![]() |
لماذا لا نقرأ ؟.
كنت أرتب حقيبة سفري ذات يوم عائدا إلى مصر قادما من إحدى الدول العربية ، عندما زارني صديق ، وعرض أن يشاركني ترتيب حاجياتي فلم أمانع . لكنه توقف فجأة مذهولا أمام إحدى الحقائب الثقيلة والتي لم أكن قد أغلقتها بعد ونظر إلى ما فيها ، وقال في استنكار : هل ستأخذ هذه الحقيبة معك ؟ ، وعندما أجبته بعفوية بنعم ، قال معترضا : لكنها ستكلفك كثيرا ، فالشحن على الطائرة غالي الثمن والحقيبة بالغة الثقل ، فأجبته أني أدرك ذلك تماما وقد أعددت لكل شيء عدته ! . فحاول إثنائي عن فعل ذلك العمل الطائش من وجهة نظره ، فلم أزده على أن هذه الحقيبة تحتل الأولوية القصوى لدي . وحينما وجد مني تمسكا مدهشا قال متعجبا : لا أدري ما الهوس الذي توليه للكتب ، تالله إني لم أقرأ ورقة منذ تخرجي من كلية الهندسة !! . وصاحبي هذا متكرر في واقعنا ، كثير الشبه بيننا . النموذج الذي يحدثك عن أن الحياة ليس فيها وقت لنقضيه متصلبين ماسكين بكتاب نقرأه ، فالحياة بها أهم من ذلك ! . فالقراءة لديهم مضيعة للوقت ، والدرهم الذي ننفقه على الكتاب كان من باب أولى أن نصرفه على الطعام أو الملبس .. وهؤلاء كثر للأسف . بيد أن هناك نوع أخر يقدر قيمة القراءة نظريا ، لكنه لا يقرأ . وعندما تحدث عن أهمية القراءة ودورها في اتساع مدارك المرء ورقيه يؤكد له أن واثق تماما من هذا الأمر ، لكن المشكلة التي تواجهه أنه ما يلبث أن يمسك بكتاب إلا ويداعب النعاس جفنيه ، ويتملكه السأم والملل سريعا . وبين صنف لا يعترف بقيمة القراءة وصنف لا يستطيع القراءة ولا يملك الدافع على القراءة ، تضيع أمتنا وتسقط بملء إرادتها من حقيبة التقدم والرقي .
كيف تصبح قارئا ..؟ القراءة تحتاج إلى جهد وتعب ..! نعم قد تكون هناك أنواع من القراءة الممتعة والمسلية كقراءة الروايات والكتب الخفيفة ، لكن الإنسان لا يقرأ فقط من أجل المتعة ، وإن كانت المتعة مطلبا شريفا وهاما . لكن القراءة المثمرة تتطلب نوع من الالتزام ، والتعامل مع الكتاب بجدية ومسؤولية ، ولهذا يفشل الكثيرون في الحصول على لقب القارئ الجيد . وإليك مجموعة من الالتزامات التي يجب أن تأخذها بجدية ، إذا ما كنت طامحا في أن تكون قارئا جيدا وهي : التغلب على العقبة النفسية :. تلك العقبة التي تجعل الكتاب ثقيلا على النفس ، باعثا على التثاؤب والنعاس ، والتغلب على هذه العقبة يحتاج إلى نية صادقة أولا ، وتوفر دافع قوي للقراءة . بدون متعة ولذة لن يستطيع المرء تحطيم ذلك الحاجز الوهمي الذي صنعه للهروب من مسؤولية القراءة والثقافة ، وتلك المتعة ستتأتى حينما نرى ثمرة ما قرأناه يانعا في ذوقنا وسلوكنا ورؤيتنا للأشياء ، والخطوات القادمة ستساعد على تحطيم هذا الحاجز . استحضار الدافع :. العلم هو أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى ، يجب ألا يفارق هذا الأمر ذهنك ، فعندما وعى المسلمون الأوائل هذا المعنى غيروا الدنيا بعلمهم وثقافتهم وتحضرهم وأناروا العالم وأضاءوا جنباته ، أن تقرأ أنت في عبادة لله ، في رحلة إلى الله ، ولا أقصد القراءة الفقهية أو الدينية بل أقصد القراءة المفيدة بكافة ألوانها العلمية والثقافية والفنية . ضع خطة للقراءة :. دائما الأشياء التي نخطط لها يكون عائدها وفائدتها أكبر ، ويسري هذا على القراءة كذلك ، فوضع خطة للقراءة يوفر في الوقت ، ويساعدك على تقييم قراءتك ، وقبل وضع خطة القراءة يجب الالتفات إلى مجموعة من الملاحظات العامة وهي : 1ـ قدراتك : كم أستطيع أن أقرأ خلال الثلاث أشهر القادمة ، حدد بناءا على معرفتك بنفسك ، ولا تبالغ فتنكص فتشعر بالفشل ، ولا تتهاون فيضيع وقتك ، حدد بعد تفكير ما يناسب قدراتك . 2ـ اهتمامك : ماذا تقرأ ؟ ، هذا أمر بالغ الأهمية ، أنت لست مطالب بقراءة كل ورقة تقع تحت يديك كي تمشي مختالا بأنك واسع الثقافة والاطلاع ، بل يجب أن تكون هناك منهجية لقراءتك هذه المنهجية مبنية على اهتماماتك الفكرية والعملية . 3ـ وقتك : خطتك يجب أن تضعها وفق الأوقات التي تستطيع أن تقرأ فيها ، ونوعية الكتب تتحدد حسب هذا الوقت ، فهناك كتب لأوقات الراحة والهدوء ، وكتيبات تناسب الوقت الذي تقضية في المواصلات أو الانتظار وهكذا . وبعد وضع الخطة تكون هناك مراحل للتقييم وإعادة النظر ، تنظر فيها إلى إنجازك ، وهل استطعت الوفاء بما التزمت به أم أن هناك مشاكل ، وهل هذه المشكلات في الخطة ودقتها ، أم في ظروف طارئة يمكنك تذليلها . تحمل البداية :. الصاروخ يستهلك معظم قوته فقط في الانطلاق ، والبدايات دائما ما تكون صعبة شديدة قوية ، تحتاج إلى جهد مضاعف ، وصبر شديد . يزيد الأمر صعوبة أن إنجازات البدايات تكون بسيطة غير منظورة ، لكن بالصبر يمكن للمرء أن يجني الكثير ، ويمكن أن تساعد نفسك في البداية بالإكثار من قراءة ما تحب وتهوى ، هناك كتيبات صغيرة ، وكتب بسيطة لا تحتاج إلى كثير تركيز يمكنك البدء بها ، دائما ما أهدي أصدقائي الذي أعرف لديهم سأم شديد من القراءة كتاب ( لا تحزن) للدكتور عائض القرني ، فهو في ظني بداية جيدة لممارسة القراءة . ويمكن للقارئ المبتدئ أن يبدأ بالكتب البسيطة الخفيفة ، يمكنه أن يبدأ بالروايات أو كتب الخواطر ، أو الكتب التي تحتوي على قصص وأخبار ، أو كتب السمر . استغل الأوقات الميتة :. في مجتمعنا نطلق مصطلح ( الوقت الميت ) على الأوقات التي تمضي في انتظار شيء ما ، كانتظار الطبيب ، أو ركوب حافلة ، أو عند الحلاق مثلا . هذه الأوقات يمكننا استغلالها في القراءة ، وهنا تظهر أهمية كتب الجيب والتي يمكنك حملها في حقيبتك أو جيب سترتك وإخراجها كلما سنح الوقت . لعل من زار الغرب رأي كيف أن ركاب الحافلات منشغلون إما بقراءة كتاب أو جريدة ، أو حتى الاستماع إلى مادة صوتية عبر جهاز الاستماع mp3 ، وأن عيادات الأطباء وأماكن الانتظار تكون دائما مكتظة بمواد تثقيفية منوعة تناسب ميول الإنسان في الغرب ، على عكسنا تماما حيث نطالع بعضنا البعض ونتسلى في التحديق إلى الطريق خلال وقتنا الذي نقضيه في المواصلات . اجعل من القراءة التزام :. القراءة ليست هواية تقوم بها وقتما وجدت وقتا وأردت استغلاله ، بل التزاما جديا ، ومسؤولية يجب عليك الوفاء بها ، لذا أنصحك أن تُقبل على القراءة وأنت مستعد نفسيا وذهنيا للاستفادة مما كُتب ، حلق مع الكتاب واستخرج منه الحكم والمعاني والأفكار التي تسكن بين دفتيه ، يمكنك الاستعانة بقلم تكتب به على الهامش ملاحظاتك ، يفيدك هذا كثيرا إذا أحببت مطالعة الكتاب مرة أخرى ، وكذلك في استرجاع معلومة أو مسألة من الكتاب بيسر وسهولة . إذا أمسكت كتابا فلا تمسك غيره حتى تنهيه ، فبجانب أن هذا سيمنعك من التشتت الذهني ، فإن إنهاء كتاب كاملا يعطيك الثقة والتفاؤل في نفسك ، ويدفعك إلى تكرار الإنجاز مرة أخرى . |
بارك الله فيك ع القيّم المفيد ..
وياريت لو أن هناك حملة تذكير لأمة إقرأ لتعريفها بأهمية غذاء الروح والعقل .. |
للأسف الشديد والي لاحظته بالناس وخاصه طلاب المدارس ( وانا معاهم )خخخخخ
اننا في وقت المدارس نقرا ونكتب بس في الاجازه الخريف او نص السنه...ننسا الكتب والاقلام.... وشكرا على الموضوووووع |
طبعا في وقت المدارس نذاكر ونقرا كثير بس في الاجازة الصيفية نوم واكل ومتابعة الافلام وما نقرأ أبدا
|
القراءة
((كان في السابق العرب المتقدمون والان نرى الغرب هم الاكثر تقدما وذلك بسبب كثرة المطالعة))
|
يعافيك ربي وشاكرا لك موضوعك وما يحمل من نقاط مهمة .
ارجو منك تكبير الخط . ووفقك ربي للخير |
موضوع رائع ،
أتمنّى أخي تكبير الخط ، "ترانا بنظارات><"" ! وإعادة تنسيق الموضوع من جديد لـ يحصل على حقّه من المناقشة المثمرة ! وبوركت |
الساعة الآن 09:51 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها