مضى 23 عاما، المرة الأولى التي شعرت فيها أني لم أعد طفلة، هي المرة التي شعرت فيها بالحنين، الحنين الذي كنت أصرّ دائما على أن يكون على شكل تبرّم طفلة أو بكاء للحصول على ضمّة أو جملة صغيرة تسكب الدفء في قلبي، كبرت سنة بعد أخرى ولم يعد تبرّم الطفلة أو بكاؤها ينفد لقلبك، كبرت واتسعت كل الزوايا التي يمكن أن يوجع فيها الحنين وتسدد الريح ضرباتها، اتسعت هذه الحساسية التي يمكن أن يكون فيها الألم دقيقا ومبالغا، ومن الاحتراق حقيقة لا مجازا وفي أعمق نقطة في داخلك وفي كل المناطق التي تزداد هشاشة فيك مرة بعد مرة ، لم يعد الحنين مجرد شعور طارئ يتسع كلما ضاقت الأضلع، الحنين اليوم مختلف لأنه يتحول إلى خوف، خوف كبير في دنيا لا يوجد فيها احتمالات كافية لأن تلتقي فيها بوجه آمنت به، ولا أن تمسك فيها بأصابعه، ولا أن تعرف رائحة طالما شوّقتك، أو تجرب معنى الاختباء في عينين تنحني فيها السموات لتغطيك، دنيا تُقيّظ الأحلام في صدرك، فتعيشها متخفّيا بينك وبينك . يتغير الحنين لأن الخوف يكبر لدرجة أن يكون مميتا هذه اللحظة . |
أحاول الكتابة، أحاول ذلك بعزم صادق، أن أجمع كل هذه الفوضى في رأسي وأرتبها جرحا جرح . ترى أي جراحنا تستحق أن تكون الأولى، أليست تلك الأقرب للقلب؟ أنت جرحي ومعناي .. لطالما كنت متشوقة لحالة بُعد كهذه تحرضني على الكتابة، تجعل دمائي تنزلق مع كل حرف، تؤذني بشدّة لأفيض، لكن ما أعايشه الآن أكبر مما تصورت، شعور مضني بالعجز / بالشوق ، بحريق يلتف على عنقك وذاكرتك ولست قادرا إزاءه حتى على تحريك أصابعك . أفتقدك أجل ! هل علي أن أكتبها ؟ ألا تحط روحي على صدرك كل ليلة وتخبرك عن جسد في المسافة يحتضر ! الكتابة الآن تشبه أن تغرق رأسك في الماء حتى تنفجر رئتيك . 18/ رمضان |
رائع جدا أن نعزم بصدق على الكتابة في زمن رتابة الروح وعصيان القلم!
محاولة الكتابة في حد ذاتيا تحديا لفوضى الأفكار! تجرّئي يا وداد وواصلي فتح دفاتر الذكريات، فربما خروجها إلى الهواء الطلق، قد يساعد في التئام الجراح مهما كانت بليغة! وكلنا شوق في اقتناص لحظة انفجار الرئتين حينما يبدأ الرأس بالغرق.. وتأكدي يا وداد أننا لن نلعب دور "رجل الدفاع المدني" كي ننقذك من الغرق، ولكن سنكون في موقف المتأمل والمستمتع بغرقك في بحر الابداع! |
اقتباس:
يقول واسيني الأعرج " من رأى منكم ذاكرة مشتعلة ، فليرم عليها الماء فإذا لم يستطع فليرجمها بحجر أو ... فليمض ِ منكّس الرأس " ما عادت أصابعي كما كانت لكنها حرائق القلب .. :) سعيدة بمتابعتك . |
هل أنت تتساءل الآن مثلي .. ماذا حدث؟ كم مرّ من الوقت، كم دمعة .. كم غيمة، وأنت لازلت مقيدا بالصمت كأي شيء بقي خارج الدائرة و لم يعد يعبأ به الوقت، هل تتكسر اللغة في عينيك ويؤلم دمك انفعالها الفوضوي، هل يجرحك الماء مثلي الآن وتتمادى هذه الريح في قلبك و أنت لست أنت .. منشطر في حضورك. هل يخطئك الحنين ؟- كما لم يفعل معي- وتغادرك رجفة الشوق وتستطيع أن تستعيد أصابعك وشفتيك للحظة، هل يمكنك النظر حولك دون أن يسرقك سهم ويعيد إليك جرحك ؟ |
حسنا.. أنا الآن أفتقد تلك المراهقة اللطيفة، الماكرة أحيانا، والمشاغبة، التي كلما كتبت نصا اتسعت حدقتها دهشة وبهجة، أفتقد الضوء والياسمينات، الملائكة الحاضرين في عينيها، وتلك الارتعاشة اللذيذة في صوتها كلما نبست باسم أحبته، وعقدة الأصابع الحاضرة في كل ما تكتب أو تقول ! أفتقد ذلك الحنين الأبيض والناصع، الذي يأتي على شاكلة دمعة أو أغنية، ورجفة مباغتة على الشفاه، حديثا دافئا مع صديق ( نبيل) يعيد لأوصالي العافية، ولغة أنيقة أحبها لم تخلق يوما إلا لأصابعه وقلبه. وتواطئا بعيدا مع كل شيء .. لبعث ابتسامة :) |
"الحنين هو صوت الريح " يقول درويش وأنا توجع دمي هذه الريح |
رسالة لعينيه . حبيبي العظيم لا أجد كلمة أنسب من " عظيم " لوصف كم أنت هائل و واسع كأبيض لا ينتهي ! عظيم ببساطة لكل الخفة في صوتك التي تجعل قلبي يرفرف، عظيم للرقة التي تجعلني مذهولة وعلى حافة بكاء ما، لكل الدفء الذي يهدهد ارتباكا على أصابعي ، عظيم لأنك ضوئي وعيناي في عالم مخيّب وبائس، لأنك الشجرة الخضراء في أول لوحة رسمتها في طفولتي، لأنك الشيء الوحيد الذي لا أخافه/ لا أرتاب منه رغم حساسيتي لكل ما هو خارجي، عظيم لأنني لا أفهم كيف تحيل دموعي في كل مرة لضحك صاخب وهستيري، كيف تقفز بي من ألم ما لأقصى غيمة، وكيف ترى في ابتسامتي التي تفتقر الكثير من التوازن .. وردا وملائكة. |
أحبك .. لا أقصد هذا بالضبط بل ما هو أبعد وأكثر ايغالا هنا .. في الرّوح لكنني لا أملك لغة تكتفي ! 20 / رمضان |
متعبة بقدرما أفتقدك الأصل أن أقول : متعبة لأنني أفتقدك وأصبحت أعدّ الأيام كأرملة. فهل هذا يعني شيئا بالنسبة لك ؟ |
اقتباس:
"إنه الحنين لما تركناه خلفنا ولن نعود إليه! أماكن جميلة تتمنّى لو أنك لم ترها حتّى لا تحزن! لحظات باهرة، تندم أنك عشتها كي لا تتذكّر! رجال مدهشون، تودّ لو أنك لم تلتق بهم، كي لا تبكيهم ما بقي من عمر، كما لو أنهم رحلوا!" ** قد تثير الريح وجعا في دم "وداد"، لكن قد يتحول "الوجع" إلى "هيموجلوبين"! لا غنى عنه في دم الحياة! أليس كذلك يا "وداد"؟ |
اقتباس:
مرهقة أنتِ من "الانتظار"! لكن.. في كثير من الأحيان لا نملك سوى "الانتظار" ولا شيء غير "الانتظار"! فانتظري، حتى يتعافى التعب من إرهاقه! |
اقتباس:
هذا بالضبط ما عنيته سابقا في اقتباس لعلوان. أنت حزين وموجوع .. لكنك لن تموت ستصل إلى قعر الألم ، سترى الحياة بشكل مختلف وتدرك معنى ما حولك، ستصل إلى أقصى نقطة يكون الالم موجعا وهالكا . ثم سيولد شخص مختلف، مصقول جدا، أكثر انسانية ورهافة شخص يعرف معنى الحياة جيدا و كيف تكون وما معنى أن يمر يوم من عمره . لم تكون أفضل الاعمال الانسانية هي ما جاءت بعد كمد ومعاناة ؟ . . وأدري أن كل هذا سيمضي وينقشع .. وسأكون أفضل وأقوى من السابق لأن ثمة عينان تحرساني :) |
أدرك في كل مرة أنني أقع في الفخ نفسه، الفخ الذي يحيلني إلى ذرات صغيرة وغبار كثيف، ذلك يتصاعد صباحا من شرفة ما، ثم يحط في أكثر زاوية مهملة، تلك الزواية التي لا يخنقها الغبار المتراكم بقدر ما يوحش صدرها هذا الصمت العتيق ! |
في منتصف الليل ينتابك حنين لشيء لا تعرفه، أو ربما كنت تعرفه ولكنك لازلت تكابر داخلك كي لا تسمح بحريق يترصد شغاف قلبك، في منتصف الليل تفكر فقط ماذا لو كنت ضبابا هائلا صامتا وثقيلا، أو مجرد شجرة في طريق مهمل على لوحة رسام مجهول .. لا تغري أي المارين بالنظر ! 21/ رمضان . |
لأقول صباح الخير لا أحتاج لقهوة و ليس علي أن أستعير صوت فيروز ولا الحنين النازف من حنجرتها لا أحتاج لشرفة ، ولا اكليل ، ولا قصيدة لدرويش، ولا تغريد عصفور ولا عطر له ذاكرة ولا ذاكرة لها عطرها الخاص لا أحتاج وجها ولا أصابع ولا كهرباء لطيفة كتلك التي تسري في أوصالي كلما عبر في عينيّ اسم ما أو جهه ما لأقول صباح الخير احتاج ايمانا فقط بأن الشمس لازالت تطلع في صدري ! |
