مشاهدة النسخة كاملة : أطوار خلق الإنسان ..


ملاك الشرق
14-09-2010, 12:48 AM
المحور الأول : أصل نشأة الجنس البشري :

ماء + تراب ===>> طين = آدم عليه السلام .

قال تعالى : { ومن آياته أن خلكم من (( تراب)) ثم إذا أنتم بشر تنتشرون }
قال تعالى : { وهو الذي خلق من ((الماء)) بشرا }.
قال تعالى : { ولقد خلقنا الانسان من سلالة من ((طين)) }.

الحيوان المنوي + بويضة المرأة = بني آدم .

أثبت العلم الحديث أن العناصر الأولية في جسد الانسان تتكون من تركيبة : ( الماء + تربة الأرض) ، وهذا يعني الرد على من أنكر خلق آدم من طين ، حيث زعم الكفار المعاصرون أن الانسان تطور من خلية أولية بسيطة كالأمبيبا ثم تطورت الخلية عبر ملايين السنين حتى ترقى من الحيوانات والقرود إلى أن صار إنسان !!!


المحور الثاني : نشأة بني آدم .

قال تعالى: { ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين }

المراحل هي :

1- النطفة الأمشاج : سميت نطفة لحجمها ومائيتها ، وسميت أمشاج لأنها خليط من (الحيوان المنوي للذكر) و ( بويضة المرأة). قال تعالى : { إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }.

2- الاستقرار في الرحم : تتوجه البويضة المخصبة إلى الرحم فتغرس نفسها فيه وتستقر في الرحم الذي هو قرار مكين محمي من التأثر باهتزازات الجسم وكثير مما يصيب الظهر والبطن من كدمات ورجات وتأثرات . قال تعالى : { ثم جعلناه نطفة في قرار مكين }.

3- العلقة : حيث يتصلب الجنين ويتعلق بجدر الرحم ليتغذى على دم الأم كما تتغذى دودة العلقة من دم الحيوان الذي تتعلق به. قال تعالى : { ثم خلقنا النطفة علقة}.

4- المضغة : تظهر كتل بدنية وتعرجات وانقسامات وأخاديد نتيجة بداية تكون رأس الجنين ثم مؤخرته بالتدريج فيكون شكل الجنين يشبه العلكة الممضوغة ، كما قال تعالى { فخلقنا العلقة مضغة}.

5-تكون العظام ثم اللحم : فتتكون الهياكل الغضروفية لعظام الأطراف العلوية والسفلية، ثم بعد ذلك تظهر العضلات لتكسو العظام وتغلفها . قال تعالى : {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما }.

6- التصوير والتسوية والتعديل : حيث يخلق على صورة وشكل محدد ، ثم ينفخ فيه الروح ، قال تعالى : { يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم .الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك}.


المحور الثالث : دقة الوصف القرآني.

فالوصف العلمي الحديث يسمي كل مرحلة بأرقام أو حروف لا تصف التغييرات الدقيقة التي تحدث للجنين ، فيسمونها كل مرحلة بـــ ( 1 ، 2، 3، ..) ، أو ( أ ، ب ، ج ، ...)

بينما الوصف القرآني أدق لأنه يسمي ويصف كل مرحلة بأدق ما يحصل للجنين من تغيرات ، ( النطفة ، العلقة ، المضغة ، العظام ، اللحم ، التصوير ، نفخ الروح ) .


الإعجاز العلمي فيما سبق :
أولا : حدد القرآن أن أصل نشأة الجنس البشري من طين ، وليس من خلية أولية حية . وقد أكد تحليل العناصر الأولية لجسد الانسان أنها نفس عناصر الماء والتراب (الطين).

ثانيا : بين القرآن أن الانسان خلق من شيئين : (مني الرجل + نطفة المرأة) بينما كان السائد إلى القرن الثامن عشر الميلادي أن الجنين يخلق من دم الحيض فقط عند بعضهم ، أو من مني الرجل فقط عند آخرين . ولم يكتشفوا أن الجنين يخلق من تلقيح الحيوان المنوي لبويضة المرأة إلا في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي.

ثالثا : بين القرآن الكريم أن خلق الانسان في بطن أمه يكون على مراحل وأطوار ، { وقد خلقناكم أطوار } ، بينما اعتقد العلماء منذ القديم بنظرية الانسان القزم حيث زعموا أن الانسان لا يمر نموه في بطن أمه بأية مراحل ، وإنما هو يوجد على هيئة جسم قزم بنفس شكله الذي يولد به ، وأنه يكون قزما جدا بحيث يكون في دم الحيض أو في الحيوان المنوي ثم يكبر قليلا قليلا حتى تنتفخ بطن الأم ثم يخرج . وبعد اكتشاف المجهر الالكتروني توصلوا إلى بطلان نظرية الانسان القزم وقرروا أن خلق الانسان في بطن أمه يمر على عدة مراحل وأطوار كما جاء في القرآن الكريم .

رابعا : دقة الوصف القرآني الذي عجزت البشرية عن معرفته حتى اكتشف في الثلاثين السنة الأخيرة الأجهزة الالكترونية الدقيقة التي صورة عمليات تكون الجنين وتطوره .

هناك في كل مرحلة من مراحل خلق الجنين إعجازا عظيما يدل على ثلاثة أمور :
1- أن القرآن كلام الله وليس من عند غير الله .
2- صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
3- أن الذي أحكم خلق الانسان هو الله عز وجل وهو الرب المالك الخالق المدبر فيجب أن نعبده وحده ونؤمن به ونتبع أمره ونهيه .

أطوار خلق الإنسان (ب)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وبعد:فهذا كتاب (The Developing Human) (أطوار خلق الإنسان) وهو مرجع علمي عالمي مترجم بثمان لغات مؤلفه هو البروفيسور كيث مور، عندما كونت لجنة في أمريكا لاختيار أحسن كتاب في العالم ألفه مؤلف واحد كان هذا الكتاب هو الفائز عند تلك اللجنة. صاحب هذا الكتاب التقينا به وعرضنا عليه كثيراً من الآيات والأحاديث المتعلقة بمجال تخصصه في علم الأجنة فاقتنع بما عرضنا عليه وقلنا له: إنك ذكرت في كتابك القرون الوسطى وقلت إن هذه القرون لم يكن فيها تقدم لعلم الأجنة بل لم يعلم فيها إلا الشيء القليل وفي هذه العصور عندكم كان القرآن ينزل عندنا وكان محمد صلى الله عليه وسلم يعلم الناس الهدي الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى وفيه الوصف الدقيق لخلق الإنسان ولأطوار خلق الإنسان.وأنت رجل عالمي فلماذا لم تنصف وتضع في كتابك هذه الحقائق؟ فقال: الحجة عندكم وليست عندي قدموها لنا ففعلنا فكان هو كذلك عالماً شجاعاً. فوضع إضافة في الطبعة الثالثة وهي الآن منتشرة في العالم بثمان لغات يقرؤها أكابر العلماء في العالم الذين ينطقون باللغة الإنجليزية والروسية والصينية واليابانية والألمانية والإيطالية واليوغوسلافية والبرتغالية. أكابر العلماء في العالم الناطقون بهذه اللغات يقرؤون ما أضافه البروفيسور كيث مور في هذا الباب.يقول البروفيسور كيث مور في كتابه تحت عنوان: العصور الوسطى:كان تقدم العلوم في العصور الوسطى بطيئاً ولم نعلم عن علم الأجنة إلا الشيء القليل وفي القرآن الكريم الكتاب المقدس لدى المسلمين ورد أن الإنسان يخلق من مزيج من الإفرازات من الذكر والأنثى وقد وردت عدة إشارات بأن الإنسان يخلق من نطفة من المني وبين أيضاً أن النطفة الناتجة تستقر في المرأة كبذرة بعد ستة أيام، والمعروف أن البيضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام تبدأ في النمو بعد ستة أيام من الإخصاب ويقول القرآن الكريم أيضاً: إن النطفة (المني) تتطور لتصبح قطعة من دم جامد (علقة) وأن البُييضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام أو أن البُييضة الملقحة التي بدأت بالإنقسام أو الحمل المجهض تلقائياً يمكن أن تشبه العلقة ويمكن رؤية مظهر الجنين في تلك المرحلة يشبه العلقة كما هو موضح (الشكل):فإن الرسم لا يختلف عن شكل العلقة أو ماص الدماء.ويكون مظهر الجنين في هذه المرحلة يشبه شيئاً ممضوغاً كاللبان أو الخشب ويظهر في (الشكل):وكأن فيها آثار الأسنان التي مضغتها، ولقد اعتبر الجنين في الشكل الإنساني بعد مضي أربعين أو اثنين وأربعين يوماً ولا يشبه بعدها جنين الحيوان. لأن الجنين البشري يبدأ باكتساب مميزات الإنسان في هذه المرحلة، كما هو مبين في (الشكل):قال تعالى: ﴿يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث﴾ (سورة الزمر، الآية:6).إن الجنين يتطور داخل ثلاثة حجب مظلمة. وهذا قد يشير إلى:
1- جدار البطن الخارجي للمرأة.
2- جدار الرحم.
3- الغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة، ولا يتسع المجال لمناقشة موضوعات هامة أخرى مشوقة وردت في القرآن الكريم وتتعلق بتطور الإنسان في مرحلة ما قبل ولادته.هذا الذي كتبه د. كيث مور وأصبح منتشراً في العالم اليوم ولله الحمد هذا ما أملاه عليه البحث العلمي. لقد اقتنع الأستاذ كيث مور أيضاً بأن التقسيم الذي تقسم إليه أطوار الجنين في بطن أمه الآن في العالم كله تقسيم صعب غير مفهوم ولا ينفع في فهم مراحل تطور الجنين، ذلك لأنه يقسم المراحل تقسيماً رقمياً أي المرحلة 1،2،3،4، أو المرحلة رقم 5 وهكذا.والتقسيم الذي جاء بالقرآن لا يعتمد على الأرقام بل يعتمد على الأشكال المتميزة الجلية فكانت التقسيمات في كتاب الله "نطفة-علقة-مضغة-عظام-كساء العظام باللحم-النشأة خلقاً آخر" وهناك تفاصيل متفاوتة في كل منها.وعن هذه التقسيمات القرآنية التي تعتمد على الشكل المحدد المتميز عن الشكل الآخر قال البروفيسور كيث مور: هي تقسيمات علمية دقيقة، وتقسيمات سهلة ومفهومة ونافعة، ووقف في أحد المؤتمرات يعلن هذا فقال:الدكتور كيث مور: "يحمي الجنين في رحم الأم ثلاثة أحجبه أو طبقات موضحة في الشريحة التالية:
أ- الجدار البطني.
ب- الجدار الرحمي.
ج- الغشاء.
لأن مراحل تطور الجنين البشري معقدة وذلك بسبب التغيرات المستمرة التي تطرأ عليه فإنه يصبح بالإمكان تبني نظام جديد في التصنيف باستخدام الاصطلاحات والمفاهيم التي ورد ذكرها في القرآن والسنة، ويتميز النظام الجديد بالبساطة والشمولية إضافة إلى انسجام مع علم الأجنة الحالي.لقد كشفت الدراسات المكثفة للقرآن والحديث خلال السنوات الأربعة الأخيرة جهاز تصنيف الأجنة البشرية الذي يعتبر مدهشاً حيث إنه سجل في القرن السابع بعد الميلاد فيما يتعلق بما هو معلوم من تاريخ علم الأجنة لم يكن يعرف شيء عن تطور وتصنيف الأجنة البشرية حتى حلول القرن العشرين ولهذا السبب فإن أوصاف الأجنة البشرية في القرآن الكريم لا يمكن بناؤها على المعرفة العلمية للقرن السابع. الاستنتاج الوحيد المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحيت إلى محمد  من الله. إذ ما كان له أن يعرف مثل هذه التفاصيل لأنه كان أمياً ولهذا لم يكن قد نال تدريباً علمياً.الشيخ الزنداني: وقلنا للدكتور مور: إن هذا الذي قلته صحيح ولكنه أقل مما عرض عليك من حقائق الكتاب والسنة في مجال علم الأجنة فلم لا تكون منصفاً وتفسح المجال لبيان جميع الآيات والأحاديث التي وردت في القرآن المتعلقة بمجال اختصاصك. قال: لقد كتبت القدر المناسب في المكان المناسب في كتاب علمي متخصص ولكني أسمح لك أن تضيف إلى كتابي إضافات إسلامية تجمع فيها جميع الآيات والأحاديث التي تحدثنا عنها وناقشناها وتضعها في مواضعها المناسبة من كتابي هذا وبعد ذلك تقدم وتبين أوجه الإعجاز في هذا الكتاب ففعلت ذلك. ثم بعد ذلك وضع الدكتور كيث مور مقدمة هذه الإضافات الإسلامية فكان هذا الكتاب هو الذي اقترحه البروفيسور كيث مور مع الإضافات الإسلامية كما يراه القارئ بين يديه. لقد رجعنا إلى كل صفحة من الصفحات التي فيها حقائق من علم الأجنة فوضعنا في مقابلها الآيات والأحاديث النبوية التي تبين وجه الإعجاز.إننا اليوم بإذن الله تعالى على موعد مع الإسلام في فتح جديد للعقول البشرية المنصفة.
﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6)

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق :
(إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك
ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد
فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق
عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى
ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) متفق عليه.
هذا الحديث في بيان أطوار خلق الإنسان وأجله ورزقه ومصيره واشتمل أيضا على حسن الخاتمة وسوئها وعظم خطرها .
وفي الحديث مسائل:
الأولى: يمر خلق الإنسان في الرحم في ثلاثة أطوار يتقلب مائة وعشرين يوما في كل أربعين منها يكون في طور
فيكون في الأربعين الأولى نطفة وفي الأربعين الثانية علقة وفي الأربعين الثالثة مضغة ثم ينفخ فيه بعد ذلك ،
وقد ذكر الله في القرآن تقلب الجنين في هذه الأطوار فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ
فإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، والنطفة معروفة والعلقة قطعة من الدم والمضغة قطعة من اللحم.
الثانية: في الحديث دلالة على أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مضي مائة وعشرين يوما منذ إبتداء الحمل

وهو قول الصحابة وعلى هذا بنى الإمام أحمد مذهبه المشهور في أن الجنين إذا تم له أربعة أشهر ثم سقط
فإنه يصلى عليه ويأخذ حكم الآدميين أما إذا سقط دون أربعة أشهر قبل نفخ الروح فبضعة لحم لا يتعلق به حكم
فلا يكفن ولا يصلى عليه ولا يد فن في المقبرة بل يوارى في حفرة. وظاهر الحديث أن التصوير يبدأ
في أول الأربعين الثالثة فإذا ألقت المرأة ما يتبين فيه خلق الإنسان بأن كان فيه تخطيط فحكمها حكم النفساء تعتد
بهذا الدم وتجلس فيه عن الصلاة والصوم ، والمدة التي يتبين فيها خلق الإنسان غالبا ثلاثة أشهر وأقلها واحد وثمانون يوما
وإن لم يتبين فيه خلق الإنسان فدمه دم فساد لا تعتد به ولا تترك لأجله العبادة وحكمها حكم الطاهرات ولا تنقضي به عدة المتوفى عنها زوجها.
الثالثة: إتفق الفقهاء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه وتنازعوا في إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه
فأجازه قوم واستدلوا على ذلك بالعزل وهذا لا يصح لأن الجنين قد انعقد وتصور بخلاف العزل فإن الجنين لم يوجد بالكلية
وحقيقته أنه وسيلة إلى منع إنعقاده وقد لا يمتنع إنعقاده بالعزل إذا أراد الله خلقه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
لما سئل عن العزل ( لا عليكم ألا تعزلوا إنه ليس من نفس منفوسة إلا الله خالقها) متفق عليه ،
فالصحيح أنه يحرم إسقاطه إذا صار علقة أو مضغة إلا لضرورة ، أما النطفة فيكره إلقاؤها بغير حاجة
لأنها لم تنعقد بعد وقد لا تنعقد ولدا ولأنه لا حرمة لها.
الرابعة: هذا الحديث يدل على أن الكتابة تكون بعد الأربعة الأشهر وفي حديث حذيفة بن أسيد الذي أخرجه مسلم
يدل على أن الكتابة تكون في أول الأربعين الثانية وظاهر ذلك التعارض وقد جمع بينها أهل العلم على وجوه
أحسنها أن يقال أن ذلك يختلف باختلاف الأجنة فمنهم من يكتب له بعد الأربعين ومنهم من يكتب له بعد أربعة أشهر .
وكتابة الأشياء وتقديرها على أنواع:
الأول: أزلي لسائر المخلوقات قبل خلقها ، كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال (إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).
الثاني: عمري في ابتداء خلق الإنسان كما في حديث بن مسعود هذا.
الثالث: حولي يقدر للخلق في ليلة القدر ما يحصل في تلك السنة إلى السنة الأخرى
قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) .
الرابع: يومي يقدر للخلائق في ابتداء كل يوم قال تعالى( كل يوم هو في شأن)
عن ابن عباس " إن الله خلق لوحا محفوظا من درّة بيضاء, دفناه ياقوتة حمراء, قلمه نور, وكتابه نور, عرضه ما بين السماء والأرض, ينظر فيه كلّ يوم ثلاث مئة وستين نظرة, يخلق بكل نظرة, ويُحيي ويميت, ويُعزّ ويُذلّ, ويفعل ما يشاء ".
وكل هذه التقديرات تفصيل للقدر السابق في الأزل .
الخامسة: في الحديث بيان سعة علم الله تعالى وأنه يعلم جميع أحوال الخلق قبل خلقهم ويقدر مقاديرهم لحكمة
فما يكون منهم من إيمان وطاعة وكفر ومعصية وشقاوة وسعادة وفقر وغنى إلا قد سبق في علم الله ،
فإذا آمن العبد بذلك واطمأن قلبه أورث ذلك عنده رضا بقسم الله له وقناعة في طلب الرزق مع بذل الأسباب المشروعة
وعدم المبالغة فيها والحرص عليها ، وفي الحديث (نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى
تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم إستبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله
فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه الطبراني .
السادسة: قوله صلى الله عليه وسلم (فو الذي لا إله غيره) فيه دليل على مشروعية الحلف في الأمور المهمة
في مقام التعليم والإفتاء والمناظرة وغيرها في المواضع التي يحتاج المتكلم إلى تأكيد الكلام
ورفع الريبة عن السامع ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة ، وقد أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من إستعمال اليمين في ذلك ،
أما إستعمال اليمين فيما لا حاجة فيه ولا مصلحة راجحة فمكروه وقد أمر الله تعالى بحفظ اليمين بقوله ( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ).
السابعة: قوله صلى الله عليه وسلم (فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) ظاهره فيه إشكال
ويفسره حديث سهل بن سعد في الصحيحين برواية (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار
وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة) فهذه الرواية تدل على أن ظاهر عمل الرجل يكون صالحا
