مشاهدة النسخة كاملة : تقرير عن الاستنساخ


ملاك الشرق
06-02-2010, 12:19 PM
بعد نجاح عملية الاستنساخ الاولى للغنمة بولي عام 1997، تتابعت طموحات العلماء لتنتج الغنمة تراسي عام 1999 التي زرع فيها جين انساني ليجعلها تقدم لنا حليباً يحتوي على بروتينات انسانية. وتتستمر تجارب العلماء في هذا المضمار من اجل إستغلال الحيوان لخلق اعضاء إنسانية بديلة في حالة الحاجة اليها او للحصول على ادوية بيلوجية.

اليوم توجد حيوانات يطلق عليها "تشيمير" (Chimaira) وهي حيوانات جرى تخليقها من خلال خلط خلايا عدة اصناف من الحيوانات مع بعضها. هذا الامر يثير الدهشة والخوف والتساؤلات معاً .
في مجال صناعة الحيوانات ذات التركيبات الجينية المختلطة (تشيمير)، وصل العلماء الى درجات متقدمة. عام 1967 قام عالم المورثات Beatrice Mintz بصنع اول تشيمير وهو عبارة عن فأر ابيض مخطط بالاسود، عام 1980 قام عالم المورثات Nicole le Dourin بصنع دجاجة من المقدمة والمؤخرة وفي النصف طائر الفاكتر ( Coturnix coturnix). بعد انقضاء اربع سنوات ولدت غنمة في المختبرات البريطانية، اجزاء من جسمها كانت مغطاة بالصوف في حين بقية الاجزاء كانت مغطاة بالشعر كما عند العنزة، ولذلك سميت "geep".

تشيمير يختلف اختلافا كبير عن الكائنات التي يطلق عليها " الهجينة" عندما يقوم الانسان بتلقيح نوع مع نوع اخر، للحصول على نوع جديد. البغل مثلا يحتوي على خلايا متساوية من المورثات من الحصان ومن الحمار في جميع خلايا جسمه، في حين تشيمير صنع بحيث ان بعض خلايا اجزاء جسم الحيوان تكون بكاملها قادمة من الحصان مثلا في حين اجزاء اخرى من الجسم تكون خلاياها بكاملها قادمة من الحمار، بدون اختلاط المورثات. غنمة بقلب إنساني مثلا سيكون خلايا اجيالها قادمة بكاملها من الغنمة الام طالما ان الخلايا الانسانية غير موجودة في الغدد الجنسية للغنمة. إذا وصلت الخلايا الانسانية الى الغدد الجنسية، سيكون ذلك بداية لسيناريو مرعب.


من الناحية التكنيكية لاتوجد موانع تمنع العلماء من إنشاء اجهزة جنسية إنسانية عند الخروف من خلال حقن خلايا بشرية في اجنة للخروف. بالرغم من ان هذا الخروف سيكون مشابه لبقية الخرفان فأنه إذا قام بتلقيح امرأة فأنها ستحصل على طفل إنساني طبيعي تماماً.
من الممكن انتاج تشيمير من خلال استخدام عدة انواع من التكنيك والنتائج مرتبطة بكيفية القيام بذلك . Geep في الصورة اعلاه، جرى مثلا الحصول عليه من خلال دمج اجزاء من نطفة بدائية لغنمة مع اجزاء من نطفة لعنزة وزرع النطفة في رحم غنمة. النطفة يجب ان تكون في فترة مبكرة للغاية قبل ان تتحدد فيها خلايا مختلف اجزاء الجسم، ولذلك فأن إختلاط الخلايا بهذه الطريقة يجري بطريقة غير محددة ويخضع لتوزيع الصدفة. التشيمير المنتج كان انثى والبيضة التي تتشكل في مشيمتها قابلة للاخصاب وخلايا الجنين القادم بنتيجة هذا الاخصاب تكون عنزية وخاروفية مختلطة بغير انتظام على مساحة الجسم بأكمله...

الدجاجة المخلوطة مع طائر الفاكتر التي ذكرت اعلاه، جرى تخليقها من خلال تكنيك اخر، ليس من خلال حقن نطفة وانما من خلال عملية زرع في جنين انجز تشكيل اجزائه الاساسية: الرأس والذيل المتصلين من خلال الظهر. الاخصائيين ثقبوا ثقبا في البيضة وقصوا القسم النصفي من العمود الفقري ووضعوا عوضا عنه مايماثله من عمود فقري من جنين طائر الفاكتر. مع استمرار نمو الجنين استمر النمو عن طريق الخلايا الاصلية لكل جزء، حيث مقدمة ومؤخرة الجسم نمت من خلايا الدجاجة في حين الوسط من خلايا الفاكتر.
يستخدم العلماء الان الخلايا الانسانية (stem cells) في اجنة الحيوانات التي وصلت الى مرحلة نمو متقدمة. ينتظر العلماء الى ان يصل الجنين الى اللحظة التي تتشكل فيه جميع الاعضاء بمراحلها الاولى المبكرة، حيث لاتكون منظومة المناعة قد نشأت وبدأت بالعمل وبالتالي لاتقوم برفض الخلايا الانسانية المزروعة. الخلايا الانسانية تحقن في داخل الجنين ليجدوا طريقهم بنفسهم مشكلين مستعمرات خاصة بهم داخل الجنين. غير ان مقدرة خلايا الانسان العضدية على تخليق اعضاء متخصصة لازالت محدودة ويعتمد على نوع الخلايا التي استغلت في الحقن او الزرع، ولذلك فأن هذا التكنيك محدود بالهدف وبموضع استخدامه من الجسم.


الحيوانات تصبح معامل اعضاء احتياطية
الحاجة الى الاعضاء البشرية مثل الكلاوي والقلب والكبد قديمة الى درجة ان العلماء كانوا مجبرين على تعويضها بالاعضاء الميكانيكية. عام 1997 تمكن العالم Joseph Vacanti من الحصول على اول اذن بشرية جرى استحصالها بالزراعة تحت جلد فأر، من خلال موديل على شكل أذن من مادة بيلوجية قابلة على الذوبان بعد ان تنمو عليها الخلايا وتأخذ الصورة الخلاجة والداخلية حسب الموديل قبل ان يذوب. عام 1999 تم تبديل المثانة عند ستة كلاب بمثانة جديدة تم الحصول عليها بطريقة صناعية من خلايا الكلاب ذاتها. الطريقة التي كانت تستخدم لانتاج الاعضاء تختلف كثيرا عن طريقة زراعة الخلايا بالجنين في كائنات تشيمير. الجراح Anyhony Atala من جامعة هارفارد الطبية اقتطع جزء من مثانة الكلاب ليزرع خلاياهم في سائل مغذي لينمو ويصبح صالح من جديد كمثانة.

غير ان المعرفة الجديدة تعطي افضليات اكبر على طريق الانتاج الواسع والاقل تعقيدا. احد اوائل الإختصاصيين في مجال خلط الكائنات العالم Esmail D. Zanjani من جامعة نيفادا الامريكية. هو الذي قام بوضع نظام إنتاجي " لتصنيع" الحيوانات المخلوطة جينيا على نطاق واسع. بعض مخلوقاته تنشئ ولها قلب مؤلف في اغلبه من خلايا إنسانية في حين البعض الاخر له كبد ذو منشأ إنساني. الهدف من ابحاث العالم إسماعيل هو التوصل الى إنتاج خرفان كوسيط لإنتاج الاعضاء الانسانية الاحتياطية لزرعها عند الانسان لتعويضه عن اعضاء مريضة. إذا كان بالامكان اخذ stem cells من إنسان محتاج الى قلب وحقنها في جنين خاروف حيث يتم نموهم ليصبحوا قلب إنساني ذو خلايا تتطابق مع خلايا المريض نفسه يمكن عندها زراعة القلب له بدون ان تتعرض للرفض من الجهاز المناعي للجسد الانساني.

تخليط الكبد يعطي حتى الان نتائج افضل من القلب. عند بعض التشيمير يصل نسبة الكبد الانساني الى حوالي 20 بالمئة والخلايا الانسانية تتمكن من القيام بوظائف الكبد المعتادة. ومن حيث المبدأ يمكن اقتطاع الجزء الانساني من الكبد وزراعته في الكبد المريض للانسان وبهذه الطريقة يمكن ان يستعيد الكبد المريض صحته تدريجياً. جهاز المناعة سيقوم بتدمير الخلايا الغير إنسانية من الكبد المنقول، ولكنه سيبقي على كل الخلايا ذات الاصل البشري وهي كافية لاستعادة وظيفة الكبد المريض.


زرع انسجة خلوية إنسانية في الخروف والماعز لايعاني من مشاكل اخلاقية غير ان العالمان Gary Steinberg & Irving Weissman من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا يعملان على خلق تشيمير عبارة عن فئران مخلوطة بخلايا دماغية إنسانية مما يعطي للبعض اساساً للاحتجاج.حتى الان اتيح للعلماء النجاح بتعويض 2% من دماغ الفأر بخلايا إنسانيةوالهدف التمكن من معالجة النزيف الدماغي ومرض الباركينزون وامراض اخرى. العلماء يحاولون معرفة فيما إذا كانت الخلايا الانسانية قادرة على اصلاح الاعطال الدماغية من خلال مجرد ضخها في الدماغ.

التجربة اشارت الى ان الخلايا الانسانية التي تحقن في دماغ الفئران تذهب بنفسها الى المناطق المصابة لتبدأ هناك بالنمو.
من حيث المبدأ لايوجد مايمنع زرع دماغ انساني في جنين الفأر وجعله ينمو ليصبح فأرا ذو دماغ إنساني، وهذا يثير الذعر ان يتمكن الانسان من خلق فأر يفكر مثل الانسان، لهذا يقوم العلماء بقتل فئران التجربة على الفور. وبالنظر لكون الدماغ الانساني يحتاج الى وقت اكبر 12 مرة من الوقت الذي يحتاجه دماغ الفأر ليصل الى مستوى النضج فأنه من المشكوك به ان تتمكن الفئران من التفكير قبل قتلها.


إنسان بأجنحة
اصبح الان من الواضح ان الانسان لديه قدرات واسعة على إعادة تشكيل المخلوقات الحية ضمن الخريطة البيلوجية الاصلية. اي انه من الممكن الان تبديل المخطط الاصلي لكائن مثل الانسان وتعويض ايديه بأجنحة ولكن لن يمكن إنشاء اجنحة له الى جانب ايديه وارجله، وذلك لان الانسان من حيث الاساس هو تصميم ناشئ عن التصميم الاساسي لجميع مملكة الحيوان وليس في هيكله ستة اطراف وانما اربعة فقط، مثله مثل بقية الحيوانات اللبونة الاخرى. غير ان تعويض الايدي بأجنحة لايجعله قادر على الطيران لان جسمه ثقيل وغير مصمم للطيران. بنفس الطريقة من الممكن نظرياً إنتاج خروف قادر على انتاج منويات إنسانية او بيضة إنسانية ولكن ان نستطيع التفكير بإمكانية ان يقوم هذا الخروف بعملية جماع جنسي مع إنسان وان يلد الطفل الانساني لازال امرا غير واقعي. الجنين الانساني يحتاج الى ضعف فترة جنين الخروف لكي ينمو وبالتالي فأن النعجة ستقوم على الاغلب بولادة مبكرة تؤدي الى موت الجنين والمشيمة لن تقدم له الفترة المطلوبة للحياة.

إمكانية الحصول على كائن تشيمير ناجح تتزايد كلما زاد تقارب النوعين الحيوانيين وراثيا الى بعضهما. بمعنى اخر كلما كان الحيوانين الذي ستخلط مورثاتهما قريبين بيلوجيا، مثل العنزة والغنمة، او الانسان والشمبانزي، غير ان الامر الاخير سيحتاج الى مراجعة اخلاقية عميقة.
العالم الامريكي Eugene Raymond اعلن منذ فترة قصيرة حقنه خلايا دماغية إنسانية لقرد من فصيلة ماركاتا ولكنه حتى الان لم ينشر نتائج تجربته وبالتالي لايوجد مايؤكد ذلك.


ادوية المستقبل ستحلب حلباً
ان نعلم اننا اقرباء للحيوانات يعطينا قدرة على استغلالهم من اجل التحول عن صناعة الادوية بالطرق التقليدية الى تحويل الحوانات الى "بقر لحلب" الادوية من غددهم مباشرة. حتى الان كان المنتجين الزراعيين يكتفون بإنتاج مواد المنتجات الغذائية من حيواناتهم الان يتجه التتطور نحو تحويل الحيوانات الى القدرة على انتاج الادوية ايضا وبالتالي سيزداد دخل الفلاحية. هذا الامر اصبح الان حقيقة عند فلاحيي شرق الولايات المتحدة، حيث توجد 2000 بقرة ، يظهروا للعيان وكأنهم بقرات عادية ولكن في حقيقة الامر يثمن حليبهم بسعر الذهب. غدد لحليب عند هذه الابقار جرى تعديلها وراثيا بحيث تنتج كمية كبيرة من بروتين إنساني مخلوط في حليبها، ليعزل منه ويحول الى دواء.
هذه الطريقة تستخدم من اجل إنتاج كميات كبيرة من المواد الصعبة او المعقدة والتي يكلف تصنيعها في المختبرات، إضافة الى ذلك فأن هذه الطريقة تخفض خطورة انتقال الامراض مثل الايدز.


ادوية حيوانية
عام 2006 حصلت الشركة الامريكية Genzyme على اول تصريح من إدارة الادوية الاوروبية EMEA يعترف ويسمح لها بإستخدام اول دواء " محلوب" من الحيوان. الدواء بإسم ATryn. وبذلك يصبح اول دواء من هذا النوع في الاسواق، وهو دواء لمساعدة الاشخاص الذي لاينتج جسمهم بروتين antitrombin. هذا البروتين هو الدفاع الطبيعي للجسم ضد تخثر الدم، وبدونه يجب على المر تعاطي ادوية لتسهيل تسليس الدم.
فقط 30% من عنزات الشركة تنتج البروتين المذكور اعلاه، اما بقية العنزات فتنتج ادوية ضد امراض اخرى مثل روماتيزم المفاصل، الملاريا، السرطان، هرمونات نمو ، انسولين و psoriasis.
هذه المواد لازالت تحت التجربة ولم يجري حتى الان التصريح بإستخدامها، ولكن تعطي صورة واضحة عن البدايات والمستقبل.


المورثات والجينات واحدة بين الانسان والحيوان
من اجل التوصل الى معرفة طريقة إستغلال الحيوان لابد اولا من معرفة الجين المسؤول عن انتاج المادة التي نحتاجها. بالنسبة للدواء ATryn استغلت الشركة المنتجة معرفتنا ببنية الجين الانساني AT3 المسؤول عن إنشاء بروتين انتيترومبين عند الانسان. قبل وضع البيضة المطلوبة في خلية ملقحة، يكون الباحث قد غير قليلا في الجين AT3.
هذا التغيير الذي يجرى في الجين من اجل حثه على النشاط وانتاج البروتين المسمى kasein من غدد الحليب. تعتبر الحيوانات اللبونة جميعها مناسبة لانتاج الادوية، ولكن الحيوانات التقليدية ستكون هي الهدف بسبب الكمية الكبيرة التي تنتجها ولكون الفلاح يعرف التعامل معها، لذلك ستكون مصدر لدخل جديد، بالرغم من ان هناك حيوانات مختلفة لكل دواء، فمثلا الارانب لانتاج هرمونات النمو، والحنزير لانتاج ادوية مضادة لتسيل الدم والخروف لادوية مضادة للتخثر والفأر للادوية المضادة لروماتيزم المفاصل.

مصادر
Mosaicism and Chimerism
Mice produced from culture line
Stem Cells Trnasplantation
Studies on the Liver
Stem Cells Fill Gap Left By Stroke
Strokes kill brain cells