مشاهدة النسخة كاملة : أبو ذر الغفاري .


الفارس البلوشي
06-04-2007, 10:16 PM
أبو ذر الغفاري

أبو ذر ، جندب بن جنادة الغفاري أحد السابقين الأولين وخامس خمسة في الإسلام .

إسلامه
كان يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث من هنا وهناك ما دله على محمد, وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه. و في صبيحة يوم ذهب إلى مكة فوجد هناك الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده, فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب ، ورد عليه الرسول السلام وسأله من أين أنت؟ فقال : من غفار وهي قبيلة مشهورة في السطو ، فتعجب الرسول أن يأتيه أحد قطاع الطرق يريد الإسلام في بداية الدعوة التي كانت سرا ولم يجهر بها ، ولكن الله يهدي من يشاء فقد كان متمردا على عبادة الأصنام وما أن سمع بوجود نبي يسفه عبادة الأصنام حتى أتاه وأعلن إسلامه عند رسول الله فكان ترتيبه الخامس أو السادس .

فقال له الرسول
(يا أبا ذر أكتم هذا الأمر ، وأرجع إلى قومك ،وإذا بلغك ظهورنا فأقبل)
فقال
والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم ، فصاح يا معشر قريش أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقاموا على ضربه حتى خلصه العباس عم النبي بحيلة أنكم تجار وستمرون في طريقكم على غفار وهذا من رجالها فتركوه.
وهكذا بدأت شخصية أبو ذر بالقوة بالحق وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم في الحق ، مع حدة وصلابة تميز بها ، فعاد أبو ذر مسلما إلى قومه .


المدينة المنورة
بعد مرور الأيام وهجرة المدينة الرسول إلى المدينة واستقرار المسلمين فيها ، يأتي يوم وإذا صفوف من المشاة والركبان فيها قبيلة غفار برجالها ونسائها وقبيلة أسلم يقودهم أبو ذر إلى المدينة مسلمين ، فتعجب الرسول من صنيع ودعوة أبو ذر ، وأستقبلهم ونظر إلى قبيلة غفار .وقال غفار غفر الله لها. ثم إلى قبيلة أسلم فقال: وأسلم سالمها الله ، ثم قال الرسول لأبي ذر : ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر .


كن أبا ذر
في غزوة تبوك أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم ، وكانت أيام عسر وشقة وحر شديد وتخلف فيها من تخلف من المنافقين والمعذورين ، وكان منهم أبو ذر الذي تخلف وأبطا به بعيره فما كان منه إلا أن نزل من فوق ظهر البعير, وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه, مهرولا, وسط صحراء ملتهبة حتى يدرك الرسول وصحبه ، فتوقف الرسول والصحابة وقفة أستراحة حتى رأى أحدهم رجل يمشي على الطريق وحده فقال الرسول : ( كن أبا ذر ) فلما أقبل كان هو أبو ذر .

فقال الرسول عليه السلام
( يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده ) .

الحديث النبوي
روى عنه: حذيفةُ بن أَسِيد الغِفاري، وابنُ عباس، وأنسُ بنُ مالك، وابنُ عمر، وجُبـير بن نُفير، وأبو مسلم الخَولاني، وزيدُ بنُ وهب، وأبو الأسود الدُّئِلي، ورِبعيُّ بنُ حِراش، والمعرورُ بن سُويد، وزِرُّ بن حُبـيش، وأبو سالم الجَيْشاني سُفيان بن هانىء، وعبدُ الرحمن بن غَنْم، والأحنفُ بنُ قيس، وقيسُ بن عُبَاد، وعبدُ الله بن الصامت، وأبو عثمان النَّهدي، وسُويد بنُ غَفَلة، وأبو مُراوح، وأبو إدريس الخولاني، وسعيدُ بنُ المُسيِّب، وخَرَشةَ بن الحُرِّ، وزيدُ بن ظبـيان، وصعصعةُ بنُ معاوية، وأبو السَّليل ضُريبُ بن نُفَير، وعبدُ الله بن شقيق، وعبدُ الرحمن بن أبـي ليلى، وعُبـيد بن عمير، وغُضيفُ بن الحارث، وعاصمُ بنُ سفيان، وعُبـيدُ بن الخَشخاش، وأبو مسلم الجَذْمِيُّ، وعطاءُ بنُ يسار، وموسى بنُ طلحة، وأبو الشعثاء المُحاربـي، ومُوَرِّقُ العِجلي، ويزيدُ بن شَريك التيمي، وأبو الأحوص المدني ـ شيخٌ للزهري ـ وأبو أسماء الرَّحَبـيُّ، وأبو بَصرة الغِفاري، وأبو العالية الرِّياحي، وابنُ الحوتكية، وجَسرةُ بنتُ دجاجة.


مع الأمراء
تبدأ قصة أبو ذر وخلافه مع الأمراء و مال المسلمين بحد يث للرسول عليه السلام ، حيث ألقى الرسول يوما هذا السؤال:

يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء؟
فأجاب قائلا: اذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي . فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: أفلا أدلك على خير من ذلك..؟ اصبر حتى تلقاني . ومضى عهد الرسول, ومن بعده عصر أبي بكر, وعصر عمر وفيها مراقبة صارمة لولاتهم في العراق, و الشام, و صنعاء ، والبلاد النائية ، وبعد الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق عمر والسلطة والثروات في الأقطار الأسلامية بدأت الأموال تفسد المجتمع ، والسلطة والجاه وغيرها فكان أبو ذر يتوجه إلى أقاليم المسلمين و ولاتها ويحذرهم من السلطة والمال ومعارضا للولاة ، فكان يردد (بشّر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة ) ، وتوجه إلى الشام .


الشام
أغلب صراعه ومعارضته كانت في الشام ، حيث الخيرات والأموال في ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وكان ذلك في حكم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان معاوية يعطي الأموال ويوزعها بغير حساب, يتألف بها الناس ، وكان أبو ذر يعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط ، وأنهم جميعا شركاء في الرزق ، وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى ، وكانت الجموع تلتف حوله ولو أراد ثورة أو سلطة أو إمارة لأخذها ولكنه أراد النصح لولي الأمر, فحدث الخلاف بين أبو ذر ومعاوية فكان أبو ذر يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما, ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية إلى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع ، ويستشعر معاوية الخطر, ولكنه يعرف له قدره, فلا يقرّ به بسوء, ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له: ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام ، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة ، وأطاع أبو ذر أمر خليفته ، ومما سمع عثمان من شكاوى ضد أبو ذر ومشايعة الجماهير لآرائه ، دار الحوار بين عثمان وأبو ذر وأستقر راي عثمان على تحديد إقامة أبو ذر في المدينة ، فكان رده (لا حاجة لي في دنياكم) .وطلب من الخليفة أن يأذن له الخروج إلى الرّبذة فأذن له ، وقد جاءه وفد من الكوفة في الربذة لرفع راية الثورة ضد الخليفة ولكنه رفض ورد بقوله : والله لو صلبني على أطول خشبة أو حَبلٍ، لسمعتُ وصبرتُ ورأيتُ أن ذلك خيرٌ لي ، فما كان يريد إلا النصح .


أقواله
والذي نفسي بيده, لو وضعتم السيف فوق عنقي, ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها..!! لله درك يا أبا ذر أي رجل كنت رضى الله عنك ، ونحن الآن بحاجة إلى أبي ذر لا يخشى في الله لومة لائم


وفاته
مات في الربذة حيث جلست زوجته بجواره تبكي, وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق ؟ ، فتجيبه بأنها تبكي: لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا ، لا تبكي, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض, تشهده عصابة من المؤمنين. فأتت قافلة على رأسهم عبدالله بن مسعود . فعرفه و وقف على جثمانه قائلا : صدق رسول الله ، تمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك .