مشاهدة النسخة كاملة : الإيمان بالملائكة


بيسان
10-01-2007, 11:57 PM
المقدمة:
الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة التي لا يقوم الإيمان إلا بها ، ومن لم يؤمن بواحدة منها فليس بمؤمن ، وهي : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرّه من الله تعالى .
والملائكة من عالم الغيب الذي لا نُدركه ، وقد أخبرنا الله عنهم بأخبار كثيرة في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيما يلي طائفة من المعلومات الصحيحة والأخبار الثابتة الواردة فيهم ، لعلك أيتها السائلة الكريمة تقدّرين الأمر حقّ قدره وتعلمين عظمة الخالق سبحانه وعظمة هذا الدّين الذي جاءنا بأخبارهم.

َ من أيّ شيء خلقوا ؟ :
خلقوا من نور كما قالت عَائِشَةَ رضي الله عنها : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " . رواه مسلم رقم 2996
َ متى خلقوا ؟ :
ليس لنا علم على وجه التحديد بوقت خلقهم لعدم ورود النص في ذلك لكنهم سابقون لخلق الإنس يقينا لنص القرآن: { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة } سورة البقرة آية 30 . فأخبرهم بإرادته خلق الإنسان فدلّ على أنهم موجودون قبله .
َ عظم خلقهم:
يقول تعالى في ملائكة النار: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } سورة التحريم آية 6 .
وأعظمه على الإطلاق جبريل عليه السلام ومما جاء في وصفه :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ . رواه أحمد في المسند قال
ابن كثير في البداية 1/47 إسناده جيد .
وقال رسول الله واصفا جبريل : " رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " رواه مسلم رقم 177 ومن الملائكة العظام أيضا حَمَلة العرش ومما جاء في وصفهم : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ " . سنن أبي داود : كتاب السنة : باب في الجهنمية.
َ لهم أجنحة :
يقول الله تعالى: { الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد
في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير } . سورة فاطر آية 1.
َ جمالهم :
قال تعالى واصفا جبريل عليه السلام: { علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى } سورة النجم آية 5-6 قال ابن عباس: {ذو مرة} ذو منظر حسن ، وقال قتادة : ذو خَلْق طويل حسن.
وقد تقرر عند الناس جميعا وصف الملائكة بالجمال ولذا فهم يشبّهون الجميل من البشر بالملائكة كما قالت النسوة في حق يوسف الصديق: { فلما رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم } . سورة يوسف آية 31.
َ تفاوتهم في الخلق والمقدار :
الملائكة ليسوا على درجة واحدة في الخلق والمقدار بل يتفاوتون كما يتفاوتون في الفضل كذلك فأفضلهم من شهد بدرا كما جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ : مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلائِكَةِ . رواه البخاري رقم 3992
َ لا يأكلون ولا يشربون:
ويدل على هذا ما جرى بين خليل الرحمن إبراهيم وأضيافه من الملائكة لما زاروه ، قال تعالى : { فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم } .سورة الذاريات آية 28 ، وفي آية أخرى : { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط } .سورة هود أية 70
َ لا يملون ولا يتعبون من ذكر الله وعبادته:
قال تعالى :{ يسبحون الليل والنهار لا يَفْتُرون } سورة الأنبياء آية 20، وقال سبحانه : { فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } سورة فصلت آية 38.
َ عددهم:
الملائكة خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم واصفا البيت المعمور في السماء السابعة : " فرفع لي البيت المعمور فسألت جبريل فقال هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم " رواه البخاري . فتح رقم 3207
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : " يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا " . رواه مسلم رقم 2842
َ أسماؤهم:
للملائكة أسماء لكننا لا نعلم من أسمائهم إلا القليل فمن نُصّ على اسمه وجب الإيمان به تفصيلا وإلا كان الإيمان به مجملا داخلا في عموم إيمان العبد بالملائكة ، ومن أسماء الملائكة :
1،2 - جبريل وميكائيل:
{ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ، من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين } سورة البقرة آية 98 .
3 - إسرافيل:
عن أَبُي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ : كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ "اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " . رواه مسلم رقم 270 .
4- مالك :
وهو خازن النار قال تعالى: { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك .. } سورة الزخرف آية 77 .
5 ، 6 - منكر ونكير :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ "إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عبد الله وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ لِلأَرْضِ الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضَْاعُهُ فلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ". رواه الترمذي رقم 1071 وقَالَ أَبو عِيسَى : حديثٌ حَسَنٌ غَرِيب وحسنه في صحيح الجامع رقم 724 .
7 ، 8 - هاروت وماروت:
يقول تعالى: { وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت } سورة البقرة آية 102 ومنهم غير ذلك {وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر} سورة المدثر آية31 ومنهم غير ذلك.


َ الخاتمة:
هذه خلاصة عن ملائكة الله الكرام نتمنى ان نكون قد عرضنا الشيء الموجز الوافي عن الملائكة و نسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين بهم المحبين لهم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله .