![]() |
لم تعد سمية نشيطةً كالعادة ، والمدير ينتقدها بشدة ، الأعمال تتراكم في مكتبها ، ولا تنجز إلا القليل ، تغرق في لجة السرحان ، تناجي بدر في كل دقائق حياتها ، تقرأ رسالة بدر الأخيرة عشرات المرات في كل يوم ، إلا أن التمادي في إهمال الواجبات المنوطة بها في العمل والإفراط في التخاذل ، ستكون عواقبه وخيمة ، وليس من العدل في شي أن تطلب من زميلتها زهرة إنجاز كل أعمالها ، وهي الأخرى لم تعد قادرة على مجاملة سمية أكثر من ذلك ، وإن لم تتدارك سمية نفسها فإن إنهاء خدماتها في السفارة بات وشيكا . يبدو أن اليوم الثاني أجمل من سابقه ، حيث أن بدر يزداد تعلقا بالحضانة ، فهي تطوي الهموم ، وتشرح الصدر ، وتذكي نار المودة ، والأستاذ عماد يبدو أنيقا في كل شيئا ، راقيا في تعامله ، ودودا لزملائه ، بشوشا للأطفال ، يملك رصيدا هائلا من الثقافة ، متمسكٌ بتعاليم دينه ، محافظٌ على أصالته ، ومنفتحا على الدنيا بمدنيتها وحضارتها ، أهدى لبدر كتاب " دع القلق وابدأ الحياة " للكاتب الرائع دايل كارنيجي ، وأوصاه بعدم ترك ممارسة الرياضة ، اندهش بدر من فراسته وذكائه ، حيث أن بدر كان يلعب كرة القدم بكل مهارةٍ وإجادة ، هز عماد رأسه وأشار بيده لبدر أن الموعد يوم الخميس في نادي الاتفاق . عائشة تعضُّ الآن أصابع الندم على ما فعلته بالأمس ، شعرت بأنها تافهةٌ حقيرة ، وكان عليها أن لا تنجرف خلف رغباتها وشهواتها ، ومن يطع الهوى فالحضيض مآله ، والنكسة والخزي والعار سيلازمانه ، ولكن لا جدوى من الحزن الآن ، فمازن الجبان كل همه إشباع نزواته ، وبدأ يكرر الطلب على عائشة بكل نذالةٍ ووقاحة ، يتصل بها كل حين ، وحينما رفضت الخروج معه ، وأخبرته بفظاعة الجرم الذي اقترفته ، بدأ يهددها بشريط الفيديو ، إما أن تلبي كل أوامره ، وإما أن تدفع له خمسمائة ألف دولار ، ولا خيار غير ذلك ، وهو على أتم الاستعداد لإيصال الشريط لأبيها وكل صويحباتها . يالله تضاعفتِ البلوى ، وزاد القلب لهيبا وجوى ، تناجي نفسها وتلطم خدودها ، وتشق ثوبها ، فالكارثة لا تقدر ، وحجم الخسارة فادحٌ جدا ، شرفٌ ذهب ، وحياءٌ مات ، وإنسانيةٌ مستباحة ، وجرمٌ لا يغتفر ، وطريقٌ مظلم ، وحوشٌ وذئاب ، وعاهرةٌ بدون جلباب ، إما الخضوع والاستسلام ، وإما الفضيحة والذل والصغار ، وكلاهما مميت ، يا إلهي كوني عوني ومغيثي . " الآن وقد عصيت " ، بأي وجهٌ أطلب الرحمة وأنا لم أصلي لله ركعة ، لم أتركُ ركنا من أركان الشيطان ، ولم ألتزم نهجا يرضي الرحمن ، لا خيار سوى الانتحار لا خيار . ،،، يتبع ،،، |
روحي ليست أغلى من روح زوجي ، هكذا تفكر أم حسام ، فأزهار الإنسانية الجميلة لا تسقى إلا بدم التضحيات ، وما كتبه الله في كتابه كائنٌ لا محالة ، والأنفس إذا تآلفت لا تهرم أبدا ، ويبقى شبابها حيا بحياة قلوبها ، كذا حال كل المخلصين وطريق الأوفياء ، لم يزعزعها خبر الإيدز في زوجها ، بل اتصلت به روحا وجسدا ، وأعلنت تضامنها معه ، وأن الموت لا يرهبها والمرض لا يمنعها أن تعيش حياتها بصفاءٍ مع زوجها الذي افتقدت حنانه واهتمامه ، أما الزوج لم يتمالك نفسه من هول الصدمة ، لم يخطر له بالاً بهذه النتيجة ، فالحدث مأسويٌ بحق ، تأخذه الحسرة إلى ذكريات الضياع وبداية الانهيار ، إلى وجع