مشاهدة النسخة كاملة : $&$ معلومات عن نزار القباني $&$


ملاك الشرق
06-04-2010, 11:46 AM
المقدمة:

نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي ولد في دمشق (سوريا) عام 1932 من عائلة دمشقية عريقة هي اسرة قباني، حصل على البكلوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية و تخرج فيها عام 1945 ، ثم التحق بالعمل الدبلوماسي ، وتنقل خلاله بين القاهرة ، وأنقرة ، ولندن ، ومدريد ، وبكين ، ولندن.
وفي ربيع 1966 ، ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه ، وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، كانت أولاها " قالت لي السمراء " 1944 .
نقلت هزيمة 1967 شعر نزار قباني نقلة نوعية : من شعر الحب إلى شعر السياسة والرفض والمقاومة ؛ فكانت قصيدته " هوامش على دفتر النكسة " 1967 التي كانت نقدا ذاتيا جارحا للتقصير العربي ، مما آثار عليه غضب اليمين واليسار معا.
وافته المنية في لندن يوم 30/4/ 1998 عن عمر يناهز 75عاما قضى منها اكثلر من 50 عاما في الحب و السيرة و الثوره.

ولادته و نشأته:


ولد نزار في21في آذار(مارس) 1923 في بيت من بيوت دمشق القديمة ، و في بداية فصل الربيع. حيث كانت حركة المقاومة ضدالأنتداب الفرنسي تمتد من الأرياف السورية إلى المدن والأحياء الشعبية .وكان حي " الشاغور" ، حيث كان يسكن نزار ، معقلا من معاقل المقاومة ، وكان زعماء هذه الأحياء الدمشقية من تجار ، ومهنيين وأصحاب حوانيت ، يمولون الحركة الوطنية.ويقودونها من حوانيتهم ومنازلهم .أبوه" توفيق القباني "، كان واحدا من أولئك الرجال ، وبيتهم كان واحدا من تلك البيوت.
في التشكيل العائلي ،كان نزار الولد الثاني بين أربعة صبيان وبنت ، هم المعتز ورشيد وصباح وهيفاء.
امتازت طفولته بحب شديد للإكتشاف وتفكيك الأشياء وردهلا الى اجزائها، عنى في بداية حياته بالرسم فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمره كان يرسم على الأرض و على الجدران. ثم انتقل بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدته عن هذه الهواية. وكان الرسم والموسيقى عاملين مهمين في تهيئته للمرحلة الثالثة وهي الشعر. في عام 1939، كان في السادسة عشرة. توضح مصيره كشاعر حين كان مبحر إلى إيطاليا في رحلة مدرسية. كتب أول قصيدة في الحنين إلى بلاده وأذاعها من راديو روما.
ثم عاد و التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية و بعد تخرجه التحق بالعمل الدبلوماسي وتنقل خلاله بين القاهرة، وأنقرة، ولندن، ومدريد، وبكين، ولندن.


رحلته مع الشعر:


بدأ أولا بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل الى الشعر العمودي، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث الى حد كبير. أصدر إثني وأربعين مجموعة شعرية ونثرية بدءاً من مجموعته الشعرية الأولى (قالت لي السمراء) حتى مجموعته الشعرية والنثرية الأخيرة(إضاءات) الصادرة عام 1998.
ركّز في بداياته على شعر الحُب . وحاول أن يُخرج علاقات الحب في المجتمع العربي من مغائر القهر ، والكبت ، والباطنيّة إلى ضوء الشمس ، ومنحها العلنية والشرعية.
كسر صورت المرأة الجارية ، وحوّل جسد المرأة العربية من وليمة بدائيّة ، تستعمل فيها الأنياب والأظافر، إلى معرض أزهار.
وكان ديوان "قصائد من نزار قباني" الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار، حيث تضمن هذا الديوان قصيدة " خبز و حشيش و قمر" التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. واثارت ضده عاصفة شديدة حتى ان طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية و فصلة من العمل الدبلوماسي.
وفي ربيع 1966،ترك نزار العمل الدبلوماسي و أسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه، وتفرغ للشعر. تميز قباني ايضا بنقده السياسي القوي، من أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة" 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعمالة "حبيبتي" 1961، "الرسم بالكلمات" 1966 و "قصائد حب عربية" 1993.

نزار الشاعر:

"إن الذين يكتبون النثر، من قصة و رواية ومسرحيّة ،لا يعانون من أي مشكلة..
فهم يمشون مشيّا طبيعياً ، ويسيرون على الأرصفة المخصّصة للمارة...
أما الشعراء فهم يؤدون رقصة متوحشة ، يتخطّى فيها الراقص جسده.. ويتجاوز الإيقاع الموضوع ، ليصبح هو نفسه إيقاعاً..
إنني أرقصُ .. ولا أعرف كيف..
وأكتب الشعر، كما لا تدري السمكة كيف تسبح.. والأرنب كيف يقفز.. والنهد كيف يخالف قانون الجاذبيّة الأرضية.
إن زعانفي ترتعش.. وأجنحتي تضرب بعضها.. وريشي يتناثر.. وأغرق.. وأتمزق.. وتخرج القصيدة من جسدي كما يخرج السهم الناريّ ، وكما تخرج الرصاصة من ماسورة المسدّس...
الشاعر موجود في شعره بشكل إلزامي ، وجبريّ. إنه محتجز داخل الشعر، كما السمكة معتقلة في محيطها المائي ، لا تملك انسحابا.. ولا خلاصا..
وما دام الشعر مزروعاً في الشاعر حربة من البرونز المشتعل ، فمن الصعب عليه اكتشاف الحدود الحقيقية للحربة ، والحدود الحقيقية للطعنه.. لأن اللحم والحربة أصبحا شيئا واحداً..
إن تأمل الشاعر لما يجري في داخله عمل عسير..
إنها ذات الصعوبة التي تعترض المرآة عندما تحاول أن ترى نفسها.. والوردة عندما تحاول أن تشمّ عطرها..
من أنا؟
إنني شاعر تصادمي..
شاعر ، إذا لم يجد من يتخانق معه ، يتخانق مع ورقة الكتابة.. ومع الفعل والفاعل والمفعول به ، ومع أخوات كان ، وتاء التأنيث.. و نون النسوة.
حتى حبيبتي ، إذا حاولت أن تكتم أنفاسي بشعرها الطويل.. خرجت بمظاهرة احتجاج ضد اللون الأسود..
إنني لا أستطيع أن أكون مريحاً لا مع المرأة.. ولا مع الوطن..
لكي أستطيع أن أكتب ، لابد أن أكون مستنفراً إلى أقصى حالات الاستنفار.. وأن أكون متحفزاً.. ومتوتر الأعصاب كفهد إفريقي.
لا يمكنني أن أصير حمامة زاجلة.. أو نباتاً داخلياً للزينة..أو سمكة في " أكواريوم".
أفضل ألف مرة أن أكون سمكة قرش في البحر الأحمر.. على أن أكون سمكة سردين تؤكل بالزيت والليمون.
هل يعني هذا أن العدوانية من طبيعة الشعر؟
بالأساس..لا
ولكن الشاعر العربي يجد نفسه منذ ولادته حتى موته.. نافش الريش ، عصبي الصوت ، كديك موضوع في الإقامة الجبرية يتخذ ليلا ونهاراً وضع الدفاع عن نفسه.. وعن دجاجاته.
إذن كيف يمكن للشاعر العربي أن يتصالح مع واقعه؟
كيف يمكنه أن يختم فمه بالشمع الأحمر؟
كيف يمكنه أن يشعر بالطمأنينة.. وتجار الطيور من حوله يزايدون على ريشه.. وجناحيه.. وعذوبة صوته ، وقوة حنجرته؟
كيف يمكن أن يكون شاهدا على هذا الانتحار الجماعي العربي ، دون أن يبكي ، أو يصرخ ، أو يحتج.. أو يرمي نفسه من الطابق التاسع والتسعين؟
كيف يمكن أن يبقى الشاعر مهذباً.. ولطيفاً.. ومعقولا.. وكل ما حوله مشاهد متعاقبة من مسرح اللامعقول.
لذلك تبدو الخيارات أمام الشاعر العربي محدودة جداً ، فأما أن تتحول اللغة بين يديه إلى قنبلة موقوتة.. وأما أن تتحول إلى حذاء عتيق..

من أنا؟
أنا شاعر مزروع كالرمح في الزمن العربي.
أنا أدميه.. وهو يدميني.
أنا أحاول تغيير إيقاعه ، وهو يحاول تغيير صوتي..
أنا أحاول أن أفضحه ، وهو يحاول استئصال حنجرتي.
أنا أحاول تحديه.. وهو يحاول رشوتي..
أنا رجل يصحو ، وينام ، ويكتب ، على ضفاف الجرح العربي منذ سقوط الدولة العباسية حتى اليوم.
الفرق بيني وبين سواي ، أنني لا أؤمن بالطب العربي .. ولا بالسحر العربي.. ولا أسمح لنفسي بالبقاء خارج غرفة العمليات أشرب القهوة.. وأدخن السجائر.. وأدعو للمريض بطول البقاء..
إن غريزة الصراخ هي أقوى غرائزي.
لذلك أرى نفسي في حالة صدام تلقائية ، مع كل (كباريهات) السياسة العربية ، ومع كل المطربين ، والطبالين ، والحشاشين ، والقوالين ، والقوادين ، الذين يشربون في النهار نخب الأمة العربية ويشربون في الليل دمها.
في هذا الإطار غير المريح ، وهذا الطقس غير المعتدل.. وهذه البحار التي لا سواحل لها.. أمارس السفر و الكتابة.
هناك بعض المسافرين من الكتاب والشعراء العرب ، قطعوا رحلتهم وعادوا..
أما أنا فيبدو أن دوار البحر هو قدري.. والتصادم مع الديناصورات هو جزء من تاريخي..
إن شعري ، هو محاولة لكسر جاذبية الأرض العربية .. ومغناطيسية الجاهلية العربية.
إن السباحة ضد جاذبية الأرض كلها عملية منهكة.. والخروج من منطقة نفوذ القبيلة ، وأفكارها ، وعاداتها ، وقناعاتها ، مهمة صعبة ، ولكن من قراءة تاريخ الفكر العربي والعالمي ، يتبين أن الأدب الكبير كان دائماً مقترناً بالشهادة."


حياته الاجتماعية:


تزوج نزار مرتين، الأولى من سورية تدعى"زهرة" ، وأنجب منها هدباء وتوفيق وزهراء وقد توفي توفيق بمرض القلب وعمره 17سنة ، وكان طالبا بكلية الطب جامعة القاهرة ورثاه نزار بقصيدته الشهيرة "الأمير الخرافي توفيق قباني".
والمرة الثانية من "بلقيس الراوي" العراقية التي قتلت في انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 ،وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ، وقد رثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها ،وحمل الوطن العربي كله مسئولية قتلها.ولنزار من بلقيس ولد اسمه عمر وبنت اسمها زينب.
وبعد وفاة بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس و جنيف حتى استقربه المقام في لندن ورفض نزار أن يتزوج وعاش سنوات حياته الأخيرة وحيداً.

وفاته:

في شهر مايو من عام 1998 ، ودعت"لندن" نزار قباني وكان مسجد ريجنت بارك المحطة الأخيرة لجثمان الشاعر الكبير الذي اختار عاصمة الضباب لتكون بيت الشعر ومن على منبرها قاد معارك إثارة العقل العربي لرفض التخلف والاستبداد ورفع أعلام الكرامة دفاعاً عن العرب الحاضر والمستقبل.
وقد تجمع محبو نزار في مسجد لندن لإلقاء نظرة أخيرة على الشاعر الذي ظل لمدة نصف قرن يقول "لا" للقبح والعبودية ويتغنى ببيت واحد و بأنغام متنوعة عن لحن اسمه الحرية.. ونزار هو تاريخ العرب في نصف قرن.

منقوول