منتديات حصن عمان - الخصخصة
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   الدراسات الاجتماعية (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=73)
-   -   الخصخصة (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=10963)

وغلاتي 17-05-2007 08:40 AM

الخصخصة
 
الخصخصة
يدخل العالم القرن الحادي والعشرين في ظل نظام اقتصادي عالمي جديد أفرزته التطورات والتغيرات الجذرية في النظام الاقتصادي العالمي الذي تمخض عن نتائج جولة الأوروغواي ، وقيام منظمة التجارة العالمية : W.t.o ، ولعل أبرز سماته تفعيل الحرية الاقتصادية وإزالة العوائق أمام تدفق المعلومات والتجارة السلعية والخدمة والاستثمارات الخارجية ، والاتجاه نحو إقامة التكتلات الاقتصادية في ظل سوق تنافسية عالمية واسعة تمتد بين كافة أطراف العالم ، وسيكون لمن يمتلك مقومات التقدم التقني والرأسمالي القدرة على دخول هذا النظام والاستفادة منه.
وفي ظل إدراك العالم كافة والدولة النامية خاصة للتحديات الجديدة التي خلقها هذا النظام الجديد ، كان لا بد لها من انتهاج استراتيجيات جديدة للتنمية الاقتصادية تتناسب مع هذه التطورات من خلال تطبيق تدابير شاملة ، لتقوية وتعبئة الموارد الإنتاجية ، وتعزيز كفاءة استخدامها ، وذلك باتباع سياسات اقتصادية ترتكز على الإصلاحات الهيكلية في اقتصادها بعدة اوجه كترشيد الأنفاق وتحرير الاقتصاد واعتماد آليات السوق وتدعيم هيكل الميزانيات الحكومية وتحسين القدرة على اجتذاب التمويل الداخلي والخارجي ، ودعم الأطر المؤسسية للاستثمار وإصلاح الإدارة الاقتصادية والنظم القانونية والخصخصة .
ولعل واحد من ابرز الخطوات الأساسية الأولى في عملية التحول كانت هي إعادة النظر في دور القطاع العام والعمل على تعظيم دور القطاع الخاص وتأهيله لممارسة دور أكبر في مسيرة التنمية الاقتصادية في ظل العولمة القائمة على تحرير الاقتصاد ، والاعتماد على حرية السوق والسير في عملية الخصخصة ، فهي التي تعتبر مرحلة رئيسية من مراحل التحرير الاقتصادي وإن كانت تأتي في المراحل الأخيرة من مراحل التحرر.

نشأة الخصخصة :
 يمكن إرجاع فكرة تطبيق الخصخصة والتي تهدف إلى نمط الإنتاج الخاص إلى العالم ابن خلدون ، عندما تحدث في مقدمته عن أهمية إشراك القطاع الخاص بالإنتاج ، وذلك منذ أكثر من ستمائة عام 1377م .
 نادى كذلك بالخصخصة ؛ العالم آدم اسمث أبو الاقتصاد في كتابه الشهير " ثروة الأمم " الذي نشره عام 1776م ، وذلك بالاعتماد على قوى السوق والمبادرات الفردية وذلك من أجل التخصص وتقسيم العمل ، وبالتالي تحقيق الكفاءة الاقتصادية سواء على المستوى الكلي أو الجزئي .
 وقد ظهر بالفعل عبر التاريخ الاقتصادي عمليات تحول إلى القطاع الخاص في مناطق متفرقة ، وفي أوقات متباينة نتيجة عجز الملكية العامة في تحقيق الأهداف المرسومة ، ولكن ظلت هذه النماذج في نطاق ضيق ، فعلى سبيل المثال ، في العصر الأموي كثيرا ما تدخل المشروع الخاص لتنفيذ بعض الأشغال العامة بدلا من الحكومة المركزية ؛ وذلك لارتفاع تكلفة قيام الحكومة بالتنفيذ أو لافتقار الحكومة إلى الخبرة الإدارية .
 أما في العصر الحديث فإن الموجه الأولى للخصخصة[1] قد بدأت في عهد مارجريت تاتشر في بريطانيا في الفترة ما بين 1979و1982م ، بحجمها الكبير والزخم الإعلامي حولها والصراع المرير والمؤثر مع طبقة العمال فيها .وبالرغم من المعارضة العمالية لتاتشر ، إلا أنها وبإرادة حديدية استطاعت أن تمضي في تطبيق سياستها الاقتصادية . وكانت الخصخصة أحد الأدوات الهامة التي اتخذتها ، ذلك بأنها إنما تمت في إطار توجه فكري وفلسفي يتبنى أفكار الاقتصاديين الكلاسيكيين الجدد الداعين إلى اقتصاد السوق ، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للقيام بالدور الأساسي في الانفتاح والازدهار الاقتصادي ، وبذلك سعت حكومة تاتشر في إحداث انكماش في دور الدولة في القطاعات الإنتاجية والخدمية والخدمة نفقات التعليم العام ، وطلبت من الجامعات تمويل نفسها . وكذلك خفضت نفقات الصحة ، ونفقات الرعاية الاجتماعية .
العوامل التي أدت إلى انتشار الخصخصة في العالم :
إن الدوافع وراء الخصخصة تختلف من بلد لآخر ، فمثلا في بعض الدول النامية جاءت الخصخصة بعد موجة التأميم التي سادت في الستينات السبعينات ، حيث صادرة الدولة ممتلكات من القطاع الخاص لمصلحة القطاع الحكومي . إلا أنه وبعد عقد من الزمان جاءت موجة إعادة المؤسسات العامة للقطاع الخاص ، بعد المشاكل التي تراكمت من عدم الكفاءة في الإدارة والخسائر التي أثقلت موازنة الدول . وعندما عادة المؤسسات إلى مالكيها الأصليين فقد عادت في شكل شركات مساهمة أو بيعت لمجموعة من القطاع الخاص .
ومن خلال الدراسة والبحث تبين لي أن أسباب انتشار الخصخصة في العالم تعود على نوعين من العوامل :
أولا : العوامل الداخلية .
ثانيا : العوامل الخارجية .
أولا : العوامل الداخلية :
 على أثر إخفاق الملكية العامة في تحقيق أهداف منشودة ، وإظهار عدم الكفاءة لهذا القطاع العام في أوقات متباينة على العكس من القطاع الخاص الذي أثبت من خلال الممارسة العملية كفاءته مما دفع الفكر الاقتصادي بالاهتمام بهذه القضية ، وظهرت على أثر ذلك قضايا أهمها :
1. نظرية حقوق الملكية : التي تشير إلى أن الحكومة تواجه مصاعب في تقديم الحوافز المناسبة لطبقة المديرين في القطاع العام وفي مراقبة أدائهم ، ومن ثم أن حرية التصرف ضئيلة لدى مديري القطاع العام بالمقارنة بنظرائهم في القطاع الخاص ، الأمر الذي يؤدي إلى اختصار المديرين على الأهداف الموضوعة والتي غالبا ما تكون متواضعة .
2. أما النظرية الثانية فهي ( نظرية الاختيار العام ) : وتذكر هذه النظرية على أن مديري القطاع العام يمكنهم الاستحواذ على مال وسلطة ومكانة اجتماعية ، بالمقارنة بإقرائهم في القطاع الخاص ثم بتحالفهم مع الوازرات الإشرافية لبناء جماعات مصالح ، وهذا بدوره يؤدي إلى تضخم الميزانيات ، الذي أصبح هدفا ، وكل الأهداف تعمل من اجل هذا الهدف ، وظهر هذا بشكل واسع في الستينات والنصف الأول من السبعينات ، وكل ذلك جعل الاقتصاديات عاجزة عن التكيف مع الأسعار العالمية .
3. وكذلك من العوامل الداخلية التي أدت إلى اتساع نطاق تطبيق الخصخصة هو رغبة الحكومات في الدول في المساهمة في ترشيد الأنفاق الحكومي من خلال التخلص من أعباء الدعم المادي الذي تتحمله الحكومات الحكومات لمنتجات وخدمات المرافق الشركات العامة وتوفير مصدر آمن للأموال يمكن أن يساهم في دعم الموازنات وتغطية العجوزات ، وعلى دفع القطاع الخاص لتولي الاستثمارات في هذه الأنشطة بدلا من القطاع الحكومي الذي يعاني من تراجع الاستثمارات والذي يحول دون التوسع في تقديم الخدمات والمنتجات لمواجهة الطلب المتزايد عليها ، وقطاع الحكومي لا يستطيع الصمود أمام القوى الاقتصادية العالمية ، بل يعتبر مسؤولا عن هدر كثير من إمكانيات التنمية الاقتصادية والبشرية .
والجدول التالي يبين الفروق بين القطاع الخاص والقطاع العام في التعامل مع القضايا الاقتصادية :
القطاع العام القطاع الخاص نقطة المقارنة
المصلحة الحكومية أو البيروقراطية الإدارية للدولة تفقد الحرية الذاتية في الحركة بالتبعية المباشرة لجهاز الدولة . قطاع لديه حرية ذاتية في الحركة ، وهو بذلك أكثر قدرة على التعامل مع البيئة الاقتصادية والاجتماعية حوله . مرونة التغيير
لا تهدف إلى تحقيق الربح بالدرجة الأولى ، وإنما تقديم خدمة نافعة للمجتمع .



تحقيق بقاء المشروع واستمراريته ونموه وازدهاره عن طريق خدمة نافعة للمجتمع لتحصل على أرباح ملائمة تحقق بها هدف المشروع . الهدف
القطاع العام القطاع الخاص نقطة المقارنة
اللوائح مفروضة ، ويجب الالتزام بها حرفيا ، ومن الصعب تغييرها سريعا ، وهذا منافي لطبيعة التعامل مع مسائل الإنتاج والتسويق التنمية الاقتصادية التي تحتاج إلى مرونة كبيرة في العمل . اللوائح والقيود الداخلية ليست مفروضة من الخارج إلا القليل ؛ لذلك يمكن تغييرها بسرعة حسب مقتضيات مصلحة العمل. اللوائح التي تحكم العمل .
ثانيا : العوامل الخارجية :
تمثلت هذه العوامل في الربط بين معونات الدول المتقدمة للدول النامية ، بأن تقوم الدول النامية ، باتباع سياسات اقتصادية ترتكز على الإصلاحات الهيكلية في اقتصادها بعدة اوجه كترشيد الأنفاق وتحرير الاقتصاد واعتماد آليات السوق ، ودعم الأطر المؤسسية للاستثمار وإصلاح الإدارة الاقتصادية والنظم القانونية والخصخصة . ولقلة الخبرة في الدول النامية قامت هذه المؤسسات الدولية بالتأييد وتطبيق عمليات التحول الفكرية إلي واقع عملي في النصف الثاني من السبعينات منها مجموعة البنك الدولي . فمساعدة مجموعة البنك الدولي المادية والفنية من خلال[2] :
1) إعداد استراتيجية ومنهج التطبيق الخصخصة .
2) اختيار المؤسسات المرشحة للخصخصة مع توفر الدراسات والبيانات
3) وضع جداول زمنية لتنفيذ خطة الخصخصة .

وهذا الجدول يبين عمليات الخصخصة التي تمت في الدول النامية حتى أكتوبر عام 199م [3]:
النسبة إلى الجمالي % عدد المشروعات المناطق
2, 37 805 شرق أوروبا
7, 36 794 أمريكا اللاتينية
8, 17 384 أفريقيا
6, 5 122 آسيا
7, 2 59 الشرق الأوسط
100% 2164 الإجمالي

تعريف الخصخصة :
هناك عدد هائل من التعريفات التي تم طرحها للتخصيصية تتجاوز حدود مفهوم سياسة التخصيصية ذاتها ومن هذه التعريفات ما يلي :
 تعريف البنك الدولي : " زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة ملكية الأنشطة والأصول التي تسيطر عليها الحكومة أو تملكها " .[4]
 تعريف بادوا شيبا نائب مدير البنك المركزي الإيطالي : " هي سياسة ومرحلة من سياسات التحرر الاقتصادي ، تعمل على تحويل المشروعات العامة إلى مشروعات خاصة ، سواء في مجال الملكية أو الإدارة ، باستخدام العديد من الأساليب المتاحة والملائمة " .[5]
 تعريف نيقولاس أرديتوبارليتا مدير البنك الدولي للنمو الاقتصادي ؛ حيث يرى أنها عبارة عن : " التعاقد أو بيع خدمات أو مؤسسات تسيطر عليها أو تمتلكها الدولة إلى أطراف من القطاع الخاص " .[6]
 أما تعريف الخصخصة في رأي : أنها سياسة تحويل الملكية العامة ( الدولة ) إلى ملكية خاصة ( الأفراد أو الشركات بأنواعها ) ضمن ضوابط وقوانين الدولة .
المتطلبات الواجب توفرها لتطبيق سياسة الخصخصة :
1) تحرير الأسعار وسوق العمل :
تحرير الأسعار يعطي الفرصة لقوى العرض والطلب ، لتقوم بدور صاحب تحديد الأسعار وتوجيه تخصيص الموارد الاقتصادية وفقا لآليات السوق فعلى الحكومة إلغاء الأسعار وتقليص الدعم ، وترك حرية تحديد الأجور لقوى السوق ، وتوزيع العمال وتشجيع الاستثمارات التي تفتح أبواب العمل ، فكل ذلك يؤدي لكفأة اقتصادية تحدث انخفاض في التضخم .
2) زيادة دعم المنافسة في السوق :
فإضفاء صفة المنافسة على الأسواق لتحقيق الكفاءة في الإنتاج ، ثم تحقيق التوزيع الأمثل للموارد في المجتمع وعلى الحكومة أن تقوم بتوفير فرض متكافئة للمشروعات ، ووضع تشريعات لمواجهة الاحتكار.
3) تحرير النظامين النقدي والمالي :
وهذان النظامان تعد أساسية لتحرير الاقتصاد والاعتماد على آليات السوق ، ولذلك يجب أن يقترن مع تحرير الأسعار ، ودعم المنافسة في الدول النامية خمس دعامات أساسية ومتلازمة :
 تحرير سعر الصرف .
 تحرير سعر الفائدة .
 زيادة استقلالية البنك المركزي .
 تطوير سوق الأوراق المالية ( سوق البورصة ) .
 إصلاح النظام الضريبي .
فهذه الأمور تفتح المجال لإمكانية تطبيق الخصخصة .
4) تحرير القطاع الخارجي :
فهو الاعتماد على التعرفة الجمركية المتدرجة والمتنوعة ، حسب نوع السلعة ، وتخفيف القيود الكمية أو أية قيود غير التعرفة الجمركية . وهذا يحتاج إلى فترات زمنية طويلة حتى لا يلحق الضرر في الإنتاج في أول مراحله .
أساليب الخصخصة :
هناك أساليب متنوعة يمكن من خلالها تطبيق الخصخصة ، ويمكن للدولة اختيار من بين هذه الأساليب المتنوعة بما يتناسب مع ظروف الاقتصاد ، وطبيعة النشاط ، وظروف المشروع الذي يخضع لعملية الخصخصة . ويمكن حصر أهم الأساليب الرئيسية لتطبيق الخصخصة بما يلي : -
1. الطرح العام للأسهم .
2. الطرح الخاص للأسهم
3. بيع الأصول .
