مشاهدة النسخة كاملة : تاريخ المغول التتار ....... الجزء الأول


عبدالله الزومان
26-09-2010, 01:20 AM
(من البحوث التي يقدّمها لكم الباحث عبدالله الزومان )



المغول


المغول او التتار أو التتر شعب بدوي يعيش بأطراف بلاد الصين ، وهم سكان براري مشهورون بالشر والغدر ، ويأكلون لحوم الحيوانات كلها حتى الكلاب والخنازير ، وهوايتهم المحببة صيد الأسود والحيوانات المتوحشة .

ويذكر الحــافظ الكـبير الـذهـبى رحمه الله في كتابه الذهبي (ســـير أعــــلام النـبلاء ) وصف المــوفق البغــــدادي لقبائل الـــتتار حيث قال :
(( حديثهم حديث يأكل الأحاديث ، وخبر ينـــسي التواريخ ، ونازلة تطبــــق الأرض ، هذه أمة لغــــتها مشوبة بلغة الهند لمجاورتهم , وصفهم عـراض الوجوه واسعـو الصدور خفـــاف الأعجاز صغـــار الأطراف سمــر سريعـو الحركة تصل إليهم أخبار الأمم ولا تصــــل أخبارهم إليها ، وقلما يقدر جاســـوس أن يتمكن منهم لأن الغــــريب لا يشبههم ، وإذا أرادوا وجهة كتمـــــوا أمرهم ، ونهضوا دفعة فتنسد لهذا على الناس وجوه الحيل ، وتضيق طرق الهرب ، ويسبقون التأهب ، نســــاؤهم يقـــاتلن ، يقتلــــون النساء والولدان بغير استثناء ، وربما أبقــــوا ذا صنعة أوذا قوة
وغالب سلاحهم النشـــاب ، ويطعنون بالسيوف أكثر مما يضربون بها ، جواشنهم من جلود ، وخيلهم تأكل الكلأ وما تجد من ورق وخشب ، وسروجهم صغار ليس لها قيمة ، وأكلهم أي حيوان وجـــــد وتمسه النار ، تحلة القسم ليس في قتلهم استثناء ، كان قصدهم إفناء النوع ما ســلم منهم إلا غـــزنة وأصبهان ، وهذه القبيلة الخـــــبيثة تعرف بالتمرجي سكان براري قاطع الصين وهم مشهورون بالشـــر والغـــدر ))

وبعض المؤرخين يسميهم المغول ويرى أن التتار فرع من المغول لكن المغول بقيادة جنكيز خان تغلبوا على التتار فتلاشوا في دولة واحدة أما عقيدتهم فهم يعبدون الكواكب ويسجدون للشمس ، ويرون أن ( تَنْكَرَى ) وهو الرب الذي يعلو السماء الزرقاء يبارك خطواتهم ، وأنهم خلقوا ليحكموا العالم كله ، ولهذا سمى زعيمهم نفسه بجنكيز خان أي حاكم العالم .
وينطلقون من قاعدة ( إن في السماء رباً واحداً ، فليكن هناك حاكم واحد على الأرض ) وهو الذي يسمونه الخان وبهذه العقيدة الراسخة والشحن الديني الضال كانوا يدخلون الحروب ويفتكون بالشعوب .
.

والهجمات المغولية التي توالت على بلاد الإسلام تمثلت في ثلاثة حملات مغولية متتالية يقودها ثلاثة ملوك اشتهروا بالجرم والقتل والظلم والنهب هم على التوالي :

1/ الحملة الأولى يقودها جنكيز خان
2/ الحملة الثانية يقودها هولاكو
3/ الحملة الثالثة يقودها تيمور لنك



( ظهور الطاغية الســـفاح جنكيز خان )


هو الطـاغية الأكــبر جنكيزخان الذى ولد عام 1162 م فى قرية تقع فى سفح جـبال خنـتاى بمنـغوليا وكان هو الأبن الثالث لأبيه يـتسوجــى . وكان اسمه فى طفولته ( تـيمـــوجـين ) , ومن العجيب انه ولـد وهو ممـسك فى قبـضة يده بكتـلة دم متجـلطة ..وهذا معناه عند التتار انه سيصبح قائدا عظيما مهـابا سفــاكا لدمــاء الأعــداء وكـان لتيمـوجين 3 أشقاء ذكور هم تيــمــــوجى و خوتجــــى و خــــاجـيون وأخت واحدة هى تيمولـين .

عــاش تيموجين طفولة بائسة للغاية حيث شاهد مقتل أبيه مسموماً على يد اعدائهم التتـار وهجرته أرضه ودياره والحياة في فقـــر مــدقع و منــاخ قاس للغــاية ثم مقتل أخيه غير الشقيق (بخـتار) في رحلة صـيد واستعماله في الـرّق والصراع الـدامي الذي نشـب بينه وبـين صديقه الحمـيم جــــاموكا .

هذه الظروف القاسية ولـدت فيه طاقة هائــلة لتولى القيادة وتوحـيد قبائل المـغول والتتـار المتفـرقة المتـناحرة كما أنشأته محاربا صــلدا شديد المـــراس لا تـلين له قنــاة .

أتم جنكيز خـان ( تيموجين سابقا ) انشـاء نواة الأمــبراطورية المغولية العظمــى عام 1206 م بعد توحيد القبائل والقضاء على المتمردين وتكوين جيش عــرمرم وأخذ من مدينة قــــرة قـــــوروم عاصمة له وأسس مجلسا وطنيا عرف بالكوريلـــتاي., وكان للتتار ديانةٌ عجيبة هي خليط من أديان مختلفة فقد جمع جنكـــــيزخان بعض الشرائع من الإسلام ( عبر التجــار المسـلمين ) و النــــصرانية، و البـــوذية، وأضاف من عنده قــــوانين أخرى وأفرد جميع ذلك في كتابً جعله دستـــور للتتار اسماه ( الياســــــا Yassa )

وكان للخان أن يتزوج بمن يشاء من النساء وكان يؤخذ بمبدأ تعدد الزوجات. والعادة المتبعة أنه إذا تغلب على ملك أو أمير, فإنه كان يتزوج من أخته أو ابنته. أما إذا تغلب عليه وقتله فكان يتزوج من امـــرأته. ويقال إن عـــدد زوجــات جنكيز خان كان يزيد على 500 زوجــة .

كان الطــاغية جنكــــيز خـانً متوحشـا للغاية لسفّكً الدمــــاء وكان أيضًا قائدًا عسكريًّا شــــــديد البأس حتى انه أرسـل سنة 1210م رســــالة تهديد قاسية لـــ تشـــونج هــاي أمبـــــراطور الصين قال فيها ((( قررنا إننا نحط راياتنا في كل مكان على سطح الأرض عن قريب كل الناس و كل الأمـــم حتى تكون خاضعه لـــــنا ويتمتعوا بمشاركتنا في المغـانم الضخمة لكن أذا عاندنــا أحـــد و قاومنا ســــتدمر ممتلكاته و ثروته من غير شفقه ولا رحمه )))

ما إن ظهر جنكيز خان حتى وحّد هذه القبائل تحت زعامته وسيطر على منغوليا سنة 603هـ/1206م ثم غزا شمالي الصين وضم إليه مناطق في آسيا الجنوبية والوسطى والصغرى مؤسساً بذلك امبراطورية واسعة، وتابع حكام المغول من بعده غزواتهم المدمرة التي نشرت الرعب والدمار والموت في المناطق التي كانوا يحتلونها.
ظلت القبائل في منازعاتها وتمزقها حتى ظهور جنكيزخان الذي وحّد تحت إمرته قبائل المغول والتتار ، وابتدأ فتوحاته في شمال الصين فأخضع معظمها، ثم اتـجه غرباً، فدمَّر الدول الخوارزمية واحتل ممالكها على التتابع: بلاد ما وراء النهر ثم خراسان ثم فارس.


وعلى الجانب الآخر وفي هذه الفترات من الزمن كانت هناك الحملات الصليبية التي تتابعت في بلاد الاسلام وفشلت تباعاً على أيدي الأبطال المسلمين ولكنها بدأت تأخذ منحى آخر فقد كانت البلاد الاسلامية واقعة بين خطرين في الغرب الصليبيين وفي الشرق المغول .


( الحملة الصليبية الخامسة ...... 615 هـ)
كان الملك العادل أخو صلاح الدين قد عقد صلحاً مع الصلبيين امتد من 608 هـ إلى 614هـ ، وبعد انتهاء الصلح دعا البابا أنوسنت الثالث إلى حملة صليبية جديدة فكانت الحملة الصليبية الخامسة عام 614 هـ بقيادة ملوك النمسا وهنغاريا وقبرص.
.وصلت الجيوش الصليبية إلى الشام واستولوا على بيسان ، حتى وصلوا إلى نوى ومن جانب آخر سارت جموعهم إلى دمياط في مصر ، فاستولوا عليها ، وكانت باباً منيعاً دون البلاد المصرية ، فلما بلغ العادل أخو صلاح الدين سقوط دمياط وهو في الشام تأوه تأوها شديداً ودق بيده على صدره أسفاً وحزناً ، ثم مرض من ساعته مرض الموت وتوفي ، فاضطرب المسلمون ودخل الصليبيون مصر
.هنا عرض عليهم الملك الكامل بن العادل الصلح فرفضوا ، وقرروا الهجوم على القاهرة لكن أبطال مصر كانوا لهم بالمرصاد ، فقاموا بقطع السدود المائية فلم يستطع الصليبيون التقدم إلى القاهرة ، وفي سنة 616هـ هجم عليهم الكامل في دمياط فكسرهم وقتل منهم عشرة آلاف ، ثم طلبوا الصلح وعادوا إلى بلادهم أذلة صاغرين ، وبهذا فشلت الحملة الصليبية الخامسة .

(هجوم التتار على بلاد المشرق 617هـ )
بعد فشل الحملات الصليبية امتلأت قلوب الصليبين حقداً على المسلمين ، فقاموا بإغراء التتار وتحريضهم على الهجوم على بلاد الإسلام وكانوا يقولون لهم : إن بلاد الإسلام جنان عظيمة ، تنتج العسل ، وتجري أنهارها باللبن
.ولعبت النساء النصرانيات الحليلات والخليلات دوراً في بث هذا التحريض في المجتمع المغولي .

ثم إن هذا التحريض وافق توجهاً عقيدياً لدى التتار بأن الله بعثهم ليحكموا العالم . فبدأ جنكيز خان بالاستعداد لغزو الجزء الشرقي من بلاد الإسلام حيث أراضي الدولة الخوارزمية التي كان يحكمها خوارزمشاه محمد تَكَش ، وكان بعض التجار التتار قد جاؤوا إلى بلاد ما وراء النهر ليشتروا ثياباً لجنكيز خان ، فلما وصلوا إلى خوارزم أمر خوارزمشاه بقتلهم وأخذ ما معهم ، ثم أرسل خوارزمشاه جواسيسه إلى التتار فعادوا بعد مدة وأخبروه بكثرة عددهم وشدة بأسهم وأنهم لا يعرفون الهزيمة فندم على ما فعله بالتجار
.وفي هذه الأثناء وصل رسول جنكيز خان برسالة تهديد يقول فيها : تقتلون تجاري وتأخذون أموالهم !! فإني قادم إليكم بجنود لا قبل لكم بها
.قابل خوارزمشاه هذا التهديد بالتحدي فقتل رسول جنكيز خان ، وحلق لحى الذين كانوا معه وأعادهم إلى جنكيز خان ليخبروه أن خوارزمشاه يقول : أنا سائر إليك ولو أنك في آخر الدنيا ، حتى أنتقم منك وأفعل بك كما فعلت بأصحابك
.استغل خوارزمشاه انشغال التتار بقتال أحد أمرائهم فأغار على بلادهم ،وقتل الأطفال ، وسبى النساء .
ولما وصلت الأخبار عاد التتار بسرعة ، فأدركوا خوارزمشاه قبل أن يخرج من بلادهم ، فوقع بينهم قتال شديد لم يُسمع بمثله استمر أربعة أيام ، وكانت الخيل تسقط على الأرض بسبب كثرة الدماء ، وقتل من المسلمين عشرون ألف ، ومن التتارأضعاف هذا العدد
.ثم عاد خوارزمشاه إلى بخارى وسمرقند ، وبدأ يجمع الجنود من خراسان وخوارزم .
وبينما كان خوارزمشاه منشغلاً في تجهيز الجيوش هجم التتار بقيادة جنكيزخان على بخارى ، وبعد ثلاثة أيام من الحصار طلب أهلها الأمان فأعطاهم الأمان ، وأظهر العدل وحسن السيرة وأمرهم أن يخرجوا بأسلحتهم ويقاتلوا معه من اعتصم بالقلعة ، وكان في القلعة أربعُمائة من فرسان المسلمين ، فسقطت القلعة ، وقتل كل من فيها من المسلمين ، ثم عاد جنكيز خان إلى البلد بخارى ، وغدر هو وجنوده بأهلها ، فاستباحوها ، وفعلوا بأهلها الموبقات ، وقتلوا منهم خلقاً لا يعلمهم إلا الله ، وأسروا الذرية والنساء ، وفعلوا بهن الفواحش بحضرة الرجال ، فقتل أناس دون نسائهم ، وأسر آخرون فعذبوا أشد العذاب ،وأحرقت المساجد والمدارس حتى صارت خاوية على عروشها .ثم سار جنكيز خان وجنوده إلى سمرقند عاصمة الخوارزميين ، وكان فيها من الجيش النظامي خمسون ألف ، فلم يخرج للتتار أحد بسبب الخوف الذي ملأ قلوبهم ، فتصدى لهم الشجعان من أهل سمرقند وكانوا سبعين ألف من عامة الناس
.وفي أول القتال أخذ التتار بالتراجع والانهزام ، فظن المسلمين أنهم انتصروا فلاحقوهم حتى وقعوا في الكمين فأحاط بهم التتار وقتلوهم في ساعة واحدة ، ثم عادوا إلى سمرقند فألقى الجنود الخوارزميون الخمسين ألف أسلحتهم ، فأخذها التتار منهم ، ثم قتلوهم واستباحوا سمرقند وفعلوا بأهلها الأفاعيل ،

.وبعد سقوط سمرقند ، بدأت المدن تتساقط الواحدة تلو الأخرى ، فسقطت مازندران ثم الري وهَمَذَان ثم زَنـْجان ثم قَزْوِين ثم أَذْرَبِيجان حتى استولى التتار على جميع أراضي الخوارزميين في بلاد ما وراء النهر ، وطغوا في البلاد ،وأكثروا القتل والفساد
.أما السلطان خوارزمشاة فإنه هرب من بلاده ، وأرسل جنكيزخان وراءه ثلاثة من كبار قواده على رأس عشرين أو ثلاثين ألف مقاتل ، وأمرهم أن يحضروه حياً أو ميتاً قال : أدركوه ولو تعلق بالسماء .
أدرك التتار خوارزمشاه وبينهم وبينه نهر جيحون ، فعبروا النهر وراءه ، فهرب إلى نيسابور ، ولم يزل يهرب منهم من مدينة إلى أخرى حتى توفي في جزيرة في بحر طَبَرستان ( الخَزَر ) سنة 620هـ
.ثم قام جنكيز خان بتسيير جيش إلى خراسان فصالحوا بَلْخ وبعض المدن ، ثم قصدوا قلعة الطالَقان فحاصروها ستة أشهر فأعجزتهم ، فجاء جنكيز خان بنفسه فحاصرها أربعة أشهر ثم فتحها قهراً وقتل كل من فيها
.ثم ساروا إلى ( مَرْو ) فتصدى لهم مائتا ألف مقاتل فكُسروا ، وقتل منهم التتار وأسروا الكثير ، ثم حاصرو مرو وطلبوا أميرها فخرج إليهم فأكرموه ثم طلبوا منه أن يحضر معه أصحابه فلما حضروا أخذوهم وقتلوهم ، ثم استباحوا البلد ، وكانت المقتلة العظيمة فقتلوا في يوم واحد سبعَمائة ألف إنسان .
ثم ساروا إلى نيسابور وطوس فقتلوا العباد وخربوا البلاد ، ثم ساروا إلى غزنة فتصدى لهم جلال الدين بن خوارزمشاه وهزمهم وأوقف زحفهم .
ثم سارت طائفة أخرى من التتار إلى خوارزم فحاصروها خمسة أشهر ، وقتل من الفريقين خلق كثير حتى فتحوها ، وقتلوا من فيها ونهبوها وسبوا أهلها .وكان التتار في هذه المعارك يعتمدون كثيراً على الحرب النفسية ، فكانوا يكرهون الأسرى على القتال معهم وإلا قتلوهم ، فيوهمون الناس بكثرتهم ، ويتقون بالأسرى في المقدمة ، وكانت وسائل الإعلام تنقل أعمال التتار الوحشية فتتقطع قلوب الناس رعباً قبل المعركة ، وهذا ما يسمونه اليوم بحرب الأعصاب.
بعد أن فرغ التتار من خراسان وخوارزم لم ينسوا هزيمتهم في غزنة على يد جلال الدين بن خوارزمشاة ، فجهزوا جيشاً كبيراً وساروا مرة أخرى إلى غزنة فخرج إليهم المسلمون مع جلال الدين ، واقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام ، ثم أنزل الله نصره ، فهُزم التتار وقتل منهم الكثير ، واستنقذ المسلمون منهم بعض الأسرى ، ثم أرسل جلال الدين إلى جنكيز خان رسالة تحدي يقول فيها : في أي موضع تريد أن تكون الحرب حتى نأتي إليها
.فجهز جنكيز خان جيشاً أكثر من الأول وتقابل الجيشان في كابل فانهزم التتار مرة أخرى وقتل منهم خلق كثير ، وكان ممن كسر التتار وأبلى بلاء حسناً في هذه المعركة الأمير سيف الدين بغراق .
بعد انتهاء المعركة وقعت الفتنة بين الأمير سيف الدين وبين أمير آخر يقال له ملك خان بسبب الغنائم ، ثم اقتتلت الطائفتان وقتل أخو سيف الدين فقال : أنا أهزم الكفار ، ويقتل أخي لأجل هذا السحت ، فغضب وانسحب من الجيش وتبعه ثلاثون ألفاً من أصحابه ، فسار إليه جلال الدين بنفسه واستعطفه ، وذكره الجهاد وخوفه من الله وبكى بين يديه ، لكنه لم يرجع
.
عند ذلك شعر جلال الدين بضعف الجيش فسار نحو السند ، ثم علم جنكيزخان بتفرق المسلمين ، فانطلق بجيشه وراءهم ، حتى أدركهم عند نهر السند ، فتقاتل الجيشان قتالاً شديداً ثلاثة أيام وقتل منهما خلق كثير ، ثم عبر الجيش المسلم نهر السند ، فلما كان من الغد عاد التتار إلى غزنة من العسكر فقتلوا أهلها ونهبوا الأموال وسبوا الحريم

.وفي عام 619هـ جاءت الأخبار بقيام بعض الثوارت وحالات التمرد فعاد جنكيز خان إلى بلاده .وفي سنة 621هـ عاد التتار مرة أخرى فاستولوا على الري وقُم وقاشان وهمذان وانهزم العسكر الخوارزمية ووصل بعضهم إلى تبريز ، فأرسل التتار إلى أمير تبريز أوزبك بن البهلوان يقول له : (إن كنت موافقنا فسلم إلينا من عندك من الخوارزمية وإلا فعرفنا أنك غير موافق لنا ولا في طاعتنا وهذا على طريق التتار الجدد ( من لم يكن معنا فهو ضدنا (( وكأن التاريخ يعيد نفسه ))

.والمصيبة أن التتار الذين كانوا يهددون أمير تبريز نحو ثلاثة آلاف فارس ، بينما كان الخوارزمية الذين انهزموا إليه ستة آلاف ، وعسكره هو أكثر من الجميع ، ومع هذا لم يحدث الأمير نفسه بالمقاومة بل قام بقتل عدد من الخوارزميين وأسر آخرين وبعث بالرؤوس والأسرى إلى التتار ومعها شيء كثير من الأموال والثياب والدواب ليثبت ولاءه للطغاة ، فعادوا عن بلاده نحو خراسان
.وفي سنة 622هـ عاد جلال الدين بن خوارزمشاه من الهند ووصل إلى أصفهان وهي بيد أخيه غياث الدين ثم سار إلى خُوْرستان وحاصر مدينة تُسْتَر فلما عجز عنها نهبها هو وجنده ، ثم سار إلى العراق ومنعته جنود الخليفة ، فأخذ يراسل الأيوبيين ويحرضهم على قتال الخليفة .ثم سار جلال الدين إلى خِلاط سنة 623هـ ووقع القتال بينه وبين صاحبها الأشرف ولم يتمكن من أخذها .ثم انشغل جلال الدين بعصيان نائبه بمدينة ( كَرْمان ) الذي بدأ يراسل التتار ويخبرهم بأحوال جلال الدين
.فتلاحظون أن المسلمين وهم يواجهون التتار يقاتل بعضهم بعضاً ، وينهب أحدهم بلاد الآخر ، ويتقرب بعضهم إلى العدو بنقل أخبار أخيه إليه مع أن الخطر محدق بهم جميعاً . (( وما أشبه الليلة بالبارحة )).


استمرت الحروب بين التتار وبين جلال الدين الخوارزمي حتى ضعف أمره وفسد عقله فظهر منه فساد في الدين وقتل للعباد وتخريب للبلاد ، فقام بالاستيلاء على خِلاط وأفسد فيها هو وجنده فتصدى لهم الأشرف بن العادل الأيوبي والتقى الجيشان في أذربيجان عام 627 وكان وقعة عظيمة كسر الله فيها جلال الدين وجنده فضعفت قوتهم .وبعد هذه الوقعة كتب الإسماعيلية الباطنية إلى التتار يخبرونهم بضعف جلال الدين ، فهجم التتار عليه سنة 628هـ وتمزق شمله وتفرق عنه جيشه ، ثم كانت وفاة جلال الدين في تلك السنة .وبوفاة جلال الدين كسر الباب الذي كان يحول بين التتار وبين بلاد الإسلام .فإن جلال الدين الخوارزمي - على الرغم مما ظهر منه في أواخر أيامه من الفساد والظلم - كان سداً في وجه عدو هو أعظم منه خطراً على الأمة .ولهذا لما سمع الملك الأشرف الأيوبي بموت جلال الدين وتفرق أمره قال : هو سد ما بيننا وبين التتار ،كما أن السد بيننا وبين يأجوج ومأجوج

وكانت حروب التتار تتميز بسرعة انتشار رهـــــيبة ونظام محكــــم وأعداد هائلــــة للغـــاية من البشر وتحمُّل الظـــــــروف القاسية والقيادة العسكرية البارعة كما كانت حروب تخريب وتدمـير وقتــل وابــادة غير طبيعية حيث كان يستأصل سكان المدينة التي قاومته قتلا بأن يفنيهم عن آخرهم . كما أجاد جنكيز خان وجيشه فن الحــــــصار الذي كان السبب المباشر في كثير من انتصاراته. كما أنهم كانوا معروفين بعــــدم قبول الآخر والرغبة في تطبيق مبدأ القطب الواحد ( كان شعار جنكيز خان : شمـــــس واحدة في السماء وملـــــك واحد على الأرض ).
وكان لجنكيز خان اربعة أبناء هـــم : جــــوشى وشــــغـطاى و أوغــيداى و تـــولوى ..

وفاة جنكيز خان :

. قبل مماته وزع تركته الإمبراطورية بين أبنائه وحسب الأعراف يبقى الحكم للأسرة المالكة والتي هي من سلالته فقط.






يتبع في الجزء الثاني
((((( ما بعد جنكيز خان ))))

روح الورد
27-09-2010, 08:05 PM
مشكور ع مجهودك اخي..

يعطيك الف عافيه..

طيف الأمل
29-09-2010, 08:24 PM
لك الشكر أخي..

الهنــائــي
29-09-2010, 10:02 PM
التتار شعب بلا قلب !!

متوحشين لدرجة لا يتخيلها عقل او منطق !!

تسلم عزيزي