الأمير
19-01-2009, 12:39 PM
اتصل بي صديق من فرنسا وبعد التحيات والسؤال عن الأخبار، بادرني بالسؤال التالي مستيقظون ولا نائمون ، وحيث إنه لا أحد عندي في الغرفة استغربت من سؤاله بصيغة الجمع، وتساءلت بيني وبين نفسي ربما قصد من سؤاله بصيغة الجمع الاحترام كما في اللغة الفرنسية (vous)، لكنه أردف بسؤال آخر لم أتوقعه ولم يخطر لي على بالي، سألني سؤالا عجزت عن الإجابة عليه وربما عجز عن الإجابة عليه جميع العرب ليس وحدي فقط سألني ماذا فعلتم من أجل غزة ؟ ألست عربيا كما أخبرتني، وأنكم العرب يد واحدة في الضراء والسراء وأنكم كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . لقد أخبرتني أنكم 23 دولة عربية من المحيط إلى الخليج ويضمكم تاريخ واحد ومصير واحد مشترك ودين واحد لكنني أرى العكس أرى غزة تنتهك حرماتها تحت مرأى من أعينكم وتجتاح وأنتم منشغلون بالمهرجانات الغنائية وكرة القدم ، وكأن غزة لا تهمكم، وكأن الأطفال والنساء والشيوخ الذين يقتلون كل يوم ليسوا عربا، أليس لديكم إحساس بالمسؤولية تجاه غزة ، أليس لديكم إحساس بالإنسانية بغض النظر كون غزة عربية أم لا.
لم أستطع أن أتفوه بكلمة واحدة وجعلته يسترسل في حديثه قائلا: إنكم تضحكون وتصرخون بملء شدقيكم ولكن من يضحك وأخوه يملأ عيناه الدمع سيبكي بكاءً مريرا، سيبكي وينقطع قلبه كمدا إذا ترك أخاه يوما يبكي وحيدا ، ألا تحسون بالألم ، ألم ينفطر فؤادكم من رؤية مناظر الدمار والخراب في غزة وهي تتحول إلى مقبرة مليئة بالجثث والأشلاء المتعفنة. قلت له: ولكننا عاجزون عن حمل السلاح ، عاجزون حتى عن إيصال المساعدات إليهم ومد العون لهم.
قال لي : إذا عجزت يدي عن حمل السلاح وعن الصراخ لساني ، فلن أعجز عن الكتابة أعبر بها عما يكنه من ألم فؤادي، أتعجزون عن التعبير عن غضبكم وسخطكم لما يحدث حتى ولو بمظاهرة سلمية لإيصال رسالة إلى غزة إنكم معهم قلبا وقالبا ورسالة إلى العالم .
ترى كم من طفل بريء قد تيتم وكم من نساء قد ترملن وكم من أمهات أصبحن ثكالى ، ليس لسبب جنوه وإنما يريدون الحرية في عصر الحرية والديمقراطية يبحثون عن السلام ولكن أين السلام ، والقوانين أصبحت معكوسة ومغلوطة فالغاصب بقنابله العنقودية والفوسفورية أصبح في نظرهم مدافعا عن الديمقراطية والسلام وصاحب الأرض المدافع عن حريته وكرامته وحقه في العيش أصبح إرهابيا لأنه حمل حجارة رمى بها المحتل .
وأردف وأنا مندهش من حماسه وتعاطفه مع غزة ، نحن في الدول الأوروبية أكثر تعاطفا منكم فيما يخص غزة بالرغم من أننا لا تربطنا بهم أية صلة إلا صلة الإنسانية .
ودعته وأنا لا أملك الإجابة على أسئلته، ولا أملك إلا الدعاء والاستماع إلى الأغاني الوطنية لعلها تبث في نفوسنا الحماس ، لكن هيهات . . هيهات ، وانتهت المكالمة وبدأت في الاستماع إلى أغنية . وين الملايين ، وين الشعب العربي وين ، ويييييييين ؟ آخر قطرة :
عذرا فلسطين
نحن لأرضك عاشقون
ولمسرى رسولنا محبون
ولمائك وسماؤك مشتاقون
ولكن . . .
