مشاهدة النسخة كاملة : افمام جابر بن زيد


أم عقوص
04-12-2009, 02:09 AM
صباح الخييييييييييييييير :S_018::S_018:
الإمام جابر بن زيد
يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين، فمؤسسه الذي أرسى قواعده وأصوله هو التابعي الشهير أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي وهو محدث وفقيه، وإمام في التفسير والحديث وهو من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعدد كبير من الصحابة ممن شهد بدرا.
هذا هو مؤسس الإباضية. وأما ما اشتهر عند المؤرخين من نسبة الإباضية إلى عبد الله بن إباض التميمي الذي عاش في زمن عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها فنسبت الإباضية إليه من قبل الأمويين. والإباضية في تاريخهم المبكر لم يستعملوا هذه التسمية، وإنما كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو "أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث الهجري ثم تقبلوها تسليما بالأمر الواقع.
ويعتبر جابر بن زيد الإمام الأول للإباضية والمؤسس الحقيقي للفكر والمذهب الإباضي. وهو من أبرز علماء النصف الثاني من القرن الأول الهجري، فقد ولد ما بين عامي 18-22 هجرية في بلدة فرق في منطقة تسمى الجوف في نزوى عاصمة المنطقة الداخلية في عُمان وفيها نشأ وترعرع قبل أن ينتقل إلى البصرة لطلب العلم.
شيوخه
وفي البصرة أخذ يتزود بالعلم والمعرفة وخصوصا ما يتعلق بعلوم القرآن والحديث وما يتصل بهما وقد تتلمذ على أيدي كثير من الصحابة والتابعين وأخذ عنهم الحديث والتفسير واللغة والأدب. ومن أبرز الصحابة الذين أخذ عنهم عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله وغيرهم. اشتهر بالحرص الشديد في طلب العلم فكان يكثر من الأسفار في سبيل ذلك، وكان ينتهز موسم الحج للقاء الصحابة والعلماء، فقد ذكر الدرجيني[1] أنه كان يحج كل سنة، وكانت له ناقة سافر عليها أربعة وعشرين سفرة ما بين حجة وعمرة.
عاش في زمن الحسن البصري وعمرو بن دينار، وكان صديقا حميما للحسن البصري حتى أنه سئل عند موته ما تشتهي قال (إني لأشتهى رؤية الحسن البصري قبل أن أموت) فجيءله بالحسن البصري.
مكانته العلمية:
روى أبو نعيم في الحلية أقوالا لكثير ممن عاصروه تشيد بمكانته العلمية وزهده في الدنيا ومن ذلك ما قاله عمرو بن دينار وهو أحد علماء التابعين : (ما رأيت أحدا أعلم بالفتوى من جابر بن زيد)، وكان إياس بن معاوية وهو قاضي البصرة في عهد عمر بن عبد العزيز يقول : (أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد). أما ابن عباس فكان يقول : (لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علما عما في كتاب الله)، كما وصفه ابن عمر (أنه من فقهاء البصرة البارزين) بينما قال عنه قتادة: (إنه عالم العرب) . ويصفه أبو نعيم الأصبهاني بقوله : (كان للعلم عينا معينا، وركنا مكينا، وكان إلى الحق آيبا، ومن الخلق هاربا).
كما ذكره ابن القيم في أعلام الموقعين بعد ما ذكر المفتين من الصحابة ذكر المفتين من التابعين فابتدأ بالمدينة وفقهائها، وثنى بمكة المكرمة وفقهائها ثم ثلّث بالبصرة وذكر من فقهائها المفتين جابر بن زيد.
ولذلك يعتبر جابر بن زيد من أبرز علماء البصرة في عصره وأجمع علماء الحديث على عدالته وضبطه. فقد روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومجموعة من المفسرين. ووردت إشارات بمكانته العلمية عند السيوطي وابن حجر وقال عنه ابن تيمية بأنه أعلم الناس في زمانه.
ونظرا لهذه المكانة العلمية لجابر بن زيد فلم يستطع أحد أن يقدح فيه إلا أن بعض المؤرخين أنكروا علاقته بالإباضية واستندوا على روايات ضعيفة أو مكذوبة تقول بأنه تبرأ من الإباضية قبل موته، واستند كل متحامل على الإباضية على هذه الروايات ليبعد الإباضية عن جابر بن زيد. ومنهم من قال بأن جابر بن زيد المحدث والتابعي المشهور غير جابر بن زيد شيخ الإباضية. وقد قام الدكتور عوض خليفات في كتابه " نشأة الحركة الإباضية" بالرد على هذه الشبهات وتحليلها وانتهى إلى القول : (بعد هذا العرض والتحليل يبدو أن إنكار جابر لعلاقته بالإباضية كما توردها بعض المصادر السنية إنما اخترعت من بعض رواة السّنة الذين يرون جابر شيخا جليلا ومحدثا ثقة، وبالتالي فيجب عدم إلصاق تهمة الإباضية به حتى يعتبر مجروحا، وخاصة أن نقدة الحديث قد رفضوا روايات "أصحاب البدع"، ثم قال يتضح مما سبق أن جابر بن زيد كان وثيق الصلة بالحركة الإباضية منذ وقت مبكر، وكان له دور كبير في تنظيم الحركة وتطورها.
دور الإمام جابر السياسي والدعوي
عاصر جابر بن زيد الظروف السياسية التي مرت بالأمة الإسلامية منذ الثلث الثاني من القرن الأول الهجري، فقد كان في سن الإدراك عندما حدثت الفتن بين الصحابة ابتداء من قتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، ثم موقعة الجمل وصفين والتحكيم وعندما بدأ الخط الإسلامي ينحرف عن مساره الصحيح، بدأ في وقت مبكر يدعو إلى القضاء على بدعة الملك الأموي وإلى التمسك بنظام الشورى .
توجد عدة روايات في كتب التاريخ الإباضي تشير إلى وجود علاقات متينة بين أبي بلال مرداس وجابر بن زيد حتى أن كثيرا من المصادر الإباضية تجمع على أنهما كانا قليلا ما يفترقان. وبعض الروايات تفيد أن أبا بلال كان لا يبرم أمرا إلا بعد استشارة جابر. فكانا يخرجان سويا إلى مكة ويلتقيان بابن عباس وعائشة أم المؤمنين. ويبدو مما سبق أن جابر بن زيد انضم في وقت مبكر إلى جماعة القعدة التي كان يتزعمها أبو بلال مرداس بن أدية والتي كان من أهم مبادئها الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون التعرض للناس أو رفع السيف في وجه أحد. ورغم العلاقة الوطيدة بينهما إلا أن جابر بن زيد لم يشترك في الأحداث السياسية التي جرت في تلك الفترة من التاريخ الإسلامي فقد تجنب أي احتكاك معاد مع السلطة الأموية، ولم ينقل أنه تعرض لأي أذى قبل أن يتولى الحجاج ولاية العراق على الرغم من أن كثيرا من أصحابه أمثال أبي بلال وأبي سفيان قد تعرضوا لأذى الأمويين منذ عهد زياد بن أبيه.
واستمر جابر بن زيد يدعو إلى الإلتزام بالدين الإسلامي بالحكمة ويندد بالمنحرفين عنه بهدوء دون إثارة شغب أو دعوة إلى الثورة فكان يواجه الانحراف في الفكر والسلوك الذي ظهر في تلك الفترة، فقد عاش في فترة اتسمت بالبطش والظلم في البصرة منذ أن تولي العراق عبيد الله بن زياد إلى أن جاء الحجاج بن يوسف الثقفي. ومع التزامه الحكمة في الدعوة إلا أنه لم ينج من بطش الحجاج فسجنه فترة ثم نفاه إلى عُمان.
ونظرا لمكانة جابر العلمية فقد أصبح له دور في توجيه الأحداث من مدينة البصرة وكان كثير الاتصال بأهل الدعوة رجالا ونساء يزورهم في بيوتهم ومساجدهم لغرض تعليمهم وتعهدهم بالموعظة والدعوة إلى الله.
وقد وجه جابر بن زيد قسما من جهوده إلى إقناع بعض آل المهلب للانضمام إلى دعوته، وهذه القبيلة هي زعيمة الأزد العُمانيين في العراق وقد بلغوا بكفاءتهم أن تولوا مناصب في أجهزة الدولة الأموية، ولعل ذلك أكسبه تغطية إزاء أمراء الأمويين، وسترا يقيه من أن يتعرضوا له بأذى، واستمر الحال كذلك إلى أن انقلب الحجاج على آل المهلب فانكشف جابر وأدخل السجن.
لم تقتصر جهود جابر بن زيد على الرجال وحدهم بل تعداهم إلى النساء، فتوجد معلومات تدل على وجود عدد من المهلبيات في صفوف الحركة وأنهن بذلن أموالا طائلة وجهودا كبيرة لنصرتها وكان الإمام جابر يزورهن ويستفتينه ويجيب على أسئلتهن، وممن كان يزورهن عاتكة بنت المهلب بن أبي صفرة وكانت تسأله عن مسائل في الدين.
كما كانت له مراسلات مع كثير من أصحابه وتلاميذه في مختلف البقاع، فكان يجيب على أسئلتهم التي ترده منهم، وكانت تتخلل رسائله المواعظ الإيمانية والتذكرة بالآخرة والاستعداد للحساب. يبدو ذلك من رسائله إلى سالم بن ذكوان وطريف بن خليد والحارث بن عمر وعبد الملك بن المهلب وغيرهم. وكان شديد الحذر في اتصاله بأصحابه حتى لا يتنبه إليه أحد من أهل البغي فكان مما كتب إلى عبد الملك بن المهلب في إحدى رسائله: (اكتب إلي بما كانت لك من حاجة في سر وثقة، فإنك قد علمت الذي نحن فيه وما نتخوف من الذي يطلب العلل علينا). وفي رسالته إلى الحارث بن عمر كتب يقول: (واعلم أنك أصلحك الله بأرض أكره أن تذكر لي فيها اسما، فلا ترو شيئا مما كتبت إليك) .
كما كانت له رسائل إلى العلماء يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر. فقد ذكر أبو يعقوب الوارجلاني في الدليل والبرهان أن ابن شهاب الزهري عندما أخذ يدخل إلى بيوت الأمراء ويتردد عليهم استنكر العلماء ذلك عليه وخاصة عندما أصبح وزيرا للوليد بن عبد الملك فقد أرسل إليه جابر بن زيد رسالة يؤنبه على فعلته تلك. وذكر أن ممن كتب إليه وهب بن منبه، وأبو حازم فقيه المدينة من جملة مائة وعشرين فقيها من الفقهاء. وقال أبو يعقوب: (وقفت على كتب هؤلاء الثلاثة.
كان يصلي الجمعة خلف زياد بن أبيه وولده عبيد الله وخلف الحجاج وعاتبه أصحابه حضور الصلاة خلف الحجاج فقال إنها صلاة جامعة وسنة متبعة.
آثاره العلمية
يقول الدكتور عمرو خليفة النامي : (وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة لعل أخصبها وأثراها هو ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب الإباضي على أيديهم، أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة، وضمام بن السائب وغيرهم، وقد تم تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة وكان جابر ابن زيد نفسه ممن استعمل الكتابة والمراسلة، فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه، وبين أيدينا اليوم قدر صالح منها) .