4. إتاحة فرص لنمو الاستثمارات الخاصة داخل المشروعات المشتركة .
5. البيع إلى العاملين بالمشروع .
6. عقود الإيجار والإدارة .
7. نظام مقايضة الديون بأسهم في المشروعات العامة .
8. نظام الكوبونات لمشاركة الطبقات محدودة الدخل .
1) الطرح العام للأسهم :
حيث تقوم الحكومة بطرح أسهم للمشروع العام للبيع في البورصة ، ويمكن أن تطرح الحكومة كل أسهم المشروع للبيع ، وفي هذه الحالة يتحول المشروع من مشروع عام إلى مشروع خاص . ويمكن أن تطرح جزء من أسهم المشروع العام ، وبذلك يتحول المشروع إلى مشروع مشترك . وهذا الأسلوب من أفضل أساليب الخصخصة ؛ لأنه يعمل على توسيع قاعدة الملكية لأفراد المجتمع ، ويعمل على تنشيط وتطوير سوق رأس المال ، وعدم احتكار مستثمر أو مجموعة من المستثمرين للمشروعات العامة الخاضعة للخصخصة .وهذا الأسلوب يناسب المشروعات ذات الحجم الكبير .
2) الطرح الخاص للأسهم :
يتم هنا طرح المشروع للبيع لصالح مجموعة من المستثمرين أو مؤسسات خاصة . ويتم ذلك من خلال إتباع نظام المزادات أو العطاءات ، ويمكن للحكومة بيع كامل المشروع أو جزء منه وفقا للصالح العام . وهذه الطريقة اتبعت في فرنسا ، هي مناسبة للشركات الحجم الصغير بالنسبة للطرح العام .
3) بيع الأصول :
حيث تقوم الحكومة بتصفية المشروع العام ، وبيع أصوله في مزاد علني أو من خلال عطاءات . ويمكن للحكومة أيضا أن تستخدم هذه الأصول للإسهام في إنشاء شركات جديدة واحتفاظها بجزء من الملكية من خلال حصولها على أسهم في المشروع الجديد . وتلجأ الحكومة إلى هذا الأسلوب في حالة وجود مديونية كبيرة قائمة على المشروع العام أو عدم وجود مشترين للمشروع الخاضع للخصخصة . وهذا الأسلوب ينتشر في الدول النامية .
4) إتاحة فرص لنمو الاستثمارات الخاصة داخل المشروعات المشتركة :
هنا تلجأ الحكومة إلى إتاحة الفرص لرأس المال الخاص في المساهمة في رأسمال الشركات العامة ، وبالتالي تتحول الشركة إلى شركة مشتركة ، وذلك دون أن تتلخص الحكومة من أسهمها الأصلية . وضمن هذا الأسلوب تعمل الحكومة على رفع رأسمال الشركة . وهذا الأسلوب يتلاءم مع الشركات التي تكمن مشاكلها في التمويل بصفة أساسية .
5) البيع إلى العاملين بالمشروع :
تحويل الشركة العامة إلى شركة خاصة من خلال تمليكها إلى العاملين بالشركة ، وهنا يحتمل عدم قدرة العاملين على شراء أسهم الشركة ، مما يتطلب كشرط ضروري أن تتوافر للعاملين الإداريين فرص الحصول على الائتمان ، وقد يكون الائتمان من مصادر متنوعة مثل بنك أو مستثمرين يدخلون كمقرضين أو ضامنين للعمالة ، وفي نفس الوقت يمتلكون جزءا آخر من أسهم الشركة . والمثال على هذا شركة: I . D . I في فرنسا ، التي امتلك في عام 1987م العاملون فيها 50% من أسهمها بقرض مضمون من ستة مستثمرين تملكوا الـ 50% الباقية . ويتلائم هذا الأسلوب مع الدول التي تواجه صعوبة في تطبيق الخصخصة ؛ بسبب معارضة اتحادات العمال وتخوفهم من فقدان العمال لوظائفهم .
6) عقد الإيجار والإدارة :
يستند هذا الأسلوب إلى فكرة أن الأصول الثابتة من مباني ومعدات لا تحقق ربحا إلا عند استخدامها ، وليس فقط بامتلاكها دون استخدام . ويقوم هذا الأسلوب على أساس فكرة فصل الملكية عن الإدارة ، حيث تظل الملكية العامة للمشروع الخاضع للخصخصة قائمة ، ولكن تتعاقد الحكومة مع شركات تستأجر الشركة العامة مقابل مبلغ نقدي ووفق شروط معينة . أو قد تتعاقد الحكومة مع شركة لإدارة الشركة العامة ، وتتعهد شركة الإدارة بتحقيق أهداف معينة ، وتحصل الشركة القائمة بالإدارة على مبلغ سنوي . وهذا الأسلوب يستخدم حتى تتحقق الأرباح للشركة ويتحسن مركزها المالي ، ثم تتبع أسلوب آخر للخصخصة .
