مشاهدة النسخة كاملة : النظرية النسبية في الميزان ... &&بحث&&


ملاك الشرق
06-04-2010, 10:44 AM
نظرية النسبية في الميزان


لا خلاف أن ما يُقرَّر من النظريات والمفاهيم والمبادئ العلمية , يقوم على نهاية فهمنا لطبيعة الأشياء المُدرَكة , وعلاقتها ببعضها بعضاً , بما يتوفر لدينا من معارف وعلوم .
ولما كانت هذه المعارف والعلوم محدودة , لأن أفهامنا محدودة , وكان الكون أعظم وأشمل منها , وكان توغلنا فيه متواصل و دؤوب , وبقدر توغلنا في مكوناته وأوصافها , تزداد معارفنا وعلومنا , لما كان كل ذلك , لزم أن ندقق باستمرار في النظريات والمفاهيم العلمية , ونرصد حالها مع تجدد معارفنا ؛ فإن استمرت موافقة لها , فسيلازم ذلك الحكمُ عليها بأنها مازالت صالحة ويحسن العمل بها , وإن خالفتها في كل صورها الجديدة أو في بعضها , وجب علينا آنئذٍ إعادة النظر فيها كاملة لإصلاحها , بالإضافة أو الحذف أو التعديل , وربما لإسقاطها وإلغائها جملة وتفصيلاً .
إن ( نظرية النسبية ) التي وضعها العالم ألبرت أينشتاين عام 1905 م , لا تميز عن غيرها في شيء من ذلك , رغم كل ما يقال عنها من رسوخ قدمها في أسُس العلوم , ومن تأثيرها المباشر وغير المباشر في شتى فروع العلوم التطبيقية والنظرية . فقد أضاف إليها أُستاذ أينشتاين ( مينكوفيسكي ) في عام 1909 م , مفهوم ( المتصل الزماني – المكاني , الزمكان ) . كما أضاف إليها أينشتاين نفسه عام 1916 م , مفهوم ( التعادل بين العطالة والثقالة ) ثم فرق بين ما أتى به أولاً وما أضافه آخراً , فأطلق على الأولى ( نظرية النسبية الخاصة – أو المقيدة - ) وأطلق على الأخيرة ( نظرية النسبية العامة ) . واليوم يتطلع العلماء إلى إيجاد توافق بين ( نظرية النسبية العامة ونظرية الكَمْ ) بتعديل هذه أو تلك , لأن توافقهما سيؤدي , بنظرهم , إلى صياغة النظرية الموحدة للكون برمته .
لقد مضى ما يزيد على مئة عام على ظهور نظرية النسبية , وقد قيل فيها ما لم يُقل في أية نظرية أخرى , وتقدر الدراسات التحليلية التي نُشرت حولها , والأبحاث التفسيرية الجادة لبيان مبهماتها وفك رموزها وتبسيط مفاهيمها , بعشرات الآلاف منذ صدورها وحتى يوم الناس هذا , ولا تفتأ المؤسسات العلمية والتعليمية تتسابق إلى طرح وتقديم الأبسط و الأوضح . ولا يمكن لأحد أن يتجاهل ما فتَّقت هذه النظرية أذهاننا عليه ودفعتها للإبحار والغوص في رحاب هذا الكون الفسيح , وما قدمته تلك الدراسات والتحليلات من تطورات في شتى فروع العلوم , ولكننا رغم ذلك كله , نجد أن هذه النظرية مازالت عصيّة الفهم على كثير من المفكرين والمنظرين , وعلى جمهور كبير من المثقفين , وهذا ما يجعل تساؤلاتنا التالية مُلِحَّة , وتفرض نفسها علينا بشدة :
تُرى ؛ هل أصبح العقل البشري الذي أنتج جميع الحضارات والمدنيات السائدة و البائدة , والذي غاص في أعماق المحيطات وحلق في أجواز الفضاء , هل أصبح عاجزاً عن إدراك وفهم ما جاءت به هذه النظرية ؟ !
أم إن شُرّاح هذه النظرية ومفسريها , رغم كل ما بذلوه وقدموه , قد قصروا في أداء مهامّهم اتجاهها ؟ !
أم إن هذه النظرية تضمّ بين طياتها تناقضاتٍ , يستحيل على العقل البشري السليم ذي المنطق الصحيح قبولها ؟ !
لاشك أن مُضي مئة عام على ظهور نظرية النسبية , وهي مازالت بين أخذ وردّ , يُبين لنا مدى صعوبة الإجابة على هذه التساؤلات إجابة قطعية جازمة .
ولاشك أيضاً أنه من السذاجة أن يقال : إن سبب عدم فهم نظرية النسبية لدى غالبية الناس , هو مخالفتها للحس العام , ولِما اعتاده الناس في حياتهم اليومية .
فكلنا يعلم أن المفكرين والمنظرين وجماهير المثقفين , لا تقف رؤاهم و أنظارهم عند الحس العام .
إنه لمن الثابت أن عدم فهم غالبية البشر لهذه النظرية , هو ما يرونه ويسجلونه من تناقضات في نتائج ما بُنيت عليه , دون أن يجدوا لها حلاً مثبتاً بدليل بَيِّن قطعي .
لذلك فإن خير ما نتلمس به الإجابة على هذه التساؤلات , هو عرض ما يظهر لنا من إخفاق نظرية النسبية وعجزها عن إزالة ما نسجله عليها من تناقضات , لنفتح الباب على مصراعيه , أمام كل مَن لديه الإجابة الكافية الشافية عليها , طالبين منه أن لا يبخل علينا , وأن لا يتوانى ولا يتردد في شيء من ذلك , علَّنا بهذا نصل إلى الإجابة المرجوة عن تساؤلاتنا المُلِحَّة .

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:45 AM
بنية نظرية النسبية لألبرت أينشتاين :



إن نظرية النسبية لأينشتاين هي واحدة من نظريات ( الفيزياء النظرية ) التي بسطت نفوذها على علمي الفلك والفيزياء , ولاسيما بعد أن تحققت نبوءتها في انحراف الشعاع الضوئي المار بجوار الشمس عام 1919 م , وهي تقول :
" إن الأثير فرض لا مبرر لوجوده , وإن الموجات الكهرطيسية لا تحتاج إلى وسط يحملها , وسرعتها ثابتة كيفما تم رصدها , وإن لكل جملة حركية زمناً خاصاً بها , فالزمان والمكان نسبيان "
وقد أقام العالم ألبرت أينشتاين نظرية النسبية الخاصة على فرضين اثنين ؛
أحدهما : ( إن قوانين الطبيعة تبقى هي هي في كل المراجع التي يتحرك أحدها بالنسبة لآخر حركة مستقيمة منتظمة )
أي : لا يمكن تحديد حالة الجسم ، هل هو يتحرك حركة مستقيمة منتظمة أم هو ساكن , من خلال تجارب ميكانيكية أو كهربائية أو ضوئية تجري فيه , لأن قوانين الطبيعة تبقى هي هي في كل المراجع التي يتحرك أحدها بالنسبة لآخر حركة مستقيمة منتظمة .
( ثم عمم هذا الفرض في النسبية العامة بتكافؤ العطالة والثقالة , ليشمل المراجع التي يتحرك أحدها بدلالة آخر حركة متسارعة )
والفرض الآخر : ( إن سرعة الضوء ثابتة في الفراغ , سواء أكان المنبع الضوئي ساكناً أم متحركاً , وسواء أكان الراصد ساكناً أم متحركاً )
أي : إن الأثير فرض لا مبرر لوجوده , وإن الأشعة الكهرطيسية التي منها الضوء , لا تحتاج إلى وسط – حامل – في حركاتها .
وقد أ نتج الأخذُ بهذين الفرضين مجتمعين , مفهوم ( التواقت النسبي ) الذي مفاده ( أن لكل جملة حركية زمناً خاصاً بها )
وعن التواقت النسبي تفرعت مفاهيم ( تمدد الزمن وانكماش الطول وازدياد الكتلة )
وعن هذه المفاهيم نتج ( أن مقدار السرعة القصوى للأجسام ذات الكتلة الموجبة في الكون , هو مقدار سرعة الضوء , أي : إن سرعة الضوء هي السرعة القصوى في الكون المنظور ) .
واستدل أينشتاين على صحة نظريته هذه , من خلال قدرتها على التعليل المنطقي للتجربة الشهيرة التي أجراها العالمان ( مايكلسون و مورلي ) عام 1887 م , لتعيين ( الحركة الانسحابية للأرض بدلالة الأثير الساكن ) تلك التجربة التي كانت نتائجها على غير ما توقع العالمان وغير ما أرادا منها , فكانت مفاجئة ومحيرة للعلماء قاطبة , وهزت الأوساط العلمية وزعزعت التعاليم القائمة آنذاك , وبقيت نحو عشرين عاماً دون تعليل وتفسير ( فيزيائي ) منطقي , إلى أن جاء أينشتاين بالنسبية الخاصة عام 1905 م , وقدم بها التعليل المنشود لنتائج تلك التجربة الشهيرة .
وأما الأساس والركن المتين الذي أفاد منه أينشتاين في بناء هذه النظرية , فهو :
( التعليل الفيزيائي والمعادلات الرياضية للعالِمَين فتزجرالد و لورانتز , اللذَين وضعاها لتفسير تجربة مايكلسون و مورلي , والتي تُعرف حتى اليوم بتحويلات لورانتز )
وقد علل لورانتز انكماش الطول في الأجسام المتحركة بقوله : إن المادة مؤلفة من ذرات موجبة وسالبة , وهذه الذرات عبارة عن كرات مشحونة , فإذا تحركت هذه الكرات , تحول شكلها إلى مجسم قطع ناقص يكون محوره في اتجاه الحركة .
فأخذ أينشتاين تحويلات لورانتز كما هي , بعد أن قال بثبات سرعة الضوء وأن الأثير فرض لا مبرر لوجوده , وضمنها نسبيته , التي لا تقوم لها قائمة من غير هذه التحويلات .

