منتديات حصن عمان - &المفصل في & تاريخ العرب قبل الإسلام &&
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   الدراسات الاجتماعية (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=73)
-   -   &المفصل في & تاريخ العرب قبل الإسلام && (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=31802)

ملاك الشرق 17-04-2010 12:41 PM

2 -الدهناء
وهي مس*********ت من الأرضين تعلوها رمال حمر في الغالب، تمتد من النفود في الشمال إلى حضرموت ومهرة في الجنوب، واليمن في الغرب، وعمان في الشرق. وفيها سلاسل من التلال الرملية ذات ارتفاعات مختلفة، تنتقل في الغالب مع الرياح، وتغطي مس*********ت واسعة من الأرض. ويمكن العثور على المياه في قيعانها اذا حفرت فيها الآبار.
وقد أشير إلى الدهناء في بيت شعر للاعشى هذا نصه: يمرون بالدهناء خفافاً عيابهم=ويرجعن من دارينُ بجر الحقائبْ وقد تصل الأمطار الموسمية إلى بعض أجزاء "الدهناء" فتنبت فيها الأعشاب، ولكن عمرها فيها قصير اذ سرعان ما تجف وتموت. وقد هجر الناس السكنى في أكثر أقسام الدهناء، لجفاف أكثر أقسام هذه المنطقة الصحراوية الواسعة، وخلوها من الماء والمراعي، ولكثرة هبوب العواصف الرملية فيها، ولشدة حرارتها التي يصعب احتمالها في أثناء النهار، وأقاموا في الأمكنة المرتفعة منها، التي تتوافر فيها المياه، وتتساقط عليها الأمطار، فتنبت الأعشاب، وينتجعها الأعراب. اما الأقسام الجنوبية من الدهناء فيسميها الجغرافيون المحدثون "الربع الخالي" "The Empty Quarter"، لخلوها من الناس، وكانت تعرف ب "مفازة صيهد".
وقد تمكن السائح الإنكليزي "برترام توماس Bertram Thomas "" من اجتيازها في "58" يوماً، وهو عمل مجهد شاق، فكان أول أوروبي جرُؤ على اجتياز هذه الأرض.
ويطلق على القسم الغربي من الدهناء اسم "الأحقاف" وهو منطقة واسعة من الرمال بها كثبان اقترن اسمها باسم "عاد". "واذكر أخا عاد، إذْ أنذر قومه بالأحقاف".
وكشف "برترام توماس" في الربع الخالي بحيرة من المياه الملحة، وبقايا حيوانات مبعثرة، وتبين لدى العلماء إن هذه البحيرة كانت من متفرعات الخليج العربي، وأن من المحتمل إن هذه الأرضين التي تكثر فيها رواسب قيعان البحر، قد كانت في عهدها من المناطق البحرية التي تغمرها مياه المحيط، كما عثر فيه على آثار جاهلية لم يعرف من أمرها شيء حتى الآن، يظهر أنها لأقوام كانت تستوطن هذه المناطق أيام كانت فاتا مياه صالحة للإنبات والخصب. وما زالت حتى اليوم تعد أرضاً مجهولة، وإن تحسنت معارفنا عنها كثيراً، بفضل بعض موظفي شركات البترول والباحثين عن المعادن في مختلف أنحاء الجزيرة. وستأتي الاكتشافات الجديدة لها بمعارف قيمة عن تاريخ العرب قبل الإسلام من غير شك.
وتكون "وبار" قسماً من الدهناء، وكانت من الأرضين المشهورة بالخصب والنماء، وهي اليوم من المناطق الصحراوية، وبها آثار القرى القديمة التي كانت كثيرة قبل الإسلام. والظاهر أنها كانت مواطن الرباريين، وهم الذين دعاهم "بطلميوس" "Jobariai" الذين سأتحدث عنهم وفي الجهة الشمالية الشرقية منُ بار، رمال "يرين": وكانت من المناطق المأهولة كذلك، ثم دخلها الحراب

ملاك الشرق 17-04-2010 12:42 PM

-النفود
أما النفود، وهو اسم لم يكن يعرفه العرب، فهي صحراء واسعة ذات رمال بيض أو حمر تذروها الرياح فتكون كثباناً مرتفعة،وسلاسل رملية متموجة، تبتدئ من واحة "تيماء"، وتمتد إلى مسافة450 كيلومتراً تقريباً نحو الشرق، ويبلغ امتدادها من الجوف إلى جبل شمر زهاء 250 كيلومتراً تقريباً. وقد عرفت أيضاً ب "الدهناء" و ب "رملة عالج"، ثم تغلب عليها اسم "النفود" وصارت تعرف به.
وتعد النفود من الأماكن المائلة أو المنحدرة، ويظهر من القياسات "وان كانت قليلة جداً"، إن المنطقة الشرقية من النفود أوطأ من مستوى المنطقة الغربية عند خط طول "27" درجة و "30" دقيقة، بما يزيد على150 متراً، أي إن هذه البادية مرتفعة في الغرب، آخذة في الانخفاض والميل في الشرق.
وقد نتج عن هذا الميل والانحدار المتوالي إن الرمال التي كانت الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية تحملها، تراكمت في المنخفض، فأصبحت الحدود الغربية والشرقية هذه المنطقة مرتفعة بالنسبة إليها، بحيث صار "الحماد" يشرف عليها اشرافاً تاما.
ويغطي وجه "النفود"، كثبان من الرمال متموجة يبلع ارتفاع بعضها زهاء "150" متراً، ولذلك لا يعد سطح بادية النفود سطحاً مستوياً منبسطاً. وتأخذ هذه المرتفعات مختلف الإشكال، فتكون في أغلب الأحيان على شكل نعل الفرس، ويكون اتجاهها من الغرب نحو الشرق، وتكون أبعادها وأعماقها مختلفة، وتسمى "القعور". وقد تركت أثراً عميقاً في مخيلة المسافرين ورجال القوافل.
وبعد الأشتية الممطرة تتحول هذه المنطقة الرملية الموحشة إلى جنة حقيقية فتظهر الرمال وكأنها قد فرشت ببسط خضر، يزينها الزهر والشقائق ومختلف الأعشاب الصحراوية، وينتجعها الأعراب للرعي. وقد تنمو فيها النباتات المرتفعة ذات السيقان القوية كبعض أنواع "الغَضَى"، فتكون أدغالاً يحتطب منها البدو، وقد يحرقونها لاستخراج الفحهم منها. هذه الأعشاب والنباتات، لا تظهر إلا في المنطقة ذات الرمال الحمر "نفود سمرا". أما النفود البيضاء المؤلفة من رمال نشأت من تفتت أحجار "الكوارتز" فإنها في أكثر الأماكن غير منبتة.
ولكن هذه الجنة الأرضية جنة قصيرة العمر، لا يدوم عمرها إلا أسابيع قليلة، ثم يحل بها الجفاف، وتهب السمائم، فتقضي على كل ما نبت في هذه البادية، فتبدو كالحة عابسة مزعجة منفرة، وكأن أنسانا كنس وجهها كنساً أزال عنه كل أثر لشلك الجمال. وتهب في شهر نيسان رياح حارة من الشرق والجنوب، ورياح في شهور الصيف، تحرق البادية حرقاَ، حتى تغدو وكأنها جحيم.
وفي العربية ألفاظ عديدة لها صلة بالبوادي، كثرت وتعددت لاتصال حياة العرب بها، منها ما لها علاُّقة بشكل البادية وظاهر وجهها، ومنها ما لها علاقة بطبيعتها وبتركيبها، إلى غير ذلك من مصطلحات، نشاً بعضها من تعدد لهجات العرب ولغاتها، اذ تسمى قبيلة البادية باسم ربما لا تعرفه قبيلة أخرى، وهكذا تنوعت التسميات.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:44 PM

مصدر الصحارى
واذا سألتني عن مصدر هذه الصحارى المزعجة التي وسمت جزيرة العرب بسمة خاصة، وصيرت معظم أهلها بدواً بالرغم منهم، فأقول لك: إن الرأي المنتشر إن هذه الصحارى تكوّنت من تفتت الأحجار الرملية بتأثر للرياح والجفاف فيها. ويؤيد وجود مثل هذه الأحجار في الشمال الغربي من بلاد العرب هذا الرأي كئيراً، ويظهر انه رأي علمي ينطبق على بعض الصحارى انطباقاً كَبيراً، غير أنه لا يحل مشكلة مصدر الرمل الأحمر المتكون من أحجار غير رمليه الذي يغر مس*********ت واسعة من صحراء النفود، بينما الرمل الناشئ من الأحجار الرملية لا يغطي إلأ مس*********ت ضيقة بالنسبة إلى المناطق الأخرى. وهذا يدل دلالة مريحة على إن رمال "النفود" لم تتكون من تفتت الأحجار الرملية حسب، بل من عوامل أخرى كالتقلبات الجوية وتأثيرها في قشرة الأرض.
يكون ظاهر التربة الأجرد معرضا لحرارة الشمس والثغرٍات الجوية مباشرة، إذْ لا أشجار تحميه، ولا أعشاب تحافظ على تماسك ذراته وحفظها من تلك التغيرات. فإذا انقطعت الأمطار، جفت التربة، فتفتت تدريجا، وتستطيع الرياح إن تعبث فيها بكل سهولة، وتتمكن الرياح التي سرعتها 18 كيلومتراً في الساعة من إثارة الطبقات الرملية الخفيفة والأتربة الباقية المبعثرة على سطح ا لأرض.
وإذا هبت الرياح بسرعة 33 كيلومتراً في الساعة، امتلأ الجو بالغبار. فاذا ازدادت السرعة، استحالت إلى عواصف" تؤثر تأثيرا كبيرا في سطح الأرض فتحمل ما عليه من أتربة، وتعرض الطبقات السفلى التي كانت تحت هذه الأتربة لفعل الجو المباشر، ليحدث لها ما حدث في الطبقة التي كانت فوقها، وهكذا تتحول هذه المناطق إلى صحارى، وتتكون الرمال حينئذ من التربة المتفتتة لا من تهشم الأحجار الرملية أو الكلسية وحدها.
وتهب مثل هذه الرياح في الشمال الغربي من جزيرة العرب من نهاية شهر "آذار" مارس حتى نهاية شهر "أيار" مايس، وتهب في أغلب الأحيان هبوبا فجائيا، وتستمر يومين أو ثلاثة أيم وتنتهي في بعض الأحيان برعد وبرق. وعند حدوث هذه الزوابع يغبر الأفق ويكفهر وجه السماء، ثم تهب بعد لحظات عواصف شديدة وأعاصير، تضفي على الجو لوناً قائماً،وأحياناً مائلاّ إلى الصفرة أو الحمرة بحسب لون الرمال التي تحملها الرياح، وتختقي الشمس، وتؤثر هذه "العجاجة" في النبات والأشجار تأثيراً كبيراً. واذا استمرت مدة طويلة، سببت تلف قسم كبير من المزروعات في الأماكن المزروعة.
وقد أشار الكتاب اليونان والرومان إلى البادية،كما عرفها العبرانيون. ولكلمة "حويلة Havilah"، ومن معانيها الأرض الرملية، أي تخم بني إسماعيل - وأولادهم وهم البدو - وهذا المدلول علاقة كبيرة بمعنى صحراء. وقد ذهب بعض علماء التوراة إلى إنها تعتي النفود.
وتفصل العراق عن بلاد الشام بادية واسعة، تعرف ب "بادية الشام" أو "البادية"، أو "خساف"، ويقال للقسم الجنوبي منها - وهو القسم الذي بين الكوفة والسماوة من جهة، وبينها وبين الشام من جهة أخرى - "بادية السماوة"، ويسميها العامة "الحماد" أو "حماذ".
الدارات

ملاك الشرق 17-04-2010 12:45 PM

وفي بلاد العرب "الدارات"، والدارة: كل جوبة بين جبال في حَزن كان ذلك أو سهل أو رمل مستدير، في وسطه فجوة، وهي الدوره، وتجمع الدارة على دارات. فهي أرض سهل لينة بيض في أكثر الأحيان، وتنبت فيها الأعشاب والصليان والنباتات الصحراوية، ويبلغ عددها زهاء عشر دارات ومئة.
ولبعض هذه الدارات شهرة، اذ وردت أسماؤها في الشعر الجاهلي والإسلامي، مثل "دارة جلجل"، التي ورد ذكرها في شعر امرئ القيس الكندي. و "دارة الآرام" وكانت مملوءة من شقائق النعمان، كما جاء ذلك في شعر برج بن خنزير المازني الذي كلفه الحجاج بن يوسف حرب الخوارج.
الجبال
تكون سلسلة جبال السَّرات العمود الفقري لجزيرة العرب، وتصل فقراته بسلسلة جبال بلاد الشام المشرفة على البادية، المتحكمة فيها تحكم الجنود في القلاع. وبعض قمم هذه السلسلة مرتفعة. وقد تتساقط الثلوج عليها كجبل دباغ للذي يرتفع "2,200" متر عن سطح البحرْ، وجيل وثر وجبل شيبان. وتنخفض هذه السلسلة عند دنوها من مكة، فتكون القمم في أوطأ ارتفاع، ثم تعود بعد ذلك إلى العلو حيث تصل إلى مستوى عال في اليمن حيث تتساقط الثلوج على قمم بعض الجبال.
وتمتد في محاذاة السواحل الجنوبية سلاسل جبلية تتفرع من جبال اليمن، ثم تتجه نحو الشرق إلى أرض عمان، حيث ترتفع قمم الجبل الأخضر ارتفاعاً يتراوح من تسعة آلاف قدم إلى عشرة آلاف قدم. وتتخلل هذه السلاسل الجنوبية أودية تمثل اتجاه مسايل الأمطار إلى البحر.
وتفصل بين البحر والسلاسل الجبلية سهول ساحلية ضيقة في الغالب، ربما لا تتجاوز خمسة عشر ميلاً عن سواحل البحر الأحمر. وتكون هذه السواحل حارة رطبة في الغالب، يتضايق منها الإنسان، وتكون غير صحية في بعض الأماكن. ويطلق على بعض أقسام التهائم "الغور" و "السافلة"، لانخفاض بقاعها. وقد ذهب بعض العلماء إلى اطلاق تهامة على طول الأغوار الساحلية الممتدة من شبه جزيرة سيناء وبر القلزم إلى الجنوب. وسأتحدث عنها فيما بعد.
وتكون هذه السلاسل مانعاً - للأبخرة المتصاعدة من البحر الأحمر والبحر العربي- من وقوع الأمطار في أواسط بلاد العرب وفيما وراء السفوح المرقية للسراة والسفوح الشمالية للسلاسل الجبلية الجنوبية، لذلك كثرت الأودية القصيرة التي تسيل فيها. المياه في هذه المناطق، وزادت فيها إمكانيات الخصب والزراعة عن البقاع التي وراء السَراة حتى الخليج.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:45 PM

وفي نجد، وهي هضبة يبلغ ارتفاعها زهاء2500 قدم، منطقة جبلية تتكون من "الغرانيت"، يقال لها جبل "شمر"، وهي من مواضع "طيء" التي اشتهر أمرها قبل الإسلام اشتهاراً كبيراً، وقد عرفت قديماً بجبلَيْ طيء.
وتتألف من سلسلتين، يقال لإحداهما أجأ، و للأخرى سلمى. وهناك منابع عديدة للمياه في شعاب هذه المسلسلة وفي السهل الكبر المنبسط بينهما. ويمكن الحصول على المياه فيها بوفرة تحت طبقات الرمال والصخور. و أما جبل "طويق" فهو مرتفعات تقع في الوسط الشرقي من نجد وفي جنوب شرقي الرياض، وتتألف من الحجارة الرملية وتحيط بها الصخور والحجارة الكلسية، وتدل البحوث على إن من الصخور والمواد البركانية ما قذفته البراكين إلى هذه الجهات.
الأنهار والأودية
ليس في جزيرة العرب انهار كبيرة بالمعنى المعروف من لفظة نهر مثل نهر دجلة أو الفرات أو النيل، بل فيها أنهار مغيرة أو جعافر. وهي لذلك تعد في جملة الأرضين التي تقل فيها الأنهار والبحيرات، وفي جملة البلاد التي يتغلب عليها الجفاف. ويقل فيها سقوط الأمطار، ولذلك أصبحت أكر بقاعها صحراوية قليلة السكان. غير أنها كثيرة الأودية،تطغى عليها السيول عند سقوط الأمطار، فصير وكأنها طاغية مزبدة. وهي في الغالب طويلة، تسير في اتجاه ميل الأرض. أما الأودية التي تصب في البحر الأحمر أو في البحر العربي، فإنها قصيرة بعض الشيء، وذات مجرى أعمق، وانحدار أشد، والمياه تسيل فيها بسرعة فتجرف ما يعرضها من عوائق، وتنحدر هذه السيول إلى البحر فتضيع فيه، ومن الممكن الاستفادة منها في الأغراض الزراعية والصناعية. وقد تكون السيول خطرا يهدد القوافل والمدن والأملاك، ويأتي على الناس بأفدح الخسائر. وفي كتب المؤلفين الإسلاميين إشارات إلى سيول عارمة جارفة، أضرت بالمدن والقرى والمزارع وبالقوافل والناس، إذ كانت قوية مكنتها من جرف الأبنية والناس، ومن إغراقهم حتى ذكر إن خراب عاصمة اليمامة القديمة كان بفعل السيل، وأن كثيراً من المزارع والأموال هلكت وتلفت بفعل لعب السيول بها لعباً لم تتحمله، فهلكت من هذا المزاح الثقيل.
وليس في استطاعة أحد التحدث عن ملاحة بالمعنى المفهوم من الملاحة في نهيرات جزيرة العرب، وذلك لأن هذه النهيرات أما قصيرة سريعة الجريان منحدرة انحداراً شديداً، و أما ضحلة تجف مياهها في بعض المواسم فلا تصلح في كلتا الحالتين للملاحة. وهي أيضاً شحيحة بالثروة الحيوانية، وليس فيها إلا مقادير قليلة من الأسماك.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:46 PM

وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن كثيراً من أودية جزيرة العرب كانت أنهاراً في يوم من الأيام. واستدلوا على ذلك بوجود ترسبات في هذه الأودية، هي من نوع الترسبات التي تكون في العادة في قيعان الأنهار، ومن عثور السياح على عاديات وآثار سكن على حافات الأودية. ومن نص بعض الكتبة "الكلاسيكيين" على وجود أنهار في جزيرة العرب. فقد ذكر "هيرودوتس" نهرأَ سماه "كورس" زعم انه نهر كبير عظيم، يصب في "البحر الأريتوي"، ويقصد به البحر الأحمر، وزعم إن العرب يذكرون إن ملكهم كان قد عمل ثلاثة أنابيب صنعها من جلود الثيران وغيرها من الحيوانات، امتدت من هذا النهر إلى البادية مسيرة اثنتي عشر يوماً، حملت الماء من النهر إلى مواضع منقورة، نقرت لخزن المياه الآتية من ذلك النهر فيها.
وهناك موضع على مقربة من ساحل البحر الأحمر اسمه "قرح" على مسافة 43 كيلومتراً من "الحجر" في مكان يمر به خط الحديد الحجازي في منطقة صحراوية، وكان في الأزمنة السابقة من المحلات المزروعة، وبه بساتين عدة تعرف ب "بساتين قرح"، وعلى مقربة منها "سقيا يزيد" أو "قصرعنتر" "إسطبل عنتر"، كما تعرف به في الزمن الحاضر على بعد 98 كيلومتراً من المدينة. والى شماله "وادي الحمض" الذي يرى بعض العلماء أنه المكان الذي أراده "هيرودوتس".
وذكر "بطلميوس" نهراً عظيماً سماه "لار" Lar، زعم انه ينبع من منطقة "نجران"، أي من الجانب الشرقي من السلسلة الجبلية، ثم يسير نحو الجهة الشمالية الشرقية مخترقاً بلاد العرب حيث يصب في الخليج العربي. ولا يعرف من أمر هذا النهر شيء في الزمن الحاضر، ولعله كان وادياً من الأودية التي كانت تسيل فيها المياه في بعض المواسم، أو كان بقايا نهر، أثرت في مياهه عوامل الجفاف. ويرى "موريتس" إن هذا النهر الذي أشار إليه "بطليموس"، هو وادي الدواسر، الذي يمس حافة الربع الخالي عند نقطة تبعد زهاء خمسين ميلاً من جنوب شرفي السليل، وتمده بعض الأودية المتجهة من سلاسل جبال اليمن بمياه السيول،

ملاك الشرق 17-04-2010 12:50 PM

وتغيض مياهه في الرمال في مواضع عديدة، فتكون بعض الو*********ت التي يستقى منها، ويزرع عليها. ويلاحظ وجود مياه غزيرة في واديه، في مواضع لا تبعد كثيراً عن القشرة. وهذا مما يحمل على الاعتقاد بوجود مجاري أرضية تحت سطح الوادي، وانه كان في يوم ما نهراً من الأنهار، غير أننا لا نستطيع إن نتكهن في أمر هذا الوادي أكان نهراً جارياً في زمن بطلموس كما أشار إلى ذلك، أو كان وادياً رطب القبعان لم تكن عوامل الجفاف قد أثرت فيه أثرها في الزمن الحاضر. لذلك كانت تمكث فيه السيول والأمطار المتساقطة على السفوح الشرقية لجبال اليمن مدة أطول مما هي عليه الآن. والرأي عندي إن هذه الأنهار وأمثالها التي يشير إليها المؤلفون اليونان والرومان، لم تكن في الواقع وبالنسبة إلى ذلك الزمن إلا سيولا" عارمة جارفة سمعوا بأخبارها من تجارهم ومن بعض رجالهم الذين كتب لهم الذهاب إلى بلاد العرب أو اتصلوا بالعرب، فظنوا إنها أنهار عظيمة على نحو ما ذكروه. فلا يعقل وجود الأنهار الكبيرة في ذلك الزمن، إذ كان الجفاف قد أثر تأثيره في إقليم جزيرة العرب قبل ذلك بأمد طويل، فلا مجال لبقاء أنهار على النحو الذي يذكره أولئك الكتاب.
وينطبق هذا الاحتمال على الأودية الأخرى، وهي كما قلت كثيرة، ومنها وادي للرمة ووادي الحمض، ويعد هذان الواديان من الأودية الجافة، إلا في مواسم الأمطار الشديدة حيث تصب السيول فيهما، غير إن لها مجاري أرضية، تشير إلى تلك الحقيقة، ويمكن الحصول على المياه فيهما بحفر الآبار على أعماق ليست بعيدة عن السطح. وقد تظهر على سطح الأرض في بعض المحالّ، وربما كانا قبل آلاف السنين، أنهاراً تجري فيها المياه،فتروي ما عليها من أرضين.
يتكون "وادي الرمة" عند "حرة خيبر" أو "حرة فدك" من التقاء بضعة أودية ممتدة من الشمال على ارتفاع ستة آلاف قدم. ثم تتجه بعد ذلك نحو الشرق ثم تأخذ اتجاها جنوبيا شرقيا حيث تتصل ب "الجرير" أو "الجريب" كما كان يعرف سابقا، و هو من أوسع فروع وادي الرمة. و يتجه هذا الوادي نحو الشرق حيث يصل إلى "بريدة"، ثم ينعطف نحو الشمال الشرقي فالشرق إلى "القصيم" حيث يسمى بعد ذلك "الباطن" "البطن" ثم يتفرع إلى فرعين يخترقان منطقة صحراوية، ويسير أحدهما في "النفوذ" حيث يتصل بالدهناء إلى إن يبلغ موضعاً قرب البصرة. ويبلغ طول هذا الوادي زهاء 950 كيلومترا أو أكثر.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:51 PM

و أما مبدأ وادي الحمض أو وادي إضم كما كان يسمى قديماً، فمن جنوب حرة خيبر، ثم يتجه نحو الجنوب الغربي إلى إن يصل إلى يثرب حيث تتصل به أودية فرعية أخرى، منها "وادي العقيق"، ويتصل به كذلك "وادي القرى"، ويستمد مياهه من السيول التي تنحدر إليه من الجبال من العيون التي عند خيبر حيث يصب في البحر الأحمر في جنوب قرية الوجه. وعند هذا المصب بقايا قرية يونانية قديمة، وبقايا معبد يعرف عند الأهلين "كصر كريم"، وهو من مخلفات المستعمرات اليونانية القديمة التي كان الملاحون والتجار اليونانيون قد أقاموها عند ساحل البحر الأحمر لحماية سفنهم من القرصانة وللاتجار مع الأعراب، ولتموين رجال القوافل البحرية بما يحتاجون إليه من ماء وزاد. و يعتقد "موريتس" إن هذا الموضع هو محل مدينة "لويكه كومه" "Leuke Kome" المشهورة التي وصل إليها "أوليوس كالوس" لما همَّ بفتح اليمن، على حين يرى آخرون إن هذه المدينة هي في المحل المعروف باسم "الحوراء". ويبلغ طول وادي الحمض زهاء 900 كيلومتر.
وهناك "وادي حنيفة" وهو من الأودية المهمة كذاك، يبتدئ من غرب "جبل طويق" ثم يتجه نحو الشرق نحو الخليج العربي، وهو مهم، ويمكن الحصول على المياه فيه بطريقة حفر الآبار، لأن الماء غير بعيد عن قاعه. و أما عند هطول الأمطار، فإن المياه تجري إليه من السفوح فتسيل فيه.
ولقلة المياه في بلاد العرب، انحصرت الزراعة فيها في الأماكن التي حبتها الطبيعة بمواسم تتساقط فيها الأمطار مثل العربية الجنوبية، وفي الأماكن التي ظهرت فيها عون وينابيع، مثل وادي القرى في الحجاز، والأحساء على الخليج العربي. وفي الأودية والأماكن التي تكثر فيها المياه الجوفية، حيث استنبطت المياه منها بحفر الآبار. والزراعة في هذه الأماكن -باستثناء العربية الجنوبية- هي زراعة محدودة، حدودها ضيقة، وآفاقها غير بعيدة، و ناتجها قليل لا يكفي لإعاشة كل السكان.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:52 PM

و قد لزمت سكان الأرضين التي تغيث السماء أرضهم، بإنزال الغيث عليها، الاستفادة. من الأمطار المنهمرة،يحصرها وتوجيهها إلى مخازن تخزنها لوقت الحاجة، وذلك بإنشاء السدود و إقامة الخزانات ذوات أبواب تفتح وتغلق لتوجيه المياه الوجهة التي يريدها الإنسان. وقد أقيمت هذه السدود في مواضع متناثرة من جزيرة العرب، خاصة في الأماكن التي يركبها المطر مثل العربية الجنوبية والعربية الغربية. وتشاهد اليوم آثار سدود جاهلية استعملها الجاهليون للاستفادة من مياه الأمطار.
ولما كانت الأمطار رحمة ونعمة كبرى، إذا انحبست نفقت إبل العرب ومواشيهم، صار انحباسها نقمة وهلاكاً، وعدّوا انحباسها عنهم غضباً من الآلهة ينزل بهم، ولهذا كان الجاهليون يتضرعون إلى آلهتهم ويتقربون إليها، إن تنزل عليهم الغيث، ولهم في ذلك صلوات وأدعية- للاستسقاء سيأتي الحديث عنها في باب الدين عند الجاهليين.
وعلى خلاَف العيون الحارة التي هي من آثار التفاعلات البركانية والتفاعلات الباطنية. الكيماوية، فان في بلاد العرب عيون وينابيع وو*********ت، صارت موطناً للزراع والزرع. وبعض، هذه العيون، تتدفق من الجبال والهضاب وبعد مجرى قصير تعود فتدخل باطن الأرض كما هو الحال في أرض "مَدْيَن". وهنالك عيون تتوقف حياتها على المطر. وقد استفاد الجاهليون من بعض العيون والينابيع فربطوها بكهاريز وبقنوات تجري فيها المياه تحت سطح الأرض الى بيوتهم ومزارعهم دون إن تتعرض للتبخر الزائد: فتفقد كميات كبيرة من المياه تذهب هباء. وقد عثر على شبكات منها في عُمان وفي وادي فاطمة بالحجاز وفي اليمن.
أقسام بلاد العرب

ملاك الشرق 17-04-2010 12:52 PM

قسّم اليونان و اللاتين جزيرة العرب إلى أقسام ثلاثة: ا - العربية السعيدة Arabia Felix.
2 - العربية الصخرية، وترجمت بالعربية الحجرية كذلك "Arabia Petreae".
3 - العربية الصحراوية Arabia Deserta.
وهو تقسيم يتفق مع الناحية السياسية التي كانت عليها البلاد العربية في القرن الأول للميلاد. فالقسم الأول مستقل، والقسم الثاني قريب من الرومان ثم أصبح تحت نفوذهم، و أما القسم الثالث فهو البادية إلى نهر الفرات.
وقد أشير إلى العربية السعيدة والعربية الصحراوية في الموارد "الكلاسيكية" القديمة مثل جغرافية "سترابون". ويرى بعض العلماء إن القسس الآخر وهو "العربية الصخرية" Arabia Petreae هو من إضافة "بطلميوس" العالم الجغرافي الشهير، وقد قصد به برية شبه جزيرة سيناء وما يتصل بها من فلسطين إلى الأردن. فهو في رأي هؤلاء أحدث عهداً في التسمية من التسميتين الأخريين. ولم يأخذ الجغرافيون العرب بالتقسيم "الكلاسيكي"، مع أنهم وقفوا على بعض مؤلفاتهم، كجغرافية بطليموس. إلا إن جزيرة العرب عندهم، هي "العربية السعيدة" في اصطلاح أكثر الكتبة اليونان واللاتين.
العربية السعيدة Arabia Felix
أما العربية السعيدة، ويقال لها "Arabia Beata" و "Arabia Eudaimon" في اليونانية، فهي أكثر الأقسام الثلاثة رقعة، وتشمل كل المناطق التي يقال لها جزيرة العرب في الكتب العربية كما يفهم من بعض المؤلفات، وليست لها حدود شمالية ثابتة، لأنها كانت تتبدل وتتغير على حسب الأوضاع السياسية. ولكن يمكن القول إنها تبدأ في رأي أكثر الكتاب اليونان والرومان من مدينة "هيروبوليس" "Heropolis" على مقربة من مدينة السويس الحالية، ثم تساير حدود العربية الحجرية الجنوبية، ثم تخترق الصحراء حتى تتصل بمناطق الأهوار "اهوار كلدبا" عند موضع "Thapsacus". وقد أدخل بعض الكتاب هذه الأهوار في جملة العربية السعيدة، وجعلها بعضهم خارجة عنها بحيث يمر خط الحدود في جنوبها إلى إن تتصل بمصب شط العرب في الخليج.
وعرفت البادية الواسعة التي هي جزء من النفوذ والتي تمر بها حدود العربية السعيدة الشمالية، باسم "Eremos" عند اليونان، وهي امتداد لبادية الشام.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:53 PM

العربية للصحراوية
ويقال لها في اليونانية "Arabia Eremos". أما حدودها، فلم يعينها الكتّاب اليونان واللاتين تعيين أَ دقيقاً. ويفهم من مؤلفاتهم أنهم يقصدون بها البادية الواسعة الفاصلة بين العراق والشام، أي البادية المعروفة عندنا ب "بادية الشام". ويكون نهر الفرات الحدود الشرقية لها إلى ملتقى الحدود بالعربية السعيدة. و أما الحدود الشمالية، فغير ثابتة، بل كانت تتبدل بحسب الأوضاع السياسية. و أما الحدود للغربية، فكانت تتبدل وتتغير كذلك، ويمكن إن يقال بصورة عامة إن حدودها هي المناطق الصحراوية التي تصاقب الأرضين الزراعية لبلاد الشام. فما كان بعيداً عن إمكانيات الرومان واليونان ومتناول جيوشهم، عد من العربية الصحراوية.
ويفهم من العربية الصحراوية أحياناً "بادية السماوة"، وقد يجعلون حدودهاعلى مقربة من بحيرة النجف، أي في حدود الحيرة القديمة، حيث بدا "بطائح كلدية" التي كانت تشغل إذ ذاك مساحة واسعة من جنوب العراق. وعرفت عند بطليموس بإسم "Amardocaea"، وهي تمتد حتى تتصل ببطائح "Maisanios Kolpos" أو "خليج مسنيوس" "خيلج ميسان"، الذي يكون امتداد الخليج العربي "Persikos Kolpos". وكل ما وقع جنوب ذلك الخط الوهمي، عد في العربية السعيدة.
وقد فهم "ديودورس" من "العربية الصحراوية" المناطق الصحراوية التي تسكنها القبائل المتبدية، وتقع في شمالها وفي شمالها الشرقي في نظره أرض مملكة "تدمر". و أما حدها الشمالي الغربي والغربي حتى ملتقاها بالعربية الحجرية، فتدخل في جملة بلاد الشام. و أما حدودها الشرقية، فتضرب في البادية إلى الفرات. فأراد بها البادية إذن. وقد جعل من سكانها الإرميين والنبط.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:53 PM

وتقابل العربية الصحراوية، ما يقال له "اربى" عند الأشوريين، و "ماتو أربى" عند البابليين، و "أربايهَ" عند السريان والفرس.
كانت البادية، بادية الشام، أو "العربية الصحراوية"، مأهولة بالقبائل العربية، سكنتها قبل الميلاد بمئات السنين. وليست لدينا مع الأسف، نصوص كتابية قديمة أقدم من النصوص الأشورية التي كانت أول نصوص أشارت إلى العرب في هذه المنطقة، وذكرت انه كانت لديهم حكومات يحكمها ملوك. وأقدم هذه النصوص هو النص الذي يعود تاريخه إلى سنة 854 ق. م. وقد ورد فيه اسم العرب في جملة من كان يعارض السياسة الأشورية، و لما كان هذا النص يشير إلى وجود مشيخة أو مملكة عربية، سكنها ملك فلا يعقل إن يكون العرب قد نزلوا في هذا العهد في هذه البادية، بل تشير كل الدلائل إلى إن وجودهم فيها كان قبل هذا العهد بأمد، وربما كان قبل الألف الثاني قبل الميلاد. ولهد كانت هذه القبائل تهاجم أرض ما بين النهرين وبلاد الشام، وتكون مصدر رعب للحكومات المسيطرة على الهلال الخصيب، وكانت ننتقل في هذه البادية الواسعة، لا تعترف بفواصل ولا بحدود، فتقيم حيث الكلأ والماء والمحل الذي يلائم طبعها.
أما الروايات العربية، وهي لا تستند إلى وثائق أو نصوص جاهلية، فقد رجحت وجود العرب في هذه الأرضين إلى ما بعد الميلاد في الغالب، ولم يتجاوز بعض من تجاوز الميلاد أيام "بخت نصر" وهو بالطبع حديث مغلوط فيه.
العربية الحجرية، العربية للصخرية
أما العربية الحجرية، فتشمل الأرضين التي كان يسكن فيها الأنباط، وخضعت لنفوذ الرومان والبيزنطيين. ويطلق ذلك الاسم، أي العربية الحجرية،. على شبه جزية سيناء على المملكة النبطية، و عاصمتها "بطرا" "بترا" "البتراء". وكانت حدود هذه المنطقة تتوسع وتتقلص بحسب الظروف السياسية و بحسب مقدرة العرب، ففي عهد الحارث الرابع ملك الأنباط "من سنة 9 ق.م إلى سنة 40 ب. م" اتسعت حدودها حتى بلغت نهايتها الشمالية مدينة دمشق. ولما ضعف أمر النبط، استولى الامبراطور "تراجان" عام "106 م" على هذه المقاطعة وضمها إلى المقاطعة التي كوّنها الرومان و أطلقوا عليها أسم "المقاطعة العربية" "Provincia Arabia". ويظهر من وصف "ديودورس" هذه المنطقة أنها في شرق مصر وفي جنوب البحر الميت، وجنوبه الغربي وفي شمال العربية السعيدة و غربها. وان الأنباط يقيمون في الأرضين الجبلية وفي المرتفعات المتصلة بها التي في شرق البحر الميت، وفي شرق وادي العربة، وفي جنوب اليهودية حتى الخليج العربي، "خليج العقبة". و أما الأقسام الباقية، فكانت تسكنها في قبائل عربية قيل لها "سبئية"، وهي تسمية كانت تطلق عند الكتبة اليونان والرومان على أكثر القبائل المجهولة أسماؤها، التي تقطن وراء مناطق نفوذ الأنباط والرومان، ويعنون بذاك قبائل جنوبية في الغالب.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:54 PM

التقسيم للعربي
و يؤسفنا أننا لا نستطيع إن نتحدث عن وجهة نظر أحد من الجاهليين في أقسام بلاد العرب، لعدم ورود شيء من ذلك في النصوص أو في الروايات التي يرويها عنهم أهل الأخبار، وكلهم مسلمون.
أما الإسلاميون، فقد اكتفوا بجزيرة العرب، فأخرجوا بذلك البادية الواسعة منها، واخرجوا القسم الأكبر مما دعاه الكلاسيكيون بالعربية الحجرية منها كذلك. وجزيرة العرب وحدها، هي "العربية السعيدة" عند اليونان والرومان، و ما يقال له أيضا ب "Arabia Proper" في الإنكليزية.
وقد قسموا جزيرة العرب إلى خمسة أقسام: الحجاز، وتهامة، واليمن، والعروض، ونجد. ويرجع الرواة أقدم رواياتهم في هذا التقسيم إلى عبد الله بن عباس.
أما الحجاز، فتمتد رقعته في رأي أكثر علماء الجغرافية المسلمين. من تخوم الشام عند العقبة إلى "الليث"، وهو واد بأسفل.السراة يدفع في البحر، فتبدأ عندئذ أرض تهامة. وقد عد قسم من العلماء "تبوك" وفلسطين من أرض الحجاز. ويقال للقسم الشمالي من الحجاز أرض مدين وحسمى. نسبة إلى السلسلة الجبلية المسماة بهذا الاسم، التي تتجه من الشمال نحو الجنوب، و تتخلها أودية محصورة بين التيه وأيلة من جهة، وأرض بني عذرة من ظهرة حرة نهيل من جهة أخرى. وكانت تسكنها في الجاهلية قبائل جذام. ويسكنها في الزمن الحاضر عرب الحويطات، ويعتقد المستشرقون أنهم من بقايا النبط.
وأرض "حسمى"، أرض خصبة كثيرة المياه. وكانت من المناطق المعمورة، وبها آثار كثيرة ومن جبالها جبل يعرف ب "إرم". ويرى بعض المستشرقين إن لهذا الجبل علاقة بموضوع "إرم" الوارد ذكره في القرآن الكريم وفي كتب قصص الأنبياء والتواريخ. ويرى "موريتس" انه موضع "Aramaua" الذي ذكره "بطليموس" على أنه أول موضع من مواضع العربية السعيدة، وأنه لا يبعد كثيرا عن البحر. ويقال له "رم" في الزمن الحاضر.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:55 PM

وتتخلل الحجاز أودية عديدة، منها وادي إضم الذي ورد ذكره في أشعار الجاهلية وفي أخبار سرايا الرسول. ووادي تخال، ويصب في الصفراء بين مكة والمدينة. والصفراء واد من ناحية المدينة، كثير النمل والزرع، في طريق الحاج، سلكه الرسول غير مرة، وعليه قرية الصفراء، وماؤها عيون تجري إلى ينبع، وهي لجهينة والأنصار ولبني فهر ونهد ورضوى. ووادي "بدا" قرب أيلة، يتصل بوادي القرى. ووادي القرى واد مهم يقع بين العلا والمدينة، ويمر به طريق القوافل القديم الذي كان شرياناً من شرايين الحركة التجارية في العالم القديم، ويقال له "وادي الديدبان"، ويصب فيه واديان هما: وادي جزل من الشمال، ووادي الحمض من الجنوب، ويلتقي به واد آخر هو وادي التبج، أي وادي السلسلة. وكان عامراً جدا، تكثر فيه المياه، وتشاهد فيه اليوم آثار المدن والقرى. وقد عثر فيه على كتابات كثيرة لحيانية وسبئية وسعين ية وغيرها، سأتحدث عنها.
ومن أهم مواضع وادي القرى "العلا"، وقد نزله الرسول في طريقه إلى تبوك. ويقع في موضع "ديدان" "ددان" "ددن" القديم. وبه واحة ونهير صغيره. ومدينة "قرح"، وكانت من أسواق العرب في الجاهلية، وقد زعم أنها القرية التي كان بها هلاك عاد. وتبعد عن خرائب "ديدان" بمسافة ثلاثة كيلومترات. وقد سكنتها قبائل "بليّ" من القبائل العربية القديمة. وهي ملتقى طريق مصر القديم بطريق الشام. ويرى "موسل" أنها هي "العلا"، دعيت بهذا الاسم فيما بعد. ولما سأل "دوتي" الأعراب القاطنين في هذه الأماكن عن "قرح"، لم يعرفوا من أمرها شيئاً.
ووجد "دوتي" في قرى وادي القرى وخرائبه عدداً كبيرا من الحجارة المكتوبة بحرف المسند، وقد اتخذها السكان أحجارا من أحجار البناء. وعثر في "الخريبة" على كتابات بهذا القلم، وعلى آثار أبنية ومواطن حضارة. وعلى ألواح من الحجر كان يستعملها الصيارفة لصف نقودهم عليها، أو لذبح القرابين. كما شاهد موضعاً يقال له "إسطبل عنتر" على قمة جبل شاهق يرنو إلى الوادي ولعله معبد أحد الأصنام التي كانت تعبد هناك.
تهامة

ملاك الشرق 17-04-2010 12:56 PM

وتبدأ حدود تهامة، في رأي بعض الجغرافيين، من بحر القلزم، فتكون المنطقة الساحلية الضيقة الموازية لامتداد البحر الأحمر. ويقال لتهامة الواقعة في اليمن "تهامة اليمن"، ويختلف عرضها باختلاف قرب السلاسل الجبلية من للبحر وبعدها عنه، وقد يبلغ عرضها خمسين ميلاَ في بعض الأمكنة. وترتفع أرض تهامة الجنوبية الواقعة على البحر العربي ما اتجهت نحو المشرق، وتتكون فيها سلاسل من التلال المؤلفة من حجارة كلسية ترجع إلى العهود الجيولوجية الحديثة أو من حجارة بركانية.
ولانخفاض أرض تهامة قيل لها "الغور" و "السافلة". وقد وردت لفظة تهامة على هذا الشكل "تهمت" "تهمتم" في النصوص العربية الجنوبية.
ويظهر إن هذه اللفظة علاقة بكلمة "Tiamtu"، التي تعني البحر في البابلية. وبكلمة "تبهوم Tehom" العبرانية. وعندي إن هذه الكلمة ترجع إلى أصل سامي قديم. له علاقة بالمنخفضات الواقعة على البحر، والتي تكون لذلك شديدة الرطوبة والحرارة في الصيف. ولهذا فإنها في العربية بلهجة القرآن الكريم وباللهجات الجنوبية للسواحل المنخفضة الواقعة بين الجبال والبحر، وهي حارة وخمه شديدة الرطوبة كأنها من بقاع جهنم في الصيف.
اليمن
حدّ اليمن في عرف بعض العلماء من وراء "تثليث" وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود وقيل: يفصل بين اليمن وباقي جزيرة العرب خط، يأخذ من حدود عمان ويرين إلى ما بين اليمن واليمامة فإلى حدود الهجيرة وتثليث وكثبة وجرش ومنحدرا في السراة إلى شعف عنز وشعف الجبل أعلاه إلى تهامة إلى أم جحدم إلى البحر إلى جبل يقال له كرمل بالقرب من حمضة، وذلك حد ما بين كنانة واليمن من بطن تهامة. أما النصوص العربية الجنوبية، فلم تثبت حدود اليمن. ولكن اليمن فيها وتسمى "يمنت" "يمنات"، منطقة صغيرة ذكرت في نص يعود عهده إلى أيام الملك "شمر يهرعش"، المعروف في الكتب الإسلامية ب "شمر يرعش"، بعد "حضرموت" في الترتيب

ملاك الشرق 17-04-2010 12:57 PM

وعلى هذا الترتيب وردت أيضاً في نص "أبرهة" نائب النجاشي على اليمن. ويعود عهده إلى سنة 543م.
وتخترق السراة اليمن من الشمال إلى الجنوب حتى البحر، وتتخللها الأودية التي تنساب فيها مياه الأمطار،ويمتد بين الهضاب والشعاب فلاة تتفرع من الدهناء من ناحية اليمامة والفلج يقال لها "الغائط"، وتظهر في أواسطها "الصيهد"، وتقع بين مأرب وحضرموت.
وفي شمال منطقة عدن صحراء تتصل بالربع الخالي، يخترق الهضاب المهيمنة على عدن عدد من الأودية الجافة يظهر أنها كانت مسايل مياه، وأنها من بقايا أنهار جفت، وتسيل في بعضها المياه عند سقوط الأمطار، ومنها "وادي تبن"، وهو من بقايا نهر طويل، له فروع عديدة، وتمر به الطريق الرئيسية المؤدية إلى اليمن.
ويخترق حضرموت واد، يوازي الساحل، يبلغ طوله بضع مئات من الأميال و يتألف سطحه من ارضين متموجة تتخلها أودية عميقة تكثر فيها المياه، في باطن الأرض، وبعض تلاله مخصبة.
وفي حضرموت حجارة بركانية ومناطق واسعة، يظهر أنها كانت تحت تأثير البراكين. والظاهر إن دورها لم ينته إلا منذ عهد ليس ببعيد. ويزرع الناس في هذه الأودية حيث يحفرون آباراً في قيعانها فتظهر المياه على أبعاد متفاوتة، وهنالك نهر يقال له نهر حجره.
ومن شرق سيحوت تبتدئ سواحل "مهرة"، وتعرف عند الجغرافيين باسم "الشحر". ومعنى كلمة "مهرة" في العربية الجنوبية القديمة "ساحل". ويطلق اليوم أسم "الشحر" على الميناء الغربي وحده. وفي "قارة" مدينة "ظفار"، وهي غير ظفار اليمن. وعند خليج ظفار كان موضع "Syagro" المشهور عند اليونان وللرومان.
ويمتد اقليم ظفار من سيحوت إلى حدود عمان، وهو هضبة يبلغ ارتفاعها ثلاثة آلاف قدم، تجب عليها الرياح الموسمية، وفوق جبالها تنمو أشجار الكندر التي اشتهرت بها بلاد العرب قبل الإسلام. وتشقها طولاً وعرضاً أودية تكسوها الأعشاب وتتخللها الأشجار. وبها جبال "قرا"، و منحدراتها أرجوانية، وقد تفتتت الصخور الحمر فيها، فأكسبت الأودية والسهول الحمرة، وتوجد نهيرات وعيون، ويمكن الحصول على المياه بحفر الآبار. ولا زال السكان يحتفظون بعاداتهم القديمة الموروثة مما قبل الإسلام.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:58 PM

ويظهر إن هذه المنطقة كانت أماكن "القريين" من الشعوب العربية الجنوبية القديمة، وهناك قبيلة لا تزال حتى اليوم يقال لها "بنو قرا" لعل لها صلة بالقريين.
ويتكلم أهل "مهرة" بلهجة خاصة، يقال لها "المهرية" أو "الأمهرية"، وهي متأثرة بالجعزية. كما يتكلم أهل قارة "قرا" بلهجة يقال لها "أحكيليلة"، ويظن إنها من اللهجات العربية القديمة.
وتتألف أرض عمان من أماكن جبلية، وهضاب متموجة، وسهول ساحلية. واكثر حجارتها كلسية و غرانيتية، و فيها أيضا حجارة بركانية. والظاهر إنها كانت من مناطق البركانية. وفي مناطق التلال وفي "جعلان" عيون ومجاري مياه معدنية أكثرها ذات درجات حرارة مرتفعة. وتوجد آبار في "الباطنة" وفي المناطق المجاورة للصحراء وفي الأقسام الشرقية من عمان.
وتتخلل هضاب عمان وجبالها أودية معظمها جاف، وتكون طرق المواصلات بين الساحل والأرضين الباطنة، وجوّها حار استوائي، وتتجه الجبال من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وأعلى قمة فيها هي قمة الجبل الأخضر، ويبلغ ارتفاعها تسعة آلاف قدم. الأرضون المحيطة بهذا الجبل، خصبة، وقابلة للاستثمار.
وفي عمان مدن قديمة، منها "صحار" و "نزوة" و "دبا" أو "سما"، وكانت من المدن المهمة في أيام الرسول، وهي عاصمة عمان الشمالية، كما كانت سوقاً من أسواق الجاهلية، وسكانها من الأزد. والعمانيون من الشعوب للبحرية المحبة لركوب البحار، ولهم صلات وروابط بسواحل أفريقية والهند. ونجد بينهم عدداً كبيراً من الزنوج والهنود والفرس والبلوج.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:59 PM

العروض
و أما العروض، فيشمل اليمامة والبحرين وما والاها. وأغلب الأرضين فيه صحارى وسهول ساحلية، ترتفع في الجهات الغربية عن ساحل البحر. ويمتد مرتفع الصمان الصخري موازياً لساحل الخليج، متوسطاً بين الأحساء والدهناء. ومن اودية الأحساء، وادي فروق في الجنوب، وهو قسم من وادي المياه.
ومن أقسام العروض، شبه جزيرة "قطر" التي يمتد من عمان إلى حدود الأحساء، يشتغل سكانها بصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ، وقد عرفت ب "Cataraei" عند "بلينيوس". ومعظم أراضيها صحارى، وفيها و*********ت قليلة، ويزرع السكان في بعض الأماكن على مياه الآبار. وقد عرفت قديماً بأنواع من الثياب والمنسوجات القطرية، كانت تصدَّر إلى الخارج، كما عرفت بتصدير النجائب والنعام.
و يلي شبه جزيرة قطر: "الأحساء"، وكان يقال لهذه المنطقة قديماً "هجر" والبحرين. والقسم الأكبر من الأحساء، سهل صحراوي، يرتفع في الجهة الغربية عن ساحل البحر ويتخلله كثير من التلال، يتجه بعضها باتجاه وادي المياه وجبل الطف. والمنطقة الساحلية، سبخة في الغالب، وتكثر فيها الآبار التي لا تبعد مياهها كثيراً عن سطح الأرض. وأغلب مناطق الأحساء، منطقة الأحساء والقطيف في الجنوب حيث تكثر المياه من آبار وعيون.
وتظهر المياه الجوفية المنحدرة من الأمطار التي تتساقط بمقدار أربع عقد أو خمس عقد "انج" في السنة على حافات جبل "طويق" في "الهفوف"، تظهر فيها على شكل عيون، تبلع زهاء أربعين عيناً، جعلت المنطقة من أهم الو*********ت في المملكة العربية السعودية. وبحذاء هجر في الجنوب الغربي من مدينة القطيف تقع "العقير"، وهي الآن ميناء صغيره. وعلى مقربة منها خرائب عادية، يعتقد العلماء أنها موضع "Gerrhaei" المدينة التجارية العظيمة التي اشتهر أمرها، وبلغت شهرتها اليونان والرومان. وكانت محطة من المحطات التجارية العالمية، وملتقى طرق القوافل التي كانت ترد من جنوب بلاد العرب قاصدة للعراق. وقد أغرت الطامعين، فطمعوا في الاستيلاء طيها، وأوحت إلى الكتبة "الكلاسيكين"، فكتبوا فيها قصصاً من نسج الخيال، وتقع على خليج سماه "الكلاسيكيون" "Sinus Gerraicus"؛ أي خليج جرهاء.

ملاك الشرق 17-04-2010 12:59 PM

وتقع القطيف على خليج يشمل جزيرة "تاروت" وتعد المدينة البحرية الرئيسية في الأحساء، يرتفع سطحها بضع أقدام عن سطح البحر، وتكثر بها مياه العيون. وتشاهد عندها خرائب عادية، يستدل منها على إن هذه المدينة كانت ذات تاريخ قديم، ربما يعود إلى آخر عهد من عهود العصر النحاسي.
وفي هذه المنطقة، يجب إن يكون موقع مدينة "بلبانا" "Bilbana" "Bilaena" "Bilana"، إحدى مدن "الجرهائيين". ومواطن قبيلتي "Gaulopeus" و "Chateni" على سواحل خليج سماه "بلينوس" "Sinus Gaulopeus" أي "خليح كيبيوس". ويرى "شبرنكر" أنه "خليج القطيف". ويذكرنا اسم "Chateni" "p'dkd" باسم "الخط"، ويطلق في العربية على سيف البحرين كله. وربما كان "كيبيوس"، التي سميّ الخليج به، هو تحريف "Cateus" الذي يشير بكل وضوح إلى اسم "القطيف".
و أما جزيرة "تاروت" الصغيرة التي في هذا الخليج، فالظاهر إنها جزيرة "Tahar" أو "Taro" أو "Ithar" في جغرافية "بطليموس"، وفيها مدينة "دارين". ويظهر إنها أقيمت على أنقاض أبنية قديمة، ولعلها كانت معبداً للإله "عشتروت" 0 اشتهرت به، ثم حذف المقطع الأول من اسم الإلهَ اختصاراً، وصارت تعرف بالمقطعين الأخيرين، و هما "تاروت".
والقسم الأكبر من أرض الكويت منبسط، وأكثر السواحل رملي، إلا بعض الهضاب أو التلال البارزة. وفي المحالّ التي تتيسر فيها المياه تتوافر الزراعة، وأكثر ما بزرع هناك النخيل. وليس في الكويت من الأنهار الجارية غير مجرى واحد أو نهر يقال له "المقطع"، يصب في البحر. ومشكلة ماء الشرب من أهم المشكلات في هذه الإمارة، لأن ماء أغلب الآبار ملح أجاج،ولذلك يضطر الأغنياء إلى جلب المياه من شط العرب.
ومن أشهر مدن الكويت مدينة "الكويت"، وهي العاصمة، وهي على ساحل الخليج، و "جهرة"، وفي في منطقة زراعية خصبة، ذات أبار على مقربة من خليج الكويت. ويظن إن الخندق الذي أمر بحفره "سابور ذو الأكتاف" ليحمي السواد من غزو الأعراب، كان ينتهي في البحر عند "خليج كاظمة" في شمال الإمارة.
وأرض الكويت، مثل سائر أرض العروض، كانت موطن شعوب قديمة، فيظهر. إن "Bukae" أو "Abucaei" أو "Abukae"، وعاصمتهم مدينة "Coromanis"، هم أسلاف بني عبد القيس، وأن "Coromanis"، المصدر اللغوي الذي اشق منه "القرين"، الاسم القديم للكويت.
ولعلّ "Idicare" هي "قارة" من مواضع الكويت، وان "Jucara" هي "الجهرة" من أخصب مناطق الكويت في الزمن الحاضر،وكانت من المواضع المأهولة قبل الإسلام.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:00 PM

وقد عرف "ياقوت" البحرين بأنها الأرضون التي على ساحل بحر الهند بين البصرة وعُمان، وذكر إن من الناس من يزعم إن البحرين قصبة هجر، و أن منهم من يرى العكس، أي إن هجراً هي قصبة البحرين.
أما "أبو الفداء" فذكر إن البحرين هي ناحية على "شط بحر فارس"، وهي ديار القرامطة ولها قرى كثيرة، وبلاد البحرين هي هجر. وذكر أيضا إن من الناس من يرى إن هجراً اسم يشتمل جميع البحرين كالشام والعراق، وليس هو مدينة بعينها. ويظهر من دراسة ما ذكره العلماء عن البحرين إن رأيهم في حدودها كان متبايناً، وأنهم لم يكونوا على اتفاق في تحديدها، فتارةً يوسعونها، وتارة يقلصونها.
ومن مواضع البحرين "محلّم" وبه نهر اشتهر بنخله، و إليه أشار "بشر بن أبي ختزم ألاسدي" بقوله: كأن حد وجهم لمّا استقلوا نخيل "محلّم" فيها ينـوع
اليمامة
و أما اليمامة، فكانت تعرف ب "جو" أيضاً، وقد عدّها "ياقوت الحموي" من نجد، وقاعدتها "حجر". وكانت عامرة ذات قرى ومدن عند ظهور الإسلام، منها "منفوحة"، وبها قبر كان ينسب إلى الشاعر "الأعشى". و "سدوس" من المدن القديمة، وبها الآن آثار كثيرة، وقد عثر فيها على تمثال يبلغ قطره ثلاث أقدام، وارتفاعه 22 قدماً. و "القرية"، وعلى مقربة منها بئر، قال الهمداني -وهو يتحدث عنها-: "فإن تيامنت شربت ماءً عادياً، يسمى قرية، إلى جنبه آبار عادية وكنيسة منحوتة في الصخر، ثم ترد ثجر". والظاهر إن هذا الموضع كان من المواضع الكبيرة المعروفة. وذكر ياقوت وغيره إن اليمامة "كانت تسمى جوا والقرية". ولا يعقل تسمية اليمامة بالقرية لو لم يكن هذا الموضع شهرة.
وقد نشر "فلبي" وبعض رجال شركة النفط العربية السعودية صوراً فوتوغرافية لكتابات ونقوش عثروا عليها في موضع يقال له "قرية الفأو" على الطريق الموصلة إلى نجران ويقع على مسافة سبعين كيلومتراً من جنوب ملتقى وادي الدواسر بجبل الطويق، وعلى مسافة "120" كيلومتراً من شرقي "نجران"، وعلى ثلاثين ميلاً من جنوب غربي "السليل" في وادي الدواسر.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:20 PM

كما وجدوا آثار أبنية ضخمة، يظهر أنها بقايا قصور كبيرة، ووجدوا كهفاً منحوتاً في الصخر مزداناً بالكتابات والتصاوير واسعاً.، يقول له الناس هناك "سردباً" أو "سرداباً". وعند هذا الموضع عين ماء وآبار قديمة، وقد كتب اسم الصنم "ود" بحروف بارزة. وتدل كل الدلائل على إن الموضع الذي تتغلب عليه الطبيعة الصحراوية في الزمن الحاضر، كان مدينة ذات شأن.
وقد أشار الألوسي في كتابه "تاريخ نجد" إلى سدوس وآثارها فقال: "وفي قربها أبنية قديمة يظن أنها من آثار حمير وأبنية التبابعة. "نقل لي بعض الأصحاب الثقات من أهل نجد: إن من جملة هذه الأبنية شاخصاً كالمنارة، وعليها كتابات كثيرة منحوتة في الحجر ومنقوشة في جدرانها. فلما رأى أهل قرية سدوس اختلاف بعض السياحيين من الإفرنج إليها، هدموها ملاحظة التدخل معهم". وفي هذا الوصف دلالة على إن الخرائب التي ذكرها "ياقوت الحموي" بقيت، وأن المنبر الذي أشار إليه، قد يكون هذا الشاخص الذي شبه بالمنارة والذي أزيل على نحو ما ذكره الألوسي.
والكتابات التي عثر عليها في "قرية الفأو" ذات أهمية كبيرة، لأنها أول كتابة باللهجات العربية الجنوبية عثر عليها في هذه المواضع، وتعود إلى ما قبل الميلاد. وعثر فيها على مقابر، وعلى أدوات وقطع فخارية ظهر من فحصها أنها تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. ويرى من فحص هذه الآثار أنها تعود إلى السبئيين . والظاهر إن هذا الموضع هو بقايا مدينة قديمة كانت تتحكم في الطريق التجارية التي تخترقها القوافل إلى تقصد الخليج الفارسي والعراق من اليمن عن طريق نجران. وفي هذه المنطقة بصورة عامة بقايا مدن تخربت قبل الإسلام. ورأى "برترام توماس" "Bertram" إن آبار "العويفرة" القريبة من القرية هي موضع "أوفير" "Ophir" الوارد ذكره في التوراة والذي اشتهر بالذهب، والطواويس، وان الاسم العربي القديم هو "عفر" "Ofar"، وقد تحرف بالنقل إلى العبرانية واليونانية، فصار "Ophir". وهذا الموضع قريب من مناجم الذهب. وبالجملة إن هذه الأرضين ويبرين ووبار وغيرها، هي من المناطق التي تستحق الالتفات إليها وتجريد البعثات العليمية للتنقيب فيها ودراسة أحوالها والتطورات التي طرأت عليها.
ويظهر إن هنالك جملة عوامل أثرت في اليمامة وفي أواسط جزيرة العرب، فحولت أراضيها إلى مناطق صحراوية، على حين أننا نجد في الكتب أنها كانت غزيرة المياه، ذات عيون وآبار ومزارع ومراع.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:20 PM

ومن أودية اليمامة "العرض" "العارض" الذي يخترق اليمامة من أعلاها إلى أسفلها. ولما كان من الأودية الخصبة، كثرت فيها القرى والزروع. وهو واد طويل، لعله من بقايا مجرى ماء قديم، و "الفقي"، في طرف عارض اليمامة، تحيط به قرى عامرة،تسمى "الوشم". و "وادي حنيفة" و "عرض شمام". وفي اليمامة مرتفعات مثل "جبل شهوان"، تخرج منه العيون ومياه، و "عارض اليمامة"، ويبلغ طوله مسيرة أيام، وتكون عند سفوحه الآبار.
و تعد "الافلاج" من المناطق التي تكثر فيها المياه، و تصب فيها أودية العارض، و فيها السيوح الجارية و الجداول التي تمدها العيون. و قد ذكر "الهمداني" من سيوحة "الرقادى" و "الأطلس" و "نهر محلّم". قال: و يقال انه في أرض العرب بمنزل ة نهر بلخ في أرض العجم. وطبيعي إن يكثر فيها وجود الخرائب العادية التي إلى ما قبل الإسلام. وقد وصف الهمداني بعض التحصينات القوية، فقال عنها أنها من عاديات طسم و جديس، مثل "حصن مرغم و "القصر العادي" بالأثل. و يرجع "فلبي" الخراب الذي حل باليمامة إلى العوامل الطبيعية، و منها فيضان وادي حنيفة.
نجد
نجد في الكتب العربية "اسم للأرض العريقة التي اعلاها تهامة و اليمن، ة أسفلها العراق و الشام". وحدها ذات عرق من ناحية الحجاز، و ما ارتفع عن بطن الرمة، فهو نجد إلى أطراف العراق و بادية السماوة. و ليست لنجد في هذه الكتب حدود واضحة دقيقة، وهي بصورة عامة الهضبة التي تكون قلب الجزيرة، وقد قيل لها في الإنكليزية: "The Heart of Arabia". و تتخلل الهضبة أودية و تلال ترتفع عن سطح هذه الهضبة بضع مئات من الأقدام، و تتألف حجارتها في الغالب من صخور كلسية ومن صخور رملية غرانيتية في بعض المواضع. و أعلى أراضيها هي أرضو نجد الغربية المحاذية للحجاز، ثم تأخذ في الانحدار كلما اتجهت نحو الشرق حتى تتصل بالعروض.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:21 PM

و تتألف نجد من الوجهة الطبيعية من مناطق ثلاث: 1 - منطقة وادي الرمة، و تتألف أرضوها من طبقات طباشيرية في الشمال وحجارة رملية في الجنوب، وتغطي وجه الأرض في بعض أقسامها طبقات مختلفة السمك من الرمال، وتتخللها أرضون خصبة تتوافر فيها المياه على أعماق مختلفة، ولكنها ليست بعيدة في الجملة عن سطح الأرض، وتتسرب إليها المياه من المرتفعات التي تشرف عليها وخاصة من جبل شمر، ومن الحرار الغربية التي تجود على الوادي بالمياه. ويختلف عرض وادي الرمة، فيبلغ زهاء ميلين في بعض المحلات، وقد يضيق فيبلغ عرضه زهاء "500" ياردة، وتصل مياه السيول إلى ارتفاع تسع أقدام في بعض الأوقات.
2 - المنطقة الوسطى،وهي هضبة تتألف من تربة طباشرية، متموجة، تتخللها أودية تتجه من الشمال إلى الجنوب. وبها "جبل طويق"، والأرض عنده مؤلفة من حجارة كلسية،وحجارة رملية، ويرتفع زهاء "650" قدم عن مستوى الهضبة. وتتفرع من جبل طويق عدة أودية تسيل فيها المياه في مواسم الأمطار، فتصل إلى الربع الخالي فتغور في رماله. ويمكن إصلاح قسم كبير من هذه المنطقة، ولا سيما الأقسام الواقعة عند حافات وادي حنيفة.
3 - المنطقة الجنوبية، وتتكون من المنحدرات الممتدة بالتسريح من جبل طويق ومرتفعات المنطقة الوسطى إلى الصحارى في اتجاه الجنوب. وفيها مناطق معشبة ذات عيون وآبار، مثل "الحريق" و "الخرج". ويرى الخبراء إن مصدر مياه هذه المنطقة من جبل طويق ومن وادي حنيفة. ومن مناطقها المشهورة "الأفلاج." و "السليل" و "الدواسر"،وفي جنوب هذه المنطقة تقل المياه، وتظهر الرمال حيث تتصل عندئذ بالأحقاف.
ويقسم علماء العرب نجداً إلى قسمين: نجد العالية، ونجد السافلة. أما العالية فما ولي الحجاز وتهامة. و أما السافلة، فما ولي العراق. وكانت نجد حتى القرن السادس للميلاد ذات أشجار وغابات، ولا سيما في "الشربة" جنوب "وادي الرمة" و في "وجر ة".

ملاك الشرق 17-04-2010 01:23 PM

وفي جزيرة العرب وبادية الشام أرضون يمكن إن تكون مورداً عظيماً للماشية بل وللحبوب أيضاً، لو مسها وابل وهطلت عليها أمطار، وتوفرت فيها مياه، فإن أرضها الكلسية تساعد كثيراً على تربية الماشية بجميع أنواعها. كما تساعد على الاستيطان فيها، ولهذا يتول بعضها إلى جنان تخلط الألباب وتسحر النفوس عند هبوط الأمطار عليها، فتجلب إليها الإنسان يسوق معه إبله لتشبع منها. ولكن هذه الجنان لا تعمر، ويا للاسف، طويلاء، فيضطر أصحاب الإبل إلى الذهاب إلى أرضين أخرى، والى التنقل من مكان إلى مكان، فصارت حياته حياة تنقل وهي حياة الأعراب.
أما وقد انتهيت من الحديث إجمالاً عن صفة جزيرة العرب وعن حدودها ورسومها العامة، فلا بد لي من الإشارة إلى جزيرة "سقطرى" "سوقطره" من الجزر التي تقابل الساحل العربي الجنوبي، وهي جزيرة كانت تعادل وزنها ذهباً يوم كَان البخور والصبر يعادلان بالذهب. أما اليوم فما زال سكانها يجمعون الصبر والبخور والندّ، ولكنهم لا يجدون لحاصلهم السوق القديمة لزوال دولة المعابد والملوك الآلهة، وحلول عهد الذرة والبترول. وسكانها منذ القدم، خليط من عرب وإفريقيين وهنود ويونان. يتكلمون بلغة خاصة هي من بقايا اختلاط اللغات في هذه الجزيرة، فيها اللهجات العربية الجنوبية القديمة والمصرية والأفريقية. وهم يعيشون في كهوف ومغاور في الغالب ينالون رزقهم من الطبيعة بغير جهد. وترى في الجزيرة آثار الماضي وقد اختلط بعضه ببعض. لتداخل الحكم في هذه الجزيرة الثمينة التي هي اليوم في قبضة الإنكليز.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:24 PM

والآن وقد وقفت على صفة جزيرة العرب، وعرفت على سبيل الإجمال معالم وجهها، وكيف تغلبت الصحراوية، وظهر الجفاف عليها، فإن في وسعك إن تكوّن رأياً في سبب قلة نفوس جزيرة العرب في الماضي وفي الحاضر، وفي سبب عدم نشوء مجتمعات حضرية وحكومات مركزية كبيرة فيها، وفي سبب تفشي البداوة وغلبة الطبيعة الأعرابية على أهلها وبروز الروح الفردية عند اهلها، وتقاتل القبائل بعضها مع بعض. ونفرة أهلها من الزراعة والحرف واعتدادهم إياها من حرف الوضعاء والرقيق. إن بيئة تحكمت فيها الطبيعة على هذا النحو، لا يمكن إن يشاكل سكانها سكان المناطق الباردة ذات الأمطار الغزيرة والخضرة الطبيعية الدائمة،أو سكان الأرضين التي حباها الله الخصب والأنهار والماء الغزير. من هنا اختلفت حياة العرب عن حياة غيرهم من الشعوب.
وللسبب المتقدم،أي سبب تحكم الطبيعة في مصير الإنسان، انحصرت الحضارة في جزيرة العرب في الأماكن الممطورة والأماكن التي، خرجت فيها المياه الجوفية عيونا وينابيع، أو قاربت المياه فيها سطح الأرض، فأمكن حفر الآبار فيها. في هذه المواضع نبعث الحضارة وأظهر العربي فيها انه مثل عيره من البشر قارد على الإبداع حين تتهيأ له الأحوال المواتية، وتساعد الطبيعة، ومن هذه الأماكن نستقي علمنا في العادة عن الجاهليين.
وعلى الرغم من سعة مساحة الجزيرة العرب واتساعها، فإنها لن تتسع لعدد كبير من السكان لان معظم أرضها صحراوية، لا تجد الناس اليها ولا تساعد على ازدياد عدد سكانها فيها ازديادا كبيرا، غير إن ذلك لا يعني إنها لا يمكن إن تتسع لعدد اكبر من سكانها الحاليين، وان طاقاتها لا يمكنها إن تتحمل هذا العدد أو ضعفه، بل الواقع هو إن في استطاعة الجزيرة تحمل أضعفاف أضعاف هذا العدد، لو تهيأت لها حكومات حديثة رشيدة، تأخذ بأساليب العلم الحديث في استنباط مواردها الطبيعية لمصلحة أهلها وفي تحسين الصحة العامة وإيجاد موارد رزق للناس وضمان الأمن والسلامة لهم، واسكان الأعراب ، وعمل ما شاكل ذلك من امور. فان سكان الجزيرة سيزدادون حتماً، ويبلون أضعاف أضعاف ما هم علية اليوم.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:26 PM

ونجد بين سكان جزيرة العرب في الوقت الحاضر اختلافا في الملامح الجسمية. فأهل اعلي نجد هم اقرب في الملامح إلى قبائل الأردن وعرب بادية الشام. وأهل الحجاز والسواحل، يختلفون بصورة عامة عن أهل البواطن، أي باطن الجزيرة، في الملامح بسبب اختلاط أهل السواحل بسكان السواحل المقابلة لهم، وامتزاج دمائهم. وقد أجرى بعض الباحثين المحدثين فحوصا علمية على السكان في مواضع متعددة من الجزيرة العرب لمعرفة الملامح البارزة عليهم والأصول التي يرجعون إليها، فوجدوا إن هناك امتزاجا واضحا بين السكان يظهر بصورة خاصة في السواحل، وهو امتزاج يرجع بعضة إلى ما قبل الإسلام ويرجع بضع اخر إلى الزمن الحاضر.
ولم يكن لسان عرب الجاهلية لساناً واحداً، ولكن كان كما سنرى ألسنةً ولهجات. وقد استطعنا بفضل الكتابات الجاهلية إن نوقف على بعضها. أما في للزمن الحاضر، فإن لغة القرآن الكريم هي اللغة المتحكمة الموحدة للألسنة، وهي لغة العلم والأدب والحكومات، غير إن بعض القبائل لا تزال تحتفظ بلهجاتها القديمة، وكذلك بعض أهل القرى والأرياف البعيدة عن الحضارة، فإنها تتكلم بلهجات وألسنة متفرعة من اللهجات العربية الجاهلية، كما الحال في مواضع من اليمن وفي العربية الجنوبية. ونجد في العربية الجنوبي ة قبائل تتكلم لهجات غريبة عن عربيتنا مثل اللغة المهرية واللغة الشحرية، واللهجات المسماة بألسنة "أهل الهدرة". وهي لهجات لها صلة باللغات العربية الجنوبية الجاهلية وباللغات الأفريقية.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:26 PM

الفصل الخامس
طبيعة جزيرة العرب وثرواتها وسكانها




لم تدرس طبيعة أرض جزيرة العرب دراسة علمية مستفيضة لشاملة، بالرغم من قيام الشركات الأجنبية بالبحث، في أنحاء منها، عن طبيعة تربتها للتوصل بذاك إلى اكتشاف ما في باطنها من ثروات. فأرض جزيرة العرب، أرض واسعة، تغطي الرمال اكثر مس*********تها، فليس من السهل البحث فيها بحثاً علمياً عميقاً عن تركيبها وعن تطورها في كل أنحائها، لهذا كان علمنا بهذه النواحي من البحث ضحلا" مختصراً في الغالب.
يتألف ثلثا الأقسام الشرقية من أرض المملكة العربية السعودية، من طبقات رسوبية يقال لها في علم طبقات الأرض "Sedimentry"، تكون نوعاً من الصخور يتأثر ببعض المؤثرات الأرضية، فتكون من أحسن الأماكن الملائمة للبترول والفحم. وتتألف هذه الطبقات الرسوبية في الدرجة الأولى من الحجارة الكلسية وتتكون أرض منطقة أبار البترول عند "الظهران" والمناطق الأخرى التي أصابت شركة البترول العربية السعودية الأمريكية فيها البترول، من هذا النوع من الصخور.
وتوجد آثار طبقات رسوبية في المناطق الغربية من جزيرة العرب المطلة على البحر الأحمر عند جزر "فرسان" و "جيزان" و "صعبيا" و "أملج" و "المويلح" الواقع على مقربة من راس خليج العقبة، و "ضبا"، وحجارة رملية في العلا في القسم الشمالي الغربي من الجزيرة بكميات واسعة، وحجارة بركانية ولا سيما في مناطق الحرار.وصخور تكونت بفعل الترسبات المتأثرة بالضغط والحرارة، وهي التي يقال لها: "************morpic Formation"، وتساعد على تكوين المعادن. وقد وجدت في هذه المنطقة، خامات المعادن ولكنها لم تستغل حتى ألان استغلالاً تجارياً، كما إن هذه الخامات والأرضين لم تفحص فحصاً فنيا لمعرفة النسب المعدنية فيها.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:28 PM

وتوجد الصخور الرملية في عسير وفي وادي الدواسر، وتشاهد في منطقة هذا الوادي تلال تتجه من الشمال إلى الجنوب، تقع إلى جنوب "الخماسين" وعلى ارتفاع "2200" قدم، يظهر أنها تكونت من الصخور "الأيولينية" "Aelian Sandstone" ومن حجارة "الكوارتس" الضخمة، وقد حوت مقداراَ من "اكاسيد الحديد" أعطت هذه السلسلة لوناً أحمر غامقاً. ويتكون فتات هذه الحجارة على هيأة ألواح صلبة، وعند قطعها يلاحظ أنها تتكون من طبقات، ويمكن فصلها على أشكال ألواح، وقد تكونت على حافات هشه السلسلة وجوانبها أشكال طبيعية مدهشة أخاذة بتأثر فعل الرياح والرمال فيها. وتتكون أرض "قرية" من صخور كلسية، وهناك آبار قديمة تبلغ أعماقها تسعين قدماً، حفرت في طبقات أرضية مؤلفة من حجارة الكلس، تتخللها طبقات من الحجارة الرملية غير أنها ليست ثخينة. أما أرض "بئر حما" التي يبلغ ارتفاعها زهاء أربعة آلاف قدم فوق سطح البحر، وتقع على الحافات الغربية للربع الخالي، فإنها مؤلفة من الحجارة الرملية الأيولينية الحمراء، وعلى مسافة "35" ميلاّ إلى الجنوب الغربي من "حما" موضع يقال له "بئر الحسينية" فيه بئر يبلغ عمقها "129" قدماَ، وقد حفرت في أرض فيها طبقات ثخينة من "الغرانيت". و تتألف اكثر الأرضين التي تمتد من هذا الموضع إلى نجران من حجارة "غرانيتية". وتظهر الحجارة الرملية في القسم الجنوبي والغربي من هذه المنطقة التي ترتفع زهاء "1500" قدم عن مستوى سطح الوادي الموصل إلى نجران، والذي يرتفع هو نفسه زهاء أربعة آلاف قدم عن سطح البحر. وتتألف مناطق واسعة من اليمن من حجارة رملية ومن الطبقات المترسبة "Sediments".

ملاك الشرق 17-04-2010 01:28 PM

قلت: إن هنالك مناطق في الحجاز مكونة من طبقات مترسبة تعد من أحسن الصخور والطبقات الأرضية، ملائمة للنفط والفحم، إن هنالك مناطق فيها صخور بركانية ونارية: وقد تكوّ ن أكرها بعد تغييرات كبيرة وممليات طويلة من ضغط هذه السلسلة الجبلية الطويلة التي تكون العمود الفقري لجزيرة العرب. وترتفع زهاء "9000 - 11000" قدم عن مستوى سطح البحر في اليمن على ما تحتها من طبقات.
ونجد مناطق واسعة من "اللابات" مبعثرة على طول هذه السلسلة، منها ما هو حديث التكوين. ويشاهد في الزمن الحاضر لسان بارز من "اللابة" في شرقي "أبي عريش" يمتد حتى يتاخم حدود اليمن،كما نشاهد مناطق أخرى مؤلفة من هذه الحجارة في مواضع عديدة بين "شقيق" و "خور البرك" مثلاً حيث تصل "اللابة" إلى البحر الأحمر فتدخل فيه. وكذلك في شمالي "شقيق" عند "جهمة" حيث توجد بقايا بركان يكوّن جزيرة في البحر مقابل هذا الموضع.
وعلى مسافة اثني عشر ميلاَ من مكة جبل، يقال له جبل النورة، حيث تحرق حجارة الكلس المكونة له، لاستخراج النورة واستعمالها في البناء. وهذه الحجارة الكلسية هي من الطبقات المترسبة المتحولة. وهناك أماكن أخرى تكونت من هذه الحجارة، يشاهدها المار من جدّة إلى موضع "مهد الذهب"، الذي تستغل ألان مناجمه، لاستخراج الذهب، وتتكون تلال مهد الذهب من الحجارة المترسبة التي تعرضت لتغيرات طبيعية عديدة، عليها طبقات من حجارة "البازلت" "Basalt".وفي حجارة المناجم خامات معادن متعددة، وتوجد حجارة "الكوارتس" "Quartz". وتوجد في منطقة الطائف صور "الغرانيت"، وفي نهاية هذه السلسلة الجبلية الطويلة التي تنتهي في اليمن تشاهد "لابات" الحرِار وبقايا الحرار التي كانت تزعج اليمانيين، إذ هي قد تقذفهم حممها في يوم من الأيام فتسومهم سوء العذاب.

ملاك الشرق 17-04-2010 01:29 PM

وفي أرض، اليمن عدد كبير من الحِرار، ذكر السياح بعضها، مثل حرة "أرحب"، وتقع شمالي "صنعاء" ولها لابة استخرج منها الناس حجارة سوداً لبناء البيوت. وعلى مقربة من "ذمار" تكون الأرض بركانية. وتوجد الحرار في القسم الشمالي من "وادي أبرد"، وفي الوادي بين "صرواح" و "مأرب". وقد حمل بعض المستشرقين وجود الحرار في اليمن بهذه الكرة وعلى مقربة من المدن القديمة، على تفسير هلاك بعضَ المدن كراب "مأرب" و "حقة" و "شبوة" بتأثير هياج البراكين.
كذلك توجد مناطق حرار في العربية. الجنوبية، في عدن وحضرموت و عُمان وفي الربع الخالي، وقد استعمل القدماء حجارة البراكين في البناء، ولا يزال الناس يستعملونها في البناء حتى اليوم، وقد وجد بين الحجارة المكتوبة عدد من صخور البراكين. وقد استغل الجاهليون بعض الحِوار لاستخراج الكبريت منها، وذكر "نيبور" إن أهل اليمن كانوا يستخرجون الكبريت من جيل يقع في شرقي ذمار، ويظهر إن هذا الجبل بركان قديم.
وتتكون بعض هضاب اليمن من الصخور المتبلورة التي مرت في أدوار طويلة. ويرى العلماء أنها كانت في الأصل تحت سطح البحر، ثم ترسبت عليها طبقات ثخينة من المواد الرسوبية حتى تبلورت و تصخرت. وقد استعملها الجاهليون ولا تزال تستعمل في النوافذ، لتقوم مقام الزجاج. وهناك طبقة طباشيرية وطبقات من صخور رملية غذت المناطق المنخفضة، وهي تهائم اليمن، بالرمال. وكذلك المنطقة التي يقال لها الرمله. وتتكون التربة في تهامة وفي سهل صنعاء من المواد الصلصالية التي تعود إلى الأزمنة "الجيولوجية"، المتأخرة، ومن المتكونات "الأيولينية" التي حصلت بتأثير فعل الرياح في الصخور الرملية. ويكثر وجود الصخور المتبلورة في الحجاز وفي العربية الجنوبية كذلك. وتوجد الصخور والطبقات الرسوبية في اليمن وفي حضرموت وعمان، وقد وجدت في هذه المناطق علائم وجود البترول.


الساعة الآن 12:06 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w