![]() |
شخصيات إسلامية (9 )
سعد بن أبي وقاص رضي الله الأسد في براثنه ( 1 ) نسبه سعد بن مالك بن أهيب، أحدالعشرة المبشرين بالجنة، وآخرهم موتاً. أمه حمزة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبيسفيان بن حرب، بن أمية. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى اللهعليه وسلم.. ولد في مكة سنة 23 قبل الهجرة.. نشأ سعد في قريش، سادة العربوأعزهم، واشتغل في بري السهام وصناعة القس، وهذا عمل يؤهل صاحبه للائتلاف مع الرمي،وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم ويتعرف علىالدنيا من خلال معرفة على الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها،المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات.. إسلامه كان ممن دعاهم أبو بكر للإسلام، فأسلم رضي اللهعنه مبكر، وهو ابن سبع عشرة سنة. وبعد إسلامه تركت أمه الطعام ليعود إلى الكفر فقالله: تعلمن والله يا أماه، لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذالشئ، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي. فحلفت ألا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه،ولا تأكل ولا تشرب، وقالت: زعمت أن الله وصاك بوالديه، وأنا أمك وأنا آمرك بهذا،فمكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها، فجعلتتدعو على سعد رضي الله عنه فأنزل الله عز وحل: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَبِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِعِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْتَعْمَلُونَ".. وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: سمعت سعد بن أبي وقاص رضيالله عنه يقول: "ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام،وإني لثلث الإسلام " وكان أحد الفرسان وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وهوأحد الستة أصحاب الشورى.. وعندما شرع الجهاد في الإسلام قال سعد رضي الله عنه " إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومالنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير، أو الشاة ما له خلط ثمأصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام، لقبضت إذن وضل عملي. وكانوا وشوا به إلى عمر،قالو: لا يحسن يصلي. قال سعد: ألا أبلغ رسول الله أني حميت صحابتي بصدورنبلي أذود بها عدوهم ذياداً بكل حزونة وبكل سهل فما يعتد رام من سعد بهم يارسول الله قبلي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا خالي ويشير إلىسعد. روى الترمذي من حديث جابر، قال: أقبل سعدفقال النبي صلى الله عليه وسلم "هذا خالي فليرني امرؤخاله". عن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع لهأبويه يوم أحد قال: كان رجل من المشركين قد أحرق فقال له النبي صلى الله عليه وسلمارم فداك أبي وأمي قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل، فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته،فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه. عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَالْمَدِينَةَ قَالَ لَيْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِياللَّيْلَةَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَاسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ وَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في السنة الثانيةللهجرة مائتين من أصحابه حتى بلغ، بواط »» في شهر ربيع الأول، يعرض لعيرات قريشوفيها أمية بن خلف ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمائة بعير، ثم رجع ولم يلق كيداًوكان يحمل لواءه سعد ابن أبي وقاص، ثم ان سعداً اشترك في سرية عبد الله بن جحش ( فيالسنة الثانية للهجرة ). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمده في بعض الأعمالالخاصة، مثل ارساله مع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام بمهمة استطلاعية عند ماءبدر. وفي غزوة أحد ( في السنة الثالثة للهجرة ) وقف سعد دون رسول الله صلى اللهعليه وسلم، وقال سعد: " لقد رأيته يناولي السهم ويقول: ارم فداك أبي وأمي! حتىإنه ليناولي السهم ما فيه نصل فيقول: ارم به» وكان سعد من القلة الذين صمدوا فىالدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وحمايته حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سعمت رسول الله صلى الله عليه وسلم. يفادي آحد بآبويه الا سعداً وفي موقعة أحد،وصل المشركون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهاجمه عتبة بن أبي وقاص، وكسر رباعيةرسول الله وشجه، فجعل الدم سال على وجهه، وجعل الرسول يمسح الدم عن وجهه، حى اذا مابلغ ذلك سعد، غضب الرسول الله، ونقل عنه قوله: والله ما حرصت على قتل رجل قط ماحرصت على قتل عتبة بن أبي وقاص؟ وإن كان ما علمت لسي ء الخلق، مبغضاً في قومه، ولقدكفاني منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتد غضب الله على من دمى وجه رسولالله » وعندما عقد صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة كان سعد بن أبي وقاص أحدشهود الصلح. وكان مجابالدعاء: دعا له الرسول فقال: اللهم سددرميته، وأجب دعوته.... عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، قَالَ: شَكَا أَهْلُالكُوْفَةِ سَعْداً إِلَى عُمَرَـ لما كان واليا عليها ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَيُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّي. فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي كُنْتُأُصَلِّي بِهِم صَلاَةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلاَتَي العَشِيِّ، لاَ أَخْرِمُ مِنْهَا،أَرْكُدُ فِي الأُوْلَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ. فَبَعَثَ رِجَالاً يَسْأَلُوْنَعَنْهُ بِالكُوْفَةِ، فَكَانُوا لاَ يَأْتُوْنَ مَسْجِداً مِنْ مَسَاجِدِالكُوْفَةِ إِلاَّ قَالُوا خَيْراً، حَتَّى أَتَوْا مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سعدَةَ: أَمَا إِذْ نَشَدْتُمُوْنَابِاللهِ، فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُبِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَسِيْرُ بِالسَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّإِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُلِلْفِتَنِ. قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُلِلإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ يَقُوْلُ: كَبِيْرٌمَفْتُوْنٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ. و يروى أَنَّ سَعْداً خَطَبَهُمْبِالكُوْفَةِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! أَيُّ أَمِيْرٍ كُنْتُ لَكُم؟ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُكَ لاَ تَعْدِلُفِي الرَّعِيَّةِ، وَلاَ تَقْسِمُ بِالسَّوِيِّةِ، وَلاَ تَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَعَجِّلْفَقْرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. قَالَ: فَمَا مَاتَحَتَّى عَمِيَ، فَكَانَ يَلْتَمِسُ الجُدُرَاتِ، وَافْتَقَرَ حَتَّى سَأَلَ،وَأَدْرَكَ فِتْنَةَ المُخْتَارِ، فَقُتِلَ فِيْهَا. |
سعد بن أبي وقاص رضي الله الأسد في براثنه (2 ) أقلقت الأنباء أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرسعلى المسلمين.. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد.. وبنقضأهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه لبقود جيوشالمسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس. وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينةعلي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه.. ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعضأصحابه أن يعود، وينتدب لهذه الهمة واحدا غيره من أصحابه.. وتبنّى هذا الرأيعبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلاميعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد.. وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورىونودي:_الصلاة جامعة_ واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيثكان أمير المؤمنين وأصحابه.. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقررالمجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائدا آخر منالمسلمين.. ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه: فمن ترون أننبعث الى العراق..؟؟ وصمتوا قليلا يفكرون.. ثم صاح عبد الرحمن بن عوف: وجدته..!! قال عمر: فمن هو..؟ قال عبد الرحمن: "الأسد في براثنه.. سعد بنمالك الزهري.." وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بنمالك الزهري "سعد بن أبي وقاص" وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش.. فمن هو الأسدفي براثنه..؟ من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبهقائلا: "هذا خالي.. فليرني امرؤ خاله"..!! انه سعد بن أبي وقاص.. جده أهيب بنمناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لقد عانق الاسلاموهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول: " .. ولقدأتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام"..!! يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الىالاسلام.. ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعنالدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دارالأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به.. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسطيمينه الى رسول الله مبايعا.. وانّ كتب التاريخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحدالذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه.. ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذينأعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والزبير ابن العوّام، وعبدالرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله. ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلامسرا.. وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بهاويفخر.. بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك،الا بشيئين عظيمين.. أولهما: أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رميأيضا.. وثانيهما: أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يومأحد: " ارم سعد فداك أبي وأمي".. أجل كان دائما يتغنىبهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول: " والله اني لأوّلرجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله". ويقول علي ابن أبي طالب: " ما سمعترسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي".. كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكانله سلاحان رمحه ودعاؤه.. اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه.. واذا دعا الله دعاءأجابه..!! وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له.. فذات يوم وقدرأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوةالمأثورة.. " اللهم سدد رميته.. وأجب دعوته". وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابهبأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضاالى الله أمره. من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول: " رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له: اذن أدعو عليك،فقال ارجل: أراك تتهددني كأنك نبي..!! فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفعيديه وقال: اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى،وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة.. فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجتمن احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عنشيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها.. وما زالت تتخبطه حتى مات"..انهذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمقاخلاصه. وكذلكم كان سعد، روحه حر.. ويقينه صلب.. واخلاصه عميق.. وكان دائبالاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارةمن شبهة.. |
سعد بن أبي وقاص رضي الله الأسد في براثنه ( 3 ) ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد.. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب.. وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله.. في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا: "يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي..؟ قال النبي: لا. قلت: فبنصفه؟ قال النبي: لا. قلت: فبثلثه..؟ قال النبي: نعم، والثلث كثير.. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك".. ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين.. وكان سعد كثير البكاء من خشية الله.وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره.. وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول.. ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا.. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم: " يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة".. وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ.. وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص. ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى.. فقال له سعد: " لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد.. غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا". هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف.. القادسية وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم.. كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين.. انه مستجاب الدعوة.. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه.. زانه عفّ الطعمة.. عف اللسان.. عف الضمير.. وانه واحد من أهل الجنة.. كما تنبأ له الرسول.. وانه الفارس يوم بدر. والفارس يوم أحد.. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان.. ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول.. يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله.. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه.. لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك.. كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياةأمه.. وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت.. أليس هو الأسد في براثنه حقا..؟؟ اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف من المقاتلين المدربين. المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح.. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها.. أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة..خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير.. في أيديهم رماح.. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت و الى الشهادة..!! |
سعد بن أبي وقاص رضي الله الأسد في براثنه ( 4 ) والتقى الجمعان. ولكن لا.. لم يلتق الجمعانبعد.. وأن سعدا هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته.. وها هو ذا كتابعمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلماتنور وهدى: " يا سعد بن وهيب.. لا يغرّنّك من الله، أن قيل: خال رسول اللهوصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب الا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذاتالله سوء.. الله ربهم، وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند اللهبالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أنفارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر." ثم يقول له: " اكتب اليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟ وأين يكون عدوّكم منكم.. واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظراليكم"..!! ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد لهموقف كل جندي ومكانه. وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لميتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم".. ويكتب سعد الىعمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين: " لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به،واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل لنظر والرأي والجلد، يدعونه الىالله.. واكتب اليّ في كل يوم.." ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا: " انرستم قد عسكر ب ساباط وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا". ويجيبه عمر مطمئنامشيرا.. ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطلالمعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح.. يقف على رأس جيشه فياحدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي.. لا غرور القوة، ولا صلفالزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه.. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين فيالمدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة الكبرىعلى وشك النشوب، المشورة والرأي... ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتيوحده، ولا يقرر وحجه.. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسولالله.. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركةالشورى وجدواها، لا سيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم.. وينفذ سعدوصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى الله والىالاسلام.. ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقولقائلهم: " ان الله اختارنا ليخرج بنا منيشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكامالى عدل الاسلام.. فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومنقاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله.." ويسأل رستم: وما وعد الله الذيوعدكم اياه..؟؟ فيجيبه الصحابي: " الجنة لشهدائنا، والظفرلأحيائنا". ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنهاالحرب.. وتمتلىء عينا سعد بالدموع.. لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا،أو تقدمت قليلا.. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته.. وملأت الدمامل جسدهحتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغةالضراوة والقسوة..!! فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنهااستأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم.. أما الآن.. ولكن، لا، فرسولالله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم: لو. لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمنالقوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا.. عنئذ هب الأسد في براثنه ووقف في جيشهخطيبا، مستهلا خطابه بالآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم.. ولقدكتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).. وبعد فراغهمن خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا: الله أكبر.. اللهأكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ودوّى الكن وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعهكالسهم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده: هيا على بركة الله.. وصعد وهومتحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزالقيادته..وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة. باب داره مفتوح.. وأقل هجوم منالفرس على الدار يسقطه في أيديهم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرهب ولايخاف.. دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح.. ويصدر أوامره لهؤلاء: أن تقدّموا صوب الميمنة.. ولألئك: أن سدوا ثغرات الميسرة.. أمامك يا مغيرة.. وراءهم يا جرير.. اضرب يا نعمان.. اهجم يا أشعث.. وأنت يا قعقاع.. تقدموا يا أصحاب محمد..!! وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كلجندي فردا، جيشا بأسره.. وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح.ز وتهاوت معهمالوثنية وعبادة النار..!! وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهموخيرة جنودهم، وطاردهم كالجيش المسلم عتى نهاوند.. ثم المدائن فدخلوها ليحملواايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا..!! وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاءعظيما.. وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهمامناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه فيالمدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل.. وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانبأعدائه. فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلةفي موسم فيضانه وجيشانه.. هنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بنعوف الأسد في براثنه..!! إن ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّرانالمستحيل في استبسال عظيم..!! وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهردجلة.. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر.. وأخيرا عثروا علىمكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة.. وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرورفطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العطوحولها.. وعندئذ جهز كتيبتين.. الأولى: واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليهاعاصم ابنعمرو والثانية: اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابنعمرو.. وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفةالأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم.. ولقد أدوا العمل بمهارةمذهلة.. ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون.. نجاحا أذهلسعد بن أبي وقاص نفسه.. وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذيأخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول: " ان الاسلام جديد.. ذلّلتوالله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ.. والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منهأفواجا، كما دخلوه أفواحا"..!! ولقد كان .. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجا،خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منهم شكيمة فرس.. ولقد سقطمن أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء،فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعضالعابرين التقاطه..!! وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبروندجلة، فتقول: [أمر سعد المسلمين أن يقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.. ثم اقتحمبفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون علىوجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسانوالمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدون على وجه الأرض؛وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعيدهوتأييده]..!! ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر.. كوّفالكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة.. وذات يوم شكاه أهلالكوفة لأمير المؤمنين.. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا:" ان سعدا لا يحسن يصلي"..!! ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول: "والله انيلأصلي بهم صلاة رسول الله.. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر فيالأخريين".. ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه منفوره.. وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا: " اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة"..؟؟ ويؤثر البقاء فيالمدينة.. وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بينأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلاانه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض.. وكان من بينهم سعد بن أبيوقاص. بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا منالصحابة لاختار سعدا.. فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم: " انوليها سعد فذاك.. وان وليه غيره فليستعن بسعد". ويمتد العمر بسعج.. وتجيءالفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا منأخبارها.. وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبةبن أبي وقاص، ويقول له: يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذاالأمر. فيجيبه سعد: " أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا.. اذا ضربتبه المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر قطع"..!! ويدرك ابن أخيه غرضه،ويتركه في عزلته وسلامه.. وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليدالحكم سأل سعدا: مالك لم تقاتل معنا..؟؟ فأجابه: " اني مررتبريح مظلمة، فقلت: أخ .. أخ.. واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.." فقلزعاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى: وان طائفتان منالمؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغيحتى تفيء الى أمر الله). وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا معالعادلة على الباغية. أجابه سعد قائلا: " ما كنت لأقاتل رجلا قال لهرسول الله: أنت مني بمنزلة هرون من موسى الا أنه لا نبي بعدي". وذات يوم منأيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيقيتهيأ لقاء الله. وفاته: ما أصدق قول سعد لابنه وهو على فراشالموت. "لا تبك عليّ، فإن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة. إن اللهليدين المؤمنين بحسناتهم ما عملوا لله. توفى سعد رضي الله عنه في قصره بالعقيقعلى بعد 5 أميال من المدينة.. وذلك عام 55 هجرية، وقد تجاوز الثمانين وهو أخر منمات من المهاجرين. ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول: [ كان رأسأبي في حجري، وهو يقضي، فبكيت وقال: ما يبكيك يا بنيّ..؟؟ ان الله لا يعذبنيأبدا وأني من أهل الجنة]..!! ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة الموتوزلزاله. ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليهالصلاة والسلام أوثق ايمان.. واذن ففيم الخوف..؟ ان الله لا يعذبني أبدا، واني من أهلالجنة. ************** المصادر:-- سيرة بن هشام سننالترمذى حياة الصحابة شبكة ألانترنت |
يسلمووووووووووو أخوي على المعلومات
تقبل مروري |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكراً لكَ أخي الكريم :thumbup1: oonإيميmoo :thumbup1: على هذا المشاركة |
تسلم أخي على هذا المجهود الرائع
جعله الله في ميزان حسناتك |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكراً لكَ أخي الكريم :S_032: دفئ الكون :S_032: على هذا المشاركة:thumbup1: دائما مرورك يسعدنا:icon31: :icon9: تقبل الله منا ومنكم |
الساعة الآن 06:09 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها