مشاهدة النسخة كاملة : من السنة (17 )


بن مضر
24-01-2009, 11:30 PM
ألإتباع وليس ألإبتداع



[ عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ] رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح


وفي بعض طرق هذا الحديث : إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ قال [ لقد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ]


قوله : موعظة بليغة : يعني بلغت إلينا وأثرت في قلوبنا


وجلت منها القلوب : أي خافت وذرفت منها العيون : كأنه قام مقام تخويف ووعيد


قوله [ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ] يعنى لولاة الأمور [ وإن تأمر عليكم عبد ] وفي بعض الروايات [ عبد حبشي ]


قال بعض العلماء : العبد لا يكون واليا ولكن ضرب به المثل على التقدير وإن لم يكن كقوله صلى الله عليه وسلم [ من بنى لله مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ] ومفحص قطاة لا يكون مسجدا ولكن الأمثال يأتي فيها مثل ذلك


ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله حتى توضع الولاية في العبيد فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا تغليبا لأهون الضررين وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته لئلا يفضي إلى فتنة عظيمة


قوله [ وإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا ] هذا من بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم : أخبر أصحابه بما يكون بعده من الإختلاف وغلبة المنكر وقد كان عالما به على التفصيل ولم يكن بينه لكل أحد إنما حذر منه على العموم وقد بين ذلك لبعض الآحاد كحذيفة وأبي هريرة وهو دليل على عظم محلهما


وقوله [ فعليكم بسنتي ] السنة الطريقة القويمة التي تجرى على السنن وهو السبيل الواضح


[ وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ] يعني الذين شملهم الهدى وهم الأربعة بالإجماع : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهما أجمعين وأمر صلى الله عليه وسلم بالثبات على سنة الخلفاء الراشدين لأمرين أحدهما : التقليد لمن عجز عن النظر والثاني : الترجيح لما ذهبوا إليه عند اختلاف الصحابة


وقوله [ وإياكم ومحدثات الأمور ] إعلم أن المحدث على قسمين : محدث ليس له أصل في الشريعة فهذا باطل مذموم ومحدث بحمل النظير على النظير فهذا ليس بمذموم لأن لفظ ( المحدث ) ولفظ ( البدعة ) لا يذمان لمجرد الإسم بل لمعنى المخالفة للسنة والداعي إلى الضلالة ولا يذم ذلك مطلقا فقد قال الله تعالى : { ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث } وقال عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه يعني التراويح وأما النواجذ فهي آخر الأضراس والله أعلم


ما يستفاد منه


المبالغة في الموعظة ، لما في ذلك من ترقيق القلوب ، فتكون أسرع إلى الإجابة .
الاعتماد على القرائن في بعض الأحوال ، لأنهم إنما فهموا توديعه إياهم بإبلاغه في الموعظة أكثر من العادة .
أنه ينبغي سؤال الواعظ الزيادة في الوعظ والتخويف والنصح .
علم من أعلام النبوة ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يقع بعده في أمته من كثرة الاختلاف ووقع الأمر كذلك .
الأمر بتقوى الله والسمع والطاعة ، وفي هذه الوصية سعادة الدنيا والآخرة ، أما التقوى فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصالح العباد في معاشهم ، ويستطيعون إظهار دينهم وطاعاتهم .
التمسك بالسنة والصبر على ما يصيب المتمسك من المضض في ذلك ، وقد قيل : إن هذا هو المراد بعض النواجذ عليها .
أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره كان المصير إلى قول الخليفة أولى .
التحذير من ابتداع الأمور التي ليس لها أصل في الشرع ، أما ما كان مبنيا على قواعد الأصول ومردودا إليها . فليس ببدعة ولا ضلالة .


وصلي اللهم علي سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم
المصادر:-
1- ألأربعون النووية 0
2 - شبكة ألأنترنت 0

جامعي متميز
25-01-2009, 03:17 PM
جزيت خيرا أخي بن مضر على الإبداع المستمر في المنتدى ..

جهد واضح وموضوع شيق

حوراء الحصن
25-01-2009, 11:24 PM
جزيل الشكر اخي بن مضر على هذه السلسلة المتواصلة..
بوركت جهودك..