منشأ التناقضات الظاهرة في نسبية أينشتاين :

من البدهيات في معارفنا , أن كل حركة لابد لها من مُحرك , وأنه لا يمكن لجسم أن يتحرك من غير قوة تُبذل لتحريكه .
فعندما يتحرك إنسان بدلالة آخر , نقول : إن هناك قوة مبذولة تحركه ؛ وعندما نشاهد قطاراً يتحرك بدلالتنا على سكته , نقول : إن هناك قوة ما تحركه ؛ وعندما نشاهد مركبة فضائية تجوب أجواز الفضاء , نقول : إن هناك قوة ما تحركها ؛ وعندما نرصد جرماً سماوياً يتحرك , نقول : إن هناك قوة ما تحركه ؛ وكذلك نقول في كل جسم يتحرك بالنسبة لآخر : إن هناك قوة مبذولة تحركه . وقد نعلم مصدر تلك القوة المحركة , إذا كانت الحركة تحت سيطرتنا وإرادتنا , وقد نجهله في جميع الحالات .
فكل حركة لابد لها من قوة مبذولة تُنتجها , سواء أعلمنا مصدر هذه القوة المبذولة أم جهلناه .
وإن النسبية الكلاسيكية , نسبية غاليليو ونيوتن , ونسبية أينشتاين , تقرران أنه : إذا كانت هناك حركة مستقيمة منتظمة بين الجسمين ( أ ) و ( ب ) وأردنا تحديد مصدر القوة المنتجة لهذه الحركة من خلال تجارب ميكانيكية – أو كهربائية أو ضوئية - تجري في أي من هذين الجسمين , فإنه يستحيل علينا ذلك , لأن قوانين الطبيعة هي هي في كلا الجسمين .
ونستنتج من ذلك : أن النسبيتين – الكلاسيكية والخاصة لأينشتاين - لم تصوغا هذا الفرض , بل لم تُوضعا أصلاً بكل ما فيهما , إلا لجهل الراصدَين المُطْبِق , في تعيين وتحديد أيٍّ من الجسمين يتحرك حقيقة , بفعل القوة المبذولة , حركة مستقيمة منتظمة , واستحالة ذلك عليهما .
ولقد قبِل العلماء بهذا الوصف و عملوا بمقتضاه , وأقاموا عليه جُل العلوم الكونية التي مازلنا نقطف ثمارها حتى يومنا هذا .
ولكن نسبية أينشتاين بإضافتها للفرض الآخر , فرض ( ثبات سرعة الضوء في الفراغ ) نتج عنها أن الجسم المتحرك حقيقة , حركة مستقيمة منتظمة , بفعل القوة المبذولة , ينكمش طوله وتزداد كتلته ويتمدد الزمن فيه , حقيقة , ( بدليلي : حدية السرعة , ومعضلة التوأمين ) وأنه رغم ذلك , فإن كلاً من الراصدَين , الموجود في الجسم المتحرك حقيقة , والموجود في الجسم غير المتحرك حقيقة , يرصد في الجسم الآخر انكماشاً للطول وازدياداً للكتلة وتمدداً للزمن بالمقادير نفسها . والسؤال المنطقي ههنا : كيف يتقلص طول ( ويتمدد زمن , وتزداد كتلة ) أحد الجسمين حقيقة , بفعل حركته الحقيقية , وهذا المتقلص حقيقة , يرصد تقلص طول الجسم الآخر غير المتحرك حقيقة ؟
فلو ضغطنا المسطرة ( أ ) جهة تدريجاتها , ثم قسنا بها المسطرة ( ب ) غير المضغوطة , فهل من الممكن أن نجد بهذا القياس أن المسطرة ( ب ) هي المضغوطة ؟ أم إن ذلك من المحال ؟

إذن ؛ إن منشأ التناقضات الظاهرة في نسبية أينشتاين , هو رصد هذه التغيرات في كلا الجسمين , رغم أن حدوثها حقيقة , قد يكون في أحدهما فقط !!

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:47 AM
بعض التناقضات الظاهرة في نسبية أينشتاين :



تجدر الإشارة , قبل عرض بعض التناقضات المرصودة في نسبية أينشتاين , إلى ثلاثة أمور ؛

أحدها : أن هذه التناقضات المرصودة لا تمس رياضيات النسبية في شيء , وذلك أن دور الرياضيات في بنية نظرية النسبية , بل في بنية النظرية العلمية عموماً , يأتي - كما هو معلوم - بعد وضع فرضياتها ؛ فالنتائج التي تنشأ عن الفروض إيجاباً أو سلباً , لا يد للرياضيات في شيء منها , وإنما وظيفة الرياضات فيها تكون مقتصرة على تعيين نتائج الفروض المُقتَرحة , كالآلة الحاسبة التي تعطي نتيجة ما تضعه أولاً في العملية الحسابية .

والثاني : أن نسبية أينشتاين قائمة على فرض ( ثبات سرعة الضوء في الخلاء )
وهذا الفرض ليس هو فرضاً رياضياً بحتاً .
ولا هو فرض فيزيائي يمكن اختباره عملياً .
وإنما هو فرض فيزيائي ( فكري ) بحت لا يمكن اختباره عملياً .
فهو من قبيل المستحيل عادة , والممكن عقلاً .
بدليل التجارب الفكرية المحضة التي طرحها أينشتاين نفسه لإثبات التواقت النسبي وتمدد الزمن وانكماش الطول .
وبدليل استحالة أن – نُرسل – راصداً على متن مركبة تتحرك بسرعة تقترب من سرعة الضوء – بحسب النسبية نفسها - ثم يرجع إلينا هذا الراصد ويطلعنا على ما سجله من نتائج التجارب التي أجراها على مركبته في حالته تلك .
لذلك ستكون مناقشة هذا الفرض وما نتج عنه بتجارب ( فكرية - فيزيائية ) .

والأمر الثالث : أنه لما كان تماسك فروض النظرية العلمية من عدمه , يظهر من خلال ما ينتج عن هذه الفروض , فستُعرض التناقضات المرصودة فيما نتج عن فرضي النسبية أولاً , ثم يُنظر في تعليل فرضيها لتجربة مايكلسون و مورلي .

1 - ( تركيب الحركات ) :

عندما يتحرك قطار بسرعة ( 50 كم / سا ) بدلالة المحطة , وتتحرك سيارة داخل القطار , باتجاه حركة القطار , بسرعة ( 60 كم / سا ) بدلالة القطار , نقول : إن سرعة السيارة بدلالة المحطة , هي : ( 50 +60 = 110 كم / سا ) .
وأما إذا كانت سرعة هذه السيارة بدلالة المحطة ( 60 كم / سا ) فنقول : إن سرعتها بدلالة القطار , هي : ( 60 - 50 = 10 كم /سا ) .
و لو تحركت السيارة داخل هذا القطار بعكس اتجاه حركة القطار , بسرعة ( 60 كم / سا ) بدلالة القطار , فنقول : إن سرعة السيارة بدلالة المحطة , هي : ( 60 -50 = 10 كم / سا ) .
وأما إذا كانت سرعة السيارة المتحركة بعكس اتجاه حركة القطار , بدلالة المحطة ( 60 كم / سا ) فنقول : إن سرعتها بدلالة القطار , هي : ( 60 + 50 = 110 كم / سا ) .
هذا هو مفاد ( قوانين غاليليو ) من تركيب الحركات .
وقد أقرت بذلك نسبية أينشتاين بعد أن استثنت منها السرعات العالية , فاستبدلت بتحويلات غاليليو ما استنتجته من تحويلات لورانتز في السرعات العالية , فنتج عنها أن حاصل تركيب الحركات , لن يتجاوز سرعة الضوء , مهما كانت سرعة أحدهما بدلالة الآخر . فلو افترضنا أن سرعة القطار ( 200 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة , وأن سرعة السيارة المتحركة باتجاه حركة القطار ( 200 ألف كم / ثا ) بدلالة القطار , فإن سرعة السيارة بدلالة المحطة تكون :
أ - ( 400 ألف كم / ثا ) بحسب نسبية غاليليو ونيوتن , وفق ( تحويلات غاليليو ) .
ب - و تكون ( 276923 كم /ثا ) بحسب نسبية أينشتاين , وفق ما استنتجته من ( تحويلات لورانتز ) .
وتكون مثل ذلك سرعة السيارة بدلالة القطار , فيما لو كانت حركة السيارة , بعكس اتجاه حركة القطار , وبسرعة ( 200 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة .

إن التباينات في النتيجة بين النسبيتين , ظاهرة ولا تحتاج إلى مزيد إيضاح .
فأي النسبيتين محقة فيما ذهبت إليه في تركيب السرعات العالية ؟ أهي نسبية غاليليو ونيوتن ؟ أم نسبية أينشتاين ؟
لنتحقق من ذلك من خلال التجربة ( الفكرية - الفيزيائية ) التالية :
لنتخيل أن لدينا قطاراً طوله ( 500 ألف كم ) , وأنه توجد سيارة داخل هذا القطار عند مقدمته , ووجهتها نحو مؤخرته . ولنفرض أننا ربطنا السيارة بسلك متين ( من الفولاذ ) و أمررنا هذا السلك على طول أرض القطار , ثم أخرجناه من نهايته , و أمررناه على بكرة مثبتة على محور أفقي ثابت في المحطة , يشكل مع القطار صورة الحرف ( t ) اللاتيني (غير أن القطار والمحور مفصولان عن بعضهما ) , ثم أخذنا نهاية السلك من أسفل البكرة وربطناه في مؤخرة القطار , بحيث إذا تحرك القطار بدلالة المحطة , سحب معه السلك من أسفل البكرة , فتتحرك السيارة داخل القطار بعكس اتجاهه بدلالة المحطة .
فلو تحرك هذا القطار بدلالة المحطة بسرعة ( 250 ألف كم / ثا ) ؛
فكم ستكون سرعة السيارة بدلالة المحطة ؟
وكم ستكون سرعة السيارة بدلالة القطار ؟

الجواب :
أولاً : إن سرعة السيارة المتحركة بعكس اتجاه حركة القطار بدلالة المحطة , هي سرعة القطار نفسها بدلالة المحطة ( 250 ألف كم / ثا ) , لأن السيارة بالنسبة للمحطة , هي جزء من القطار , كعربة يجرها وراءه .
ثانياً : إنني لا أرى أن الإجابة الصحيحة على الجواب الثاني إلا في تحويلات غاليليو , التي تنص في الإجابة على ذلك , على وجوب جمع الحركتين بالنسبة للمحطة جمعاً فقط , وعليه ؛ فإن سرعة السيارة بدلالة القطار هي : ( 250000 + 250000 = 500 ألف كم / ثا ) . ولإثبات صحة هذا الجواب , نعيد التجربة بعد أن نرسل ( خالداً ) إلى داخل القطار ليرصد حركة السيارة فيه , وهو لا علم له بحال السلك , ويجلس في نهاية القطار , في موضع لا يستطع من خلاله رصد شيء خارج القطار .
فعندما يكون القطار ساكناً بالنسبة للمحطة , تكون السيارة ساكنة أيضاً بالنسبة لخالد . ولنفرض أن القطار تحرك حركة منتظمة بدلالة المحطة بسرعة ( 250 ألف كم / ثا ) وخالد لا يشعر بهذه الحركة , أي : يبقى القطار ساكناً بالنسبة له ( وهذا مُسلَّم به في نظريات النسبية ) , وبحركة القطار تتحرك السيارة داخله ويرصد خالد حركتها , ولنفرض أن ساعة خالد عند ابتداء الحركة كانت تشير إلى ( صفر ) بدلالة القطار . فعندما يقطع القطار ( ثانية واحدة بدلالة المحطة ) تكون ساعة خالد تشير أيضاً إلى ثانية واحدة فقط بدلالة القطار ( أي : إن المحطة قد قطعت في حركتها ثانية واحدة بدلالة القطار – بالنسبة لخالد - ) لأن الحركة نسبية بين القطار والمحطة , سواء أرصدها مَن بداخل القطار أم لم يرصدها . وفي هذه الأثناء تكون السيارة قد وصلت إلى نهاية القطار , إلى مكان جلوس خالد , لأن مقدمة القطار تهرب من السيارة بسرعة ( 250 ألف كم / ثا ) , بفعل حركته بدلالة المحطة , والسيارة تتقدم نحو مؤخرته , بفعل جر القطار إياها بنفس مقدار السرعة , أي : تكون السيارة قد قطعت طول القطار البالغ ( 500 ألف كم ) في ثانية واحدة بدلالة خالد الجالس داخل القطار ( الساكن بالنسبة له ) ؛ وفي هذا دليل بيِّن على أن سرعة الضوء ليست هي السرعة القصوى المرصودة في الكون , وأن ما استنتج من تحويلات لورانتز في تركيب الحركات , لا تصح في تركيب الحركات النسبية .
فليُتأمل ذلك ملياً .. !!

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:48 AM
2 - ( انكماش الطول وتمدد الزمن وازدياد الكتلة ) :


نتج عن مفهوم التواقت النسبي في نسبية أينشتاين : أن الجسم المتحرك ينكمش طوله ويتمدد الزمن فيه وتزداد كتلته بالنسبة للجسم الساكن بدلالته , ولما كانت الحركة نسبية بين الجسمين , فإن كلاً منهما يرصد انكماش الجسم الآخر بالنسبة له وتمدد الزمن فيه وازدياد كتلته , وعندما تتساوى السرعة بينهما مع سرعة الضوء , فإن كلاً منهما , وفق فرض ثبات سرعة الضوء و تحويلات لورانتز , يرصد أن الجسم الآخر قد انكمش إلى نقطة الصفر , وأن الزمن فيه قد توقف , وأن كتلته أصبحت لانهائية في الكِبر . وينتج عن ذلك استحالة وجود جسم يتحرك بالنسبة لآخر بأسرع من الضوء , لأنه لزيادة سرعة جسم على سرعة الضوء , يحتاج إلى طاقة لانهائية – لتحريك الكتلة اللانهائية - أي : يحتاج إلى أعظم من طاقة الكون المرصود كافة , وهذا أمر محال .
وبالرغم مما تقدم في التجربة المذكورة ( في تركيب الحركات ) التي ترد وتُبطل ما نتج عن مفاهيم ( انكماش الطول وتمدد الزمن وازدياد الكتلة ) فإن تساؤلات منطقية عن تعيين المراد من هذه المفاهيم , قد تزيد من رسوخ ما نتج عن تلك التجربة .
فما هو المراد من مفاهيم انكماش الطول وتمدد الزمن وازدياد الكتلة في نظرية أينشتاين النسبية ؟
هل المراد منها : أن هذه التغييرات , ظاهرية فقط في كِلا الجسمين اللذين بينهما حركة نسبية ؟
أم المراد منها : أن هذه التغييرات , تحدث فعلاً – حقيقة – في كِلا الجسمين معاً , جراء الحركة الفعلية لكل واحد منهما ؟
أم المراد منها : أن هذه التغييرات , تحدث فعلاً في أحدهما , وظاهراً في الآخر ؟

٭ فإن قيل : المراد منها أنها حوادث ظاهرية فقط , في كِلا الجسمين .
٭٭ يقال : فإذن ؛ من الممكن أن نغض الطرف عن مدلول مفاهيم تمدد الزمن وانكماش الطول وازدياد الكتلة , لأنها ظاهرية , ( كما هو حالنا مع الشمس التي توحي بأنها هي التي تتحرك والأرض ثابتة , فنغض الطرف عن هذه الحركة الظاهرية , ونؤسس ونبني معارفنا وعلومنا على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس )
وإذا غضضنا الطرف عن مدلول تلك المفاهيم , لأنها ظاهرية , فإنه من الممكن أن نزيد ( في علومنا ومعارفنا ) سرعة أي من الجسمين بالمقدار الذي نريد , ولن يكون هناك حدّ للسرعة , لأن أياً من الجسمين لا يتأثر فعليا في الحركة .
وعليه ؛ فإذا كان هذا مراد النسبية من تلك المفاهيم , فإن جميع ما جاءت به النسبية , يكون وجوده كعدمه .

٭ وإن قيل : بل المراد منها أن كل واحد من الجسمين يتأثر فعلاً من جراء حركته الفعلية .
٭٭ يقال : لما كانت الحركة بين الجسمين ناتجة , إما عن حركة أحدهما فقط فعلاً , وإما عن حركة كِلا الجسمين فعلاً , ( وللتحقق من ذلك نفترض أن الجسمين ساكنان عند نقطة تخيلية " م " لا ارتباط لها بأي من الجسمين , وبعد وجود الحركة بينهما , فإما أن يبتعد عن النقطة " م " أحد الجسمين , أو كلاهما )
يقال : لما كان منشأ الحركة كذلك , فإنه لتعيين المتحرك منهما فعلاً , ثلاثة احتمالات لا رابع لها , وهي :
1 - إما أن يكون أحد الجسمين ساكناً فعلاً , والجسم الآخر يتحرك فعلاً .
2 - أو يكون الجسمان يتحركان فعلاً , ( وفي أمثلتنا يكونان بجهتين متعاكستين ) وتكون سرعة كل منهما تساوي سرعة الآخر .
3 - أو يكون الجسمان يتحركان فعلاً ( بجهتين متعاكستين ) وتكون سرعة أحدهما أكبر من سرعة الآخر .

فعلى الاحتمال الأول ( الذي يفيد أن الحركة الفعلية لأحد الجسمين فقط ) : فإن الجسم الذي يتحرك منهما فعلاً , حين تصل سرعته إلى سرعة الضوء , ينكمش طوله إلى نقطة الصفر ويتوقف الزمن فيه وتصبح كتلته لانهائية فعلاً , وأما الجسم الساكن فعلاً , فيبقى على حاله , أي : لا ينكمش طوله ولا يتوقف زمنه ولا تزداد كتلته شيئاً , وهذا مناقض للنسبية , لأنها تدعي أن كلاً منهما يحدث له ما يحدث للآخر .

وعلى الاحتمالين الثاني والثالث ( اللذين يفيدان حركة الجسمين معاً فعلاً ) : تكون السرعة بين الجسمين هي مجموع سرعتي الجسمين الفعلية . فعندما تتساوى السرعة بينهما مع سرعة الضوء , فلن يكون أي من الجسمين يتحرك فعلاً بتلك السرعة , لأن هذه السرعة هي مجموع سرعتي الجسمين . ولما كان أيُّ واحد من هذين الجسمين لا يتحرك بسرعة الضوء , فلا يمكن لأي منهما , أن يرصد انكماش الجسم الآخر إلى نقطة الصفر وتوقف زمنه ووصول كتلته إلى اللانهاية في الكِبر , رغم أن السرعة بينهما هي سرعة الضوء . إذن ؛ هذا أيضاً مناقض للنسبية .

٭ وإن قيل : بل مراد النسبية من تلك المفاهيم , أن التغييرات تحدث فعلاً في أحدهما فقط , وظاهراً في الآخر .
٭٭ يقال : إذا كان هذا مراد نسبية أينشتاين من تلك المفاهيم , فإنها بذلك تخرج عن معنى النسبية , لأن جوهر النسبية في نظريات النسبية , يفيد : أن ما يرصده الجسم ( أ ) عن الجسم ( ب ) هو عين ما يرصده ( ب ) عن ( أ ) ( أي : التكافؤ بين الراصدين ) .
وهذا الاحتمال أيضاً مناقض للنسبية .

وبهذا يتضح ؛ أن مدلولات مفاهيم ( انكماش الطول وتمدد الزمن وازدياد الكتلة ) التي ادعتها نسبية أينشتاين , نتيجة الحركة بين الجسمين , متناقضة , ولا تستقيم مع المفهوم العام لنسبية الحركة .

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:49 AM
3 - ( معضلة التوأمين ) :


تتلخص معضلة التوأمين في المثال التالي :
لنتخيل أن ماهراً وعامراً توأمان , وأن عامراً أراد أن ينطلق بمركبته الفضائية من سطح الأرض , ويتجول بها في أجواز الفضاء , بسرعة مستقيمة منتظمة قريبة من سرعة الضوء , ويعود بعدها إلى شقيقه ماهر ؛ فما الذي سيسجله كل من عامر وماهر من تغييرات بعد عودة عامر إلى شقيقه , بحسب مفاهيم النسبية في انكماش الطول وتمدد الزمن وازدياد الكتلة ؟
إن ما يسجله عامر , وفق النسبية , هو أن شقيقه ماهراً قد شاخ فيما هو باق على شبابه .
وما يسجله ماهر , في الوقت نفسه ووفق النسبية أيضاً , هو أن شقيقه عامراً قد شاخ فيما هو باق على شبابه !!
وذلك لأن كلاً منهما يتحرك بدلالة الآخر , ولا يمكن , بحسب النسبية , تعيين المتحرك حقيقة منهما .
فكيف يحدث هذا ؟!
كيف يكون كل واحد منهما , أكبر وأصغر من الآخر , في الوقت نفسه ؟ !!
قيل : إن هذا التناقض البيّن فيما نتج عن مفاهيم النسبية , كاد أن يطيح بالنسبية الخاصة برمتها , وظل يؤرقها ويقض مضجعها , إلى أن جاء أينشتاين بالنسبية العامة عام 1916 م , وقال بتكافؤ العطالة والثقالة , ( وأخذ بمبدأ ماخ في تصوره للكون , حيث يقول ماخ : إن الكون كلٌّ موحَّدٌ ، وإن محاولة الحركة في جزء من أجزائه تُقابَل بمحاولات كبح من قِبل الأجزاء الأخرى فيما يُسمى بالعطالة ) وحاول أينشتاين بذلك حل هذه المعضلة , وقال : إن المركبة ومَن فيها تتعرض إلى أربعة تغييرات لا تتعرض لها الأرض ومَن فيها , و هذه التغييرات تجعل المركبة ينكمش طولها ويتمدد الزمن فيها وتزداد كتلتها حقيقة , والتغييرات هي : تسارعها عند بداية انطلاقها إلى أن تنتظم سرعتها , ثم تباطؤ سرعتها حين استدارتها للعودة , ثم تسارعها وهي في طريق عودتها حتى تنتظم سرعتها , ثم تباطؤها عند توقفها وعودة عامر إلى شقيقه ماهر , لذا ؛ فإن عامراً فقط سوف يبقى شاباً بالنسبة لماهر, فيما يشيخ ماهر بالنسبة لعامر .
كان من الأولى ألا تُذكر هذه ( المعضلة ) بعد الذي تقدم ؛ لأن ما تقدم يَرُدُّ ويُبطل كل ما جاء من حلول لهذه المعضلة , ويُثبت أنها ( مازالت معضلة ) وفق نظرية النسبية , حيث إن الحلول المقترحة تُخرج النسبية عن المفهوم العام لنسبية الحركة كما هو ظاهر . فنسبية الحركة تعني التكافؤ بين الراصدين , أي : إن كلاً من الراصدين يجب أن يسجل ويرصد نفس ما يسجله ويرصده الآخر من تغييرات , ومن هذه التغييرات : التسارع والتباطؤ , فلو أن أحدهما فقط يشعر ويتأثر بهذه التغييرات , لانتفى بذلك التكافؤ بينهما , و لانتفى معه كون الحركة بينهما نسبية , لأنه عندما لا يوجد تكافؤ بين الراصدين لا توجد نسبية .
ولكن ! لما كان صاحب النسبية نفسه , هو مَن يؤكد وجود هذا التباين في الرصد , لزم الإشارة إلى ما أنتجته نسبيته من تناقض ظاهر , كما لزم التنبيه إلى قصور الحلول المقترحة لإزالة هذا التناقض الظاهر فيها .
إضافة إلى ذلك ؛ فإن هذا المبدأ ( لِماخ ) يعود بنا بشكل أو بآخر , إلى مفهوم الأثير الذي يملأ الكون , والذي تدعي النسبية بعدم وجوده .

4 - ( السفر عبر الزمن ) :

من المقولات التي نتجت عن مفاهيم نسبية أينشتاين , مقولة : ( السفر عبر الزمن ) التي مفادها : إمكانية السفر إلى الماضي أو إلى المستقبل عند بلوغ الجسم سرعات عالية , أو عند تعرضه إلى مجال جذبي شديد .
وقد قيل في ذلك كثيراً وبُحث فيه طويلاً , وكان مجالاً خصباً للخيال العلمي , ومازال الاختلاف قائماً حول إمكانية السفر إلى المستقبل بعد أن تقرر علمياً أمر استحالة السفر إلى الماضي .
ولا أحسب أن الخوض في دقائق هذا الادعاء مُجدياً , نظراً لافتقاره إلى الأُسس والضوابط العلمية المعتبرة , ولغلبة شطحات الخيال عليه ؛ بيد أن الإشارة إلى بعض مواطن القصور أو التناقض في بنيته , قد يؤيد أصل ما نحن فيه .
حين ادعت النسبية بتغير الزمن مع تغير حال الراصد , وأن لكل جملة حركية زمناً خاصاً بها , كان لزاماً عليها , أولاً , أن تُعرِّف لنا هذا الزمن , وأن تُبَيِّن منشأه , لأن معالجة ما يطرأ على الزمن من تحولات , فرعٌ عن تصوره !
فما هو تعريف النسبية للزمن الذي سنمخر عبابه ونسافر عبره ( ولاسيما أنه متغير بتغير حال الراصد من حركة أو سكون ) ؟
و ما هو الماضي ؟ و ما هو المستقبل ؟
فهل كلٌّ من الماضي والمستقبل قائم في نقطة ما من الكون المنظور ؟
هل مَن يذهب منا إلى المستقبل , سيرجع إلينا ثانية ؟ أم سيمكث هناك ريثما نلحق به ؟

ألسنا متفقين على أن المستقبل , بالنسبة لنا , هو ما بعد الحاضر , أي : ما بعد ( الآن ) ؟
فكيف سيتخطى المسافرُ الحاضرَ ؟ هل سيتخطاه بغفلة أو غفوة من الحاضر نفسه ؟ أم سيموت المسافر ويحيا ثانية ؟ وإن عاد إلى الحياة ؛ هل ستكون حياته الجديدة حاضراً أم مستقبلاً بالنسبة له ؟ !!
تساؤلات كثيرة لا نجد أن أجوبتها تقف إلى جانب نسبية أينشتاين في شيء منها ..

ونتساءل : ما هو مصدر الزمن عند أينشتاين ؟
لقد عرّف نيوتن الزمن بأنه : ( مطلق , ينساب من تلقاء نفسه , وبطبيعته الخاصة , باطراد , دون علاقة بأي شيء خارجي ) أي : هو سيالة مطردة لا تؤثر في غيرها ولا يؤثر غيرها فيها ..
وقال أينشتاين في الزمن : إنه ( ينساب على الأشياء السريعة الحركة أبطأ من انسيابه على الأشياء البطيئة الحركة ) أي : لكل جملة حركية زمن خاص بها .. فهو يتأثر بغيره ..
والملاحظ هنا أن نيوتن قد بيَّن لنا مصدر انسياب الزمن , وهو ( من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة ) أما أينشتاين فقد أغفل ذكرَ مصدر الانسياب , مكتفياً بذكر طبيعة الانسياب , فقال : ( ينساب على الأشياء السريعة الحركة أبطأ من انسيابه على الأشياء البطيئة الحركة )
فما هو مصدر انسياب الزمن عند أينشتاين ؟
٭ فإن قيل : إن مصدر انسياب الزمن عند أينشتاين , هو ما قاله نيوتن : ( بأنه ينساب من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة ) ؟
٭٭ يقال : لو كان الأمر كذلك , للزم أن يكون الزمن غير متأثر بغيره , لأنه لا يجتمع كونه ينبثق من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة , مع تأثره بغيره .

٭ وإن قيل : لا ! إن مصدر انسياب الزمن عند أينشتاين , هو عين حركة الأشياء ؟
٭٭ يقال : لو كان مصدر انسياب الزمن هو عين الحركة , للزم أن يكون انسيابه في الأشياء السريعة الحركة , أسرع من انسيابه في الأشياء البطيئة الحركة , لأن الحركة هي المصدر .

إذن ؛ فهذان الاحتمالان لا يستقيمان مع نسبية أينشتاين , لأن الزمن في نسبيته , هو : يتأثر بغيره , وهو ينساب في الأشياء السريعة الحركة أبطأ من انسيابه في الأشياء البطيئة الحركة ؛ لذلك يبقى السؤال مطروحاً :
ما هو مصدر انسياب الزمن عند أينشتاين ؟ ذاك الزمن الذي يتمدد , ويتوقف !!

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:50 AM
5 – ( التواقت النسبي أو مفهوم الآن ) :


قالوا : إن ( التواقت النسبي ) هو أعمق وأدق فكرة في نسبية أينشتاين , ويُعدُّ حجر الزاوية فيها , فمن لم يعه جيداً ويدرك مراميه كاملة , يشق عليه فهم ما جاءت به هذه النظرية .
وعندي ؛ أنه لا يمكن فهم التواقت النسبي منطقياً , وفق ما تقدم و ما هو آت .
يُعرَّف ( التواقت النسبي ) , عادة , بنحو المثال التالي :
لنتخيل راصداً جالساً في منتصف قطار طويل جداً يتحرك بسرعة مستقيمة منتظمة بدلالة رصيف المحطة , ولنفرض أن راصداً آخر جالساً في المحطة يسجل ما يحدث داخل القطار , ولنفرض أن ومضتين ضوئيتين تنبعثان داخل القطار من منبع ضوئي موضوع عند الراصد وسط القطار , تنبعث الومضتان لحظة وصول الراصدين إلى محاذاة بعضهما , وتتجه إحدى الومضتين نحو مقدمة القطار , وتتجه الأخرى نحو مؤخرته , فما الذي سيسجله كل واحد من الراصدين بالنسبة لبلوغ الومضتين هدفيهما , وفق فرضي النسبية ؟
1 – يقول الراصد الجالس داخل القطار : إن الومضتين تنبعثان من وسط القطار باتجاهين متعاكسين , ولما كانت سرعة الضوء هي هي في جميع الاتجاهات وكان القطار ساكناً بالنسبة لي , فإن الومضتين ستصلان في وقت واحد , إحداهما إلى مقدمة القطار والأخرى إلى مؤخرته .
2 – ويقول الراصد الجالس في المحطة : إن سرعة الضوء ثابتة سواء أكان القطار ساكناً أم متحركاً , فالومضتان تنتشران بسرعة واحدة داخل القطار المتحرك بالنسبة لي , فتتجه إحداهما نحو مقدمته , وتتجه الأخرى نحو مؤخرته , ولكن ! لما كانت مقدمة القطار تهرب من إحدى الومضتين , وكانت مؤخرة القطار تقترب من الومضة الأخرى , فإن الومضة المتجهة نحو مقدمة القطار ستصل إلى مقدمته بعد وصول الومضة المتجهة نحو مؤخرة القطار إلى مؤخرته , أي ؛ لن تصل الومضتان إلى هدفيهما في وقت واحد .
إذن ؛ هناك حادثتان متواقتتان ( تقعان في وقت واحد ) بالنسبة للراصد داخل القطار , وغير متواقتتين ( تقع إحداهما قبل الأخرى ) بالنسبة للراصد في المحطة , فلا يمكن , والحال هذه , أن يكون الزمن الكوني زمناً مطلقاً , بل ! هو زمن نسبي يختلف من جملة عطالية إلى أخرى , فلكل جملة حركية زمن خاص بها .

إن منشأ هذا الاختلاف في تسجيل الراصدين , يرجع , كما هو معلوم , إلى الأخذ بفرض ثبات سرعة الضوء وعدم احتياجه إلى وسط حامل لحركته . ويقرر كل من درس النسبية أنه لا سبيل إلى اختبار صحة هذا الفرض , إلا من خلال ما ينتج عنه , أومن خلال التجارب الفكرية , التي هي على غرار ما يُعرض بها الفرض نفسه .
فأما ما ينتج عن هذا الفرض مجتمعاً مع الفرض الآخر , فقد ظهرت التناقضات الجلية التي تشير إلى درجته . وأما اختباره من خلال التجارب الفكرية - الفيزيائية , فدونكم تجربة تظهر بجلاء تام عدم صحة هذا الفرض :
لنفرض أن طول القطار المذكور في مطلع الحديث عن التواقت النسبي ( 600 ألف كم ) ولنفرض أنه يوجد سيارتان مجاورتان للراصد الجالس في منتصف القطار , إحداهما ( أ ) تتجه نحو مقدمة القطار , والأخرى ( ب ) تتجه نحو مؤخرته , ولنفرض أننا ربطنا السيارة ( أ ) بسلك متين ثم مددنا السلك على أرض القطار باتجاه مقدمته , ثم ثقبنا أرض القطار عند مقدمته و أمررنا السلك من الثقب , ثم ثبتنا نهاية السلك على محور مثبت على أرض المحطة يصل بين طرفي سكة القطار , بحيث إذا تحرك القطار إلى الأمام تحركت السيارة داخله باتجاه حركته , لأن القطار بحركته هذه يسحب السلك معه , فينسحب فقط طرفه المربوط بالسيارة مع السيارة المحررة من كل قيد . ولنفرض أننا ربطنا السيارة ( ب ) بسلك متين أيضاً , ثم مددنا السلك على أرض القطار باتجاه مؤخرته , ثم ثقبنا أرض القطار عند مؤخرته و أمررنا السلك من الثقب , ثم ثبتنا نهايته على محور مثبت على أرض المحطة يصل بين طرفي سكة القطار , بحيث إذا تحرك القطار إلى الأمام بقيت السيارة في مكانها بالنسبة للمحطة , لأن حركة القطار هذه لا تؤثر شيئاً في السلك , إذ لا ارتباط بينهما , فينسل السلك من القطار كما تنسل الشعرة من العجين .
ولنفرض , جدلاً , أن القطار تحرك بدلالة المحطة بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) فما الذي سيسجله كل من الراصدين ( داخل القطار وخارجه ) عن حركة السيارتين ( أ ) و ( ب ) وسرعتيهما على فرض أن الراصدين لا يعلمان شيئاً عن الأسلاك ؟

أولاً - سيسجل الراصد الجالس داخل القطار :
1 – إن القطار ساكن بالنسبة لي , وإن السيارة ( أ ) تتجه نحو مقدمة القطار بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة القطار .
2- إن السيارة ( ب ) تتجه نحو مؤخرة القطار بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة القطار .
فالسيارتان ستصلان معاً إلى هدفيهما , لأن البُعدين اللذين تجري عليهما الحركتان متساويان , ولأن سرعتي السيارتين متساويتان أيضاً.

ثانياً – سيسجل الراصد الجالس في المحطة :
1 – إن القطار يتجه نحو الأمام بسرعة ( 300 ألف كم /ثا ) بدلالة المحطة , وإن السيارة ( أ ) تتحرك داخل القطار وتتجه نحو مقدمته بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة القطار , فتكون سرعتها بدلالة المحطة ( 300 + 300 = 600 ألف كم /ثا ) .
2 – إن السيارة ( ب ) تتحرك داخل القطار بعكس اتجاه حركته فتتجه نحو مؤخرته بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة القطار , وهي بدلالة المحطة ساكنة , أي : ( 300 – 300 = 0 ) .
فالسيارتان ستصلان معاً إلى هدفيهما ؛
لأن السيارة ( أ ) تتجه نحو مقدمة القطار بسرعة ( 600 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة , والمقدمة تهرب من السيارة بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة أيضاً , فتكون السيارة ( أ ) داخل القطار , تتقدم نحو مقدمة القطار بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) أي : ( 600 – 300 = 300 ألف كم / ثا )
ولأن السيارة ( ب ) ساكنة بدلالة المحطة , ولكن مؤخرة القطار تقترب من السيارة بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة , فتكون السيارة ( ب ) تتقدم نحو مؤخرة القطار بسرعة ( 300000 – 0 = 300 ألف كم / ثا )

وبناء على ذلك : فإن الحادثتين متواقتتان بالنسبة لكلا الراصدين .
ولو أننا افترضنا وجود طائر ( أ1 ) يطير مع حركة السيارة ( أ ) بسرعة ( صفر ) بدلالة السيارة , ووجود طائر ( ب2 ) يطير مع حركة السيارة ( ب ) بسرعة ( صفر ) بدلالتها , لحصلنا على النتيجة نفسها .
ولو أننا استبدلنا بالطائرين شعاعين ضوئيين لحصلنا على النتيجة نفسها أيضاً , أي : لكانت سرعة الشعاع المتجه نحو مقدمة القطار بدلالة القطار ( 300 ألف كم / ثا ) وسرعته بدلالة المحطة ( 600 ألف كم / ثا ) , و لكانت سرعة الشعاع المتجه نحو مؤخرة القطار بدلالة القطار ( 300 ألف كم / ثا ) , وسرعته بدلالة المحطة ( صفراً ) .

وهذه تجربة أخرى تزيد الأمر تأكيداً , وهي مستمدة من التجربتين معاً , التي في ( تركيب الحركات ) والتجربة الآنفة الذكر :
لنفرض أن لدينا قطاراً طوله ( 600 ألف كم ) , وأنه توجد سيارتان ( أ ) و ( ب ) داخل هذا القطار , مجاورتان للراصد الجالس في منتصف القطار , إحداهما ( أ ) تتجه نحو مقدمة القطار , والأخرى ( ب ) تتجه نحو مؤخرته . ولنفرض أننا ربطنا السيارة ( أ ) بسلك متين ثم مددنا السلك باتجاه مقدمة القطار , ثم ثقبنا أرض القطار عند مقدمته و أمررنا السلك من الثقب , ثم ثبتنا نهاية السلك على محور مثبت على أرض المحطة يصل بين طرفي سكة القطار , بحيث إذا تحرك القطار إلى الأمام تحركت السيارة داخله باتجاه حركته , لأن القطار بحركته هذه يسحب السلك معه , فينسحب فقط طرفه المربوط بالسيارة مع السيارة المحررة من كل قيد .
ولنفرض أننا ربطنا السيارة ( ب ) بسلك متين و أمررنا هذا السلك داخل القطار باتجاه مؤخرته , ثم أخرجناه من نهاية القطار , و أمررناه على بكرة مثبتة على محور أفقي ثابت في المحطة , يشكل مع القطار صورة الحرف ( t ) اللاتيني (غير أن القطار والمحور مفصولان عن بعضهما ) , ثم أخذنا نهاية السلك من أسفل البكرة وربطناه في مؤخرة القطار , بحيث إذا تحرك القطار بدلالة المحطة , سحب معه السلك من أسفل البكرة , فتتحرك السيارة داخل القطار بعكس اتجاهه بدلالة المحطة . ولنفرض , جدلاً , أن القطار تحرك بسرعة ( 300 ألف كم / ثا ) بدلالة المحطة ؛
فكم تكون سرعة كل من السيارتين بدلالة القطار ؟
وكم تكون سرعة كل من السيارتين بدلالة المحطة ؟
وكم تكون سرعة كل من السيارتين بدلالة بعضهما ؟

الجواب :
أولاً – تكون سرعة السيارة ( أ ) بدلالة القطار (300 ألف كم / ثا ) وسرعة السيارة ( ب ) بدلالة القطار ( 600 ألف كم / ثا ) .
ثانياً _ تكون سرعة السيارة ( أ ) بدلالة المحطة ( 600 ألف كم / ثا ) وسرعة السيارة ( ب ) بدلالة المحطة ( 300 ألف كم / ثا ) .
ثالثاً - تكون سرعة كل من السيارتين ( أ ) و ( ب ) بدلالة بعضهما ( 600 ألف كم / ثا ) .
وتفصيل ذلك مع تعليلاته , مذكور في أصل كل من التجربتين .

ولو أننا افترضنا وجود طائر ( أ1 ) يطير مع حركة السيارة ( أ ) بسرعة ( صفر ) بدلالة السيارة ( أ ) , ووجود طائر ( ب2 ) يطير مع حركة السيارة ( ب ) بسرعة (صفر ) بدلالة السيارة ( ب ) , لحصلنا على النتيجة نفسها .
ولو أننا استبدلنا بالطائرين شعاعين ضوئيين لحصلنا على النتيجة نفسها أيضاً , أي : لكانت سرعة الشعاع المتجه نحو مقدمة القطار بدلالة القطار ( 300 ألف كم / ثا ) وسرعته بدلالة المحطة ( 600 ألف كم / ثا ) , و لكانت سرعة الشعاع المتجه نحو مؤخرة القطار بدلالة القطار ( 600 ألف كم / ثا ) , وسرعته بدلالة المحطة ( 300 ألف كم / ثا ) , و لكانت سرعة كل من الشعاعين بدلالة بعضهما ( 600 ألف كم / ثا ) .

وبهذا يتضح ؛ أن سرعة الضوء ليست ثابتة , وأن حركته كباقي الحركات خاضعة لتحويلات غاليليو , وأن الزمن ليس نسبياً , بل ! هو ( مطلق , ينساب من تلقاء نفسه , وينساب على وتيرة واحدة في شتى أرجاء الكون ) .

وهاكم أمراً آخر يؤكد أن الزمن مطلق وليس نسبياً :
فعندما تتجمع لدينا معلومات يرسلها مسبار فضائي , وأخرى من تلسكوب ( هابل ) ونحوه , نقوم بتحليل هذه المعلومات ودراستها بما لدينا من معارف وعلوم وتقنيات , لنَخرُج بنتائج عن طبيعة الأجرام السماوية و تكوينها وعلاقتها ببعضها بعضاً , وعما تكون عليها في وقتنا الحاضر . وتجدنا نقرر , وفق تلك المعطيات : يحدث ( الآن ) على سطح القمر كذا , ويحدث ( الآن ) للبقع الشمسية كذا , ويحدث ( الآن ) في باطن الشمس كذا , ويحدث ( الآن ) في نجم قنطورس ألفا كذا , ويحدث ( الآن ) في مجرة ماجلان كذا ... إلخ
وإننا من خلال ما توصلنا إليه لما يحدث ( الآن ) وفي كل ( آن ) بالنسبة لنا في الأجرام المدروسة , عرفنا مواعيد الخسوف والكسوف , و عرفنا دورات الكواكب والمذنبات والنجوم والمجرات , وعرفنا متى نرصد انفجاراً نجم هنا , ومتى نرصد ولادة نجم هناك ...
ويكاد العلماء يتفقون اليوم على أن الكون المنظور إنما هو نسيج واحد , وما يصيب هذا النسيج من تمدد أو تبدل في أحد - جوانبه - المرصودة , يصيب الجانبَ المقابل الشيءُ نفسه بالمقدار نفسه في الوقت نفسه ... لأن الكون – كما يغلب على ظنهم – نشأ عن ( الانفجار العظيم ) من – نقطة - واحدة ( ذات كثافة عالية جداً ) ثم تمدد بقدْر متساو في جميع الاتجاهات , وفي كافة المحاور التي من الممكن أن تمر من هذه النقطة ( كتمدد البالون حين يتعرض للنفخ من نقطة مركزه ) .
وإذا كنت لا أعلم ما يحدث ( الآن ) لشقيقي التوأم المقيم في مركبته الفضائية التي تبعُد عني سنة ضوئية , إلا بعد سنة من الآن , فليس مرد ذلك إلى اختلاف في الأزمنة , وإنما مرده إلى قصور في أدوات الاتصال .

إن كل ذلك وأمثاله الكثير يؤكد لنا بأن الزمن الكوني مطلق , وأن ( الآن ) واحد في جميع الكون المنظور , وأن الزمن القائم الآن هنا , هو الزمن نفسه قائم في أقصى مجرات الكون , وما منشأ جهلنا لما يحدث ( الآن ) هناك إلا قصور أدواتنا عن بلوغ ذلك وإدراكه .
وإن أدواتنا اليوم تقطع أشواطاً بعيدة في رصد ما يحدث ( الآن ) في القمر والزهرة والمريخ ونجوم قصية ... وذلك بتقريب المسافات بيننا من خلال تسريع وتعجيل المتحركات , وفي هذا دليل على أن ( الزمن يساوي المسافة تقسيم السرعة ) وليس ( السرعة تقسيم المسافة ) .

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:54 AM
6 - ( تحويل الكتلة إلى طاقة ) :


قيل : إن هناك أربعة أشخاص ادعوا أنهم قد وضعوا القانون الشهير ( الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء ) قبل أينشتاين , وقد نشرت إحدى المصادر العلمية ورقة علمية موثقة , وردت فيها هذه المعادلة الشهيرة , وكانت هذه الورقة قد نُشرت قبل عام ونصف من نشر أينشتاين نظريته النسبية .
إن ما يدعم صحة ما ورد عن هذه الورقة , أننا إذا اجتثثنا هذه المعادلة من نظرية النسبية , وعزلناها نهائياً عنها , فلن يؤثر ذلك في بنية هذه المعادلة ولا فيما ينتج عنها .
بمعنى آخر : أننا إذا عزلنا مفهوم انكماش الطول عن نظرية النسبية , فإنه لن يبقى لهذا المفهوم معنى .
وكذلك إذا عزلنا مفهوم تمدد الزمن عن نظرية النسبية , فإنه لن يبقى لهذا المفهوم معنى .
ومثل ذلك أيضاً إذا عزلنا مفهوم ازدياد الكتلة عن نظرية النسبية , فإنه لن يبقى لهذا المفهوم معنى .
وأما إذا عزلنا معادلة ( ط = ك × ث2 ) عن نظرية النسبية , فالراجح أن هذه المعادلة لن تتأثر في شيء , لأنها ليست نتيجة من نتائج نسبية أينشتاين كتلك المفاهيم , بل هي معادلة مستقلة عن نظرية النسبية , ثبتت صحتها بالتجارب العملية , وقد أفادت منها النسبية في صوغها مفهوم ازدياد الكتلة .

7 - ( البُعد الرابع ) :


يوصف الفضاء في الفيزياء ( الكلاسيكية ) بأنه ذو ثلاثة أبعاد , و تحدد الحوادث وُفقها , فيمثل لكل حادثة تقع في هذا الفضاء بثلاثة إحداثيات متعامدة ( كإحدى زوايا جداري غرفة مع الأرض ) أحدها للطول والثاني للعرض والثالث للارتفاع , ويبقى الزمن في هذا الفضاء ينساب على وتيرة واحدة ولا يؤثر في ترتيب وقوع الحوادث بالنسبة لجميع الراصدين , والحوادث التي تقع في وقت واحد بالنسبة لجملة عطالية ما , هي كذلك بالنسبة لجميع الراصدين في كافة الجمل العطالية .

وأما في نسبية أينشتاين , فإن الفضاء فيها ذو أربعة أبعاد , ثلاثة – للمكان – وواحد للزمان , وهي تتشكل معاً في نسيج واحد يسمى ( الزمان – المكان , أو الزمكان ) وتمثل الحوادث فيها بأربعة إحداثيات متعامدة , ولكن تعامدها لا يمكن رسمه , بل لا يمكن تخيله ( وكأني به من الممكن عقلاً , والمستحيل تخيلاً ! ) والزمن فيها متغير كتغير طول الإحداثي الذي يمثل جهة الحركة .

ولما كان البعد الرابع يستحيل تصوره , فإن أينشتاين وجميع من أتى بعده , يحاولون تقريب صورة ذلك إلى الأذهان من خلال التمثيل بأجسام أو مخلوقات ببعدين فقط , ثم مناقشة كيف ترصد هذه الكائناتُ كائناتٍ بثلاثة أبعاد , ثم إسقاط ذلك علينا – نحن البشر - على اعتبار أننا مخلوقات بثلاثة أبعاد , لإثبات أن حالنا مع البعد الرابع , كحال الكائنات التي ببعدين مع الكائنات التي بثلاثة أبعاد .

والسؤالان المنطقيان ههنا :
1 – لما كنا – نحن البشر – مخلوقات بثلاثة أبعاد , وكنا مركبين من لَبِناتٍ قد رُكِّب منها جميع الأجسام في هذا الكون دون استثناء ( وهي مما في أحشاء الذرات ) فما هو المقتضي لوجود بُعد رابع ؟

2 - هل من الممكن عقلاً وجود كائنات أو جسيمات ببعدين فقط ؟
فهل الصور المتحركة ( أفلام الكرتون ) والظلال والموجة الكهرطيسية والنقطة .... , هل من الممكن أن يكون شيء من ذلك ونحوه ببعدين فقط ؟

يقرر أهل النظر أنه يستحيل عقلاً وجود شيء في هذا الكون , مهما تخيلنا ضآلته , لا يشغل حيزاً بثلاثة أبعاد , طول وعرض و ارتفاع ( سماكة ) .

وبناء على ذلك ؛ فكيف يصح إثبات المستحيل تصوراً بالمستحيل عقلاً ؟

8 – ( تكافؤ العطالة والثقالة ) :


بقليل من البحث والتمحيص يتضح لنا : أن أينشتاين يطرح مفهوم ( التكافؤ بين العطالة و الثقالة ) من خلال محورين اثنين ؛
أحدهما : تكافؤ الكتلة العاطلة مع الكتلة الثقيلة .
والثاني : تكافؤ الجاذبية مع التسارع .
وبالرغم من أن كلاً من هذين المحورين قد يفضي إلى الآخر بصورة أو بأخرى , بيد أن التدقيق في كل منهما على حدة , يُظهر لنا تناقضات تحتاج إلى حل .

1 - فقد حاول أينشتاين إقرار صحة المحور الأول ( تكافؤ الكتلة العاطلة مع الكتلة الثقيلة ) من خلال التجربة ( الفكرية ) التالية :
نتخيل لفيفاً من العلماء في مصعد لإحدى ناطحات السحاب , مغلق الجوانب بحيث لا يمكنهم مشاهدة ما يجري خارج نطاق هذا المصعد , ولنفرض أن المصعد انفلت من حباله وتحرك دون قيد .
يعلل أحد العلماء الموجودين داخل هذا المصعد بقوله : يا رفاق ! إننا مُقبلون على كارثة ! فقد انقطعت حبال المصعد ونحن الآن نسقط سقوطاً حراً بتسارع منتظم يساوي تسارع الجاذبية الأرضية .. ويُخرج من جيبه قطعة نقود فيتركها وشأنها , فلا تسقط إلى أرض المصعد , بل تبقى معلقة في الفضاء ويمكنه أن يستردها متى يشاء و يتابع قوله : ألا ترون إننا والمصعد وقطعة النقود نسقط جميعاً بتسارع ثابت , يساوي تسارع الجاذبية الأرضية ..
ويجيبه أحد رفاقه : لا ! لا تجزع أيها الزميل .. فقد غدر بنا رفاقنا ووضعونا في صاروخ فضائي وأطلقوا الصاروخ في الفضاء الرحيب , ونمر الآن في مرحلة انعدام الجاذبية , وما تلاحظه من بقاء قطعة النقود ساكنة بدلالة المصعد , لا يعدو عن كونه ناتجاً عن انعدام الجاذبية في هذا المكان , وإذا قذفت قطعة النقود في اتجاه معين فإنك سوف تراها ترسم مستقيماً بحركة منتظمة , واقفز إن أردت عن أرض المصعد فسوف ترى نفسك تطفو بكل يسر نحو السقف بسرعة تساوي الجهد المبذول.. (( وبمختصر القول : إن قوانين الميكانيك صالحة هنا وهي تنسجم مع مبدأ العطالة ))

ولا يمكن للعلماء مجتمعين أن يفضلوا رأياً على الآخر , فكلاهما محق فيما يدعيه .
فأحدهما يعلل سقوط المصعد ومَن فيه بفعل الكتلة الثقيلة لكلٍ منهم ..
والآخر يعلل بقاءهم جميعاً على نمط متساوٍ بفعل الكتلة العاطلة لكلٍ منهم ..

2 - وقد عمل أينشتاين على إقرار صحة المحور الثاني ( تكافؤ الجاذبية مع التسارع ) من خلال التجربة ( الفكرية ) التالية :

نتصور العلماء كأنهم مازالوا في مصعدهم ذاك , وإنما نُقل هذا المصعد فعلاً هذه المرة إلى رقعة من الكون معزولة عزلاً تاماً عن المؤثرات المادية الخارجية , وربُطت حبالٌ بسقف المصعد , وشُد هذا الأخير بقوة ثابتة إلى الأعلى ينشأ عنها تسارع ثابت , وفُرض هنا أيضاً أن العلماء داخل المصعد لا يعلمون حقيقة وضعهم , وهم يقومون بإجراء تجارب فيزيائية , فيلاحظون أولاً أن أقدامهم تضغط بثبات على أرض المصعد ..
ويُخرج أحدهم قطعة نقود من جيبه فيتركها وشأنها فيراها تسقط نحو أرض المصعد بتسارع منتظم , ثم يرمي قطعة النقود في اتجاه أفقي موازٍ لأرض المصعد فيجدها ترسم قطعاً مكافئاً ... وتدله تجارب متعددة يجريها في المصعد على حقيقة أساسية , فيصرح بها قائلاً : إن المصعد ومَن فيه , في ظروف عادية تماماً , فهو ساكن على سطح الأرض , وتؤثر عليه الأرض بجاذبيتها ..
ويتصدى له أحد زملائه قائلاً : كلا أيها الزميل ! لسنا كما تزعم في مصعد ساكن على سطح الأرض , بل نحن في مصعد بعيد عن كل تأثير جاذب , وتؤثر على مصعدنا قوة خارقة انتزعته من الجاذبية الأرضية , فوضعته في بقعة من الكون خالية من المادة , و تابعت هذه القوة فعلها محركة إياه بحركة مستقيمة متسارعة بانتظام , تسارعها يساوي شدة الثقالة على أرضنا , فنحن والمصعد وجميع ما فيه نشترك بهذه الحركة , وبمجرد أن تترك قطعة النقود من يدك تزول عنها القوة المسرعة لعدم بقاء الاتصال بينها وبين المصعد الذي تؤثر فيه تلك القوة , فهي ( بحسب قانون العطالة ) تقوم بحركة مستقيمة منتظمة سرعتها تساوي سرعة المصعد ومَن فيه في اللحظة التي تركت فيها يدك القطعة , هذا من جهة ؛ ومن جهة أخرى : تتابع أرضُ المصعد حركتها المتسارعة , فهي تقترب تدريجياً من قطعة النقود لتلحق بها بعد فترة من الزمن ..
فهناك حركة نسبية بين قطعة النقود وأرض المصعد , فأنت تنظر إلى هذه الحركة النسبية معتقداً أن قطعة النقود هي المتحركة نحو الأسفل وأرض المصعد ساكنة . بينما أنظر إليها أنا معتقداً أن قطعة النقود تتحرك نحو الأعلى بحركة مستقيمة منتظمة , وتتحرك أرض المصعد نحو الأعلى أيضاً بحركة متسارعة بانتظام , سرعتها الابتدائية تساوي سرعة قطعة النقود .. فالحركة النسبية واحدة لكلينا , أنت تعللها بقوة جاذبية الأرض لقطعة النقود ( الكتلة الثقيلة ) , وأعللها أنا بالحركة المتسارعة للمصعد ( أي : بالكتلة العاطلة لقطعة النقود ) ..
ولا يمكن للعلماء مجتمعين الاعتراض على أي من الرأيين , فكلاهما محق فيما يدعيه ..

مما نستنتجه من نتائج هاتين التجربتين أن أينشتاين أراد أن يقول :
أولاً : لا يمكننا تحديد حالة الجسم , من خلال تجارب فيزيائية تجري عليه , هل هو يسقط سقوطاً حراً ؟ أم هو ساكن ؟ .
ثانياً : لا يمكننا تحديد حالة الجسم , من خلال تجارب فيزيائية تجري عليه , هل هو يعاني من الجاذبية ؟ أم من تسارع منتظم ؟

الذي يبدو لي أن في الاستنتاجين نظر ..

1 – في الاستنتاج الأول ؛ لو افترضنا أن المسافة بين جُدران هذا المصعد ( 100 أو 200 أو 500 متر أو أكثر ) وأن أحد العلماء كان واقفاً عند أحد الجدران , ولو أنه أخرج من جيبه ( ريشة طائر ) وتركها من يده , لبقيت الريشة في مكانها الذي تركها فيه ويمكنه استردادها متى يشاء , لأنه وإياها والجميع يسقطون سقوطاً حراً . ولو أنه دفعها , بقوة صغيرة جداً , باتجاه الجدار المقابل له لسارت الريشة بسرعة مستقيمة منتظمة بالنسبة للمصعد ومَن فيه ؛ ولكن هل ستصل الريشة إلى الجدار المقابل ؟ أم ستتوقف عن مسيرها بعد مسافة ما من انطلاقها ؟
في الإجابة نقول :
إن القوة التي أثرت على الريشة في حركتها الأفقية – بين الجدارين – كانت ( نقفة ) أو دفعة صغيرة , ثم أزيلت , في حين أن سقوط الريشة الحر , ينشأ عن قوة ملازمة في دفعها للريشة , بل وتزداد شدتها باطراد , وبناء على ذلك ؛ فإن القوة الملازمة والتي تزداد شدتها باطراد سوف تتغلب على تلك القوة الصغيرة الضعيفة وتمنعها من الاستمرار , أي : ستوقفها .
وكذلك الأمر لو أراد أحد العلماء أن يمزح مع زميله ودفعه بقوة صغيرة باتجاه الجدار المقابل , فإن العالِم المدفوع لن يصل إلى الجدار المقابل .

وبذلك يمكننا تحديد , أن هذا المصعد يعاني من سقوط حر , وليس هو ساكناً في بقعة خالية من المادة , لأنه لو كان في بقعة خالية من المادة , لاستمرت الريشة والعالِم بحركتيهما المستقيمة المنتظمة إلى الجدار المقابل , ولو لم يكن هناك جدار لاستمرت حركتيهما إلى الأبد .

2 – وفي الاستنتاج الثاني ؛ لو افترضنا أن أحد العلماء مربوط في سقف المصعد وبيده مجموعة من كرات متجانسة , وأنه يترك من يده كرة في كل دقيقة من زمن المصعد .
فلو كان المصعد ساكناً على الأرض بفعل جاذبيتها , لكانت الفترة الفاصلة بين وصول أية كرة والتي تليها إلى أرض المصعد , هي دقيقة واحدة أيضاً , لأن الكرات متجانسة والمسافة ثابتة وتسارع الجاذبية ثابت .
وأما لو كان المصعد يتسارع في بقعة خالية من المادة , وكان العالِم يترك من يده كرة في كل دقيقة من زمن المصعد , لكانت الفترة الفاصلة بين وصول أية كرة والتي تليها إلى أرض المصعد , أقل من دقيقة , و لكانت تلك الفترة تتناقص تدريجياً ابتداء من الكرة الثانية , مادام المصعد في تسارع , وذلك لأن الكرات متجانسة والمسافة بين أرض المصعد وسقفه ثابتة , ولكن التسارع في تزايد مستمر , أي : إن أرض المصعد يزداد تسارعها باستمرار , وكلما ازداد تسارعها كان وصولها إلى الكرة العاطلة الملقاة في البقعة الخالية من المادة – في فضاء المصعد – أسرع .

وبهذا يمكننا تحديد حالة المصعد , ويمكننا أن نجزم بأنه في حالة تسارع , وليس هو ثابت على الأرض بفعل الجاذبية .

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:57 AM
9 – ( بعض النتائج التجريبية التي تستدل بها النسبية على صحة فرضياتها ) :


1 – تعجيل سرعة الجسيمات :
لقد عُجلت سرعة الإلكترون – وهو ذو كتلة موجبة - حتى بلغت ( 0.9999999 ) من سرعة الضوء , وقيست عندها كتلته فوُجدت مساوية ( 900 ) مرة كتلته الأصلية , وقيل إن هذا موافق لما جاءت به النسبية من ازدياد الكتلة .

ومن التساؤلات المشروعة ههنا : هل أصبحت كتلة هذا الإلكترون مقتربة من اللانهائية ؟ أي : مقتربة من مجموع كتل كافة الكواكب والنجوم والمجرات في الكون المرصود ؟ أم اللانهائية في نظرية النسبية , هي نسبية أيضاً ؟
ولو تخيلنا أن العلماء استطاعوا تحويل كتل الكواكب والنجوم والمجرات كاملة إلى طاقة ( بحسب القانون الشهير : الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء ) أفلا تستطع هذا الطاقة الناتجة أن تُعجِّل سرعة هذا الإلكترون ليصل إلى سرعة الضوء فضلاً عن تجاوزها ؟
وهل أصبحت كتلة الإلكترون المحبوس في المختبر , الذي لم يتعرض إلى التعجيل , هل أصبحت كتلته بالنسبة للإلكترون المعجل أكبر ( 900 ) مرة من كتلة الإلكترون المعجل الذي يتحرك بدلالته ؟

2 - التحليق بالمؤقتات :
في عام 1971م قام العلماء بتجربة حول نسبية الزمان , فتم وضع أربع ساعات ذرية مصنوعة من السيزيوم على طائرات تجارية نفاثة تقوم برحلات زمنية منتظمة حول العالم ( في اتجاهات شرقية وغربية للفصل بين الآثار المترتبة على سرعات الساعات وبين الآثار الناجمة عن المجال الجاذبي الأرضي ) ووضعت الأزمنة التي سجلتها تلك الساعات موضع المقارنة مع الأزمنة التي سجلتها ساعات مرجعية ثابتة في مرصد البحرية الأمريكية , ووجد أن الزمن المسجل على الطائرات أبطأ منه على الأرض بفارق ضئيل يتفق مع قوانين النسبية الخاصة في حدود خطأ تجريبي مقداره حوالي 10% .
وفي عام 1976 وضعت ساعة هيدروجينية في صاروخ وصل إلى ارتفاع 10000 كيلومتر عن سطح الأرض , حيث أصبحت الساعة على الصاروخ في مجال جذبي أضعف منه على سطح الأرض , وقورنت إشارات الساعة على الصاروخ بالساعات على الأرض , فوجد أن الساعة على الأرض أبطأ منها على الصاروخ بنحو ( 4.5 جزء من عشرة آلاف مليون من الثانية ) وهو ما يتفق مع تنبؤات النسبية العامة بدقة عالية . وهذه القياسات تثبت – كما قيل - مفهوم ( تمدد الزمن ) , الذي يُعد أهم تنبؤات نظرية النسبية ؛ فالتجربة الأولى تثبت أن ( الزمن يتمدد ) كلما ازدادت سرعة الجسم , أما التجربة الثانية فتثبت أن ( الزمن يتمدد ) إذا تعرض الجسم لمجال جاذبي قوي .

إن من أظهر ما يُسجل على نتائج هذه التجارب ونحوها ( كحركة الميزونات وتعجيل الإلكترون والبروتون ... ) أنها تحدث للمتحرك فعلاً فقط , ولم يُسجَّل شيء من تلك التغييرات على المراجع التي تتحرك تلك الساعات - والجسيمات – بدلالتها .
وبهذا يتضح ؛ أن هذه التغييرات تحدث فعلاً , للمتحرك فعلاً فقط , وهذا ما يناقض جوهر مفهوم النسبية الذي ينص على أن ما يسجله ( أ ) عن ( ب ) هو عين ما يسجله ( ب ) عن ( أ ) ( أي : على وجوب التكافؤ بين الراصدين ) .

10 - ( تجربة مايكلسون و مورلي ) :


من المعلوم أن نتائج التجربة الشهيرة التي أجراها ( مايكلسون ) عام 1881م , والتي أعادها نفسها ( مايكلسون ومورلي ) بعد تحسين الأجهزة المستخدمة فيها عام 1887 م , لإثبات وجود الأثير عملياً , أتت على خلاف ما أُنشئت من أجله , فهزت هذه النتائج الأوساط العلمية وزعزعت التعاليم القائمة آنذاك , ولم تفلح الآراء التي قدمت لتعليل هذه النتائج ويُركن إليها طيلة عشرين سنة تقريباً , إلى أن جاء أينشتاين بالنسبية الخاصة عام 1905 م , حيث افترض فيها عدم وجود ( الأثير ) وعدم احتياج ( الضوء ) إلى حامل , وأن سرعة الضوء ثابتة في الخلاء , فكان هذا الافتراضُ الدعامةَ المتينة لتثبيت ما زعزعته نتائج تلك التجربة من تعاليم .
وبتعليل نسبية أينشتاين لنتائج تجربة مايكلسون ومورلي مع الحفاظ على أسس العلوم القائمة بفرضياتها ونظرياتها , أصبحت تجربة مايكلسون و مورلي هي العمدة والأساس في الاستدلال على صحة نسبية أينشتاين وصحة ما جاء فيها .

تتلخص تجربة مايكلسون ومورلي لإثبات وجود الأثير ( الحامل للضوء ) بإجرائها على جهاز مثبت ( فوق الكرة الأرضية ) حيث الأرض تتحرك في الفضاء ( في بحر الأثير ) .
فلما كانت حركة الأرض لا تتأثر بالأثير , فإن الأثير ثابت بالنسبة للأرض وهي تتحرك بدلالته بسرعة30 كم /ثا , ولما كان الضوء يحتاج في حركته إلى الأثير , فهذا يعني أن حركة الضوء مستقلة عن حركة الأرض . وبناء عليه ؛ فلو تمكنا من اختبار حركتين متباينتين لحزمتين ضوئيتين , إحداهما توافق حركة الأرض بدلالة الأثير , والأخرى متعامدة معها , لاستطعنا تعيين وجود الأثير عملياً . هذا ما أراده مايكلسون من جهازه ( لقياس التداخل بين الحزمتين ) حيث يقوم الجهاز المثبت على الأرض بإرسال إشارتين ضوئيتين في وقت واحد عبر ذراعين متساويي المسافة ومتعامدين أفقياً , وترتدا معاً بواسطة المرايا العاكسة إلى موضع واحد , ثم يُنظر إلى زمن وصول الإشارتين , بعد رحلتهما ذهاباً وإياباً , فإن وصلت إحداهما ( المتعامدة مع حركة الأرض ) قبل الأخرى ( الموافقة لاتجاه حركة الأرض ) فهذا دليل عملي ظاهر على تأكيد وجود الأثير , لأن المسافة التي يقطعها ذهاباً وإياباً الشعاعُ المتحرك حركة متعامدة مع حركة الأرض بدلالة الأثير , تكون أقل من المسافة التي يقطعها ذهاباً وإياباً الشعاعُ المتحرك مع اتجاه حركة الأرض بدلالة الأثير . وقد كان الجهاز حساساً ودقيقاً جداً وقادراً على تسجيل تلك الفروقات في الوصول , ولكن نتائج التجربة التي سجلها هذا الجهاز والتي أجريت في أماكن وظروف وأوقات مختلفة , كانت جميعها على غير ما توقع العالمان من إجرائها , حيث كان الجهاز في كل مرة يسجل وصول الإشارتين معاً .
ومن الأفكار التي شاعت وقتئذٍ لتعليل نتائج تجربة مايكلسون ومورلي هذه الأربعة :

1 - أن الأرض ثابتة في الأثير وأن ما عداها في الكون يتحرك بالنسبة للأرض والأثير . وهذا يعني أننا لن نشعر على الأرض بأي ريح للأثير ، وبذلك يكون الاستدلال على وجود الأثير مستحيلاً .
و لكن هذا التفسير لم يؤخذ مأخذ الجد , لأن مفاده أن الأرض تشغل المكان الرئيس في الكون . في حين أن الأرض واحدة من عدة كواكب تدور حول الشمس , وهذا يكفي لهدم أي فكرة تؤدي إلى أن الأرض ككوكب تشغل مكاناً فريداً في الكون .

2 - أن الأرض تجر الأثير الملاصق لها معها ، و هذا أيضاً يجعل وجود ريح الأثير مستحيلاً .
ولكن هناك عقبتين لا يمكن التغلب عليهما في سبيل هذا التعليل ، إحداهما : أنه إذا كانت الأرض تجر الأثير معها , فإن الموجات الضوئية التي تصل بالقرب من الأرض ، يجرها أيضاً الأثير معه لأنها تنتقل عبره . و إذا حدث ذلك فإننا سنرى الضوء الصادر من نجم بعيد آتياً من نفس الاتجاه دائماً ، و لن يكون هناك وجود لظاهرة الزوغان التي اكتشفها برادلي . والعقبة الأخرى : تتعلق بمعامل فرنل للانسياق . حيث وجد أن بعض المواد تبدو كما لو كانت تجر الأثير فعلاً معها ولكن بقدر جزئي محدود . بمعنى ؛ أن الأثير يبدو كأنه يتابع هذه الأجسام بجزء من سرعتها فقط , و لكننا وفق نتائج هذه التجربة بحاجة إلى جعل الأثير يتابع الأرض بكامل سرعتها .

3 – أن سرعة الضوء ثابتة دائماً بالنسبة للمنبع الذي يصدر عنه ، و معنى ذلك أن الضوء ينتقل بسرعة 300 ألف كم في الثانية بالنسبة لجهاز قياس التداخل دون أي اعتبار لسرعة هذا الجهاز أو بطئه في تحركه مع الأرض خلال الأثير .
و نتيجة لذلك يجب أن تتغير سرعة الضوء بالنسبة للأثير ، و لا يمكن الاستدلال على وجود الأثير لأن كلا من الشعاعين سيكون له نفس السرعة بالنسبة لجهاز التداخل ، و أي سباق بين الشعاعين سينتهي حتماً بالتعادل .
و الاعتراض الرئيس الذي وُجه إلى هذا التعليل , هو أنه يتضمن أن سرعة الضوء يجب أن تتغير بالنسبة للأثير , و هذا عكس الفكرة السائدة عن حركة الموجات , التي تستدعي أن تكون سرعة الموجة ثابتة في الوسط الذي يحملها .

4 - وأما التعليل الذي حاز على أكبر درجة من القبول للنتيجة السلبية لتجربة مايكلسون ومورلي فكان لفتزجرالد . حيث اقترح فتزجرالد أن كل الأجسام تنكمش في اتجاه حركتها في الأثير . و قـد بنى فكرته هذه على التصور التالي : لما كانت الأجسام العادية تنبسط في الشكل عند اصطدامها بالأجسام الأخرى ، كما يحدث مثلاً عند اصطدام كرة من المطاط بالحائط ، فلماذا لا يكـون ممكناً أن الأجسام التي تتحرك في الأثير تعاني منه ضغطاً يجعلها تنكمش ؟
ولم يخل هذا التعليل من الاعتراضات عليه , ولكن البحث الذي نشره لورانتز عام 1892م لإنقاذ نظريته الإليكترونية بعد نتائج هذه التجربة , كان سنداً لهذا التعليل حتى سمي بانكماش ( فتزجرالد - لورانتز ) وفحوى هذا البحث : أن المادة مؤلفة من ذرات موجبة وسالبة , وهي عبارة عن كرات مشحونة , فإذا تحركت هذا الكرات تحول شكلها إلى مجسم قطع ناقص يكون محوره الصغير في اتجاه الحركة , وهذا ما حدث لذراع جهاز التداخل ( المؤلف من المادة ) الذي تحرك باتجاه حركة الأرض . وحصل على المعادلة التي تعطي مقدار الانكماش , وبينت المعادلة أنه كلما زادت سرعة ريح الأثير أو سرعة الأرض في الأثير زاد مقدار الانكماش الناتج في ذراع جهاز التداخل الموافق لاتجاه الحركة , في حين أن الأجسام التي تتحرك في اتجاه عمودي على اتجاه ريح الأثير لا تعاني أي انكماش على الإطلاق .
وبقي هذا التعليل بين أخذ ورد إلى أن جاء أينشتاين بالنسبية الخاصة , فأخذ بهذا التعليل بعد أن افترض ثبات سرعة الضوء وأن الأثير فرض لا مبرر لوجوده , فكان ذلك بمثابة البلسم الشافي لتعليل نتائج تجربة مايكلسون ومورلي مع الحفاظ على فرضيات العلوم القائمة آنئذٍ .

ملاك الشرق
06-04-2010, 10:59 AM
(( ومن الجدير ذكره عن هذه التعليلات أنها جميعها فكرية )) .

والسؤال المشروع ههنا : هل تعليل النسبية لنتائج تجربة مايكلسون ومورلي يبقى هو الأرجح بعد كل الذي تقدم ؟

الخاتمة :

في الإجابة على السؤال الأخير أختتم هذا البحث فأقول :
إذا تعذر إيجاد حلول بيِّنة قطعية على جميع ما تقدم من التناقضات الظاهرة ونحوها في نسبية أينشتاين , فإنه لا مناص من إعادة النظر في تعليل نتائج تجربة مايكلسون ومورلي , أو من البحث عن وسائل وطرق نختبر من خلاها تجربة مايكلسون ومورلي نفسها ونختبر انتشار الضوء .
ودونكم اثنتين من الوسائل المقترحة :
إحداهما : إعادة تجربة مايكلسون ومورلي على متن مركبة فضائية أو على متن طائرة , أو على متن مركبة تتحرك على الأرض حركة نضمن , بما لدينا من تقنيات متقدمة , أن تسجل لنا الفروقات في مسيرة الحزمتين الضوئيتين .
والوسيلة الأخرى : اختبار انتشار الضوء المرئي .
من الثابت أنه عندما نضع جرساً داخل أنبوب الاختبار , نسمع رنين الجرس بعد أن نغذيه بطاقة كهربائية ونضغط زر التشغيل . وأننا حين نفرغ الأنبوب من الهواء لا نسمع صوت الجرس رغم تغذيتنا إياه بالطاقة اللازمة وضغط زر التشغيل .
على نحو من ذلك ؛ نأتي بصندوق كبير بعض الشيء , ونضع في أحد جوانبه من الداخل منبعاً ضوئياً , ونضع في الجانب المقابل له , من الداخل أيضاً , خلية إليكترونية تتحسس فقط بالضوء المرئي , بحيث تعمل عند تعرضها للضوء كزر التشغيل المضغوط ( إغلاق دارة ) لصفارة إنذار موضوعة خارج الصندوق , أي : عندما يصدر المنبع الضوئي ضوءاً تتحسسه الخلية الإليكترونية , فتغلق الدارة الكهربائية , فينطلق صوت صفارة الإنذار مدوياً .
فلو أننا فرَّغنا هذا الصندوق من الألوان , بمعنى آخر : لو أننا جعلنا جميع الصندوق من الداخل بلون أسود قاتم , و أحكمنا إغلاقه , ثم جعلنا المنبع الضوئي يعمل , فهل ستتحسس الخلية الإليكترونية الضوءَ وتغلق الدارة وينطلق صوت صفارة الإنذار ؟
ولو أنه انطلق صوت صفارة الإنذار , فهل يكون الزمن الفاصل بين إصدار المنبع الضوئي للضوء وانطلاق صوت الصفارة , مساوياً للزمن الفاصل بينهما في الصندوق المصنوع من الداخل باللون الأبيض أو بأحد ألوان قوس قزح ؟

وبعدُ ؛ فلا أحسب أنه يستحيل علينا ابتكار وسائل وتجارب أخرى لاختبار نتائج تجربة مايكلسون ومورلي وانتشار الضوء المرئي , عندما يتعذر إيجاد حلول وإجابات قطعية جازمة لجميع التناقضات والتساؤلات المتقدمة ونحوها .

والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً وفي كل حين .

منقوووول