المستقبل وجذوة القلب ، إلى موتٍ محتوم ، ونهايةٍ مخزية ، نعم يحشر المرء على ما مات عليه . تمسح أم حسام على رأس زوجها وكأنه طفلٌ صغير مبتسمةً في وجهه : "لا تقلق يا عذب القلب ، فأنا لن أجد طريقا غيرك ، انظر إلى احتراق مهجتي ، إلى اهتياج خيالي ، إلى نبض أشلائي ، إلى حنين وجدي ، إلى أنين آهاتي ، إلى بركان مشاعري ، إلى ترقرق عبراتي ، بل يا همسي ونجواي انظر إلى تحناني وحبي ، إلى إخلاصي وعفتي ، أنا لك ماضيا وحاضرا ، معك يسرا وعسرا ، أنت قلبي وأنا نبضك ، فلا تيأس رحمة الله أكبر ، وعطف الخالق أقوى وأعظم ، لن تنطوي صفحة النور ما دام الأمل يتورد في الشرايين . حسام لم يكن ميتا أبدا ، فهو يعيش في قلب يونس دائما :" آهٍ أيها الشوق ما بالك تطحنني طحن الرحى ؟ أو ما يرق قلبك لي ؟ سأعدك يا حسام أن تبقى رمزي ومثلي وقدوتي " ، هذا حديث النفس للنفس ، يبوح لنفسه ليجد التخفيف والسلوان ، فالنفس هي الصديق الذي لا يغدر ، وفي حديقة المدرسة تجيش الذكريات بوابلٍ من القسوة والعذاب ، هذا كرسي حسام المعتاد ، لا لن أبرحك أبدا ، ولن أجعلك تشتاق لحسام أكثر مني ، وفي الركن القصي من الحديقة كان مرتضى يقطف الزهور ، لا لولعٍ بها ، لكنَّ حسام كان يفعلها ، لم يشعر مرتضى بقوة الحنين لحسام مثلما يشعر الآن ، احتضن يونس طويلا ، كلاهما يبكي ، ولا يجدان من يجفف دموعهما ، آهٍ يا مرتضى طال الغياب ، وما عاد قلبي يحتمل ، أواه أواه يا يونس قلبي يكاد ينشطر وكبدي تتفطر ، وقتي لم يكن ثمينا إلا بمجالسة حسام ، وروحي لم تعرف الراحة إلا بلقيا حسام ، أين حسام ؟!!! ، قاتل الله المنون لم تترك لي حبيبا ولا قريبا . أمل ، هل يتحول هذا الاسم الجميل إلى حقيقة يتمناها الأقربون ؟ ، هل أملُ الحياة لأمل بات ضعيفا ؟ الأطباء يؤكدون بأن الضرب المبرح سبّبَ مضاعفات داخلية لجسد أمل ، والإشارة تتجه صوب الكليتين ، وإذا لم يتحسن الوضع سريعا ، فإن الفشل الكلوي يتربص بأمل ، والشرطة تعتقل موسى ويرفض الإدلاء بأي حقيقة ، وينكر الحادثة من أساسها ، فهو لا يعرف أمل ، ولم يعتدِ عليها يوما ، وطول وقته يقضيه في البيت لمتابعة أفلام الكرتون ، ولعب البلاستيشن بصحبة أخته الصغيرة " عبير " ، ومع استخدام بعض القوة من رجال الأمن سيكون للتحقيق منعطفا آخرا ، ولن تغيب الحقيقة ما دام يحكمه شرعٌ وقانون . ،،، يتبع ،،، |
لو سمحت اخي رقيق المشاعر اكمل القصص......:sadwalk: :sadwalk: :sadwalk:
|
بارك الله فيك أخي العزيز ..
ولا زلنا نتابع أحداث روايتك بشغف .. كل الشكر والتقدير لك على هذه الجهد ما أن تكمل احداثها حتى سنعلن عنها ونطلب من الجميع قراءتها والوقوف على محاورها . جزيل الشكر وعظيم التقدير لك .. |
أكمل ايها الرقيق فكلنا متشوقين لمعرفة باقي الاحداث والمستجدات
|
رقيق لا تطول علينا ننتظر القصة بارك الله فيك
|
الحمد لله ع السلامه اخوي رقيق المشاعر
زين كملت لنا القصه متلهفه اعرف البقيه في انتظارك...... |
نتابع وننتظر بصمت
|
|
اقتباس:
عفواً أخي عن أي عصور تتحدث ؟ وكأنك تتجنى عليَّ أنتظر ردك ربما هنالك لبس كن مشرقا |
ربما التبس عليه الأمر أخي رقيق المشاعر ....
أكمل ونحن معك . |
الساعة الآن 01:34 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها