مشاهدة النسخة كاملة : الجنة والنار


جامعي متميز
28-02-2009, 01:31 PM
الجنة والنار


لقد خلق الله الخلق لتنفذ فيهم قدرته وتجري عليهم أحكامه الشرعية والقدرية ، قال تعالى (( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) الأنعام:18 خلق الكون بالحق ليطاع جل وعلا ويعمر الكون بالصلاح والإصلاح وجعل للمكلفين مشيئة واختيارا أناط به التكليف ولا يخرج العبد بتلك المشيئة عن قدرة الله ومشيئته ، فمن وافق مراد الله المحبوب له وعمل بالحق الذي لأجله خلق الكون وأطاع ربه جزاه الله الجزاء الحسن في الدنيا وفي الآخرة كما قال تعالى: (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) النحل:97 ومن ضاد مراد الله المحبوب له وعارض شريعة الإسلام وعصى ربه عاقبه الله في الدنيا والآخرة ، قال عز وجل: (( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )) طه:123،
وأعمال العباد محصاة عليهم صغيرها وكبيرها ليجازوا عليها كما قال عز من قائل سبحانه (( ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )) النجم:31 فالجزاء الحقيقي الدائم في الآخرة وأما في الدنيا وإن كان فيها جزاء على الخير أو على الشر فإنه جزاء قليل وجزاء منقطع تنقضي أيامه وتسرع ساعاته حتى إن عمر الدنيا كلها يراه العصاة مقدار ساعة من نهار كما قال تبارك وتعالى: (( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون )) الروم:55 ولكن الجزاء الأبدي السرمدي الذي لا ينقطع في الآخرة ؛ إما دار نعيم وإما دار جحيم.
والجزاء بالجنة على الأعمال الصالحة والعقاب بالنار على الأعمال الشريرة في غاية المناسبة والمجانسة، فإن الجزاء من جنس العمل، فلما كانت الأعمال الصالحة تتنوع في حقائقها ومنافعها كان نعيم الجنة منوعا في حقائقه ومنافعه وطعومه ولذاته، ولما علم الله منهم العزم والتصميم والإرادة الجازمة على دوام عبادة الله وطاعته أدام الله عليهم النعيم المقيم كما قال تبارك وتعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )) الكهف:107، 108 ولما كانت الأعمال الشريرة تتنوع في حقائقها المرة ومضارها وخبثها وشرورها كان عذاب النار منوعا في شدته وألمه ومرارته بحسب الأعمال ولما علم الله أن أهل النار دائمو العزم والإرادة على الكفر والمعاصي وأنهم إن ردوا إلى الدنيا عادوا إلى الكفر والعصيان ، لما علم الله منهم ذلك أدام عليهم العذاب الأليم ، قال تبارك وتعالى: (( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )) الأنعام:27، 28
إن أصفى ساعات المسلم وأفضلها وأرقى درجاته أن يستولي على قلبه الطمع في الجنة والخوف من النار، وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يغلب على قلوبهم الخوف من النار والطمع في الجنة في كل حال من الأحوال ، فصلحت أعمالهم واستقامت لهم أمورهم فعمير بن الحمام رضي الله عنه لما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة بدر ( قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ) كان في يده تمرات ، فرمى بهن وقال: لئن بقيت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فقاتل حتى استشهد رضي الله عنه وأنس بن النضر رضي الله عنه قال: إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ، وذلك في غزوة أحد ، فاستشهد رضي الله تعالى عنه
والكلام عنهم في هذا يطول ، ونحن بحاجة إلى ذكر الجنة والنار في قلوبنا ونوادينا وفي ليلنا ونهارنا لتستقيم أحوالنا وتصلح أعمالنا ولا سيما في هذا العصر الذي طغت فيه المادة وتظاهرت الفتن وانتشرت وقل الناصح وضعف الإيمان وتزينت الدنيا بزخرفها وزهرتها وأثقلت الكواهل بكثرة مطالبها وأرهقت الأعصاب بتشعب حاجاتها ، حتى صار التحاب من أجلها والتباغض من أجلها والتواصل لها والتقاطع لها إلا من شاء الله تعالى ، فكانت أكبر ما يصد عن الآخرة ، قال الله تعالى: (( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون )) يونس:7، 8
الطمع في الجنة قائد والخوف من النار زاجر وسائق الجنة حق أن يطلبها المسلم جهده ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( ألا هل مشمر للجنة ، فإن الجنة لا خطر لها ، هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية ) قالوا: نعم يا رسول الله ، نحن المشمرون لها ، قال: ( قولوا: إن شاء الله ) فقال القوم: إن شاء الله. رواه ابن ماجه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( بناء الجنة لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك وهو ما يكون بين اللبن وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران ومن يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي قال: ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها في السماء ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا ) رواه البخاري ومسلم وأما شرابهم فكما قال الرب جل وعلا: (( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) محمد:15
وأما النار وما أدراك ما النار فلا أريد الحديث عنها وأكتفى بأن أقول أنها مثوى الأشرار ومكان الخبث والذلة والخزي والصغار ، بعيدة القعر ، لو أن الحجر يلقى من شفيرها ما أدرك لها قعرا سبعين خريفا. رواه مسلم

والله تعالى أعلم



منقول للفائدة

الإرتقاء
28-02-2009, 02:11 PM
مشكور على الموضوع

(اللهم أجعلنا وإياكم من أهل الجنه)

اميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييين

جامعي متميز
28-02-2009, 08:46 PM
أسعدني تواجدك أخي الإرتقاء ..

اجعلنا الله وإياكم من أصحاب جنة الفردوس ..آمين

الراجي
01-03-2009, 02:09 PM
""إن أصفى ساعات المسلم وأفضلها وأرقى درجاته أن
يستولي على قلبه الطمع في الجنة والخوف من النار ""

هنا يجب على الانسان ان يكون بين خوف ورجاء بحيث لايطغى عليه الخوف فيترك العمل وييئس من رحمة الله
ولا يطغى عليه الرجاء فيأمن مكر الله

كل الشكر لك عزيزي ربي يعطيك العافية .

ملاحظة ارجو تكبير الخط لتسهل القراءة . ومتابعة الموضوع