مشاهدة النسخة كاملة : صراع الحضارات +المشكلة السكانية ..


COMANDER
14-02-2009, 07:52 PM
صراع الحضارات

الحضارة هي مجموعة المفاهيم عن الحياة لكنها ليست مفاهيم ساكنة وإنما هي مؤثرة تشكل الحياة من حيث السلوك ومن حيث التسخير ومن الطبيعي أن ترث أو تتجاور مع حضارات أخرى لها مفاهيمها ولها حركتها والسؤال ما هي العلاقة بين الحضارات المتزامنة والتاريخية ؟ ما من حضارة موجودة إلاَّ ولها جذر حضاري تاريخي ، وما يجب أنْ يهتم به المفكرون معرفة أصول وجذور الحضارة الغربية إذ أخذت تسعى جاهدة للعولمة باعتبار حتميتها ومن هنا تبرز خطورتها واضحة للعيان وقد ظهرت توجهات متعددة حول العلاقة مع هذه الحضارة فالبعض يرى قبولها مطلقا وآخرون قبولها مع التحفظ وجمع ثالث يصم أذنيه ويغلق عينيه عنها وجمع يرى الحوار معها ( حوار الحضارات ) والحق أن يجري الصراع معها وهذا يعني قراءة الحضارة الغربية قراءة نقدية وكشف تهاوي الأسس التي قامت عليها وفساد نظرتها ومظالمها ومخازيها والانتفاع بها دون الانبهار بها أي إعادة تشكيل معطياتها النافعة من مكتشفات علمية وأساليب يحث ووسائل إدارية والدخول معها في صراع فكري ومناورات سياسية لزحزحتها عن قيادة العالم وجعل السياسات تجري وفق وجهة النظر الإسلامية وهذا يعني إعادة إنتاجها وليس أسلمة معرفتها من هنا جاءت هذه المحاضرة لتضع النقاط على الحروف . المفكرون العرب مهتمون بكثير من القضايا مثل : القومية ، الاشتراكية ، التنمية ، التقدم ، التراث والمعاصرة ، الديمقراطية ، التعددية ، حقوق الإنسان ، المرأة ، دولة المؤسسات والقانون ، المجتمع المدني ، الإسلام السياسي والأصولية ، التنوير ، الخصوصية ، الثوابت والمتغيرات ، الثورة ، الشمولية ، وقد انشغل بهذه القضايا المفكرون والمثقفون والباحثون ضمن الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والكتابة في الدوريات والمجلات والصحف ونشر الكتب والحديث في وسائل الأعلام المتاحة رغم كل هذه الأنشطة وتعدد النشطاء الباحثين هذه المواضيع إلاَّ أنها لم تحدث الانقلاب الفكري المنشود وبقيت هذه الأبحاث تراوح مكانها دون أي مؤشر للخروج من التيه .



يروج بعض الناس الآن لمقولات : إن الحضارات تأخذ من بعضها ، وما وصلت إليه الإنسانية الآن في مضمار التقدم ، إلا بفضل التراكم المعرفي ، الذي يتحول بالضرورة ، إلى إنجاز تقدمي علمي ، يجعل الإنسان في محل القدرة على السيطرة على الطبيعة 0

بينما يدعي البعض الآخر ، أن الحضارة الغربية تمثل أرقى ما وصل إليه الفكر الإنساني ، في كل مجالات الحياة ، أي أن التقدم والرقي لم يكن حصراً ، على مجال علوم الطبيعة والتقنيات ولهذا فليس أمام شعوب العالم إلاَّ الأخذ بها ، والسير على طريقها 0

تُشَكِّلُ هاتان المقدمتان ماهية الأساس الذي ارتكز إليه دعاة التغريب ـ وهم كُثْرٌ ـ إذ وقد شاهدوا وهج التقنيات الغربية وقفوا مشدوهين حيالها ، وصاروا ينادون علناً بالتبعية لها وتعتبر هذه المناداة أهمَّ اختراقٍ للفكر بشكل عام ، وإعلان الغزل بإفرازات الحضارة الغربية 0

لم يكن هذا الموقف الإختراقي تحصيل حاصلٍ ، نتج عن دراسات واجتهادات في تراث الأمة ومعطيات الحضارة الغربية ، بل يعود السبب الرئيسي لهذا الموقف إلى اتخاذ الغرب سياسة السيطرة الشاملة على نواظم حياة الأمة ، وجعلها في محل التبعية له ، من أحوال عسكرية أو سياسية أو اقتصادية ، ولم يكتف بذلك [ أي لم يكتف بالسيطرة الاستعمارية فقط> بل عمد إلى العمل المنظم والمستمر ، للسيطرة الحضارية بمفهوميها : العقلي [ وجهة النظر> والثقافي [ مفاهيم الحياة > 0

لقد أدرك الغربيون الغازون من سياسيين ومفكرين ومنظرين وموجهين [ خبراء > ضرورة إحكام القبضة الغربية على هذه الأمة الإسلامية الخيرة عرباً وعجماً وهذا يتطلب أبعد من السيطرة الاستعمارية التقليدية فلا بد من تحطيم المكونات الإيمانية والفكرية والحضارية والثقافية والأنماط المعيشية والإنتاجية لبلدان العالم الإسلامي كله واضعاً بديلاً عن هذه المكوِّنات [ البديل هو مُكَوِّنات الحضارة الغربية> 0

لقد قام الاستعمار الغربي بالعمل على تركيز استعماره فقط في العالم (غير الإسلامي) كالهند والصين والهند الصينية واليابان وكوريا وجنوب القارة الإفريقية (أي الدول ذات الحضارات الخاملة) وهي حضارات تفتقد القدرة على الانبعاث وإنما هي مجرد تراث روحي أخلاقي ، لكنه قام بعملية مزدوجة في العالم الإسلامي إذ عمل فوق تركيز استعماره على قلب القناعات والمفاهيم والمعايير والموازين رأساً على عقب محولا عقل الشعوب المتواجدة في ساحة العالم الإسلامي إلى النظر إلى الغرب باعتباره مركز العالم ومكان إشعاع الحضارة المتقدمة الممثلة لأرقى أشكال التطور وصار النظر إلى الإسلام وتراثه والنمط الحياتي لمجتمعات بلدان العالم الإسلامي كعناوين للتخلف والجمود والهمجية والبربرية وهذا ما يدركه كل من يتعامل أو يستمع لرؤية المنبهرين بالحضارة الغربية ومنجزاتها التقنية 0