7) نظام مقايضة الديون بأسهم في المشروعات العامة :
يقوم هذا الأسلوب على فكرة استبدال الدائنين لمديونيتهم بحصص ملكية في بعض المشروعات التي يتم تخصيصها ، وقد تكون المقايضة بشكل مباشر بين المدين والدائن ، أو من خلال طرف ثالث من خلال قيام الدولة أو البنك الدائن ببيع القرض القائم على الدولة المدينة بخصم قد يصل مثلا إلى 35% إلى مستثمر ، وغالبا ما يكون شركة متعددة الجنسيات تحصل على قيمة الدين من البنك المركزي بقيمته الاسمية أو بخصم متواضع بالعملة المحلية وبسعر الصرف السائد في السوق ، ثم تحصل الشركة أو المستثمر باستخدام هذه العملة المحلية على أسهم في الدولة المدينة . ويناسب هذا الأسلوب الدول التي تعاني من عبء المديونية وترغب في خفضها .
8) نظام الكوبونات لمشاركة الطبقات محدودة الدخل :
هدف هذا الأسلوب توسيع مشاركة المجتمع في ملكية الأصول المباعة من خلال توزيع صكوك أو أسهم الشركة المباعة . وهذا الأسلوب يناسب اقتصادات الدول النامية ؛ لما يتسم به من كثرة الطبقات الفقيرة ، وحاجة الدول لتوسيع قاعدة الملكية ، ومساعدة الطبقات الفقيرة .
أهداف الخصخصة الاقتصادية :
هي الأهداف المرجوة قبل تطبيق الخصخصة فهذه الأهداف تؤثر في نموذج التحول وأساليب الخصخصة وفي التوقيت والمدى الزمني للتنفيذ .تدل معظم التجارب على تركز الأهداف الاقتصادية التي تريدها الدولة من جراء تطبيق الخصخصة في الآتي :
أولا : زيادة المنافسة وتحسين الأداء أو الكفاءة الاقتصادية :
فزيادة الكفاءة يستند إلى عاملين هما : زيادة المنافسة وتغير نمط الملكية والمنافسة كذلك تقترن بعوامل أخرى تعمل على زيادة الكفاءة الاقتصادية للمنشآت مثل :
 تضاؤل التدخل الإداري من قبل الدولة في قرارات المنشأة .
 إق--- المنشأة لضوابط عمل السوق في تدبيرها للتحويل وإيراداتها مع ربط الأجور بالزيادة في الإنتاجية .
 وجود إطار تنظيمي توفره الدولة لحماية المنافسة .
ثانيا : تنشيط وتطوير أسواق المال :
فسوق المال يتكون من سوقين هما : سوق النقد تتداول من خلاله النقود والسندات قصيرة الأجل ، وسوق رأس المال تتداول فيه الأوعية طويلة الأجل والأسهم والسندات .
فالعلاقة بين الخصخصة وأسواق المال علاقة مزدوجة ، فهي توفر المال للمنشآت التي تخضع للخصخصة ، ثم تساعد رأس المال في عملية تقيم المنشأة من خلال تحديد قيمة الأسهم المطروحة وفقا للعرض والطلب في البورصة .
ثالثا : توسيع قاعدة الملكية :
يمكن للخصخصة أن تؤدي إلى توسيع قاعدة الملكية لأفراد الشعب من خلال طرح أسهم الاكتتاب العام في البورصة ، وهذا يشجع صغار المستثمرين على شراء الأسهم ، والتي تزيد الدخل والثروة وتطالب بالخصخصة .
رابعا : خفض العجز المالي للحكومة :
إن سبب العجز المالي هو القطاع العام الذي تتولى أمره الدولة التي تلجأ لمصادر مختلفة لسد هذا العجز ، فتطبيق الخصخصة يعنى توقف الحكومة عن تحمل أي خسائر نتيجة بيع الشركات الخاسرة ، زيادة حصيلة الضرائب بنفس زيادة حجم الشركات الرابحة الخاضعة للضريبة . والخصخصة تؤثر على ميزات المدفوعات من خلال شراء مستثمرين أجانب لأصول محلية ، وهذا تحويل موارد مالية خارجية لداخل الدولة ، وإمكانية تحسين الصادرات للدولة ، وتوفير العملات الأجنبية لها ، نتيجة زيادة الكفاءة الإنتاجية للشركات التي تم خصخصتها . الأمر الذي يعني زيادة الموارد المالية المتدفقة لداخل الدولة ، وبالتالي تحسين ميزان المدفوعات .
المشاكل التي تواجه تطبيق الخصخصة في الدول النامية :
هناك إشكاليات تواجه الدول النامية عند تطبيق الخصخصة ، وهذه المشاكل لا تواجه الدول المتقدمة التي تتسم بحرية اقتصادية وسيادة القطاع الخاص ، وهذه بعض المشاكل التي تواجه الدول النامية عند تطبيق الخصخصة : -
1) صعوبة إقناع الأفراد بجدوى الخصخصة :
من خلال قيام الحكومة بحوار قومي مع أفراد المجتمع ، خاصة المالكين أصحاب الأموال بدور الخصخصة لتحقيق التنمية الاقتصادية التي تحتاج لتوفر مناخ من الحرية ، والحرية تحتاج لإقناع الأفراد ، وإقناع الأفراد يحتاج لسياسة اقتصادية مقنعة بجدوى الخصخصة لهم ، وهذه السياسة تحتاج الثقافة التي تحمل مبادئ وأفكار حول ضرورة الخصخصة للاقتصاد وبالتالي يتم تطبيق الخصخصة بوجود روح المبادرات عند الأفراد ثم الاستقلال عن الحكومة .
2) ظاهرة سيطرة القطاع العام على النشاط الاقتصادي :
يؤدي بدوره لوجود مصاعب اقتصادية واجتماعية وسياسية ، ونمو مفرط في هذا القطاع الذي يؤثر على العمالة الزائدة وتدني مستوى الإنتاج الذي يؤدي لخسائر ضخمة تتحملها الدولة .
3) افتقار غالبية الدول النامية لآليات ومقومات اقتصاد السوق :
الذي يعد من الشروط الأساسية لإجراء الخصخصة ، وهذه المشكلة ناتجة عن وجود عقبات وضعتها الدولة منها :
 اختلال في الأسعار نتيجة تحكم الحكومة بالموارد .
 ضعف وجمود أسواق المال ؛ لأنها تمول الصادرات والواردات ورأسمال المال الأجنبي .
 القيود المفروضة على التجارة الخارجية .
 هيمنة البيروقراطية على الإجراءات والقرارات الحكومية .
4) مشكلة اختيار المشروعات والأنشطة التي يمكن أن تدخل ضمن الخصخصة ، وما الواجب أن يبقى في يد الحكومة . فالخوف من اختيار مشروعات احتكارية أوشبه احتكارية الأمر الذي قد يؤثر على سعر السلعة أو الخدمة المقدمة للمواطن . وهناك مشكلة لدى الحكومة كذلك في أولوية اختيار المشروعات ؛ لأن الخصخصة أصلا تقوم على التدرج في العمل ، وتجنب السرعة في التحويل من مشروع عام إلى خاص .
5) مشكلة تقييم المشروعات الخاضعة للخصخصة :
التقييم عبارة عن تحديد قيمة المنشأة بالأسعار السائدة في السوق . ومع عدم ثبات القوة الشرائية لوحدة النقد بسبب التضخم ننشأ مشاكل كيفية التوصل إلى التقييم الدقيق للمنشأة ، ويعد تحديد قيمة عادلة للمنشأة أمرا هاما ؛ لأن تحديد قيمة مرتفعة لقيمة المنشأة يؤدي لانتقادات حادة من جانب المستثمرين ، وعدم الإقبال على شراء الأسهم غالية الثمن ، أما تحديد قيمة أقل فهو ضياع الأموال على خزينة الدولة ، فالتقييم الدقيق مهم أن يكون قبل إخضاع المنشأة للخصخصة .
6) مشكلة تكاليف تطبيق الخصخصة :
تحتاج الخصخصة عند التحويل للمنشأة من عامة إلى خاصة إلى تكاليف إدارية ، وتكاليف الإشراف ، وتكاليف إعادة الهيكلة المالية ، وتكلفة إصلاح وإحلال وصيانة الأصول ، وخدمات استشارية من خبراء محلين وغير محلين ، وكل ذلك يدعو الحكومة لتوفير السيولة اللازمة لتمويل هذه المتطلبات .
7) مشكلة التصرف في فائض العمالة :
فالدول النامية في بعض الأحيان تواجه عند تطبيق الخصخصة على مشروع ما ، تلقى مواجهة معارضة بعض العاملين خاصة القدماء لتطبيق هذه السياسة خوفا على فقدان الوظيفة . وهذا الأمر يتطلب من الدولة وضع تدابير وبدائل لحل مشكلة الفائض في العمالة الناتج عن الخصخصة.

الآثار الاقتصادية للخصخصة :
هي الآثار التي تحدث سواء رغبت فيها الدولة أو لم ترغب فهي مرتبطة بالتلقائية وتقسم هذه الآثار إلى : -
أ ) الآثار الإيجابية :
هناك آثار إيجابية اقتصادية مترتبة على الخصخصة وهي :
1. تغير أيدلوجية النظام الاقتصادي والاجتماعي : ما دامت الخصخصة أداة هامة ورئيسة في تحول النظم الاقتصادية السائدة ، سواء اشتراكية أو مختلطة إلى نظم رأسمالية . فنمط الإنتاج السائد داخل النظام هو الذي يشكل أيدلوجية النظام ، فكلما ازدادت الملكية الخاصة كلما أصبح النظام الرأسمالي هو السائد ، وأصبح النظام الاقتصادي نظام رأسمالي قائم على سيادة نمط الملكية الخاصة .
2. زيادة سيطرة الدولة على الموارد المالية : تنطوي عملية تنفيذ الخصخصة على عملية تبادل الموارد الفنية التي تملكها الدولة بما يقابلها من موارد مالية من القطاع الخاص ، سواء كانت هذه الموارد من داخل الدولة . وتكون هذه الموارد على أنواع : أسهم ، وسندات ، و شيكات ، و ائتمان ، و تتمتع بحركة === والاستخدام . وهذه الموارد التي يملكها القطاع الخاص == ل== عدم القدرة على نقلها أو إزاحتها خارج حدود الدولة .
ب) الآثار السلبية للخصخصة :
إن سياسة الخصخصة لها بعض الآثار الاقتصادية السلبية التي تؤثر على المستهلك وعلى العمالة بالشركات التي يتم إخضاعها للخصخصة ، ومن هنا تزداد مخاوف البعض من جراء تطبيق تلك السياسة ، وللدولة دورا في تخفيف من هذه الآثار السلبية ، والتي تتمثل أهمها في احتمالات ارتفاع الأسعار لبعض المنتجات واحتمالات الاستغناء عن العمالة الفائضة بالشركات التي تحول للقطاع الخاص .
الخصخصة في الدول العربية :
لماذا ظهرت استراتيجية الخصخصة في الدول العربية :
شعرت الدول العربية التي أخذت بنظام الاقتصاد الموجه مركزيا بأنها تسبح عكس التيار ، وان النتائج التي حصلت عليها لست هي المرجوة وأن الخسائر تزداد يوما بعد يوم في إنتاجها ، وزادت نسبة شكاوي مواطنيها من الأزمات الاقتصادية ؛ لذا صار من الضروري مراجعة الحسابات ، خاصة أن ثبت فشلها عمليا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان يشكل قوة عظمى في العالم ، وأصبح اليوم يحتاج إلى المساعدة حتى من الدول النامية .
نتيجة لهذه المعطيات الحديثة بدأت تجربة نظام الاقتصاد الموجه بالتوقف في كثير من البلاد العربية ، وأخذت تتجه إلى سياسة الخصخصة التي توافق الفطرة البشرية .
بدأت في الدول العربية منذ عام 1985م الدعوة إلى خصخصة بعض الأنشطة التي تعود ملكيتها للدولة ، وذلك بناء على توصية من صندوق النقد الدولي وهيئات المعونة الأجنبية . وهذا ملخص عن رحلة الخصخصة في بعض من الدول العربية الدول العربية :
1. مصر : بدأت مصر رحلتها مع الخصخصة من عام 1991م بالإعلان عن بيع الشركات العامة إلى القطاع الخاص ؛ وذلك من أجل إصلاح الوضع الاقتصادي في الدولة ، وسداد ديون القطاع العام التي وصلت إلى 170 مليار جنيه نهاية أبريل 1998م . عرضت الحكومة المصرية للبيع 290 شركة من شركات القطاع العام ، منها 163شركة خاسرة أو متعثرة أو طاقاتها معطلة ، وقدرت لهذه الشركات المعروضة للبيع ثمنا بما يعادل 90 مليار جنية وهي مدينة بما يعادل 71 مليار جنيه وديون البنوك المستحقة عليها 20 مليار جنيه حسب بيانات مجلس الوزراء .
2. السعودية : قررت الحكومة السعودية معالجة مشكلة العجز في الموازنة والدين العام ، البالغ 44 مليار ريال سعودي لسنة 1999م ، كما جاء في إعلان صادر عن جهات رسمية سعودية بنهاية عام 1999م ، وذلك باللجوء إلى برنامج مدروس لتخصيص بقض الشركات في القطاع العام .
3. الكويت : من جراء جرب الخليج عام 1991م أصبحت الكويت تعاني اليوم من عجز مالي حقيقي في أرقام الموازنة بعدما كانت قبل الحرب تتمتع باحتياط مالي يتجاوز 12مليار دولار . فأصبحت تعاني من ديون داخلية وخارجية تقترب من مجمل الاحتياطي العام ؛ بسبب ارتفاع تكاليف الإدارة والتكاليف الدفاعية ؛ لذلك سعت الحكومة سعت إلى خفض عجز الميزانية والدين العام عن طريق برنامج موسع للخصخصة في القطاع العام عن طريق بيع أسهم من شركاته ، أو سندات في الشركات الرئيسية ، وقد أوصى مجلس الأمة الكويتي بخصخصة شركة الخطوط الكويتية الوطنية .
4. البحرين : تقرر خصخصة قطاع النقل العام والمياه والكهرباء والمرافق العامة .
5. سلطنة عمان : جاءت الخصخصة في عمان في إطار التوجهات والاستراتيجيات العامة للاقتصاد العماني . ومع أن الدولة قد بدأت في عمليات الخصخصة في عدد من المشروعات مثل شركة التأمين الوطنية وشركة فنادق عمان ، وشركة أسمنت عمان ، إلا أن عدم توفر موارد كافية لتنفيذ مشاريع خدمات الكهرباء والمياه خلال الخطة الخمسية ( 1991-1995م) جعلها تتجه لأفكار الخصخصة وقوى ذلك اتجاه الدولة للاحتفاظ بسقف محدد للمديونية الحكومية واتجاهها لموازنة المصروفات والإيرادات في الخطة المقبلة .
6. سوريا : تتجه الحكومة إلى تشجيع القطاع الخاص ودعمه ليأخذ دوره إلى جانب القطاع العام . ولا تنوي الحكومة الآن بيع شركات القطاع العام ، بل تعمل على إصلاحها ضمن خطة مرحلية مقبلة وبالتعاون مع القطاع الخاص .
7. الأردن : طرحت الحكومة شركة الطيران المحلية " الملكية الأرديين " وسلطة الكهرباء ، ومؤسسة النقل العام ، ومؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية ، وذلك ضمن برنامج الخصخصة المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي .
8. لبنان : بدأت عملية الخصخصة عام 1992م بتشكيل لجنة تخصيص لدراسة أوضاع المؤسسات وإمكان تلزيمها إلى القطاع الخاص لعلها تساعد في خفض مستويات الدين العم الذي بلغ 16 مليار دولار حتى أكتوبر عام 1998م ، وقد بدأت الخصخصة بالهاتف الخلوي عام 1994م وسيعقبه الهاتف العادي ومرافق خدمية أخرى .
9. السودان : بدأت الخصخصة بالسكة الحديد ، لتهيئتها للمرحلة الاقتصادية القادمة في ظل العولمة .
10. الجزائر : بدأت عملية الخصخصة بالفنادق ، حيث طرحت الحكومة 600 فندقا مملوكة للحكومة للبيع لمستثمرين القطاع الخاص ثم عرضت 12 مصنع آخر وغيرهم من مصانع أخرى .
11. تونس : بلغ عدد عمليات الخصخصة من عام 1987م 167 عملية شملت 92 مؤسسة وفرت 550 فرصة عمل إضافية ، وتخلت 8 منشآت عن 300 من عمالها .


الخاتمة
من جميع المعلومات المختلفة حول الخصخصة أقول : إن الخصخصة بتعريفها المؤسسي تعني التحول الكلي أو الجزئي في ملكية وإدارة الفعاليات الاقتصادية التي تملكها الدولة إلى القطاع الخاص ، فإن ذلك التعريف يقتضي بالضرورة أن نفرق بين مفهوم الملكية العامة والملكية الخاصة .
وبناءا على ذلك فإن التوجه نحو الخصخصة يعني بالضرورة تغليب مفهوم الملكية الخاصة على الملكية العامة ، وهو ما يعني الأخذ بالفكر الاقتصادي الرأسمالي الذي يقوم على أساس امتلاك الأفراد للموارد الاقتصادية ، وبالتالي تحكمهم في عناصر ووسائل الإنتاج والحركة التجارية بهدف تحقيق الأرباح ، وهي المقومات التي أصطلح على تعريفها بأسس الاقتصاد الحر . وهذا التحليل يفيد بأن الأصل في الأمر هو الملكية الفردية وأن الملكية العامة للموارد الاقتصادية جاءت بحكم تعاظم الدور الاقتصادي للدولة في إدارة دفة الاقتصاد في مراحل التنمية الأولى التي تطلبت أن تقود الدولة دفة الاقتصاد وتوجيهه لعدم قدرة الفعاليات الخاصة على ذلك . وانطلاقا من هذا التحليل تكون العودة إلى الملكية الفردية بمثابة العودة إلى الأصل الطبيعي بعد أن تكون الدولة قد تمكنت من بناء قواعد الاقتصاد وتشكيل هيكله ، بحيث تعيد ملكية وإدارة عناصر ووسائل الإنتاج والموارد الاقتصادية إلى ملكية الأفراد سواء كانت بشكل أحادي أم جماعي وفقا للمؤسسات الاقتصادية الخاصة الجديدة طالما أنها مبنية وفق سياق ومضمون الملكية الفردية ، باعتبار قدرة الأفراد الذاتي على تسيير أمور حياتهم بما يعرف في الفكر الاقتصادي الرأسمالي بآلية السوق التي تعمل فيها اليد الخفية التي أشار إليها عالم الاقتصاد " آدم سميث " ومؤداها أن تحقيق الفرد لمصلحته الذاتية سيكون نواة إيجابية ومدخلا طبيعيا لتحقيق مصلحة المجتمع كله .
وفي منظور الإسلام فإن مفهوم الملكية الفردية يتفق مع الطبيعة التي خلق الله بها الإنسان ، وجاءت تعاليم الإسلام بملكية الموارد لتنظيم علاقة الإنسان بملكية الموارد الاقتصادية التي أتاحها الله للناس ورضي بها المسلمون رضاء طاعة مطلقة ، فأعطى الإسلام الإنسان حق التملك في الدنيا بمفهوم الاستخلاف في الأرض ؛ وهو استخلاف مؤقت في المنظور العام للحياة الدنيا ، ومبرر لحياة الفرد الواحد الفانية ويتفق مع طبيعة البشر وإدراكهم الفطري لتلك الطبيعة التي لا تتبدل ولا تتغير .
المراجع


[1] دكتور : عبدالرحيم الريح ، مقال تحت عنوان استراتيجية الخصخصة في العالم ، مجلة أبو ظبي الاقتصادي – مجلة تصدر عن غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي / الإمارات العربية المتحدة ، العدد ( 320 ) شهر نوفمبر لسنة : 1998م .
[2] د . سعيد النجار ، التخصيصية والتصحيحات الهيكلية ، صندوق النقد الدولي : 1988م ، صفحة : 92
[3] إيهاب الدسوقي ، التخصيصية والإصلاح الاقتصادي في الدول النامية مع دراسة التجربة المصرية ، دار النهضة العربية / القاهرة – 1995م صفحة : 10
[4] البنك الدولي ، تقرير التنمية في العالم سنة : 1988م ، صفحة : 206
[5] ايهاب الديسوفي ، مصدر سابق ، صفحة : 15
[6] ستيف هـ م هانكي ، تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص ، دار الشروق : 1990م / القاهرة ، صفحة : 9


الساعة الآن 02:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w