراءة..
فاستمر صلى الله عليه وسلم يتلو الآيات.. حتى انتهى إلى آية فيها سجدة التلاوة.. فسجد.. ثم رفع رأسه من سجوده .. و نظر إلى عتبة و قال : سمعت يا أبا الوليد ؟
قال : نعم..
قال : فأنت وذاك ..
فقام عتبة يمشي إلى أصحابه.. وهم ينتظرونه متشوقين..
فلما أقبل عليهم... قال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ..
فلما جلس إليهم .. قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟
فقال : ورائي أني والله سمعت قولاً ما سمعت مثله قط .. و الله ما هو بالشعر ..ولا بالسحر ..ولا الكهانة,,,
يا معشر قريش..أطيعوني و اجعلوها بي.. خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه.. فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم.. يا قوم!!
قرأ بسم الله الرحمن الرحيم .. " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم " حتى بلغ " فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فأمسكت بفيه.. وناشدته الرحم أن يكف.. و قد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب.. فخفت أن ينزل بكم العذاب ..
ثم سكت أبو الوليد قليلاً متفكراً... و قومه واجمون يحدون النظر إليه ..
فقال : و الله إن لقوله لحلاوة .. و إن عليه لطلاوة .. و إن أعلاه لمثمر .. و أن أسفله لمغدق.. و أنه يعلو وما يعلى عليه .. و أنه ليحطم ما تحته .. و ما يقول هذا بشر .. ما يقول هذا بشر ...
قالوا : هذا شعر يا أبا الوليد.. شعر
فقال : و الله ما رجل أعلم بالأشعار مني.. و لا أعلم برجزه ولا بقصيده مني... ولا بأشعار الجن.. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا ..
و مضى عتبة يناقش قومه في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. صحيح أن عتبة لم يدخل في الإسلام..ولكن نفسه لانت للدين...
فتأمل كيف أثر هذا الخلق الرفيع... و مهارة حسن الاستماع في عتبة مع أنه من أشد الأعداء..
و في يوم آخر تجتمع قريش .. فينتدبون حصين بن المنذر الخزاعي..و هو ابن الصحابي الجليل عمران بن حصين.. ينتدبونه لنقاش النبي عليه الصلاة و السلام و رده عن دعوته...
يدخل أبو عمران على النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه حوله.. فيردد عليهم ما تردد قريش دوماً .. فرقت جماعتنا ..شتت شملنا... و النبي صلى الله عليه وسلم ينصت بلطف ..حتى إذا انتهى قال صلى الله عليه وسلم بكل أدب : أفرغت يا أبا عمران؟..
قال : نعم..
قال: فأجبني عما أسألك عنه..
قال : قل .. أسمع
فقال صلى الله عليه وسلم : يا أبا عمران.. كم إلهاً تعبد اليوم؟
قال: سبعة!! .. ستة في الأرض .. وواحد في السماء ..!!
قال : فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟
قال : الذي في السماء..
فقال صلى الله عليه وسلم بكل لطف : يا حصين..أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك...
فما كان من حصين إلا أن أسلم في مكانه فوراً.. ثم قال : يا رسول الله .. علمني الكلمتين اللتين وعدتني .. فقال صلى الله عليه وسلم : قل: اللهم ألهمني رشدي.. و أعذني من شر نفسي ..
آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي ! وشدة تأثيره في الناس عند مخالطتهم.. وهذا التعامل الإسلامي الدعوي يفيد في دعوة الكفار وجذبهم إلى الخير...
سافر أحد الشباب للدراسة في ألمانيا فسكن في شقة... وكان يسكن أمامه شاب ألماني، ليس بينهما علاقة ..لكنه جاره..
سافر الألماني فجأة .. وكان موزع الجرائد يضع الجريدة كل يوم عند بابه .. انتبه صاحبنا لكثرة الجرائد.. سأل عن جاره.. فعلم أنه مسافر.. لمَّ الجرائد ووضعها في درج خاص.. و صار يجمعها كل يوم ويرتبها...
لما رجع صاحبه بعد شهرين أو ثلاثة .. سلم عليه و هنأه بسلامة الرجوع.. ثم ناوله الجرائد ..
وقال له : خشيت أنك متابع لمقال... أو مشترك في مسابقة.. فأردت أن لا يفوتك ذلك..
نظر الجار إليه متعجباً من هذا الحرص ... و قال : هل تريد أجراً أو مكافأة على هذا ؟
قال صاحبنا : لا ..لكن ديننا يأمرنا بالإحسان إلى الجار .. و أنت جار.. فلا بد من الإحسان إليك .. ثم مازال صاحبنا محسناً إلى ذلك الجار ... حتى دخل في الإسلام...
هذه و الله هي المتعة الحقيقية بالحياة ..
أن تشعر أنك رقم على اليمين ... لك بصمتك في الحياة ... تتعبد لله بكل شيء حتى بأخلاقك ..
وكم صدَّ عداداً كبيرة من الكفار عن الدخول في الإسلام تعاملات فريق من المسلمين معهم.. فيظلمونهم عمالاً.. و يغشونهم متسوقين... ويؤذونهم جيراناً...
فهلمّ نبدأ من جديد معهم ..
إضاءة ..
خير الداعين من يدعو بأفعاله قبل أقواله
|
|
|