زبادة في التضليل عهد الغرب إلى تشجيع نمطين من أنماط الفكر الإسلامي : نمط التدين الأصولي ، الذي يركز على العبادات و الهيئات و اللباس و الناحية الشكلية في الإسلام و بناء المعتقدات الخرافية الأسطورية المبنية على الملاحم و الفتن و علامات الساعة و ما يجري للإنسان في القبر قبل البعث ونمط الاجتهادات التحريفية باسم العقلانية والتنوير القابلة للتشكل والتوافق مع مفاهيم ومعايير وموازين الحضارة الغربية من خلال الاتكاء على هذا التراث أو ذاك 0

النمط الأول : نمط ترك الحياة أي ترك الحضارة الإسلامية والنمط الثاني : جعل الحياة قي التبعية للغرب وكردة فعل على هذين النمطين تَوَلَّدَ نمط ثالث أخذ يشكِّل الإسلام على هواه وهو نمط لايشكل تياراً إذ هو مجرد حالات فردية متعاظمة الذات محدثةً بلبلة في المجتمع فكانت ضِغْثاً على إبالة واشغلت المجتمع بجعجعةٍ دون طحن 0

سعى الغرب الحاقد على الأمة الإسلامية إثر انتصاره في الحرب العالمية الأولى على الدولة العثمانية بصفتها الأم الجامعة ـ على ما فيها من هزال وتقصير وظلم وانحراف وتخلف ـ إلى تركيز التبعية الأبدية على العالم الإسلامي له لقد وضع الغرب خطوطا ثلاثة هي الهيمنة والتجزئة وتمييع الهوية السياسية الحضارية للأمة ولكي لا تنفلت الأمور عليه زرع كيانا غريبا في قلب العالم العربي أي في قلب العالم الإسلامي هذا الكيان هو الكيان اليهودي أو إسرائيل أو الصهيونية وهو كيان يعتمد في استمرار بقائه على السند الغربي فالكيان اليهودي مجرد قطعة لحم كلب ميت زرعت في إنسان سوي هيهات أن يعيش بالرغم من استمرار إمداده بأسباب الحياة فالكيان السوي من خلال عمل الأمة الدائب لا الانتظار ، لا بد أن يلفظ الكيان الغريب لفظ النواة 0

أدار السياسيون والفصائليون العرب ومجموع الشعب في فلسطين صراعاً مستمراً مع الكيان اليهودي وهو مجرد مشروع وبعد تحوله إلى دولة لم يتح لهذا الصراع التقدم خطوة واحدة إلى الأمام وحل بدلا عن الصراع التراجع النضالي سواء في الأهداف أو الواقع المنظور فوجدت جراء ذلك حالة من الإحباط واليأس وظهر بسبب ذلك على المستوى السياسي الرسمي العربي والإسلامي وعلى بعض النخب الفكرية بل وعلى المستوى الشعبي مقالة أو دعوة للمصالحة والتعايش مع الكيان المزروع 0

لم يدرك السياسيون والفصائليون حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي من كونه صراعاً متولداً عن قضية كبرى هي القضية الإسلامية الحضارية وكان يجب أن يتوجه للعدو الرئيسي أي إلى الغرب بوصفه العدو الحضاري وإلى إسرائيل بصفتها أداة هذا العدو إذ هذا هو التوجه الذي يؤدي إلى نتائج وبالتالي يمنع تشظي الوعي وتعدد التوجهات وتشرذم العمل 0

وقعت الحركة الإسلامية الأصولية بشقيها السلفي والدعوي أسيرة دعاية غربية ـ أثناء صراع المبدأين الرأسمالي والشيوعي ـ إذ تشكَّل الذهن الأصولي على أساس النظر للغرب بأنه من معسكر الإيمان وأن المعسكر الشيوعي هو معسكر الإلحاد ولذلك توجه الفعل الوعظي والدعوي والنضالي والجهادى نحو المعسكر الشيوعي الملحد ! على اعتبار أنه الأكثر خطرا على الدين ولم يلفت انتباههم الغزو الحضاري الغربي ومارسوا السكوت بل والموالاة للغرب وحضارته واستعماره وبنوا علاقتهم مع الأنظمة المحلية على أساس هذا التقسيم وما موقف الإسلاميين في أفغانستان عن المجتمع ببعيد ! 0

ظهرت الصحوة الإسلامية سنة 73 م بعد حرب رمضان على الجبهة المصرية والسورية وتعلق الرأي فيها منتظراً نصراً حاسماً وارتفعت وتيرتها شدة بزوال نظام الشاه وتسلم الآيات الحكم وتعلقت مشاعر الجماهير بحديث الرايات السود تأتي من المشرق لكن السلفية مع أنها تعتمد الحديث رأت في نظام الآيات انتصارا للمجوسية فوضعت عشرات الكتب ضد الشيعة والفرس والمجوس وفي انكشاف أنَّ الشيعة والسلفية لم تقدما للإسلام و المسلمين خيرا بل كان الأمر عكس ذلك تماما بدأت تظهر في الأفق كردة فعل معاكس حـركة ثـورية أصولية تعتمد على العمل المادي و تباشر القتل غير المنظم والتفجير و الاغتيال و اتهموا بقتل الأبرياء فاتهم الإسلام كله بالتطرف و هوجم الإسلام بديلا عن الهجوم على أسباب ردة الفعل هذه و من المعلوم ان أسباب ردة الفعل لم تكن إنشاء للحركة الإسلامية بل استدرجت اليها الحركات الإسلامية بسبب شدة المعاناة المفروضة عليها 0

ليس المراد من هذا القول تبرئة الحركة الإسلامية من القصور الظاهر في وعيها فهي دائما في محل الاستدراج بديلا عن إنشاء الفعل ومباشرته من خلال الوعي المُعَيِّن لغايته وهدفه 0

تلك هي الأجواء التي تحركت فيها الدعوة لحوار الحضارات الولايات المتحدة تنفرد بقيادة العالم القطب الثاني فقد قدرته الشركاء الغربيون المنافسون رضوا بشراكة ثانوية ولهذا فرضت الولايات نفسها على العالم بطريقة بربرية متحكمة بأوضاع العالم الاقتصادية يعلن مؤرخ أمريكي من أصل ياباني مهاجر نهاية التاريخ وخاتم البشر وينام العالم الثالث ويصحوا على حلم وخيال باقتصاد مريح وغياب لمشاكل الاقتصاد والعيش دون أزمات سياسية خطرة أو غير خطرة 0

تقدم الولايات المتحدة وصفتها للعالم الثالث للحصول على عونها هي وشركائها وتتمثل هذه الوصفة بما يلي :

1. إقامة نظام حكم ديمقراطي ، يعتمد التعددية ، ويقيم دولة المؤسسات والقانون يخلو من الاستبداد ويعتمد الانتخابات الحرة على زعم أنها تمثيل لإرادة الشعب 0

2. تطبيق سياسة اقتصادية ليبرالية ، مرتكزها الخصخصة ، أي اعتماد القطاع الخاص 0

3. الالتزام بحقوق الإنسان محددة بوجهة النظر الغربية المؤسسة على الحريات الأربع 0

تلك هي الأسس التي قام عليها مشروع حوار الحضارات ، وهو مشروع يهدف إلى استبدال الصراع بالحوار بين حضارة مهيمنة ومسيطرة ومتقدمة وحضارة كانت وهي الآن ليست شيئا مذكورا ، إنَّ المراد من حوار الحضارات هو بقاء سيطرة الحضارة المهيمنة ومداعبة غفلة أصحاب الحضارة الثانية بتقدير لا معنى له وإبقاء ما سموه بالخصوصية الحضارية متجسداً بالفلكلور والتدين الكسيح وبعض القيم غير المهمة في التغيير 0

يؤدي قبول الحضارة الغربية إلى ظهور حالة الاستلاب فالإنسان حرٌ ظاهرا مستلبٌ حقيقةً هو مجرد حر شكلاً ولكنه أكثر الناس عبودية ويتحول الاقتصاد من أداة في خدمة الحاجات الأساسية إلى أداة في الاستثمار والتنمية من جراء تطبيق السياسة الاقتصادية اللبرالية ويطلق الإنسان عنان شهوتي البطن والفرج إذا أتاح اقتصاده ذلك له : قالوا سنهربُ ثم لاذوا بالقبور من القبور !

هذه هي صورة الأوضاع التي بدأت تتضح منذ الآن فهل هذه الصورة هي المرجوة للحاضر والمستقبل ؟ لماذا يصر الماديون العِلْمَانيون ودعاة الحريات اللبرالية ( العَلْمانيون ) ؟ ـ على ضرورة تشويه صورة الأمة في : إيمانها ، وأفكارها ، وتاريخها ـ والدعوة لاستبدال صورة الماضي مع القدرة على عودة الحركة إليه ، وذلك بقبول الاستكانة والخضوع لأشرس عدو ، لهذه الأمة العريقة .

إنَّ عدو أمتنا الشرس الهمجي هو العدو الغربي وهو عدو لها منذ أمد طويل يمكن القول أنَّ عداوته لهذه الأمة الخيرة ضاربة في عمق التاريخ حتى أنه عاداها أثناء فترة الجاهلية وما أنْ بزغت شمس الإسلام حتى زاد غيظه على هذه الأمة وإذ استسلم بادئ الأمر أمام قوة الإسلام لكنه اهتبل أول فرصة سنحت له فجاء بقضه وقضيضه فكانت الحرب الصليبية التي دامت قرنين من الزمان ولا زال الغرب يمارس عقلية الحرب الصليبية على هذه الأمة والكيان اليهودي المزروع هو واحدة من مفردات هذه السياسة .

على ضوء ما سبق يمكن ملاحظة النقاط التالية : ـ

¨ الولايات المتحدة والغرب كله سواء كان رأسماليا أو اشتراكيا عدو للأمة الإسلامية ويعمل جاهداً على منع نهوضها وإعادة ديناميكية حضارتها .

¨ تشكيل العالم الإسلامي من حيث الجغرافيا السياسية وفق مخطط يحول دون انعتاق هذه الأمة من هيمنة الغرب والعمل على تخليد تجزئتها وتمييع هويتها .

¨ سيطر على حكام العالم الإسلامي رعب قاتل من ساسة الغرب لارتباطهم أثناء الفترة الاستعمارية وجودا وعدما بالغرب فساروا بالسياسات وفق توجيه الغرب فساسة العالم الإسلامي ليسوا أصحاب أفكار في الحكم لارتباطهم وتبعيتهم للغرب وجل اعتمادهم على التأثير الغربي بالسياسات .

¨ بديلاً من خوف الحكام على الأمة من عدوها ـ إذ هم واقعون تحت تأثيره ـ خافوا من الأمة وأصابهم التوجس منها فتفننوا بإيجاد أجهزة القمع فما من نظام قائم في العالم الإسلامي يخلوا من عشرة أجهزة من أجهزة القمع تختلف الأسماء ولكنها كلها لمهمة واحدة هي الحفاظ على أمن الحكام ورجال الدولة وليسوا للحفاظ على حماية الأمة من تسلط عدوها عليها .

¨ سيطر على الجماهير الفكر السطحي وسيطر على النخب فكر فج ذاتي فردي ومن هنا تشرذمت النخب وبزغت ظواهر فردية تسعى لمجد ذاتها وتشكلت أحزاب ومنتديات وجمعيات غايتها التعبير عن الشللية وليس عن مشروع للنهوض .

¨ وقعت النخب التغريبية تحت سيطرة التبعية للغرب في التفكير والتوجه بسبب انفعالهم في صورة الغرب المتقدم في الصناعة والتقانة ( التقدم التكنولوجي ) ومستوى دخل الفرد ، حدث من جراء ذلك انبهار شديد بالغرب ، والمراد بنخب التغريب ما يلي ( 1 ) اللبراليون الديمقراطيون العَلْمانيون (2 ) الماديـون الاشتراكيـون العِلْمانيـون ( اليسار ) ( 3 ) أغلبية الأكاديميين والأدباء والإعلاميين ( 4 ) بعض من الناس العاديين بسبب سيطرة الغرب على التدفق الإعلامي مما مكن الغرب التلاعب بعقولهم .

¨ تقدم هذه الزمر خاصة الثلاثة الأولى أقوالها الداعية إلى التغريب عند مواجهتها بالإسلام إلى وصف موقفهم بالعقلاني ويزيفون الدعوى بأنهم أهل العقل ـ دون تحرير معنى العقل والشروط التي يعقل بها الإنسان ويصفون الإسلام بصورة مباشرة أو غير مباشرة بأنه في محل المواجهة أو التعارض مع العقل أو الإدعاء بأنَّ المعرفة الإسلامية غير مؤسسة على العقل وهكذا يوصف الإسلام بأنه في جهة مضادة تماماً للعقل .

¨ إنَّ قبول هذا الأساس ، أي التضاد بين الإسلام والعقل ، في معركة الإسلام مع العقل يعني حسم المعركة قبل بدايتها ، لصالح دعاة التغريب ، والأصل رفض هذا القول .

¨ معركة العقل والإسلام : كجهتين متضادتين ، غير مقبولة أبداً ، وجعل الإسلام في حالة مساواة مع الدينين : اليهودية ، والنصرانية ، اعتداء على الحق فالعقل حجة بذاته عند أكثرية المناهج الإسلامية ، وهو الحجة الأساسية عند العدليين ، فلا تضاد بين العقل والإسلام .

¨ العقل ليس منهجا واحدا عند البشرية والمناهج العقلية الغربية متعددة من عقل مادي إلى عقل تجريبي إلى عقل وجودي ملحد فالوضعي فالوجودي المؤمن فالمثالي وغير ذلك من مناهج ومسالك يسلكها العقل للحصول على المعرفة ؟ فأي منهج هو الحق ؟ وأي منهج هو الباطل ؟ لا بد من معيار متفق عليه يُعرف به الحق من الباطل ! .

¨ طريقة الإسلام لمعرفة الحق من الباطل هي الطريقة العقلية مباشرة بقضايا الإيمان المستدل عليها من عالم الشهادة أو من الخبر الذي أثبت العقل صدقه .

¨ لما سبق بيانه لا بد من تعريف العقل ومعرفة مناهجه للوصول إلى الحقائق .

يدرك القارئ لهذه الصورة الموجزة التي رصدت الأفكار والتوجهات المتواجدة قي العالم الإسلامي مقدار الخطر الداهم الذي يستهدف هذه الأمة في إيمانها ودينها وقيمها وخيريتها وقيمها بل وفي حياتها السياسية بحيث تمنع من وحدتها وتحرر القرار السياسي وتحديد هويتها الحضارية وهي ممنوعة من الإنجاز الحضاري والعلمي على السواء .

¨ لا يمكن الاعتماد على الغرب والتغريبيين أو الحكام أو الحركات الإسلامية أو الحركات الأخرى للسير بمشروع النهوض الحضاري لهذه الأمة إذ لا بد من التسليم بفشل جميع محاولات النهوض السابقة فمن الضروري بناء النهضة بإعادة بناء العقل الإسلامي على فكر أهل التوحيد والعدل وبدون ذلك هو الدوران بالحلقة المفرغة .

للخروج من التيه لا بد من بعث ديناميكية الحضارة الإسلامية التي تعطلت منذ بداية القرن الخامس الهجري القرن الحادي عشر الميلادي بصدور الوثيقة القادرية والتي نصت على منع التفكير وتعطيل الاجتهاد وإعمال السيف في رقاب المعتزلة ونتج عن تصفية المعتزلة هبوط التفكير فلا بد من عودة إلى نقطة الخلل وإصلاحها والسير قدما بمعرفة الواعين وبعزيمة المؤمنين وتقوى العاملين ودأب المخلصين .

يكمن الداء والدواء معاً في الأمة الإسلامية ويدرك ذلك الغرب الحاقد فيخشاها ويعمد إلى مراقبتها ويعمل على إعاقة نهوضها ويصل به الأمر إلى حد التلاعب بعقول من يحسبون عليها وما هم منها فتبين معالم الدرب هي نصف الدرب وها هو الدرب قد اتضح فتعالوا لنسير معاً رافضين الغرب والولايات المتحدة ورأس حربتهما إسرائيل .


الكاتب : جعلان

COMANDER
14-02-2009, 07:52 PM
المشكلة السكانية
التنمية والبحث العلمي
قضية الإسلام في مرحلتنا القادمة
الأستاذ الدكتور/ إبراهيم جميل بدران
جمهورية مصر العربية
أبدأ حديثي باسم الله الواحد الأحد الذي قال في محكم كتابه (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، (26/ 132) صدق الله العظيم.. وعندما طلب إلي أن أحدد الموضوع الذي أتحدث فيه اليوم رأيت أنه من تقوى الله أن نتحدث فيما نعلم وفيما ينفع أمة الإسلام. ولو أن المؤتمر يدور حول قضايا الطب الإسلامي إلا أن الصحة تعرف بأنها حالة من التوازن النفسي والذهني والاجتماعي إذن فهي جزء لا يتجزأ من حالة الفرد والمجتمع التي تؤهله لحياة رغده منتجة تتناسب مع أسلوب العصر ووسائله، لذلك رأيتني أختار التحدث في قضية العصر، وهي البحث العلمي ودوره في التنمية هادفين إلى مواطن سليم في مجتمع سليم.
تحتل مشكلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية خاصة في العالم النامي الذي ننتمي إليه المركز الأول بين سائر المشاكل، ظاهرة محيرة للمخططين والمفكرين، وذلك لما تواجهه هذه الدول من انتماءات فكرية وعقائدية، ونحن منها فمنها دول انحازت إلى عالم الشمولية والشيوعية.
وأخرى اندرجت في أساليب العالم الرأسمالي الحر وأخرى انخرطت في تجارب جديدة فدخلت في متاهات الظلام والبحث عن الطريق مندفعة إلى الاقتصاد المزدوجDouble Economy حيث توجد الفوارق الواسعة بين الطبقات وحيث تتعايش صور متباينة في مجتمع أو أمة واحدة تستظل بمقومات واحدة وتسكن أرضا متصلة. هذه الصور تئمثل في نماذج صارخة من الفقر والحرمان تنظر بهلع ويأس إلى صور متحدة من الجشع والإسراف.
ترتب على ذلك أن أصبح عالمنا الإسلامي في كثير من أنحائه في موقع يجبره على أن طريقه نحو الأمان.
نظرة سريعة إلى مشاكلنا كجزء من العالم النامي غنيا كان أم فقيرا نجد ثلاثة مؤثرات تتفاعل في تلك الحالتين.
أولأ: جوع، و بطالة، وهجرة، في الدول غير القادرة.
ثانيا: ترف واستهلاك، وقلق، في الدول التي تعاني من مشكلات الوفرة وقانا الله شر آفات الحاجة وكذلك فتنة الغنى. ففي المجموعة الأولى: يمكن تحليل المشاكل كما يلي:
أولأ: الجوع: خاصة إذا كان تزايد السكان يفوق معدلات القدرة على إنتاج الطعام. وهذه ظاهرة سوف تحتل مكانها في الاقتصاد العالمي في الحقبة القادمة حيث، يأتي يوم ما هو ببعيد تكون فيه الأموال غير قادرة للحصول على الاحتياجات من الطعام، وسوف يكون التحكم في مواد الغذاء (سلاح الجوع والتجويع) السلاح الأساسي في الحروب القادمة وهو أخطر من الأسلحة التقليدية وحتى النووية.
ثانيها: البطالة: سواء كانت بطالة مباشرة أو بطالة مقنعة ويدخل تحت هذا الباب قضية تكدس العمالة مع قلة الإنتاج وهي آفة من آفات العالم النامي. وكذلك قضية التوسع في التعليم بدون توجيه أو ربط بخطة التنمية، والتعليم وسيلة عملية وحيوية في عصرنا الحالي وليس ترفا أو أسلوبا للمباهاة، إنه موجه إلى الارتزاق عن طريق اكتساب مهارات وقدرات يحتاج إليها المجتمع تضيف إلى رفاهيته وإلا كان التعليم جهدا وإنفاقا بلا عائد.
ثالثها: الهجرة: وهي ظاهرة خطيرة تتأكد في مجالين .
الهجرة من القرية إلى المدينة: والقرية التي تفقد سكانها تتميز بضيق الرزق وسوء أحوال المعيشة فيهرب ساكنها إلى المدينة أملأ في إيجاد فرصة أحسن للعمل ومستوى أحسن للحياة ولكنه في كثير من الأحوال يبوء بالفشل خاصة عندما تزداد الهجرة عن حد معين ، وتعجز المدينة عن توفير فرص العمل والرزق لهؤلاء المهاجرين.
أما الهجرة الأخرى فهي هجرة العقول المستنيرة والأيدي المدربة إلى خارج الوطن حيث النجاح أيسر وإثبات الذات أسهل والرزق متاح.
ورغم أن تلك الهجرة قد تكون مصدرا (لعائد اقتصادي له قيمته، إلا أنها عندما تزيد لا بد أن تؤخذ في حساب الانتقاص من قدرات البناء الداخلي للوطن.
هذه المظاهر الثلاثة: الجوع والبطالة والهجرة لا بد أن تعكس الحالة النفسية للأفراد وتنشط خمائر الاضطراب في المجتمع فيكون ما ينتظر من قلاقل سياسية وضغط اجتماعي.
أما في المجموعة الثانية فيمكن تحليل الظواهر فيما يلي:-
1-الترف: وما يتبعه من تغيرات نفسية إذا لم يخطط لها بتسليح للمجتمع والأفراد بالعلم والقيم فإنه لا بد وأن يندفع إلى تغيير أساليب الحياة إلى مسارب مختلفة منها ما هو مقبول ومنها ما هو مرفوض.
2- الاستهلاك المفرط: حيث ينطلق الإنسان لاستهلاك نفسه أولأ في ما يسمى بالحضارة الحديثة فيضعف ذراعه ويزداد اعتماد عقله على الغير ويصاب بأعراض التخمة ثم تنطلق الدول نحو تحويل رأس المال الكامن إلى مستهلكات ضائعة الأصول لا تعوض إذا فقدت.، وقضية العصر هي الحفاظ على ثروات كانت كامنة تحت الأرض إلى ثرواث خارجها، دائمة بإذن الله تدر عائدا مستديما.
3- القلق: فحيث ينمو مجتمع الترف والاستهلاك تبدأ قضية الرفض. الرفض لكل ما هو متاح طلب للممنوع وللمزيد، وهنا تبدأ المؤثرات الخارجية في إحداث التمزق الداخلي في النفس قلقا تحتاج إلى مهدئات ومثبطات.
والقلاقل في المجتمع تولد الثورات وما يتبعها من قمع وكبت وصراع بين السلطة وقطاعات الشباب والمترفين.
ومن الحقائق التي تذكر في هذا المجال أن نسبة الانتحار الفردي والجماعي ظاهرة خطيرة في هذه المجتمعات خاصة لمن هم في عمر الزهور وفي سن الإنتاج. (Teen -Agers Dilemma) وكما ذكر في تقرير عن الصحة النفسية في الولايات المتحدة.
' قد ثبت انخفاض معدلات الانتحار حيث يزكو الإ يمان، وارتفاع هذه المعدلات حيث تخفض معدلات الإيمان '.
لكل ذلك.. كان الأسلوب العلمي المرتب والبحث التطبيقي الموجه الذي يشمل العقيدة والفكر والسلوك هو الأسلوب الأمثل لطرق أبواب الحلول أمام القائمين على قضية التنمية.
وقد وصفت التنمية على أنها زيادة الدخل وأنها اندفاع في الرفاهية وأنها زيادة في قدرة المجتمع على إنتاج حجم معين من السلع والخدمات لكنها لابد أن توصف بأنها عملية ينتج عنها إحداث تطور شامل في الهيكل الاجتماعي والاقتصادي لمجموع الشعب.. وهذا جزء من الحقيقة ولكنه ليس كل الحقيقة، فهناك مقاييس أخرى ينبغي أن ندخلها في قياس التنمية حيث يكون القياس متكاملا دون اقتصار. على مجرد امتلاك المال.
لذلك كان إعداد الإطار المناسب للتقدم والنمو المناسب هو الشغل الشاغل للقائمين على مصلحة شعوبهم. ذلك لأن أي مما اختلال في الاستعمال الراشد لقدرات المجتمع ورأس ماله الكامن سواء منه المادي أو البشري أو الإنساني لابد أن يؤدي إلى خلل اجتماعي تكون عواقبه وخيمة تنعكس أول ما تنعكس على الشباب- بحساسيته المتدفقة- ذلك لأنه يطلع إلى غد مشرق وحياة أسعد.

إن محاولة عالمنا النامي- غنيا كان أو فقيرا- تقليد العالم المتقدم غربا كان أو شرقا عملية محفوفة بالكثير من المخاطر، والاندفاع فيها عواقبه فرقة اجتماعية وقلاقل سياسية والأمل في الاعتدال *(وكذلك جعلناكم أمة وسطا )(2 / 143) صدق الله العظيم. لكل ذلك كان علينا أن نتعاون في البحث عن طريقنا الذي ينبغ من أصالتنا، ويتفاعل مع العالم المتقدم حولنا، ويختصر لنا التجارب التي نعوض بها الزمن الفاقد حتى نستطيع أن نقف على أقدامنا دون انغلاق ودون ذوبان.
هناك عدة حقائق تحتاج منا وقفة قصيرة:
1- نحن نعيش اليوم الذي صار العلم فيه سبيلا أوحد لاتخاذ القرار السليم خاصة إذا صاحبه أسلوب مجرب مع رؤية لاحتمالات النتائج وتصور لمضاعفات التطبيق وآثارها مع التأكيد على أن التقدم ما زال وسوف يظل رهنا بقدرة الفرد على استيعاب المعرفة والابتكار فيها وتطويعها لرفاهية الإنسان.
2- ولما كان التعريف الحديث للسياسة هو أنها مهنة مجابهة مشاكل الحياة وحلها بأسلوب علمي نحو رفاهية الإنسان لذلك كان من أهم ظواهر العصر أ ن العلم أصبح سلعة سياسية يباع من خلاله التقدم وتحكم به القدرات.
3- ولقد تحول الاستعمار في وسائله أن قهر عسكري في الحروب وغزو اقتصادي بالديون أو قهر معنوي بتصدير الثورات.. لقد تطور الاستعمار نحو استعمال الذكاء والقدرة وجاذبية التقدم في غزو العقول والنفاذ إلى الناس عن طريق الانبهار وبالعلم والجديد من التكنولوجيات.
4- نظرة إلى العالم من حولنا نرى نماذج متباينة، فمن الدول من اتخذت العلم سبيلا إلى التقدم. فنراها عبرت فرصة التخلف وأصبحت في طريق المتقدمين (مثل اليابان وكوريا والهند والبرازيل) ومنها ما يحاول ويخطو متمهلا نحو التقدم وقد يضل السبيل فيتعرض للقلاقل والثورات، ومنها ما يترك الأمور بلا حراك وهذا هو الأسوأ..سيله الزوال فهو يفقد الجذور ويتحول إلى هشيم أو عبء حتى على نفسه.. فيسقط والعالم لا رحمة فيه، وقد يعين لفترة ما ولكنه سرعان ما يتخلى عمن لا يعين نفسه أو يفكر في غده.
لذلك أراني أقول إن ذخيرتنا في المقام الأول تتمثل في العقل والذكاء والقدرة على الإبداع والابتكار والتنويع والتطوير وفي نفس الوقت الارتباط بالقيم والإيمان.
كلها أسلحة المعركة القادمة فماذا أعددنا لها؟
والتنمية الصحيحة لا بد أن تبدأ من مصادر الثروة الأساسية للمجتمع.
- المصادر الطبيعية: بحثا وتنقيبا واستثمارا و حفاظا.
- المصادر البشرية: تعليما وتدريبا واستعمالا.
- المصادر النفسية: قيما ودينا وقومية.
ولقد أوضحت التجارب التي سبقتنا أن التنمية عملية محسوبة لا يؤمر بها ولكن يؤمن بها لا تدفع إلى الوجود بين يوم وليلة لكنها ارتقاء وتطور وجهد مستمر يحد ث ببطء ليتلاءم مع ظروف المجتمع.
والتنمية أصلها ومنابعها في التعليم الجيد وحقلها النظام والانتظام. وهو الاستقرار السياسي والإيمان والقيم وقضيتها الإنتاج الوفير والبحث والتطوير عن طريق العلم والتكنولوجيا والتي لا بد أن تتطور للتواؤم حالة المجتمع بصورة إنسانية تعبئ الموارد وتبرز الملكات وتعتمد على الأعداد الكبيرة لتمنع البطالة ويذكرني هذا بما قاله غاندي: نحن لا نريد الإنتاج الوفير ولكن نحتاج إلى الإنتاج بالوفرة.
WE DO NEED PRODUUCTION BY MASSES AND NOT MASSPRODUCTION
والتنمية الأساسية السليمة لا بد أن تحدث التغيير في جذور المجتمع حيث أثبتت التجربة أنها لا بد أن تبدأ في الريف حيث كثافة السكان وأن توجه إلى أسس التطور مثل استصلاح الأراضي. وتحسين المحاصيل كما ونوعا مما يعالج مشاكل الغذاء ودفع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تسمى التكنولوجيات المتوسطة cottage and intermediate technology تبرز إلى! الأمام فئات قادرة على الإبداع والاختراع وهذه الفئات تفرز فيما بعد خبرة وقدرة ومهارة تستعمل فيما بعد دعما في التكنولوجيات المتقدمة.
خطوات ومراحل التنمية.. كيف تبدأ ومن أين
Need- Objectives - Planning - Programing- Management and Production-
هناك قضايا إجرائية ومراحل محددة تدفع نحو التطور التكنولوجي والتنمية
الأولى: الإحساس بالحاجة لها، ودافعها الاقتناع السياسي والحاجة الاقتصادية، وهي أول مراحل التطور ولا بد آلا تطول هذه المرحلة بدون تقدم وهذه وظيفة سياسية.
الثانية: تحديد الأهداف From Need to Objectives وهي مرحلة تبدأ من الإيمان بالحاجة لا بد أن تظهر المجالات المطلوبة وتحدد الأهداف، والأهداف لا بد أن تكون طموحة موجهة لإشباع آمال المستهلك حتى يتجدد فيه الأمل وتدفع القدرات نحو الإبداع.
الثالثة: تحديد المؤشرات والأسس التي يبدأ منها التقدم From Objectives to Criteria حيث تتحدد الأسس والاتجاهات مع وضع كافة الاحتمالات والظروف والطرق ومسارها وهذه وظيفة العلماء والمفكرين لوضع التصور ليطورا من القدرات.
الرابعة: From criteria to Planning وهنا يبدأ دور الحكومة حيث تتحدد الأهداف والأسس وتتحول إلى خطة محددة وملزمة بوضع الاختيار الملائم وتحدد الطريق وتوصف الملامح، وتضع البدائل لكل مجال يمكن الاختيار بينها.
الخامسة: البرمجةFrom Planning to Programming وهنا تكمن حسابات كثيرة وعديدة.
ا- تفصيل المشكلة مع تخطيط قطاعي داخل كل مجال مع المواءمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
2- تحديد للعلاقات بين المؤسسات.
3- تقويم القدرة المحلية واستيراد الجرعة المطلوبة وتطويعها للفرص القائمة.
4- وضع البرامج التدريبية بحيث أن تكون محددة وموجهة للمشروع.
5- نظام حوافز مادية ومعنوية.
6- تكامل بين البرامج حتى ترتبط داخليا وخارجيا متوافقة مع احتياج السوق ومع الناتج القومي، وهذا الدور تحكمه المؤسسات متعاونة مع الغرف التجارية والنقابات، المهنية والعمالية.
السادسة: مؤثرات ثلائة لا بد من مراعاتها أساسا للنجاح.
أ- الإدارة ومراقبة الإنتاج Management and Production Control إن إدارة ' الإنتاج أساس لا بد من
مراعاته بدقة.
ب- المعلومات والنظم Information System التعامل مع المعلومات هو قضية العصر حتى وصلنا اليوم إلى أن هناك دولا ذات وحدة إتصالية WIRED NATIONS يكون فيها متخذ القرار على علم بتطورات ومستويات المعرفة، تعدت قدرة البشر بفضل الله.
ب- تقويم العائد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمشروع ، قضايا حساباتها مختلفة ولكنها قضايا حاسمة ومطلوبة لضبط حركة التطور وديناميكية التقدم في المجتمع وحركة نموه التي لا بد وأن تكون محسوبة.
السابعة: توجيه العائد لمصلحة الكافة وهنا يبرز ثانية دور القيادة السياسية والاقتصادية لأن التنمية قضية اجتماعية في المقام الأول وليست اقتصادية فحسب، والنتيجة ليست زيادة في الدخل فقط ولكنها رفاهية للإنسان إن لم يحسب عائدها بحذر فإن انفلات العائد الاقتصادي من المعيار الاجتماعي أو العكس لا بد وأن يؤدي إلى عواقب معروفة-
التنمية والمجتمع والتكنولوجيا:
وتعرف التنمية العلمية أو الثروة التكنولوجية بأنها القدرة على استعمال جرعة العلم المتاحة لدفع البحث المعملي إلى مستوى التجربة الحقلية التي يمكن أن تتحول إلى سلعة أو خدمة ويمكن تطويرها وتحسينها عن طريق مواد أحسن ومنتج أفضل وأسلوب أرخص وأسهل ومن خلال منظومة وإدارة منضبطة وتضيف إلى رفاهية الإنسان- كل هذا مقبول..
ولكنها لا بد أن تربط أساسا بحاجة المجتمع وتتوافق مع مراحل نموه ووضعه الاجتماعي.. والعلاقة بين التنمية والعلم والمجتمع علاقة فتحت آفاقا عديدة للدراسة فظهرت مدارس وتخصصات جديدة على سبيل المثال:
*النسق الاجتماعي للعلم والتكنولوجيا Social System Of Scientific Technology
* التكنولوجيا والتغيير الاجتماعي Technology Social Reform
* علم اجتماع المعرفة Sociology of Knowledge
* علم اجتماع العلم Sociology of Science
* علم اجتماع العلم Sociology of Science
وكلها تدرس كيفية استعمال العلم في قضايا التنمية وخلق المناخ المناسب للإبداع العلمي والبيولوجي وترسخ العلاقة بين مجتمع العلم ومجتمع الإنتاج وقيم المستفيد وتفتح آفاق البحث العلمي في تقويم آثار العلم على المجتمع ماديا وثقافيا وتوفير المقومات الاجتماعية والثقافية لنمو التكنولوجيا وكذلك ضبط انعكاس التقدم التكنولوجي على القيم الذاتية والدينية!لمجتمع، وتقويم ذلك وضبط الجرعات الحميدة والممكنة لإحداث التطور على سلوك المجتمع في القرية...
قبل أن ندخل يما الإجابة أراني أذكر ثلاث حقائق:
ا- أن ثروة الأرض غير متجددة محكوم عليها بالفناء إلا في الزراعة إذا أحسن استغلالها.
2- أن الإنسانية محكوم عليها بالتلوث كلما تقدم العلم خاصة إذا استمر الحال على ما نحن فيه.
3- إن الإنسان يرفض التقدم اللا إنساني ويلفظه حتى إن طال المدى.
هذا وإذا حللنا الدخل القومي في المنطقة نجد أن أكثر من 80% منه يعتـمد على مصادر لا توصف بالاستمرار وهي البترول. المواني والممرات المائية- أموال المغتربين. السياحة ، وأن 20% فقط من مصادر إنتاجه الدائمة مثل الزراعة ،- الصناعة في حين أن النظرية تدعو إلى رفع ذلك، الرقم إلى 50% على الأقل، إذن فالحاجة واضحة والهدف معلوم في زيادة الإنتاج الزراعي والإنتاج الصناعي.
والمطلوب يمكن تحقيقه عن طريق يمكن أن يلخص فيما يلي :-
ا- زيادة إنتاجية الأرض القديمة والإضافة إليها باستمرار.
2- زيادة إنتاجية رأس المال المتاع والاستثمارات الجديدة.
3- زيادة إنتاجية القوى العاملة المستخدمة حاليا والإضافة إليها باستمرار.
4- زيادة القدرات التنظيمية والإدارة المتاحة بما في ذلك الانضباط الجماعي مع إطلاق المنافسة المفتوحة.
5- ربط النجاح بالعزة القومية والكرامة الوطنية واحتمالات العار والبؤس في حالة الفشل.
إذن فالقضية اجتماعية وسياسية في المقام الأول وانعكاساتها الإنتاجية والاقتصادية هي أساس التقدم..
ولكن كيف نستعمل التقدم العلمي والتكنولوجي في قضايا التنمية:
ا- تـطوير القدرات الإنتاجية- وذلك بتحسن، مستوى القوى العاملة تعليما وتدريبا وابتكارا. (كثورة اليابان التكنولوجية بدأت سنة 1929 بتطوير المدرسة الابتدائية).
2- اختيار مرحلي لمشاريع مناسبة تبدأ باستخدام الموارد المتاحة.
3- التحسين المستمر لمستوى الميكنة بالتجربة والبحث وكذا تطوير مستوى الإدارة وكذا محاولة الدخول في القدرة التنافسية العالمية.
4- تطوير القدرة على تطوير أنواع المنتج وابتكار الجديد بالتا لي
تطوير الخدمات وزيادة العائد تحفيزأ للتغيير وبمعنى آخر تحسين الإنتاج بمستوى الدخل للعاملين بأسلوب مباشر الصادق وليس كمسكن سياسي.
5- تحسين بيئة العمل الإنسانية والتكنولوجيةWork Environment
6- التطوير المستمر لعلاقات إنسانية ومجتمعه ' من خلال العمل ينتج عنها رفع مستوى المعيشة Changing Life Style
سؤال آخر:
كيف نطلق ملكات البحث ونعظم العائد؟
ا- الالتزام بقضايا محددة وتحديد مجالات مفيدة للمجتمع والإنتاج في أكثر الحالات أي الارتباط بالأهداف القومية.
2- الالتزام بالامتياز أي بحوث على مستوى عال ومنافسة اقتصادية.
3- أقل القيود على حرية القائمين عن البحث العلمي.
4- استقرار نفسي ومادي لهم.
5- أن تكون النتائج إيجابية مجتمعيا، ومرحليا وسياسيا.
ولذا فانه من الواضح مما سبق ذ كره بأن هناك العديد من الحقائق والمسلمات التي لا غنى عن ذكرها وعن استيفائها وهو ما سوف نلقى عليه الضوء.
إن من قدر العالم الإسلامي أن مقومات الحياة فيه موزعة بين أقطاره.. هذا يجعل التعاون بين أقطار هذا العالم ضرورة وحياة.
وإذا كانت مجموعات الدول كغرب أوروبا استطاعت أن تنتقل من مرحلة الصراعات في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين إلى مرحلة السوق الأوربية المشتركة والبرلمان الأوربي.. فما أحرانا أن نقوم بهذا باسم الدين والعلم والمستقبل.
وبهذا يصبح العالم الإسلامي كيانا كبيرا يتعاون على الصعيد العالمي في زمن لا تستطيع أن تأمن فيه إلا الوحدات الكبرى.
والسؤال الآن:-
ما هو موقف الدول العربية والإسلامية من مرحلة التنمية الشاملة أرض شاسعة مصادر ثروة وطاقة وهبها الله. أيد عاملة وعقول متميزة.
أين نحن من كل هذا لوحدة تنموية لا ترتبط بأفراد أو ساسة ولكن ترتبط بعقول مستنيرة وأذرع قادرة وإمكانيات مرتبطة كلها تعمل لغد أفضل من أجل أجيالنا القادمة. وغير عابئين باليوم ولكمن لتوفير غذاء أحسن لملايين من البشر سوف يعيشون على هذه الأرض.
والتحدي الرهيب الذي ينتظرنا يتحتم علينا قبوله حتى لا نعيش عبيدا على أرضنا وصرعى لتاريخ مجيد لجأ نستفد مما فيه من دروس وعبر.
وسلاحنا فيه العلم والثقة والارتباط بهدف محدد.
كلمة أخيرة !ذا أصاب الإنسان من خير من خلال البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة والمنظمة في علوم الطب نعمة الله على الإنسان والجن وهو السبيل لتقدمه.
في الصحة العامة: انخفضت وفيات الأطفال إلى أقل من 10 في الألف. انخفضت الوفيات من أمراض القلب 25% عن ذي قبل. انخفضت الوفيات من أمراض نزيف المرء40% عن ذي قبل. أما في علاج السرطان: فإنه ينظر إليه اليوم على أنه أحسن الأمراض المزمنة نتائج حيث زادت فرص الحياة منه اكثر من خمس سنوات في أكثر من 70% من الحالات وكذلك ب شبر أن 40% من حالات السرطان قابلة للشفاء تماما وضبطت معظم حالات اللوكيميا في الأطفال تماما وأصبحت قابلة للشفاء.
وغدا مع استعمال الـ Interferon ومع بحوث D.N.A. Recombinant Techniques سوف تفتح أبواب جديدة من الأمل لعلاج الكثير من الأمراض المختلفة.
ولقد تحسن إنتاج الفاكسينات والهرمونات وانخفض سعرها وكان ذلك كله نتيجة لدراسات ميكانيكا أو هندسة الوراثية.
وقد قضى على الحصبة في 97% من الحالات.
وانتهى رعب شلل الأطفال وكذلك الدفتريا والتيتانوس، في الأطفال ونقص حدوث الغدة النكفية 56% وتأكدت العلاقة بين الفيروسات ومرض البول السكري في الأطفال وكذلك علاقته.
وأدخلت وسائل العصر التكنولوجية قي التشخيص والعلاج واستعمل الليزر في الجراحة وعلاج الأرماد، ودخول الأشعة الضوئية والموجات الصوتية والأشعة المبرمجة واستعمال الحاسب الإلكتروني لتصوير المرض وإبراز المخفيات من العلل كل ذلك من نعم الله عن طريق البحث العلمي.
مع كل ذلك لا بد أن نأخذ في الاعتبار التقدم الذي دفع التعليم الطبي ووسائله وربطه باحتياجات المجتمع ومتطلبات سلامة الإنسان