وأن باطنه يكون بخلاف ذلك وأن الخاتمة السيئة تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس من شك
أو نفاق أو رياء ونحوه من أمراض القلب فتغلب عليه تلك الخصلة السيئة عند موته وتوجب له سوء الخاتمة والعياذ بالله ،
وكذلك قد يكون ظاهر عمل الرجل فاسدا من أعمال أهل النار وفي باطنه خصلة خفية صالحة لا يطلع عليها الناس من خوف الله
ومحبته وإشفاقه من ذنوبه الكبار وغير ذلك من خصال الخير ثم تغلب عليه تلك الخصلة آخر عمره ويوفق للتوبة
فتوجب له حسن الخاتمة .
قال عبد العزيز بن أبي رواد "حضرت رجلا عند الموت يلقن لا إله إلا الله فقال آخر ما قال هو كافر بما تقول ومات على ذلك
قال فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر فكان عبد العزيز يقول إتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته".
الثامنة: أفاد الحديث الخوف الشديد والحذر من سوء الخاتمة وأن العبرة ليس بكثرة العمل وإنما العبرة بالخواتيم
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول " يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقيل يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به
فهل تخاف علينا فقال نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها كيف شاء "
وعن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " ،
وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يخافون على أنفسهم النفاق الأصغر ويشتد قلقهم وحزنهم منه
ويخشون أن يغلب ذلك عليهم عند الخاتمة ويخرجهم إلى النفاق الأكبر ، ومن هنا ينبغي على العبد ألا يغتر بصالح عمله
ولا يتكل عليه ويعجب به لأنه لا يدري ما يختم له ويكثر من سؤال الله الثبات وأن يتعوذ من سوء الخاتمة والموفق من وفقه الله وعصمه.
التاسعة: مذهب أهل السنة والجماعة أن لا يشهد لمعين بجنة ولا نار إلا ما شهد له الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم
بذلك كما شهد بالجنة للعشرة والحسن والحسين وثابت بن قيس وعكاشة وغيرهم ، وكما شهد بالنار لأبي لهب وكركرة
وأبي طالب وغيرهم ، ولا يجوز الحكم على أحد بجنة ولا نار من غير دليل يوجب ذلك إلا أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء
ونشهد للمؤمنين بالجنة عموما ونشهد للكفار بالنار عموما من غير تعيين.
العاشرة: السعادة الحقيقية هي إلتزام العبد الطاعة من الإيمان والعمل الصالح مما يكون سببا في دخول الجنة ،
والشقاوة الحقيقية هي الخروج عن طاعة الله والإعراض عن دينه وانتهاك محارمه مما يكون سببا في دخول النار ،
أما الدنيا والملذات فلا يفرح بها المؤمن لأنها زائلة وحصولها للعبد ليس دليلا على الرضا والمحبة ولا تساوي عند الله جناح بعوضة ولذلك منعها أكرم الخلق ، ومن اعتقد أن السعادة كل السعادة في جمع المال والشقاوة في قلة المال
فقد جانب الصواب وضعفت بصيرته وقل إيمانه وغلبه هواه قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ
خالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)
فالواجب على العبد أن يسعى في تحصيل أسباب السعادة وترك أسباب الشقاوة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
خلق الإنسان من تراب
قال تعالى : ( و من ءاياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) الروم 20 و قال ( و هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً ) الفرقان 54
ففي الآية الأولى إشارة على خلق الإنسان من تراب و في الثانية من الماء ، ثم في آية ثالثة : ( و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) المؤمنون :12
وما الطين سوى مزيج من التراب و الماء .و هكذا ففي الآيات السابقة إشارة إلى أن أصل الإنسان ومعدنه الأساسي
هو من طينة هذه الأرض و من معدنها ، و بشك أدق : خلاصةٌ من هذه الأرض ( سلالة من طين ) .. فماذا يقول لنا المخبر عن ذلك ؟
يقول التحليل المخبري : إنه لو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية ، لوجدناه أشبه بمنجم صغير ، يشترك في تركيبه حوالي ( 23) عصراً ،
تتوزع بشكل رئيسي على :
1ـ أكسجين (O) ـ هيدروجين ( H) على شكل ماء بنسبة 65% ـ 70% من وزن الجسم
2 ـ كربون © ، و هيدروجين ( H) و أكسجين (O) و تشكل أساس المركبات العضوية من سكريات و دسم ،و بروتينات و فيتامينات ، و هرمونات أو خمائر .
3 ـ مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:
آ ـ سبع مواد هي : الكلور ( CL) ، الكبريت (S) ، الفسفور (P) ، و المنغنزيوم (MG) و البوتسيوم (K) ، و الصوديوم (Na) ، و هي تشكل 60 ـ 80 % من المواد الجافة .
ب ـسبع مواد بنسبة أقل هي : الحديد (Fe) ، و النحاس (Cu) و اليود (I) و المنغنزيوم (MN) و الكوبالت ( Co)، و التوتياء ( Zn) و المولبيديوم (Mo ) .
جـ ـ ستة عناصر بشكل زهيد هي : الفلور ( F) ، و الألمنيوم (AL ) ، و البور ( ، و السيلينيوم ( Se) ، الكادميوم ( Cd) و الكروم ( Cr) .

أولاً: تتركب أساساً من الماء ،و بنسبة عالية ، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يستمر حياً أكثر من أربعة أيام بدون ماء ،
رغم ما يمتلكه من إمكانيات التأقلم مع الجفاف ،و ينطبق ذلك على جميع الكائنات الحية

فتبارك الله إذ يقول ( و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) [الأنبياء : 30 ] .

ثانياً : كل هذه العناصر موجودة في تراب الأرض ، و لا يشترط أن تكون كل مكونات التراب داخلة في تركيب جسم الإنسان ،
فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22) عنصراً في تركيب جسم الإنسان ،

و قد أشار لذلك القرآن حيث قال : ( من سلالة من طينٍ ) و في ذلك إعجاز علمي بليغ
.