http://arabic.cri.cn/mmsource/images/2006/05/12/0512shengmu.jpg
احدى شواهد المقابر العربية التاريخية في مدينة تشيوان تشو جنوب الصين


يعتبر طريق الحرير القديم جسرا هاما في تاريخ العالم وقد لعب دورا كبيرا في تبادلات مختلف الحضارات، حيث قدم مساهمات قيمة جدا لتطورات الحضارة البشرية. ومن المعروف أن كلا من طريقي الحرير القديمين البري والبحري ينطلق من الصين. وبرهنت دراسات الخبراء ان نقطة الانطلاق لطريق الحرير البحرى هى مدينة تشيوان تشو الساحلية فى مقاطعة فوجيان.

وحول الأحوال الاساسية للمدينة قال العالم المسلم يانغ قو تشين:

"مدينة تشيوان تشو مدينة ساحلية تقع جنوب شرقى الصين. تبلغ مساحتها أحد عشر الفا وخمسة عشر كيلومترا مربعا. وعدد سكانها حوالى سبعة ملايين ومائتين وثمانين الف نسمة. ان مدينة تشيوان تشو تتمتع بتاريخ طويل وآثار كثيرة، فهى من ضمن المدن الحضارية المشهورة الاربع والعشرين التى اختارها مجلس الدولة الصينى فى الدفعة الاولى."

وبشأن تاريخ التبادلات بين مدينة تشيوان تشو والخارج، قالت السيدة دينغ بأي شيا مشرفة مكتبة تشيوان تشو:

"وفقا لسجلات تاريخية فى عصر الأسر الجنوبية من عام 420—588 الميلادي عاد الراهب البوذي الكبير" كيناروتو" الى الهند بعد انتهاء دعوته الى الدين فى الصين انطلاقا من مدينة تشيوان تشو. وهذا يرمز الى بداية اتصالات تشيوان تشو مع الخارج. وفى أسرة تانغ (من عام 618—907) الميلادي، أصبحت مدينة تشيوان تشو من بين أربع مدن تجارية صينية كبرى مع الخارج."

وفى أسرة سونغ واسرة يوان، (من عام 960 ---عام 1368) الميلادي، ازدهرت مدينة تشيوان تشو ازدهارا لا مثيل له. حيث وصلت مواصلاتها الى اليابان شرقا والى بلدان جنوب آسيا جنوبا والى بلاد فارس والدول العربية غربا حتى شرق وغرب أفريقيا. وجرت الاتصالات التجارية بينها وبين أكثر من مائة دولة ومنطقة. وفى القرن الثالث عشر، جاء الرحالة الايطالى المشهور ماركو بولو الى مدينة تشيوان تشو، وقد قارن مدينة تشيوان تشو بالاسكندرية فى مصر فى سجلات رحلته، وسماها "الميناء الأول".

لقد جذب ازدهار مدينة تشيوان تشو مئات الألاف من التجار الاجانب والملاحين والمبعوثين الدبلوماسيين والمبشرين من الاديان المختلفة وقد قطعوا مسافات طويلة اليها لاجراء نشاطات تجارية وسياحية ودينية وثقافية. في مدينة تشيوان تشو يوجد متحف مواصلات تشيوان تشو مع الخارج، وفى الغرفة الخاصة "للنقوش الحجرية الدينية". عرضت المئات من النقوش الحجرية للاديان البوذية والاسلام والمسيحية والهندية. ومعظمها نقوش حجرية مكتوبة باللغة العربية القديمة . ويدل ذلك على ان الدين الاسلامي كان مزدهرا وحيويا جدا فى تشيوان تشو فى ذلك الوقت.

وحول التبادلات الصينية العربية في مدينة تشيوان تشو قال العالم المسلم يانغ قو تشين:

"فى الحقيقة، جاء العرب الى مدينة تشيوان تشو مبكرا ومعهم الدين الاسلامى. وقد عاشوا وتزوجوا وتناسلوا مع المحليين جيلا بعد جيل. وخلال النشاطات التجارية والتبادلات الثقافية لمدة اكثر من الف سنة، ترك العرب كمية كبيرة من الآثار التاريخية فى مدينة تشيوان تشو."

تعتبر المقبرة الاسلامية المقدسة على جبل لينغ شان داخل مدينة تشيوان تشو أقدم وأحسن أثر اسلامي محفوظ فى الصين. ووفقا لما مدون فى سجلات لعهد أسرة مينغ الملكية،ارسل رسول الله محمد "-- صلى الله عليه وسلم" اربعة من اتباعه الى الصين، وقام اثنان منهم بالدعوة الى الدين الاسلامى فى مدينة تشيوان تشو فى فترة ما بين عام 618--626، وتم دفنهما فى جبل لينغ شان بعد وفاتهما. فيجتمع المسلمون من مدينة تشيوان تشو هنا للصلاة فى عيد الفطر كل سنة . وكما وزار المدينة أيضا كثير من السفراء العرب لدى الصين اعجابا بشهرتها.

وفى عام 1998، استخرج متحف مواصلات تشيوان تشو مع الخارج من منطقة جين توو بو اكثر من ستين غطاءا حجريا للمقابر الاسلامية ومواد بناء للمساجد التى بناها اليمنيون. ووفقا للدراسات الاثارية، كانت هناك سبعة مساجد داخل مدينة تشيوان تشو فى عهد اسرة يوان الملكية. ويمكننا ان نجد واحدا منها هو مسجد تشينغ جينغ فى الوقت الحالي.

بشان مسجد تشينغ جينغ قال العالم المسلم يانغ قو تشين:

"ثم بناء هذا المسجد فى عام 1009 بفضل تبرع مسلم عربى مقيم فى مدينة تشيوان تشو. وتمت اعادة بنائه فى عام 1310 بفضل تبرع أحد المسلمين الايرانيين. وهو أقدم مسجد محفوظ فى الصين . ان هذا المسجد مبنى من المرمر،غير ان سقف قاعة الصلاة قد انهار ، ولكن قوس بوابته وجدرانه ما زالت محافظة على اشكالها الاصلية. وبالاضافة الى ذلك، هناك الكثير من النقوش الحجرية المكتوبة باللغة العربية منقوشة على جدران المسجد."

لم يترك العرب أثارا تاريخية مثل المقبر المقدسة والمساجد فى مدينة تشيوان تشو فحسب، بل تركوا أيضا عددا كبيرا من الأبناء.

واضاف السيد يانغ قو تشين قائلا انه من خلال تزاوج العرب مع القوميات الأخرى وخاصة مع قومية هان على مدى مئات السنين، إزداد عدد سكان قومية هوى المسلمة في مدينة تشيوان تشو بشكل كبير حتى بلغ ستين الفا . ويحتل عدد من يمتازون بصلة الرحم مع العرب نسبة كبيرة فيها.

لقد ترك التاريخ لمدينة تشيوان تشو ميراثا عالميا ثمينا، لذلك يعرف مواطنو مدينة تشيوان تشو مسووليتهم بصورة جيدة ، فهم يوظفون أموالا كثيرة ويتخذون اجراءات عديدة لحماية هذه الأثار التاريخية. وفى نفس الوقت ، رفعت مدينة تشيوان تشو بصفتها "نقطة الانطلاق لطريق الحرير البحرى " تقريرا الى منظمة اليونسكو لضمها إلى قائمة الأثار الثقافية العالمية.