والذي بين أيدينا من آثاره العلمية : كتاب النكاح وكتاب الصلاة وكثير من الروايات عن تلميذيه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده, هذا بالإضافة إلى مراسلاته مع تلاميذه أمثال سالم بن ذكوان وطريف بن خليد والحارث بن عمر وعبد الملك بن المهلب وغيرهم. كما أن الأخبار التي وصلتنا تذكر أن الإمام جابرا ألف كتابا ضخما في الحديث والفقه سمي بديوان جابر تعرض فيها لمسائل الأحكام وضمنه الأحاديث التي رواها عن الصحابة والتابعين. وكان لهذا الكتاب قيمة كبرى لما فيه من علم وهدى، ولقربه من عصر النبوة ولأخذه من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم. وبقيت هذه النسخة في حوزة تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ثم توارثها أئمة الإباضية في البصرة إلى أن استقرت في مكتبة بغداد التي أحرقها التتار فيما بعد.
ويروى أن أحد علماء المغرب قام بنسخها وأحضرها إلى جبل نفوسة في ليبيا،ولكن تلك النسخة ضاعت أيضا.
وبناء على هذه المعلومات نستطيع أن نقرر بأن الإباضية كانت من أول المدارس الإسلامية التي عنيت بتدوين الحديث ولعل بعض المؤلفات التي لا تزال مخطوطة والمروية عن جابر بن زيد هي قطع من هذا السفر الكبير .
وإنه لمن المؤسف أن يضيع هذا التراث العظيم من مكتبة بغداد عندما أحرقت تلك المكتبة العظيمة! وضاعت منها آلاف النفائس، كما أنه من المؤلم أيضا أن تضيع النسخة التي وصلت إلى ليبيا فيما ضاع من التراث الإسلامي العظيم. وليس أعظم محنة من ضياع التراث العلمي والخلقي لأمة مسلمة لا يستقيم حاضرها إلا على القواعد المتينة التي أنبنى عليها ماضيها. ولولا ضياع هذه الكتب وأمثالها التي ضاعت على أيدي التتار وغيرهم لربما كان ويكون للمسلمين وضع آخر غير الوضع الذي هم عليه الآن إلا أنّ قدر الله غالب.
أخلاقه
لم يكن جابر ابن زيد ممن يجمع الأموال، بل تدل الأخبار على أنه كان قنوعا عفيفا، متواضعا، زاهدا في الدنيا، مقبلا على الآخرة. يروى أنه قال سألت ربي ثلاثا : امرأة مؤمنة وراحلة صالحة ورزقا كفافا فأعطانيهن. وقال يوما لأصحابه: ليس منكم أغنى مني ليس عندي درهم ولا علي دين. وقد قال في حقه ابن سيرين: كان أبو الشعثاء مسلما في الدينار والدرهم.
وقد توفي الإمام جابر في سنة 93 هـ على أرجح الروايات واستلم قيادة الإباضية بعده الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة.
المذهب الاباضي و نشاتة :
ـ الاباضية فرقة معتدلة من الخوارج وسميت بالاباضية نسبة إلى مؤسسها عبد الله بن اباض. ويعدّ الاباضية مذهبهم مذهباً اجتهادياً فقهياً سنياً يتبنى آراء عبد الله بن اباض السياسية وآراء جابر بن زيد الفقهية. عرفوا باسم جماعة « القعدة » وتبلورت كفرقة لها منهجها الفقهي الخاص بها في اوائل القرن الثاني الهجري.
عوامل الظهور :
ـ مخالفة آراء الازارقة المتشددة والمتطرفة التي تستبيح الحرمات وترتكب المنكرات، وتَبَرُّؤُهم منها.
ـ انكار الاعمال الاجرامية ومسلك العنف لبقية فرق الخوارج، ودعوتهم إلى السلم، وعدم تجويزهم مقاتلة المسلمين الا عُرَّضوا لعدوان او واجهوا قتالاً فيكون حينئذ حمل السلاح دفاعاً عن النفس.
ـ تشتت أهل النهروان بعد الهزيمة التي حلت بهم على يد اصحاب أمير المؤمنين ( ع ) فـفضلت جماعة الالتزام بالهدوء والروية والجنوح إلى المسالمة خاصة وانهم يؤلِّفون اقلية، وقررت هذه الجماعة السفر إلى البصرة والتمركز فيها بقيادة ابي بلال ومن بعده عبد الله بن اباض.
ـ تركيز عبد الله بن اباض على اتباع نهج الاعتدال والتقية والدعوة لهذا النهج باعتباره الناطق باسم جماعة الاباضية، ويبرز ذلك في رسالته التي كتبها إلى عبد الملك بن مروان المدعومة بالحجج والدلائل ضد خصومه.
ـ الفوضى التي أصابت الدولة الاموية نتيجة لكثرة النزاعات والخلافات والثورات فتصور الكثير إِمكان نجاح أي حركة سياسية ووصولها إلى الحكم.
ـ اعتدال الاباضية في آرائهم المذهبية والفقهية من جانب، وعدائهم السياسي للخلافة الاموية، يضاف إلى ذلك قولهم بأن الامامة أو الخلافة حق لأي مسلم صالح فلا تكون مقتصرة على قريش ولا على بطونها المختلفة من الامويين أو العباسيين أو العلويين، دفع باعداد من المسلمين بللانضواء تحت امرتهم وفرقتهم.
ـ قيام مسلم بن أبي كريمة باتباع العمل السري والاهتمام بالارشاد والتوجيه والتربية وتخرج اعداد كبيرة على يده حملوا العلم وروجوا افكار فرقتهم في المغرب واليمن والحجاز امثال الربيع بن حبيب الفراهيدي والمعافري وعبد الرحمن بن رستم وغيرهم.
النشاة و التطور :
ـ تأسست فرقة الاباضية على يد عبد الله بن اباض المقاعسي التميمي بعد اختلافه مع ابن الازرق في اواخر القرن الاول الهجري، وتطورت معالم الفرقة على يد جابر بن زيد التابعي، بعد ذلك ازدهر امر الفرقة بجهود تلاميذ جابر.
ـ انتشرت آراء ومبادئ الفرقة الاباضية بعد رئاسة ابي عبيدة مسلم بن أبي كريمة لعلاقته القوية بالدولة الرستمية في المغرب العربي.
ـ صنَّف علماء الاباضية كتباً عديدة ساعدت على نشر مذهبهم ومعتقداتهم كالمسنـد للفراهيدي وكتب جابر بن زيد وغيرها.
ـ كوّنوا دولاً امتلكت زمام الامور في بلدان اسلامية كالجزائر وليبيا وسلطنة عمان ازدهرت فيها معالم الفرقة الاباضية، ولا تزال افكارهم هي السائدة في قسم من هذه البلدان.
ـ في زمن الامام عبد الرحمن بن رستم صاحب الدولة الرستمية والذي يعد من تلاميذ مسلم بن أبي كريمة توسعت آفاق المذهب الاباضي وانفتحت السبل امام انتشاره.
ـ تشعبت عن الاباضية فرق اندثرت فيما بعد وهي :
1 ـ الحفصية : اصحاب حفص بن أبي المقدام.
2 ـ الحارثية : اصحاب الحارث الاباضي.
3 ـ اليزيدية : اصحاب يزيد بن انيسة.
4 ـ أصحاب طاعة لا يراد الله بها.
ـ خروج ابي يحيى عبد الله بن يحيى الكندي ( طالب الحق ) على الحكومة الاموية وبسط نفوذه على حضرموت وصنعاء وسيطرته الكاملة على بلاد اليمن وكان ذلك عام ( 128هـ )، وبعدها استولى على مكة ثم المدينة، وكانت الدولة المركزية المروانية مشغولة باخـماد تحركات بني العباس، فانتهز ( طالب الحق ) الفرصة ومدّ نفوذه على الحجاز كله. وفي عام ( 130هـ ) جهز مروان بن محمد جيشاً استطاع القضاء على الاباضية وقتل عبد الله بن يحيى الكندي.
الافكار و المعتقدات :
ـ قالوا : بأن المذنب من اهل ملتنا ان كان ذنبه كبيراً فهو كافر نعمة تحل موارثته ومناكحته وأكل ذبيحته، وليس مؤمناً ولا كافراً على الاطلاق.
ـ قالوا : من زنى أو سرق أو قذف فإنه يقام عليه الحد ثم يستتاب مما فعل، فان تاب ترك، وان أبى التوبة قتل على الرّدة.
ـ قالوا : مخالفونا من اهل القبلة كفار غير مشركين واجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلانية وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم وزعموا انهم في ذلك محاربون لله ولرسوله، لايدينون دين الحق وقالوا : باستحلال بعض اموالهم دون بعض والذي استحلوه الخيل والسلاح فأما الذهب والفضة فانهم يردونهما على اصحابهما عند الغنيمة.
ـ قالوا : ان دار مخالفيهم من اهل الاسلام دار توحيد الاّ معسكر السل
ـ الاباضية فرقة معتدلة من الخوارج وسميت بالاباضية نسبة إلى مؤسسها عبد الله بن اباض. ويعدّ الاباضية مذهبهم مذهباً اجتهادياً فقهياً سنياً يتبنى آراء عبد الله بن اباض السياسية وآراء جابر بن زيد الفقهية. عرفوا باسم جماعة « القعدة » وتبلورت كفرقة لها منهجها الفقهي الخاص بها في اوائل القرن الثاني الهجري
أبراز الشخصيات :
1 ـ عبد الله بن اباض المقاعسي المري.
2 ـ جابر بن يزيد الجعفي ابو الشعثاء.
3 ـ مسلم بن أبي كريمة التميمي أبو عبيدة.
4 ـ عبد الاعلى بن السمح المعافري اليمني أبو الخطاب.
5 ـ عبد الرحمن بن رستم بن بهرام .
6 ـ اسماعيل بن درار الغدامسي.
7ـ الربيع بن حبيب الفراهيدي ابو عمرو.

الانتشار و مواقع النفوذ :
ـ تكونت نواة الفرقة الاباضية في مدينة البصرة.
ـ استطاع الاباضية تأسيس دولة لهم في اليمن بقيادة عبد الله بن يحيى (طالب الحق).
ـ حكموا جنوب الجزيرة العربية ووصلوا إلى مكة والمدينة فترة من الزمن ثم ازيلوا عنها.
ـ فرضوا سيطرتهم على الشمال الافريقي، وكونوا نظاماً مستقلاً استمر مئة وثلاثين سنة حتى تغلب عليهم الفاطميون.
ـ اقاموا في عمان دولة استقلوا بها عن الدولة العباسية في عهد ابي العباس السفاح وامتد نفوذها إلى جزيرة زنجبار.
ـ أقاموا دولة في الجزائر سنة 160 هـ وقد بقيت إلى نحو 190 هـ ثم قضت عليها الدولة العبيدية.
ـ أقاموا دولة في ليبيا سنة 140 هـ ولم تعمر طويلاً فقد انتهت بعد ثلاث سنوات.
ـ وفي الاندلس اقاموا دولة ولا سيما في جزيرتي ميورقة ومينورقة.
ـ استقر بعض الاباضية في جزيرة جربة التونسية حيث لا يزالون حتى اليوم.

أحداث و وقائع :
ـ في سنة 129 ( هـ ) في موسم الحج وبينما الناس في عرفة اذ طلعت عليهم رايات الثورة على مروان وآل مروان فهادنهم عبد الواحد بن سليمان ـ وهو اذ ذاك والي المدينة لمروان ـ حتى ينفر الحجيج من مكة ثم بعث لابي حمزة بجماعة ينتسبون للخلفاء الاوائل، فرحب بمن ينتسب لابي بكر وعمر، وعبس في وجه من انتسب إلى عثمان وعلي ( ع )، ولما انقضت الهدنة بين الطرفين اخلى عبد الواحد بن سلمان مكة ومضى إلى المدينة فدخلها ابو حمزة بغير قتال.
ـ في عام 130 ( هـ ) دارت معارك طاحنة بين ابي حمزة الاباضي وعبد الملك بن محمد بن عطية انهزم فيها جيش الخوارج الاباضية وقتل ابو حمزة واكثر اصحابه وتفرقت الاباضية، فلما جاء نبأ مقتلهم إلى المدينة وثب اهلها على من بقى منهم فيها فقتلوهم عن آخرهم.
ـ حدثت أول ثورة للاباضية في الاعوام الاخيرة من حكم مروان الثاني تحت زعامة عبد الله بن يحيى ( طالب الحق ) وابي حمزة سنة 129 هـ وكان اهل حضرموت يعظمون من قدر عبد الله بن يحيى الذي أرسل ابا حمزة إلى صنعاء فهزم الحاكم الاموي واخضعها إلى سلطانه.
لما وقعت معركة صِفَّين بين الإمام علي بادر جذور الإباضية الأولون إلى مناصرة الإمام علي في حرب صفّين ضد معاوية و سقط في الميدان إلى جانبه عدد من كبار الصحابة المشهود لهم بالجنة كعمار بن ياسر , و بادروا إلى التصريح في وجه حملة المصاحف بقولهم : و به قاتلناكم , و إنها خدعة كما تفطن لها الإمام علي نفسه لولا أن رجع إليها أخيرا . و بادروا إلى نصحه في دسيسة التحكيم و ألحوا عليه لرفض قبوله , و لما أصر على قبول التحكيم و أراد تعيين أبي موسى نصحوه بأنه لا يليق و طلبوا بإلحاح تعيين ابن عباس حكما في جنبه مقابل عمرو بن العاص الكفؤ الداهية حكم معاوية , و لكنه رضخ إلى الغوغاء فلم يقبل ابن عباس حكما لدعوى أنه من الموليين على قتل عثمان و أصر على تعيين أبي موسى الأشعري الذي لا يوازي عمرا في الدهاء و المكر و الكيد , و تأثر بعرض المصاحف على الرماح و إن كان هو يراه أول الأمر خدعة و تقبل تحكيم الرجال في أمر سبق فيه حكم الله نصا صريحا من فوق سبع سماوات و غلب على أمره فلم يقبل بابن عباس حكما بجانبه إزاء عمرو بن العاص حكم معاوية و بدلا من ذلك قبل أبا موسى الأشعري.
و بعد ما رأى أصحابه أنهم في حل من بيعته لخلعه نفسه بقبول التحكيم و بقائهم بلا إمام بعد كل هذا رأو أنه لابد من إمام يخلفه في أمورهم فعرضوها على كبارهم واحدا واحدا فأبوها إلا الإمام عبد الله بن وهب الرّاسبي الأزدي , قبلها قائلا : ما أخذتها رغبة في الدنيا و لا أردها فرقا من الموت . فانحازوا عندئذ إلى النهروان و بعد أن هم الإمام علي بالذهاب إلى الشام لقتال معاوية الباغي صرفه الأشعث بن قيس إلى النهروان آمرا إياه بقتال الوهبية هناك . فصرف جنده إلى النهروان لنصيحة الأشعث بن قيس ظاهرا , و لكن لسر في نفسه لأنه يرى أن الإمام عبد الله الراسبي أزديا غير قرشي , و هو يرى كمعاوية أن الإمامة في قريش , فإذا انتقلت ذهبت عنهم إلى الأبد , فقام بحملته على النهروان قبل أن يتقوى أمرهم ,لكه ندم على ذلك أشد الندم حتى قال لمولاّه قنبر لما سأله عن سبب بكائه الطويل: ويحك , صرعنا خيار هذه الأمة و قراءها .
بعد ذلك , هرب من بقي منهم إلى البصرة و اتخذوها مقرا لهم , حتى ظهرت فئة منهم , يكفرون مرتكب الكبيرة و يستحلون دماء أهل التوحيد ..... , سمّوا بالخوارج , فقال الإمام الربيع بن حبيب لأتباعه : دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل , فلما تجاوزا ذلك إلى الفعل , طاردوهم الإباضية , و تبرأوا منهم , و أظهروا عداوتهم الشديدة لهم , لكن الكثير من المؤرخين تحدثوا بضم الإباضية إلى الخوارج .

اختلف الإباضية مع غيرهم في العقائد , و هذا ليس تهاونا منهم , أو أخطاءً , إنما كل حسب اجتهاده , و هذا ما جعل الكثير , للأسف , يعتبرون الإباضية خوارج و ضالين , و سأحاول أن أعرض لكم هنا عقائد الإباضية , دون شرح مفصل , و ستجدون تفصيلا أكثر عن هذه العقائد في صفحة المقالات.

1- التوحيد: هو الإقرار و الاعتقاد الجازم بأن لا إله إلا الله , فالله عز وجل هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون , و هو المنفرد بالوحدانية و الألوهية ليس كمثله شيء , و أن محمدا رسول الله , خاتم الأنبياء و أن رسالته حق على العالمين .
2- الصفات الإلهية : هي ذاته , بحيث لا يجوز الفصل في تلك الصفات التي هي أزلية قديمة و غير محدثة , و إلا وقعنا في الدور , و هو توقف كل واحد من الشيئين على الآخر .
3- الإيمان : هو قول باللسان و تصديق بالقلب , و عمل صالح بالجوارح , إن الإباضية لا يجيزون الفصل بين القول و العمل , فالدين و الإسلام , و الإيمان , أسماء لشيء واحد , و هو طاعة الله عز وجل , و تطبيق شريعته , عقيدة و عملا في حياة المسلم المؤمن.
لنتأمل قول الحق : ’’ يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون , كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ’’
’’ و العصر , إن الإنسان لفي خسر , إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ’’
4- نفي رؤية الله : إن الإباضية يجزمون بامتناع رؤية الله في الدنيا و الآخرة , اعتمادا على الأدلة الشرعية و العقلية , بحيث لو أمكن رؤية الله , لكان جسما متحيزا موجودا في مكان ما , و هذا تجسيم و تجزئة لصفات الله , يقول الله عز و جل : ’’ لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار ’’
فالرؤية قد تكون بغير البصر , يقول الله عز و جل : ’’ أو لم ير الإنسان الإنسان أنا خلقناه من نطفة ’’ , و إنما يعني بهذا العلم و اليقين , و لا يريد بهذا الرؤية الحسية البصرية , و الحقيقة , أن هذا موضوع عريض اختلف فيه كبار العلماء , و ستجدون شروحات أكثر فيه في كتاب : الحق الدامغ , لفضيلة الشيخ العلامة : أحمد الخليلي , و كذلك في صفحة المقالات.
5- حرية الإنسان : إن للإنسان حرية الإختيار المرتبطة بالكسب , أي أن للإنسان قدرة نسبية على الفعل , الله عز و جل هو الذي خلق فيه القدرة , فليس هناك أي تعارض بين إرادة الله الخالقة لكل شيء , و كسب الإنسان , فالله يعذب على المقدور .
يقول الله تعالى : ’’ لا يكلف الله نفسا إلا و سعها ’’
5-- العدل و الوعد و الوعيد : إن قضية العدل و الوعد و الوعيد مرتبطة بعدالة الله المطلقة , بحيث يأخذ كل ذي حق حقه , فالله سينفذ وعده : الجنة , ووعيده : جهنم , في حق المؤمن و الفاسق و الكافر , و من هنا , فإن المؤمنين , سيخلدون في الجنة ,

وسامحوني:blushing: