مشاهدة النسخة كاملة : قصص الأجداد في زمن جميل وتاريخ مجيد .أسواقنا التقليدية.


COMANDER
20-02-2009, 01:24 AM
http://www.hesnoman.net/upload/uploads/images/hesnoman-7b5411b3a8.jpg

http://www.almedan.net/Uploaded/matrah.jpg
( مطرح القديمة )
أسواقنا التقليدية
قصص الأجداد في زمن جميل وتاريخ مجيد (1)
العديد منها ينتظر من ينتشل(طينه).. ويرفع (أسقفه).. ويعيد له إرثه وطرازه المعماري القديم
لوحات تذكارية من الماضي.. وكل زاوية من زواياها شاهدة تسرد حكايات الرعيل الأول
تاريخ الوطن ثروة يحتّم علينا الحفاظ عليه، وذكريات الزمن الجميل تحتاج إلى النبش في ذاكرة من عاش أحداثها وشهد وقائعها، لإحياء الحقب القديمة الزاخرة بكفاح الأجداد وخطوات أقدامهم على ممرات وأزقة أسواقنا التقليدية، وبالرغم من ألوان الطيف الاجتماعية الحديثة، والتطور الاقتصادي الكبير، تبقى بعض هذه الاسواق صامدة تفوح منها رائحة الماضي، حيث يروي الاجداد لأحفادهم قصصا من الماضي وشظف العيش، اما التي لم يعد لها وجود اصبحت (تستغيث) وتطلب من ينتشل انقاضها ويعيد لها إرثها وطرازها المعماري القديم، لتكون لنا ولأبنائنا لوحات تذكارية من الماضي التليد الذي لا يُنسى.
جولة (عُمان) في بعض اسواقنا العمانية التقليدية في مختلف الولايات، وبالتعاون مع مراسليها، تذوّقت نكهة الماضي الجميل، ونبشت في ذاكرة الرعيل الأول الذين عاصروا حقبة ذهبية في تاريخ تلك الاسواق، حيث البساطة والعفوية، وكشفت عن قصصهم وحكاياتهم فيها.
يشكل الماضي دائما حضوره رغم الصور العصرية المختلفة التي تتمثل في العديد من الأنماط الحياتية إلا أن اسواقنا التقليدية ما زالت تحتفظ بجاذبية كبيرة لكثير من الناس الذين يجدون في أرجائها نكهة القديم والبساطة والعفوية في عمليات البيع والشراء، وذاكرة تجارية وتاريخية، وفي القدم اعطت هذه الاسواق اجدادنا دروسا في القيم الاخلاقية، وصلة الرحم والتزاور، حيث كانوا يجدون فيها الالتقاء وتبادل الزيارات والاحاديث وكرم الضيافة، وما زال البعض منها صامدا حتى يومنا هذا، وبعضها اندثر ولم يبق منها الا أجزاء من الطين والتي اصبحت شاهدة على تاريخ الاجداد، وتتميز الأسواق التقليدية العمانية بالتنوع والتناغم بين الأسواق القديمة المليئة بالمشغولات اليدوية كصناعة الفضة والذهب وصناعة النسيج والقطع الفنية النادرة الأخرى وبعض الوجبات التقليدية، وعلاوة على الجانب الاقتصادي، تسهم هذه الأسواق في تفعيل وإثراء الجانب الاجتماعي أيضاً، كونها توفر مناخاً مناسباً وفرصاً لالتقاء أفراد المجتمع بجميع فئاته، ونجد بعض الاسواق بحاجة الى اعادة صورتها والتي كانت بمثابة المعلم الاول لأجدادنا واصبحت اليوم (تنتظر) من ينتشل (طينها) ويرفع (أسقفها)، ويعيد صورتها التي لا تنسى، والتي اصبحت محطة الذكريات لدى الكثيرين، والتي تحكي كل زاوية من زواياها قصة ماض جميل، ورغم التطور الهائل الذي تشهده عمانننا الحبيبة في جميع المجالات إلا ان اسواقنا التقليدية تشهد اقبالا كبيرا من قبل السياح والزوار والقاطنين، حيث من الملاحظ خلال السنوات الماضية ازدياد حركة السياحة التاريخية، ويفد الى اسواقنا الآلاف من السياح والذين يميليون الى شراء المقتنيات الاثرية، وكانت لهذه الاسواق التقليدية دور فعال في النهوض بالجانب الاقتصادي والسياحي في السلطنة، حيث يجد السياح والزوار متعة التجول في رحاب هذه الاسواق والتي تعتبر نكهة من الماضي التي تعكس بساطة اجدادنا قديما، والتي تتمثل في عفوية عمليات البيع والشراء بعيدا عن الضوابط الادارية، وهي بحق وعاء ثقافيا وترثيا ثقافيا ووطنيا وشعبيا للمدن وباتت الدول توليها اهتماما خاصا عبر دورها الاقتصادي والاجتماعي وكثير من هذه الأسواق تحولت إلى معالم تراثية وحضارية وصناعة سياحية تدر موارد مالية كبيرة عبر نشاطها الذي تقوم به وتستقطب نوعيات اجتماعية مختلفة لا سيما السياح.

سوق مطرح
يعتبر سوق مطرح نموذجا للاسواق التقليدية في السلطنة، اذ يتميز بممراته الضيقة والمتعرجة والمسقوفة بالخشب او الحجارة، وترتفع الدكاكين التي تتوزع على جانبي الازقة عن الارض بدرجات صغيرة، وعادة ما تكون لها ابواب خشبية، وللسوق اسواق صغيرة متفرعة تسمى سوق الظلام وسوق خور بمبه وايضا سوق البذ وسوق البخاخير، وترجع تسمية سوق الظلام بهذا الاسم نسبة إلى كثرة الأزقة والسكك التي كانت تصطف عليها المتاجر، بحيث تحجب عن هذه الأزقة أشعة الشمس خلال النهار وتتضاعف العتمة في الأيام الغائمة فيحتاج حينهـا السائر إلى ضوء مصباح لكي يحدد خطواته، اما بالنسبة لخور بمبه فيأتي هذا الاسم، على حسب المعلومات، ان اغلب البضائع والتي تأتي من الميناء مباشرة، يتم تجميعها في هذا المكان، وهو بالقرب من الشارع البحري بمطرح، وما زال يحتفظ بنكهته القديمة. وعند تجوالي المتكرر في هذا السوق ادركت ان الكثير من القصص والاحداث والحكايات مرت عليه وما زالت تحتفظ بوجه مائها، وبما ان بائع الحرفيات الشاب اختر البلوشي تعلق بهذا السوق منذ صغره، وسمع قصصا أزلية عنه، فقد اعطانا نبذة عنه حيث حدثنا قائلا: يعتبر سوق مطرح التقليدي من اقدم واعرق الاسواق في السلطنة، ومن المعلومات التي تقول انه يعود تاريخه الى مائتي عام ومنهم من يقول انه اقدم من ذلك، وكانت دكاكين السوق في الماضي تقتصر على بيع الاسماك المشوية، وايضا بيع الحلوى العمانية والتي كانت المشهورة منها المكريري والزهراني، وبعد ذلك انتشرت المحلات المتخصصة في الفضيات والمشغولات التقليدية، واصبح الزوار يتوافدون على هذا السوق ومعظمهم يقتني الخناجر والفضيات وبعض المشغولات اليدوية والتراثية، وتكثر الحركة في السوق خلال الاعياد، وكان بناء السوق في السابق من الطين وسعف النخيل، وهي المواد التي كانت تلائم ارتفاع درجات الحرارة وظروف البيئة الصعبـة في ذلك الوقت، وقد قامت مؤخرا الحكومية بتجميله وتجديده من خلال تزيينه بزخارف مستوحاة من الملامح العمانية مستخدمة في ذلك خامات من البيئة المحلية ليحافظ على طابعه التقليدي المميز، بالإضافة إلى رصف طرقاته وسككه وأزقته لتوفير الراحة للمرتادين والمتسوقين وزوار السوق.

سوق المسيلة بالمضيبي
سوق المسيلة التقليدي بولاية المضيبي يعتبر من الاسواق التي عرفها ابناء الشرقية حيث يفد إلى السوق العديد من التجار على مستوى المنطقة بل وتعدى نشاطه على مستوى السلطنة ويشهد له بذلك العديد من التجار والمعاصرين، وعن سوق المسيلة بالمضيبي التقليدي وافنا الزميل علي بن خلفان الحبسي مراسل الولاية قائلا: انه نظرا لما كانت تتمتع به التجارة بولاية المضيبي من أوج ازدهارها في تلك الحقبة التاريخية وبانتعاش التجارة لازم ذلك تطور في كافة المجالات الاجتماعية وغيرها من المجالات التي ساهمت التجارة في جذبها إلى الولاية، وإذا تحدثنا عن الأسواق العريقة فان سوق المسيلة يأتي في مقدمة الأسواق التي عرفتها المنطقة الشرقية حيث يفد إلى السوق العديد من التجار على مستوى المنطقة بل وتعدى نشاطه على مستوى السلطنة ويشهد له بذلك العديد من التجار والمعاصرين فقد كان منذ سنوات عديدة ملتقى القوافل التجارية وملتقى تجار المنطقة لتبادل وبيع مختلف السلع كالتمور والتوابل وغيرها من الصناعات المحلية التي عرفتها المنطقة في تلك الحقبة الزمنية. في هذا الجانب حدثنا خلفان بن محمد الحبسي أحد التجار القدامى بهذا السوق قائلا: ان سوق السميلة تعود تسميته بهذا الاسم نظرا لان الوادي التي يقسم المضيبي إلى نصفين يعبر هذا السوق وتكون الدكاكين على ضفتيه بحيث أن الوادي في العديد من السنوات غمر السوق ودخل إلى العديد من المنازل وكان التجار ومرتادو السوق قديما يستخدمون جذوع النخيل للتنقل في السوق ونقل البضائع حيث يستمر الوادي متدفقا لعدة أيام ولكن ببراعة وقدرة الإنسان العماني استطاع أن يواجه الصعاب في سبيل العمل خاصة التجارة التي تعد من أهم المهن التي عرفها بعد الزراعة حيث وصلت سمعة عمان تجاريا إلى شرق أفريقيا والصين لنقل مختلف السلع والتبادل التجاري، والسوق أسس منذ سنوات تصل إلى 300 عام تأسس مع الحجرة القديمة الملازمة له والسوق لايزال باقيا بشموخه حتى يومنا هذا والدكاكين الصغيرة المصطفة تقف برهانا على قوه التجارة في ذلك العصر على أنها الركيزة الأساسية للاقتصاد العماني قديما وحديثا فالسوق به ساحة كبيرة تسمى محليا (الكبرة) تتسع لأنواع عديدة من البضائع والسلع التي كانت تجلب إلى السوق في تلك الفترة الزمنية وله مدخلان أساسيان يسميان محليا (الدروازة) تغلق هذه الأبواب عند غروب الشمس وتفتح عند طلوعها وتكون التجارة في السوق مستمرة حتى ساعات متأخرة من الليل كما أن السوق ليس له حراس وإنما يحرسه رجاله التجار بفضل تكاتفهم وتعاونهم، واضاف: ان المحلات التجارية (الدكاكين) بالسوق تكاد متساوية المساحة والطراز وتتلاءم مع السلع التي كانت تتوفر في السوق قديما كما أنها متراصة بجانب بعضها البعض حيث تم بناؤها من الطين والحصى وبعضها من الصاروج العماني القديم (الجص) وبالطراز الإسلامي كما أنها تتلاءم في تصميمها مع مختلف الظروف المناخية من حر وبرد كما توجد في الممرات الجانبية المؤدية إلى الحجرة السكنية عدد من المحلات التجارية الأخرى تقع الدكاكين في جانبي السوق الشرقي والغربي بحيث يقسم الوادي العابر للسوق هذه الدكاكين إلى نصفين متساويين وترتفع الدكاكين عن الأرض قليلا بحيث لا يستطيع الوادي دخول المحلات خاصة في أوقات الأمطار الغزيرة كتلك الأمطار التي هطلت عام 1370هـ حيث استمر هطولها مايقارب من 28 يوما وسمي في تلك الفترة بجرفة السبعين حيث هدمت الأمطار العديد من المنازل وهلك فيها أعداد كبيرة من المواطنين وشردت المئات منهم حينها سكن منهم الخيام وهذه الحكاية تناقلها الأجداد للأجيال.

سوق سرور بسمائل
واذا ما تحدثنا عن سوق سرور التقليدي بولاية سمائل فانه لم يعدهذه الأيام كسابق عهده يعج بالباعة والمشترين ولم تعد محلاته المتراصة المحيطة به مليئة بأنواع السلع والمنتجات أيام عصره الذهبي، بل أصبحت أطلالا تندب حظها تداعت أركانها وتساقطت أسقفها حتى أصبح بعضها أكواما كأن لم تكن ذات يوم لها من المكانة ما يشفع لها بان تظل ثابتة الأركان متحدية عوامل الزمن متغلبة على متغيرات الحياة، وعن سوق سرور التقليدي وافنا الزميل سالم بن حمدان الحسيني بلقاء مع احد الباعة القدامى ليحكي لنا عن أزلية سوق سرور التقليدي، السوق التي كانت ذات يوم يفد إليها الباعة والمشترون من كل حدب وصوب خاصة من المناطق والبلدات المجاورة لهذه البلدة الجميلة، حيث قال عبدالله بن سالم بن هاشل الجابري عن ذكرياته الجميلة مع هذا السوق حيث يتذكر الباعة من اصحاب المحلات واحدا واحدا.. وهو أحدهم حيث كان يمتلك محلا تجاريا ضمن تلك المنظومة من المحال التجارية التي تشكل خطا مستقيما من الناحية الشرقية وزاوية قائمة من الناحية الغربية، بالاضافة الى ملحقات اخرى من الناحيتين الشمالية والجنوبية. ويتذكر عرصة المناداة التي تقع في الناحية الشمالية من السوق والتي تباع بها الأسماك الطازجة عن طريق المزايدة العلنية. وكأن صوت المنادي يقرع أذنه حتى اللحظة حينما يقول: (جاي مال سبيل.. جاي مال سبيل).. وسبيل هذا واحد من عدة أشخاص كانوا يجلبون الأسماك الطازجة من ميناء مطرح يوميا عن طريق السيارة رغم ندرة السيارات في تلك الأيام ورغم وعورة الطريق حيث كان طريقا ترابيا وعرا وكانت منطقة (الرم) التي تبعد حوالي كيلومتر ونصف الكيلومتر عن مقر السوق هي المرسى لسيارات الأسماك فيتم نقلها بعد ذلك الى السوق عن طريق الحمير يتكبد اولئك المسوّقون للأسماك كل هذا العناء يوميا لجاذبية هذا السوق وما يمثله من نشاط اقتصادي كبير لذلك فالمردود اليهم مجز حيث كانت البساطة والقناعة هي السائدة آنذاك. وكما حدد مكان خاص لعملية المزايدة في السوق حدد كذلك وقت معين لهذه المزايدة حيث كانت الساعة الحادية عشرة قبيل الظهر وكانت تستقطب الكثير من المشترين وكان كل شخصين أو ثلاثة يشتركون في شراء سمكة من نوع السهوة أو الجيذر حسب نوع السمكة وحجمها وحسب حجم العائلة ايضا، لأن الوجبة ليومها فقط فلم تكن هناك كهرباء وبالتالي لا توجد ثلاجات لحفظ الأسماك ولم تكن العائلة بذلك الحجم آنذاك حتى تحتاج الى سمكة بأكملها وكان توقيت المناداة على السمك هو الوقت المناسب حتى يتم طهيه لطعام الغداء، أما بقية المعروضات والمبيعات الأخرى فهناك بيع اللحوم إلا انها لم تكن بشكل يومي وانما يوم واحد في الأسبوع وهناك الكثير من المبيعات الاخرى التي كانت بين القديم والحديث أهمها الحلوى العمانية المعمولة بالسمن البلدي بأيد عمانية اتقنت صناعتها الى أبعد الحدود لذلك تجد طعمها ورائحتها يجبران المرء على شرائها خاصة وان البائع يضعها لك بعد وزنها في (تغليفة) وهي عبارة عن وعاء مصنوع من سعف النخيل دائري الشكل بحجم حبة ثمرة النارجيلة - او ثمرة جوز الهند - تقريبا اي انه يستوعب حوالي كيلوجرام واحد مصنوع من سعف النخيل بطريقة تقليدية جذابة، وكان للسوق موقعه الاستراتيجي حيث يقع وسط البلدة ليكون نقطة التقاء لكل سكان القرية وهذا سر نجاحه كما انه مجاور للمكان الذي تقام فيه هبطة العيد الشهيرة (الحلقة) اضف الى ذلك ما يظلله من أشجار النخيل المحيطة به وما بداخله من أشجار المانجو المثمرة التي تضفي اليه منظرا رائعا وظلا ظليلا وكانت تخترقه جداول المياه المنسابة في ساقية الفلج عذبة رقراقة مشكلة من ناحيته الأخرى شلالا مائيا جميلا حيث تسقط المياه من المجرى الرئيسي للفلج الى الجداول التي تمر عبر هذا السوق، وهناك في ناحية من نواحي السوق يشدو المنادي بصوته الشجي مناديا على بيع حصص مياه الفلج والتي تسمى محليا بـ(القعد) حيث تتناغم تلك المزايدة مع المياه المتدفقة مشكلة سيمفونية رائعة.

أحمد بن عبدالله الحسني
العمانية

حوراء الحصن
26-02-2009, 12:03 AM
:bye1:أسواق ما زالت تنبض بالحياة..
ومافظة على نكهتها وتراثها المعماري.
شكرا اخي كوماندر..

الفارس البلوشي
26-02-2009, 03:33 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أسواق تراثية قديمة وتبقى تاريخية ..

أخينا ومشرفنا الكريم comander .. جزيل الشكر والتقدير على جهودك المميزة ومواضيعك القيمة في هذا البرج .