عذرا فنحن منشغلون
فكما تعلمين
نحن عن رغد العيش باحثون
وإننا متأكدون ، بأنك تعذرين
لأنك فلسطين
ولكن هل حقا نحن معذورون ؟!
لا عذر لنا ، فماذا فعلنا ؟ شجبنا واستنكرنا، أدنّا وغضبنا، اجتمعنا وفكرنا وقررنا، ولكن عذرا يا فلسطين فهذا جهدنا وحدود قدرتنا وأنتم لا بأس عليكم ولا تثريب علينا.
بقلم / ناصر بن سالم المجرفي
جريدة الشبية (http://shabiba.com/innerpage.asp?detail=19932)
لم أستطع أن أتفوه بكلمة واحدة وجعلته يسترسل في حديثه قائلا: إنكم تضحكون وتصرخون بملء شدقيكم ولكن من يضحك وأخوه يملأ عيناه الدمع سيبكي بكاءً مريرا، سيبكي وينقطع قلبه كمدا إذا ترك أخاه يوما يبكي وحيدا ، ألا تحسون بالألم ، ألم ينفطر فؤادكم من رؤية مناظر الدمار والخراب في غزة وهي تتحول إلى مقبرة مليئة بالجثث والأشلاء المتعفنة. قلت له: ولكننا عاجزون عن حمل السلاح ، عاجزون حتى عن إيصال المساعدات إليهم ومد العون لهم.
قال لي : إذا عجزت يدي عن حمل السلاح وعن الصراخ لساني ، فلن أعجز عن الكتابة أعبر بها عما يكنه من ألم فؤادي، أتعجزون عن التعبير عن غضبكم وسخطكم لما يحدث حتى ولو بمظاهرة سلمية لإيصال رسالة إلى غزة إنكم معهم قلبا وقالبا ورسالة إلى العالم .
ترى كم من طفل بريء قد تيتم وكم من نساء قد ترملن وكم من أمهات أصبحن ثكالى ، ليس لسبب جنوه وإنما يريدون الحرية في عصر الحرية والديمقراطية يبحثون عن السلام ولكن أين السلام ، والقوانين أصبحت معكوسة ومغلوطة فالغاصب بقنابله العنقودية والفوسفورية أصبح في نظرهم مدافعا عن الديمقراطية والسلام وصاحب الأرض المدافع عن حريته وكرامته وحقه في العيش أصبح إرهابيا لأنه حمل حجارة رمى بها المحتل .
وأردف وأنا مندهش من حماسه وتعاطفه مع غزة ، نحن في الدول الأوروبية أكثر تعاطفا منكم فيما يخص غزة بالرغم من أننا لا تربطنا بهم أية صلة إلا صلة الإنسانية .
ودعته وأنا لا أملك الإجابة على أسئلته، ولا أملك إلا الدعاء والاستماع إلى الأغاني الوطنية لعلها تبث في نفوسنا الحماس ، لكن هيهات . . هيهات ، وانتهت المكالمة وبدأت في الاستماع إلى أغنية . وين الملايين ، وين الشعب العربي وين ، ويييييييين ؟ آخر قطرة :
عذرا فلسطين
نحن لأرضك عاشقون
ولمسرى رسولنا محبون
ولمائك وسماؤك مشتاقون
ولكن . . .
عذرا فنحن منشغلون
فكما تعلمين
نحن عن رغد العيش باحثون
وإننا متأكدون ، بأنك تعذرين
لأنك فلسطين
ولكن هل حقا نحن معذورون ؟!
لا عذر لنا ، فماذا فعلنا ؟ شجبنا واستنكرنا، أدنّا وغضبنا، اجتمعنا وفكرنا وقررنا، ولكن عذرا يا فلسطين فهذا جهدنا وحدود قدرتنا وأنتم لا بأس عليكم ولا تثريب علينا.
بقلم / ناصر بن سالم المجرفي
جريدة الشبية (http://shabiba.com/innerpage.asp?detail=19932)