مشاهدة النسخة كاملة : حقوق المرأة السياسيه ..


COMANDER
03-05-2009, 02:07 PM
ممارسة المرأة لحقها السياسي تساهم في تطوير الحياة السياسية والبرلمانية

نظراً للاهمية التي يحظى بها موضوع المشاركة السياسية للمرأة الكويتية، خاصة بعد انتخاب مجلس الامة العاشر وتشكيل حكومة جديدة برئاسة سمو الشيخ صباح الاحمد، يسعى مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في جامعة الكويت للمساهمة من خلال هذه الدراسة لتبيان اهمية حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية لما في ذلك من تأثيرات هامة على مستقبل الحياة الديمقراطية في الكويت في ظل تنامي الاهتمام العالمي بقضايا حقوق الانسان. وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي بحثت هذا الموضوع الهام من قبل اساتذة افاضل متخصصين في القانون، وبرغم المحاولات الجادة للحركة النسوية في الكويت في هذا المجال حتى وصول القضية الى المحكمة الدستورية وعدم نجاحها في كسب القضية، الا ان واقع الحال اليوم يستدعي ـ بما فرضته المستجدات الدولية ـ اعادة بحث هذا الموضوع، ليس من جانب التبريرات والتفسيرات وتكرار ما هو منشور ومعروف، بل لتوفير آلية عملية يمكن لصانع القرار ان يستعين بها وهو يعيد النظر في هذا الموضوع الهام الذي سيفرض نفسه في الساحة الكويتية على المستوى الرسمي ومن خلال الاجندة السياسية للحكومة والمجلس، وهو امر متوقع من تنامي وتيرة التدفق الديمقراطي خاصة فيما يتعلق بحقوق الانسان في ظل مشروع الاصلاح السياسي الذي يناقش الان بجدية في العالم العربي، وبما يحدث من تطور للحقوق السياسية للمرأة الخليجية في دول الجوار من اعضاء مجلس التعاون الخليجي. والكويت لا تستطيع في ظل كل هذه التطورات ان تبقى ساكنة، وهي الدولة الوحيدة التي تعيش في ظل نظام حكم ديمقراطي، كما تنص المادة (6) من الدستور. هذه الدراسة الموجزة محاولة لاعادة انعاش الذاكرة لهذا الموضوع الهام.

الوضع الدستوري:

ينص الدستور الكويتي في شرحه للمقومات الاساسية للمجتمع ان «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين» كما جاء في المادة (7). وقد كفل الدستور المساواة بين المواطنين من خلال المادة (29) التي تنص على ان «الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تميز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين». ورغم حرص الدستور على تأكيد مبدأ المساواة بين المواطنين، فقد حصر «قانون الانتخاب» حق المشاركة السياسية في الذكور دون الاناث كما ورد في المادة الاولى من القانون المذكور التي تنص على ان «لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب..» بمعنى ان لدينا خللا دستوريا بموجب التناقض بين قانون ادنى هو «قانون الانتخاب» والقانون الاعلى «الدستور»، ابو القوانين، وما يترتب على ذلك من عدم دستورية المادة الاولى لقانون الانتخاب كما بين المرحوم الاستاذ الدكتور عثمان عبد الملك الصالح في بحثه القيم «حق المرأة الكويتية في الانتخاب والترشيخ بين الشريعة والقانون ومن خلال ظروف البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية» والمنشور في ديسمبر 1996 من خلال المؤتمر الاول بعد التحرير لدور المرأة في التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الذي رعته الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الكويت ذات الصلة بالمرأة:

اتساقاً مع ما يقره دستورها من نظام حكم ديمقراطي وفقاً للمادة (6)، واقرارا لمبادىء العدالة والحرية والمساواة كما في المادتين (7) و (29)، سعت دولة الكويت الى المصادقة على العديد من الاتفاقات الدولية خاصة ذات الصلة بالمرأة مثل:
1ـ الاعلان العالمي لحقوق الانسان: تنص المادة (2) على ان «لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان، دون اي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او اي رأي آخر، او الاصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او اي وضع آخر، دون اية تفرقة بين الرجال والنساء». وكذلك تنص المادة (21) على ان :أ ـ لكل فرد الحق في الاشتراك في ادارة الشؤون العامة لبلاده اما مباشرة او بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حراً ولكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد المناصب العامة في البلاد. ب ـ لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد، جـ ـ ان ارادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الارادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على اساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع او حسب اي اجراء مماثل يضمن حرية التصويت».
2ـ «الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة»، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة في ديسمبر 1979، وبدأ تطبيقها في سبتمبر .1981 ووقعت الكويت على الاتفاقية عام 1994، ولكنها تحفظت على الفقرة (أ) من المادة السابعة من الاتفاقية والتي تطالب الدول الاطراف ان «تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل الحق في: أ) التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والاهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب اعضاؤها بالاقتراع العام..». كما تحفظت على الفقرة (2) من المادة التاسعة والتي تدعو الى ضرورة «منح الدول الاطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية اطفالهما» وتحفظت ايضاً على الفقرة (1) من المادة السادسة عشرة والتي ألزمت الدول الاطراف «باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الامور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية..» بالاضافة الى تحفظها على الفقرة (1) من المادة التاسعة والعشرين والتي تتضمن «يعرض للتحكيم اي خلاف بين دولتين او اكثر من الدول الاطراف حول تفسير او تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكن الاطراف، خلال ستة اشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الوصول الى اتفاق على تنظيم امر التحكيم، جاز لاي من اولئك الاطراف احالة النزاع الى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الاساسي للمحكمة». وعلى الرغم من هذه التحفظات الا ان الفقرة (2) من المادة الثامنة والعشرين تؤكد بأنه «لا يجوز ابداء اي تحفظ يكون منافيا لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها». وفيما يلي بعض المواد التي جاءت في هذه الاتفاقية:
☩ تعرف المادة الاولى من الاتفاقية «التمييز ضد المرأة» بأنه: «اي تفرقة او استبعاد او تقييد يتم على اساس الجنس ويكون من آثاره او اغراضه توهين او احباط الاعتراف للمرأة بحقوق الانسان والحريات الاساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية او في اي ميدان آخر، او توهين او احباط تمتعها بهذه الحقوق او ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى اساس المساواة بينها وبين الرجل.
☩ تتضمن المادة الثانية من الاتفاقية وجوب التزام جميع الدول التي صادقت عليها بنيذ «جميع اشكال التمييز ضد المرأة» من خلال أـ «ادماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية او تشريعاتها المناسبة الاخرى..» ج ـ «وفرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الاخرى في البلد، من اي عمل تمييزي.» و ـ «اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير او ابطال القائم من القوانين والانظمة والاعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة».
☩ تشدد المادة السابعة من الاتفاقية ايضا على اعطاء المرأة الحق في أ ـ «التصويت في جميع الانتخابات والاستفاءات العامة، والاهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب اعضاؤها بالاقتراع». ب ـ «والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية..».
☩ تتضمن الفقرة (ج) من المادة العاشرة من الاتفاقية مطالبة الدول الاطراف بالقضاء «على اي مفهوم نمطي عن دور المرأة ودور الرجل في جميع مراحل التعليم بجميع اشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من انواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولاسيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف اساليب التعليم».
☩ تدعو المادة الحادية عشرة «اتخاذ الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على اساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق».
☩ تطالب المادة الثالثة عشرة الدول الاطراف باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز ضد المرأة فيما يتعلق في: أـ «الحق في الاستحقاقات العائلية» ب ـ «الحق في الحصول على القروض المصرفية ، والرهون العقارية وغير ذلك من اشكال الائتمان المالي..».
☩ تدعو المادة الخامسة عشرة الى ضرورة اعتراف الدول التي صادقت على الاتفاقية للمرأة «بالمساواة مع الرجل امام القانون».
3ـ «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة في 16 ديسمبر 1966، وبدأ تنفيذها في مارس 1976، طبقاً للمادة 49 والتي صادقت عليها الكويت عام .1996 حيث تلزم الاتفاقية الدول الاطراف في هذا العهد الاقرار «بما لجميع اعضاء الاسرة البشرية من كرامة اصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقاً للمبادىء المعلنة في ميثاق الامم المتحدة، اساس الحرية والعدل والسلام في العالم. واذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الانسان الاصيلة فيه، واذ تدرك ان السبيل الوحيد لتحقيق المثل الاعلى المتمثل، وفقا للاعلان العالمي لحقوق الانسان، في ان يكون البشر احراراً، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل انسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..».
تحفظت الكويت على الفقرة الاولى من المادة الثانية والتي نصت على ان «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيها، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الافراد الموجودين في اقليمها والداخلين في ولايتها، دون اي تمييز بسبب العرق، او اللون، او الجنس، او اللغة، او الدين، او الرأي سياسيا او غير سياسي، او الاصل القومي او الاجتماعي، او الثروة، او النسب، او غير ذلك من الاسباب». كما تحفظت على المادة الثالثة والتي تنص على ان «تتعهد الدول الاطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد». كذلك تحفظت على المادة الثالثة والعشرين والتي تنص على ان 1ـ «الاسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والاساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة». 2ـ «يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس اسرة». 3ـ «لا ينعقد اي زواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملاً لا اكراه فيه». 4ـ «تتخذ الدول الاطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفي حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للاولاد في حالة وجودهم». وتحفظت على الفقرة (ب) من المادة الخامسة والعشرين والتي تشدد بأن «يكون لكل مواطن، دون اي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة الثانية، الحقوق التالية، التي يجب ان تتاج له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: ب ـ ان ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن ارادة الناخبين».
برغم موافقة ومصادقة دولة الكويت على الاعلان العالمي والاتفاقيات الدولية الخاصة بهذا الشأن الا ان قانون الانتخاب الكويتي يحصر حق المشاركة السياسية في الذكور ويستبعد النساء من ممارسة هذا الحق، وذلك وفقا للمادة الاولى من قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962، معدلة بالقانون رقم 67 الصادر في 28/6/1966 على ان «لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب..» وهو ما ينقض صراحة مبادىء العدل والمساواة التي اكدها دستور البلاد، ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الكويت.

أهمية اقرار الحقوق السياسية للمرأة:

لقد حسم آباء الدستور قضية الحق السياسي للمرأة حين نصت مواد الدستور (ابو القوانين كلها) على مبدأ المساواة بين المواطنين دون تفرقة على اساس الجنس او العرق او الدين، لكن مع ذلك، جاء قانون الانتخاب بشرط الذكورة فيمن يحق له الانتخاب والترشيح مخالفا بذلك لثلاثة مبادىء اساسية للدستور، المبدأ الاول هو مبدأ المساواة المقرر في الباب الثاني (المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي)، والذي تنص المادة السابعة فيه على ان : «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، والمبدأ الثاني هو مبدأ الديمقراطية الذي تنص المادة السادسة فيه على ان «نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعاً. وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور». والامة هنا يعني الرجال والنساء على حد سواء، وحصر الانتخاب والترشيح على الرجال فقط يجعل اكثر من نصف المجتمع معطلا. بالاضافة الى ذلك، يخالف قانون الانتخاب مبدأ عدم التمييز في المادة (29) والتي تنص على ان «الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين».
بذلك يصبح عدم اقرار الحق السياسي للمرأة مجافيا للعدل لما فيه من ظلم للمرأة الكويتية، ومنتقصاً من حريتها كانسانة ومواطنة ، ومخلاً بمبدأ المساواة الذي يحفظ المواطنة، فضلاً عن ان اقرار الحق السياسي للمرأة يساهم بشكل مباشر في حل القضايا التي تتعلق ليس فقط بالمرأة بل والطفل ايضاً.
ان ممارسة المرأة لحقها السياسي ترشيحاً وانتخابا يساهم في تطوير الحياة السياسية والبرلمانية، فمن خلال ممارسة حق الانتخاب تساهم المرأة في اختيار ممثلي الامة الاكثر تأييدا لقضاياها، فضلا عن توسعة القاعدة الانتخابية الضيقة حالياً، وانعكاس هذا التوسع على قيام ديمقراطية اكثر شمولية مما هو حاصل حالياً بما يتيح توازنا للتمثيل البرلماني اكثر عدالة مما هو حاصل حاليا. كما يتيح وجود المرأة في البرلمان الفرصة لتزايد الاهتمام وتطوير التشريعات الخاصة بالمرأة والطفل، خاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية وحماية المرأة والطفل من الاضطهاد، وقد اثبتت التجرية البرلمانية الغربية، خاصة في بريطانيا مصداقية هذه الاطروحة، اذ ان التشريعات الخاصة بالمرأة والطفل لم تتطور وتأخذ طريقها الى الجسد القانوني والمجتمع، الا بعد وصول المرأة الى البرلمان، وفي حال حدوث مثل هذا الامر في الكويت ستساهم المرأة في القضاء علي التمييز ضد المرأة في القوانين والتشريعات الكويتية، ففي قانون الاحوال الشخصية تعاني المرأة عدم معاملة ابناء الكويتية من اب غير كويتي كمواطنين، وهذا يتعارض مع المادتين (7) و(29) من الدستور، ومع المادة التاسعة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
كما حرم هذا القانون المرأة البالغة سن الرشد والمطلقة ان تكون ولية نفسها في الزواج فهي غير قادرة على تزويج نفسها الا بامر وليها، وهي غير قادرة ايضا على استخراج جواز السفر الذي يعتبر منحة ابوية لا تتم الا بموافقة ولي الامر على خلاف ما اقرته المادتان الخامسة عشرة والسادسة عشرة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
كما ان قوانين الاسكان والتأمينات والاحوال الشخصية جزأت المرأة الى اصناف: المتزوجة والأرملة والمطلقة، وهو ما يتعارض ايضا مع المادتين الثالثة عشرة والخامسة عشرة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ومع مبادىء الدستور.
كذلك حصرت بعض الوظائف على الرجال فقط، فلا يحق للمرأة ان تعمل في وزارة الداخلية بالرتب العكسرية، كما لا يحق لها ان تعمل في وزارة الدفاع ايضا بجميع الرتب العسكرية، ولا يحق لها ان تعمل في مجال القضاء ولا يحق لها ان تشغل منصب وكيل نيابة ووزيرة، وذلك يختلف عمّـا تضمنته المادة الحادية عشرة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.

تشريعات غائبة ومطلوبة تتعلق بالمرأة

لا يتضمن القانون الكويتي تشريعات تحمي المرأة كما طالبت المادة الثانية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، مما ادى الى اهمال بعض القضايا التي تخص المرأة.
وعلى الصعيد الوظيفي، تواجه المرأة صعوبات فيما يتعلق بالاطفال واهمية العناية بهم من خلال توفير حضانات متطورة وقوانين للرقابة كما هو معمول به في الدول المتقدمة من أجل تجنب الاثر السلبي للعمالة الرخيصة التي تتكفل برعاية الاطفال، وجدير بالذكر ان الحضانات المتطورة وقوانين الرقابة عليها نوقش في برلمانات تلك الدول لان المرأة جزء من العملية الديموقراطية.
يضاف الى ذلك غياب تشريعات وقوانين تحمي المرأة في مواجهة ظاهرة التحرش بالنساء، والمنتشرة في الاسواق والاماكن العامة، مما يتطلب سن قوانين فعالة واجراءات جدية لضبط مثل هذه الظواهر غير الحضارية.

لماذا تعتبر قضية اقرار حقوق المرأة السياسي الآن اكثر الحاحا من اي وقت مضى؟

لا شك ان حل قضايا وهموم المرأة جزء اساسي في قضية التنمية والاصلاح السياسي والاجتماعي، وهو ما لم يتمكن بعض النواب بكافة توجهاتهم السياسية من معالجته، فهي وحدها تعي القضايا التي تمسها كحقوق المطلقة والارملة، مما يجعل منح المرأة فرصة التعبير عن همومها والمشاركة في صنع القرارات المتعقلة بقضاياها امرا اكثر الحاحا عن ذي قبل.
وحيث انه من الواضع ان العذر الوحيد الذي يتمسك به معارضو الحقوق السياسية للمرأة يتمثل في الفتوى الدينية الصادرة عن وزارة الاوقاف وبعض الآراء الفقهية المتحفظة، فان هذه الدراسة ستبين بشكل واضح ان موقف البرلمان الكويتي خارج عن السياق الديني العام السائد في دول اسلامية اخرى تنص دساتيرها على ان الشريعة المصدر الاساسي للتشريع مثل باكستان وايران ومصر، فقد اعتمدت الهيئة العامة للفتوى الصيغة التالية التي اعدها قطاع الافتاء والبحوث الشرعية في وزارة الاوقاف: «ان طبيعة عملية الانتخاب تناسب ما عليه الرجال من قدرة وخبرة واستعداد فطري ذلك لانها اسهام في عملية التولية للامور العامة واختيار من تناط بهم، ومزاولة ذلك تتطلب خبرة ومخالطة ومعرفة تامة بمن يعهد اليهم بهذه الاعباء الثقيلة والمسؤوليات الجسام والرجال اقدر على ذلك واولى بالنهوض بهذه المسؤولية، ومن ثم فهم المنوط بهم تحمل المسؤولية وتحميلها اهلها، وهذا ما عليه السوابق طيلة العصور الاسلامية بمرأى ومسمع السلف الصالح من الائمة والفقهاء، على ان المرأة من خلال امومتها ومشاركتها للرجل في الحياة الزوجية ونحو ذلك من الصلات الاسرية والعلاقات الاجتماعية والوظيفية تستطيع ان تؤدي دورها بطريق غير مباشر لكنه سالم من المحاذير التي تلزم من مساهمتها (مباشرة) في الانتخاب وهي تؤدي هذا الدور منذ وجدت، ولا تحتاج الى اي مسوغ دون اي اخلال بما نيط بها من مسوؤليات اخرى، او اهمال لما خصها به الشرع من صيانة ورعاية من خلال التشريعات التي شرعها للنساء، فدورها في المشورة الحسنة والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم هو واجب اسلامي يشملها كما يشمل الرجل تماما وهي تؤدي هذه المهمة الجليلة من خلال اسرتها ومجتمعها، ولاسيما من خلال ممارستها التعليم والتطبيب ونحوهما مما يتفق مع طبيعتها، وبالاضافة الى ما سبق من بيان مناسبة هذه المهمة للرجال فانه لو عهد بها الى النساء ايضا لأدى ذلك غالبا الى التفريط في الواجبات والتكاليف الشرعية الاخرى، ومن هنا اقتضت الحكمة صيانة النساء عما يؤدي بهن الى الوقوع في المشكلات التي يغلب وجودها في المعارك الانتخابية، وليس هذا انتقاصا للمرأة او اغفالا لدورها المتميز، هذا فضلا عن ان اعصاء المرأة حق الانتخاب يستلزم حصولها تلقائيا ـ بمقتضى الدستور ـ على حق الترشيح لعضوية مجلس الامة وهذا الترشيح بالنسبة لها في حيز المنع شرعا، لذا ترى الهيئة العامة للفتوى عدم مساهمة المرأة في الانتخابات وبقاء الامر على ما هو عليه، والله اعلم». وبرغم ان صدور هذه الفتوى الدينية المخالفة لكثير من الآراء الدينية التي تجيز الحق السياسي للمرأة والصادرة في كثير من الدول الاسلامية، والتي تعتمدها هذه الدول لاعتماد هذا الحق للمرأة، يعود الى عام 1985، الا ان قطاع الافتاء في وزارة الاوقاف عاد واكدها عام 2003 دون اي نظر جدي في الآراء المعارضة للفتوى، ولا شك انه بامكان الحكومة الكويتية اثبات تعارض هذه الفتوى لاسس ومبادىء الدستور الكويتي الذي يفترض انه الاصل عند التشريع.
من جانب آخر، تشكل ظاهرة العولمة والتحولات السياسية الجذرية على المستوى الاقليمي والدولي وحصول المرأة على حقوقها السياسية لقضية اقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية.

ان عدم مواكبة الكويت للتطورات الاقليمية والدولية الخاصة بحقوق المرأة يشكل حجة تستغل اعلاميا وسياسيا بما يسيء لسمعة البلاد في المحافل الدولية، علما بان الكويت كانت سباقة في الاصلاح السياسي والاجتماعي، وتكاد تكون تجربتها البرلمانية هي الرائدة في المنطقة.
لذلك تعد مشاركة المرأة للرجل في ممارسة الحقوق السياسية ضرورة للنهوض بالتنمية الاجتماعية، وتطبيقا لمبادىء الدستور من تحقيق لدعامات العدالة والحرية والمساواة، فتقدم الامم يقاس من خلال تطوير الانسان اي الرجل والمرأة على حد سواء، وستؤدي مساهمة المرأة في صنع القرار الى بروز دورها الاقتصادي والاجتماعي بصورة جلية مما سيساهم في نهضة المجتمع ككل، مما يجعل تعديل المادة الاولى من قانون الانتخاب من التدابير المناسبة الواجب اتخاذها لالغاء التمييز ضد المرأة حسب ما اقرته الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والتي تطالب بتعديل القوانين او الغاؤها اذا كانت من شأنها عدم تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في ممارسة حقوقها السياسية، كما ان اقرار هذه الحقوق امر لازم ومتناسب مع مبادرة الاصلاح في كافة المستويات، الذي تسعى الحكومة الى تحقيقه. وذلك كما يتجلى في الآتي:

مبادرة الامير

اصدر سمو امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح عام 1999 مرسوما اميريا رقم (9) بتاريخ 16/5/1999 بمنح المرأة الكويتية حقوقا سياسية كاملة بحلول عام 2003 من خلال تعديل المادة الاولى من قانون الانتخاب، ولكن تم عرقلة هذا المرسوم من قبل البرلمان بحجة صدوره اثناء فترة الحل الدستوري لمجلس الامة وعدم توافر شرط الضرورة وفقا للمادة (17) من الدستور، كما رفض مجلس الامة بتاريخ 29/11/1999 مشروع القانون المقدم من خمسة نواب بتعديل المادة الاولى من قانون الانتخاب بفارق صوتين، وبعد ذلك اصبح الجدل والصراع حول قضية حقوق المرأة السياسية على اشده في المجتمع الكويتي. وقد اثار التصويت ضد حقوق المرأة السياسية غضب الكثير من النساء والجمعيات النسائية الكويتية، وقدمت دعاوى قضائية للمحكمة الدستورية العليا ضد وزير الداخلية ورئيس مجلس الامة بسبب عدم دستورية قرار رفض اعطائهن حقوقهن السياسية كاملة، ولكن المحكمة رفضت الطعن في دستورية المادة الاولى من قانون الانتخاب والتي تحصر حق التصويت والترشيح في الانتخابات على الذكور، وجاء الرفض لاسباب شكلية في طريقة رفع الدعوى.

وضع المرأة السياسي خليجيا

ومن المؤسف انه على الرغم من التقدم الذي احرزته المرأة الكويتية في المجالات الوظيفية المتعددة، الا ان النساء في دول خليجية اخرى مثل قطر والبحرين وعمان سبقتها فيما يتعلق بالحقوق السياسية، رغم عدم تمتع هذه الدول بوجود دستور ونظام حكم ديموقراطي كما هو الحال في الكويت وللتذكير فقط.
شهدت البحرين في عام 2001 تحولات سياسية تاريخية نحو بناء مجتمع ديموقراطي عصري، تمخضت عن صدور ميثاق للعمل الوطني باستفتاء شعبي تجاوز نسبة 98 في المائة، يفتح المجال امام حياة برلمانية قائمة على المشاركة الشعبية في بناء رؤية شاملة للاصلاح الوطني، وقد تضمن ميثاق العمل الوطني البحريني الاعتراف بحقوق المرأة السياسية واهمية دورها في التنمية.
كما شهدت البحرين في العامين المنصرمين تحولات جذرية بالنسبة لتعيين المرأة في مناصب سياسية بدأت بتعيين اربع نساء في مجلس الشورى، واختيار ست نساء لعضوية اللجنة العليا لاعداد ميثاق العمل الوطني، كما تم تعيين محاميتين في لجنة تفعيل الميثاق، وبعد انشاء المجلس الاعلى للمرأة عينت له امينة عامة برتبة وزير وهي خطوة متقدمة على طريق تولي المرأة حقيبة وزارية.
وفي الانتخابات النيابية التي شهدتها البحرين في اكتوبر 2002 لاول مرة منذ 30 عاما، مارست المرأة حقها في الانتخاب والترشيح، ورغم عدم فوز اي من المرشحات الست في الانتخابات، الا ان هذه الخطوة بحد ذاتها شكلت حدثا فريدا من نوعه في دول الخليج.
وفي قطر، نص المرسوم رقم (17) لسنة 1998 بشأن انتخاب اعضاء المجلس البلدي المركزي على حق الترشيح والانتخاب للمواطنين ذكورا واناثا ممن بلغوا سن الثامنة عشر، وقد بلغ عدد من تقدم للترشيح من النساء ست مرشحات، في خطوة هي الاولى من نوعها في تاريخ البلاد.
وقد شاركت المرأة بصورة فاعلة في تلك الانتخابات حيث بلغت نسبة المسجلات في القوائم الانتخابية 8،43 في المائة شارك منهن 7،42 في المائة بالفعل في عملية الاقتراع، وبالرغم من عدم فوز اي من المرشحات في الانتخابات، فقد حصلت احداهن على نسبة 5،34 في المائة من الاصوات في دائرتها الانتخابية وفقا لاحصائية تقرير المجلس الاعلى لشؤون الاسرة لعدم .1999
وفي خطوة سباقة اعطى الدستور القطري الذي اقر في استفتاء شعبي في ابريل 2003 المرأة القطرية كامل حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح في البرلمان المنتخب المقبل، وبعد اقرار الدستور باسبوع، اجرى امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تعديلا وزاريا، عين بموجبه شيخة المحمود وزيرة التربية والتعليم، في اول حدث من نوعه ليس في قطر وحدها بل في كل دول الخليج.
وفي عمان، نالت المرأة العمانية حقوقها السياسية في الترشيح والانتخاب لمجلس الشورى منذ الفترة (1994 ـ 1997م)، والتي اقتصرت مشاركتها على محافظة مسقط، ثم توسعت لتشمل باقي مناطق ومحافظات السلطنة ابتداء من الفترة الثالثة للمجلس (1997 ـ 2000م) فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في الانتخابات الاخيرة 30%، كما تم تعيين، لاول مرة، خمس عمانيات في مكتب الادعاء العام، بالاضافة الى تعيين الدكتورة راوية بنت سعود البوسعيدي كوزيرة للتعليم العالي.
في ظل كل هذه التطورات الخليجية والمتمثلة باقرار الحق السياسي للمرأة سواء نائبة في البرلمان او الوزارة، نجد الكويت لا تزال متخلفة عن مثيلاتها من معظم دول مجلس التعاون الخليجي بسبب تعنت معظم النواب الممثلين للأمة تجاه المرأة، فالنواب قد اقسموا على حماية واحترام الدستور، وهم بهذا التعنت قد اخلوا بهذا القسم، فضلا عن ان مرور اكثر من اربعين عاما على كتابة الدستور يفترض ان يدفع نواب الامة الى التشديد على تدعيم دعامات المجتمع الواردة في الدستور، بدلا من تقويضها، ولا يكون ذلك الا باقرار الحق السياسي للمرأة.

خاتمة:

بالرغم من المكانة العلمية والثقافية التي وصلت اليها المرأة الكويتية، وانشاء العديد من الجمعيات والحركات النسائية التي تجاوز عددها الاربعين، الا ان المرأة لم تقم بدور فعال في اتجاه تأكيد حقها في المشاركة السياسية، فالحركات النسائية في الكويت تفتقد للعمل السياسي المنظم، وهي تقوم بدور اجتماعي محدود دون ان تتبنى قضايا سياسية او اقتصادية او تعليمية، دون انكار لمحاولاتها العمل لاقرار حقوقها السياسية.
لقد ادى ضعف اداء النخب النسوية في تناول القضايا العامة، وفي التوعية بحقوق المرأة على الصعيد الشعبي والاجتماعي والسياسي الى تراجع الاصوات المطالبة باعطاء المرأة حقوقها السياسية.
ان حقوق المرأة السياسية ليست قضية خاصة بفئة او حزب او طائفة، وانما هي جزء اساسي من متطلبات اقامة المجتمع المدني المعتمد على المؤسسات، والقائم على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام حقوق الانسان، وعدم قطع خطوات كاملة في هذا الاتجاه، يشكل عقبة امام نيل المرأة حقوقها السياسية.
ولا شك ان تأثير الانتماءات القبلية والفئوية والمذهبية قد ساهم بشكل اساسي، في تكريس النظرة التقليدية للمرأة في مجتمعنا وحرمانها من الاستقلالية في الرأي وطرح رؤيتها للقضايا العامة حتى وان وصلت الى مستوى علمي متميز، مما يؤكد الحاجة الى مزيد من الجهد للتوعية الثقافية والاجتماعية بحقوق المرأة في اوساط المجتمع، تقوم فيه مؤسسات الدولة بدورها التنموي المطلوب.
وبرغم ان المرأة تمثل اكثر من نصف المجتمع الكويتي احصائيا، الا انه لوحظ في الآونة الاخيرة ارتفاع معدلات مساهمة المرأة في قوة العمل في الدولة لتصل الى ما يقارب 36 في المائة طبقا لاحصائية وزارة التخطيط لعام 2002 وقد تقلدت بعض نساء الكويت العديد من المناصب المهمة في الدولة، ومنها مديرة لجامعة الكويت، ووكيلة لوزارة، ووكيلة وزارة مساعد، وسفيرة، ومسؤولة في منظمات دولية مثل: ايفاد، الفاو، الاسكوا، اضافة الى رئاستها لعدد من الشركات والمؤسسات الاستثمارية والاهلية والاعلامية. ولكن هذه القيادات النسائية تشغل ما نسبته 5 في المائة فقط من المراكز القيادية في الدولة.
وبالرغم من ارتفاع المستوى التعليمي للمرأة الكويتية فان مشاركتها في التنمية ما زال متواضعا، خاصة وان نسبة الخريجات في جامعة الكويت تفوق نسبة الخريجين حيث بلغت نسبة الخريجات لعام 2000/2001 حوالي 75 في المائة من إجمالي عدد الخريجين والخريجات، وهي نسبة ارتفعت بشكل مضطرد خلال الاعوام الاخيرة.
يعتبر مدى التقدم الذي تحرزه الأمم نحو اقامة المجتمع المدني، احد اهم معايير التحديث والتنمية، ولا شك ان نجاح الممارسة الديمقراطية في اي دولة يتطلب بالضرورة تعزيز شروط تحقيق المجتمع المدني ودعم مؤسساته، بما في ذلك مشاركة المرأة في صنع القرارات والسياسات العامة للدولة.ومن أهم متطلبات تحقيق ذلك، العمل على رفع مستوى وعي افراد المجتمع باهمية حقوق الانسان الاساسية وقيمة المشاركة في تنمية المجتمع والاستفادة من الطاقات الابداعية للمواطن دون تمييز على اساس الجنس او اللون او المذهب. وتأييدا لدعوتنا باعطاء المرأة حقوقها السياسية من منطلق الحرص على اسس الدولة الدستورية وتجنبا للانتقاد العالمي وفقا لما نشرته القبس في 11/5/2004 بشأن انتقاد اللجنة الدولية لحقوق الانسان في جنيف الكويت حرمان المرأة الكويتية من حقوقها السياسية والاجتماعية مطالبة بضرورة احترام تلك الحقوق. وحتى يتم ذلك، نتقدم بالتوصيات التالية:
1 ـ تنفيذ رغبة سمو امير البلاد التي تجسدت في مبادرته لعام 1999 بمنح المرأة حقوقها السياسية. هذه المبادرة التي تتسق مع دستور البلاد والتي جاءت لتصحيح وضع خاطىء بالنسبة لمبدأ المساواة بين المواطنين رجالا ونساء.
2 ـ تطوير المناهج الدراسية في التعليم الحكومي واعتماد مقرر الزامي لحقوق الانسان يشرح ويوضح اهمية هذه الحقوق في تقدم ونمو المجتمع، ومقرر آخر يهدف الى نشر وعي ديمقراطي يتعدى مفهوم الديمقراطية السائد الذي حُصر في الانتخابات فقط الى مفهوم اشمل يكرس مبادىء التعددية واحترام الرأي الاخر وتقبل النقد، كما يقضي تطور المجتمع الديمقراطي بخلق مناخ من الانفتاح العقلاني بأهمية دور المرأة في تنمية المجتمع بالغاء حصر صورة المرأة الام او الزوجة فقط من مناهج التعليم في دروس التربية الوطنية والدينية، واعادة تصور الدور الانساني للمرأة في المجتمع كما دعت المادة العاشرة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
3 ـ تطوير الخطاب الاعلامي فيما يتعلق بالمرأة، والكف عن تقديمها في صورة نمطية لا تتفق بأية حال من الاحوال مع وضعها الحالي، ومع ما حققته من مكاسب على الصعيد العملي والوظيفي ومع طموحاتها وتطلعاتها الى مشاركة فعلية كاملة على جميع المستويات.
4 ـ تنظيم حملات اعلامية وندوات ومحاضرات لنشر الوعي القانوني والثقافي لدى النساء والرجال على حد سواء ولتوعيتهم بمسؤوليتهم المشتركة في تناول القضايا العامة وحل المشكلات التي تواجه المجتمع، وخاصة ما يتعلق بقضايا التنمية واقامة المجتمع المدني وتعزيز روح المواطنة والديمقراطية والدستورية.
5 ـ استضافة شخصيات عربية واسلامية ودولية للمشاركة في تلك الندوات والمحاضرات وعرض تجاربهم الديمقراطية للمساهمة في نشر الوعي في صفوف المجتمع الكويتي.
6 ـ واخيرا وليس آخرا، نوصي باقرار مشروع قانون منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية في الترشيح والانتخاب في مجلس الامة لكي تتمكن من ممارسة دورها في الانتخابات البرلمانية القادمة، علما بان اقرار هذه الحقوق ليس مرتهنا بالمقترحات السابقة، بل لا بد من وجود تلازم بين المسارين حيث ان تقبل الحقوق السياسية والتعامل معها بانفتاح عقلاني لن يتم بدون تأسيس رؤية عقلانية منفتحة بين افراد الشعب، وهو ما ستحققه المقترحات آنفة الذكر.

المصادر

ـ وضحى علي السويدي، المرأة القطرية والتجربة ـ دراسة حالة، http:/www.rezgar.com/debat/show العدد 484ك11/5/.2003
ـ «المرأة القطرية: الواقع والطموحات» تقرير المجلس الاعلى لشؤون الاسرة ـ دولة قطر، ندوة المرأة الخليجية وسوق العمل، الواقع ـ التحديات ـ الطموح، 29 ـ 30 نوفمبر .1999
ـ تقرير حول «المرأة الكويتية والمشاركة المجتمعية انجازات وتحديات ونظرة الى المستقبل»، قياس الاداء التنموي واستشراف المستقبل، وزارة التخطيط دولة الكويت فبراير .2002
ـ «السمات الاساسية للسكان والقوى العاملة»، قطاع التخطيط والمتابعة ادارة التنمية البشرية وزارة التخطيط ـ دولة الكويت. 3/12/.2002
ـ المجموعة الاحصائية السنوية، قطاع الاحصاء والمعلومات، وزارة التخطيط ـ دولة الكويت، .2001
ـ أ.د. محمد غانم الرميحي، تحرير المرأة ومعضلات الهوية، مؤتمر كلية الشريعة والدراسات الاسلامية التاسع، اشكالية المرأة المعاصرة 17ـ21 مارس .2001
ـ خليل علي حيدر «المرأة المعاصرة بين التشريع الاسلامي والنظام القانوني» مؤتمر كلية الشريعة والدراسات الاسلامية التاسع، اشكالية المرأة المعاصرة 17ـ 21 مارس .2001
ـ د. بهية الجشي، المرأة والديمقراطية: اشكالية الممارسة ـ البحرين نموذجا»، ورشة العمل الاقليمية حول النوع الاجتماعي والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، عمان، الاردن، http:/www.rezgar.com/debat/show.art.asp?code=arabic&aiod=2319 30/7/.2002
ـ عبدالمالك سلمان «عام من التحول الديمقراطي في البحرين» http:/www.alwatan.com.sa/daily، العدد: 576، 28/4/.2002
ـ دستور الكويت.
http:/www.hrw.org/arabic/unـfiles/****/cedaw.html.
ـ http:/www.hrw.org/arabic/unـfiles/****/iccpr.htm..
ـ http:/www.unchr.unchr.ch/udhr/lang/arz.htm.
ـ «الوطن» الكويت، (فتوى وزارة الاوقاف «85» حول عدم مشاركة المرأة سياسيا)، 4/10/2003، 5/10/.2003
ـ د. بدرية عبدالله العوضي، «مرسوم حقوق المرأة السياسية بين الرفض والتأييد» ندوة المرسوم الاميري بقانون بمنح المرأة حقوقها السياسية واستشراف دورها المأمول وتحدياته، مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية، جامعة الكويت، 4ـ5 اكتوبر 1999، ص: 113ك.131
ـ أ.د. عثمان عبدالملك الصالح، «حق المرأة الكويتية في الانتخاب والترشيح بين الشريعة والقانون ومن خلال ظـروف البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، المؤتمر الاول بعد التحرير لدور المرأة في التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ديسمبر 1996، ص:261ـ.286
ـ «عمان»، سلطنة عمان «لاول مرة... خمس عمانيات بالوظائف القضائية» العدد 8349، 11/4/.2004
ـ «القبس»، الكويت، «حقوق الانسان تنتقد الكويت بشأن المرأة» العدد 11105،11/5/.2004
ـ مجلس الشورى العماني، حقائق وارقام، فبراير .2004