لو يمكنني القول الآن " كل شيء ما حلو " ، لو يمكنني أن أقولها ببساطة بعدما فقدت رشاقة أصابعي ووهج عيني وشباب هذا القلب، ولو كان بامكانها أن تصل ! |
تعبت
من المجازات/ من الحقيقة وأريد أن أستريح أخيرا في غيمة صوتك ! |
أفتح نافذة في روحي، أسرب الشوق، الريح التي تسافر في عظامي، وحرقة في الذاكرة تشبه الحنين، ذلك الذي يباغتك في أكثر الأوقات حاجة وعوزا لوجه تحبه ولأصابع بعيدة الآن كانت تذيب البرد في شفتيك، الحنين القاهر الذي ينشب أظافره في صدرك ليجعلك تئن، الحنين الذي لا تتسع لك فيه أرض ولا سماء، بل عينين آمنت بغوايتهما/ مائهما . أنت وحيد الآن، وحتى خروجك للشارع يفاقم وحدتك، كل الأشياء تحدق في ظلك، ظلك الخافت، الذي يشبه غيابا ما ، وموتا ما ، وصوت خطاك الحزينة، كمنجة تغص في البكاء، السماء تنظر لوحدتك الصغيرة وتبتسم. كم كان هذا الكون ضيقا على شهقتك . |
امنحني الضوء يا الله امنحني من أجل هذا البكاء المر في صدري . |
أعترف بأني تعبت من طول الحلم الذي يعيدني إلى أوله وإلى آخري دون أن نلتقي في أي صباح . *محمود درويش |
ما يعجبني في هذه الصفحات هو أن صاحبتها "تؤسس" لكل ما تخطه فيها!
تضع لكل فكرة، لكل خاطرة، لكل سرد، أقول تضع لكل ذلك أساسا، من خلال مراجع ومرجعيات! مما يكسب كل فعل إبداعي فيها مصداقية تجعلنا نلمسه بأصابع قلوبنا وعقولنا! مستمتعون بأرياف العيون! ومتابعون لمسيرة البوح والاعتراف. |
اقتباس:
ليته كان كما تقول أيها البريء أظنه لو مرت ريح من هنا لن تبق إلا جدران الحصن متينة وصامدة . ومع ذلك شكرا لقلبك الطيب ، ولمتابعتك السخية :) |
لا أريد أن تعوضني عن كل ما مضى، ولا أن تعدني بما سيجيء، أريد يدك فقط.. كي أخبئ فيها خوفي / قلقي/ وحنيني، أكبر أمل لي في هذه اللحظة أن تتقلص المسافة بين فراغات أصابعنا، ويكون ليدي اطار من يديك. |
أبتسم لوجهك وحده الذي يقرؤني الآن .. ثم يهرب أكان الانكسار في عينيّ كبيرا وفاضحا لهذه الدرجة ؟ 23/ رمضان . |
الكتابة لرجل لا يقرأ لا تشبه الهدر كما أدّعي إنها تشبه الأسئلة الجارحة، تلك التي تستقر بمرارة في عينيك! وعلي أن أقرّ أخيرا الأشياء الحزينة وحدها تستمر في دورانها، وتتجذر عميقا، الشجرة التي تنمو فوق جرح، وتنشر أصابعها في سماء روحك، تشبهك، تلك الشجرة وحدها تشبهك، دمها عاطفتك / ذاكرتك ومعناك، المعنى الذي بحثت عنه طويلا .. ودون أن تفهمه ! أحكم قفصي الصدري على شجرة أشعر بخروجها للتو على السطح وأبتسم .. وهذه المرة وأنا أعض شفاهي بوجع :) |
هناك صباحات مرة، تصدمك فيتناثر كل الكون داخلك، صباحات مالحة جدا على قلبك، تخنق معناك ولغتك قبل أي شيء. 24/ رمضان . |
للآن لا أستطيع أن أفهم كيف لمن يحب أن يسحب يده فجأة ويغلّق أبوابه وشبابيكه وينأى بحقائب من صمت، وكيف له أن يرى من يحبه يتلوى شوقا بعينين باردتين ثم يشيح بوجهه بعيدا ؟ كيف كان يأمن أن يتركه في عالم / قيامة كهذه ! لكن لا بأس، ألا يقول محمود درويش " الموت لا يوجع الموتى الموت يوجع الأحياء " :) |
اقتباس:
لا أعتقد أن رسم جغرافيا الأرياف ورصد رسائل العيون تكون بقلم رصاص ! إعتقدتها منحوتة على جدران الحصن ببعض ما ترك "السامري" من أدوات نحت! ومع ذلك، لا يمكن إنكار اللمسة الجمالية السردية لـ "وداد"، تماما مثلما نلمسه في أسلوب "جمال الغيطاني". |
اقتباس:
" كل ده وكاتمة ف قلبك"؟ - على رأي عادل إمام - رسالتك على مشارف أرياف العيون، آمل فقط أن تُفتح لها البوابة ! وتستلمها الأصابع القريبة البعيدة |
الساعة الآن 02:14 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها