مشاهدة النسخة كاملة : مدرسة طليطلة للمترجمين ودورها الطليعي لنقل العلوم الإسلامية إلى أوروبا


د .عدنان الطعمة
08-12-2008, 07:46 PM
مدرسة طليطلة للمترجمين ودورها الطليعي لنقل العلوم الإسلامية إلى أوروبا


د . عدنان جواد الطعمة



http://rakann.com/vb/imgcache/6913.imgcache.jpg (http://elw3ad.net)
منظر عام لمدينة طليطلة

منذ اوائل الثمانينات ركزت على موضوع الدراسة في جامعة مدريد أو في طليطلة لكتابة أطروحة دكتوراة ثانية عن حركة الترجمة في أسبانيا و خاصة عن مدرسة طليطلة للمترجمين ، حيث أنها ترجمت أهم الكتب ( المخطوطات و الرسائل العربية ) في العلوم و الفلسفة إلى اللغة اللاتينية و الأسبانية .
ومن مدرسة طليطلة للمترجمين إنتقلت هذه الكتب العربية الإسلامية عبر الجسر الثقافي الأسباني إلى أوروبا . و في أوروبا ترجمت هذه المصادر العربية من اللاتينية إلى بعض اللغات الأوروبية المحلية .
فمن هذا المنطلق وددت أن أكتب رسالة الدكتوراة عن دور مدرسة طليطلة للمترجمين الطليعي وعن الفونسو العاشر الحكيم لنشر العلوم العربية و الإسلامية و الفلسفة باللغة اللاتينية إلى أوروبا .
قدمت أوراقي إلى الملحق الثقافي الأسباني في بون و حدثته عما إذا كان بالإمكان الحصول على بعثة أو زمالة دراسية من جامعة مدريد لغرض القيام بالكتابة عن هذه المدرسة العظيمة . وقد رحب الملحق الثقافي الأسباني بهذه المبادرة وقام بمساعدتي في ترجمة سيرة حياتي و شهاداتي إلى الأسبانية و وعدني خيرا .
بدأت في مكتبة جامعة مدينتنا الألمانية بمراجعة المصادر الألمانية و العالمية التي كتبت عن هذه المدرسة و أيضا بعض المصادر العربية ، حيث كتبت على جزازات ورقية عناوين الكتب و المصادر التي عثرت عليها .
و في شهر تموز عام 1985 قمت برحلتي إلى مدريد لزيارة بنت اختي و زوجها و طفليها و متابعة موضوع البعثة الدراسية . سجلت في دورة تعليمية مركزة للغة الأسبانية للمبتدئين في إحدى المدارس في مدريد لمدة اسبوعين لغرض تعلم المبادئ الأساسية و الأولية للغة الأسبانية .
كانت لدينا فقط اربع ساعات قبل الظهر يوميا . و بعد تناول طعام الغداء كنت أحمل حقيبتي مع الكتب الأسبانية وجهاز التسجيل الصغير واكي توكي و أذهب إلى منتزه رتيرو الجميل في مدريد يوميا ، حيث كنت أحفظ مفردات كل درس و أقرأ قواعد اللغة الأسبانية بالعربية و الألمانية و الإنكليزية و الأسبانية لكل موضوع .
ومما يلفت النظر أن قواعد اللغة الأسبانية للمبتدئين كنت أحفظه و أتقنه جيدا باتباع طريقتي الخاصة لحفظ اللغة الأسبانية ، حتى أن المعلمة لم تصدقني بأني مبتدئ و ليست عندي معلومات عن الأسبانية سابقا .
كان الجو في منتزه رتيرو رائعا و ساحرا وكنت اسير و أستمع بالووكي توكي إلى كل مفردات و نصوص الدروس و بإعادة الإستماع كنت أحفظ يوميا ما يقارب 30 إلى خمسين كلمة أسبانية بالإضافة إلى تصريف الأفعال .
طلبت من بنت أختي و زوجها أن يسألاني عن كلمات الدروس العشرة ، حتى دهشت بنت أختي وقالت ما شاء الله عليك يا خالي عندك ذاكرة قوية .
وبعد الإنتهاء من الدورة التي دامت أقل من أسبوعين ذهبت إلى سكرتارية جامعة مدريد و سألت السيدة المسؤولة عن نتيجة البعثة ، فأجابت بأن الظروف المالية ضعيفة الآن و قد وزعت الجامعة المقاعد الدراسية على الطلبة الأجانب في مطلع العام الدراسي . أما الآن فلا توجد لدينا مقاعدا و زمالات دراسية لطلاب البعثة و اعتذرت .

زرت مكتبات مدريد للبحث عن المصادر عن هذه المدرسة العظيمة التي تأسست بعد 300 سنة من تأسيس بيت الحكمة في بغداد . كما زرت معهد ميغل أسين و مكتبته و مكتبة المعهد الأسباني المصري الذي أسسه المرحوم طه حسين .
بعد عودتي من زيارة طليطلة قررت السفر والعودة إلى ألمانيا حاملا معي مجموعة لا بأس بها من الصور والمعلومات و بعض الكتب و المراجع الأسبانية التي اشتريتها و استنسختها .
فمن بين تلك الكتب المهمة كان كتاب :
JUAN VERNET : LA CULTURA HISPANOARABE EN ORIENTE Y OCCIDENTE, EDOTORIAL ARIEL, BARCELONA 1978 .
لم تكن في حينه معلوماتي للأسبانية كافية لقراءة هذا الكتاب الأسباني لأني لم أكمل دراستي للأسبانية ، لذا وضعت هذا الكتاب و المراجع الأسبانية الأخرى في أحد أدراج مكتبتي .
فمن حسن الحظ لدى زيارتي الجناحين الأسباني و الألماني في معرض الكتاب الدولي الذي أقيم في مدينة فرانكفورت وجدت أن هذا الكتاب قد ترجم إلى الألمانية من قبل كورت ماير
و صدر عام 1984 :
JUAN VERNET : DIE SPANISCH-ARABISCHE KULTUR IN ORIENT UND OKZIDENT, AUS DEM SPANISCHEN ÜBERSETZT VON KURT MAIER . ARTEMIS VERLAG ZÜRICH UND MÜNCHEN, 1984, 541 Seiten .
خوان برنت : الثقافة الأسبانية العربية في الشرق والغرب ، ترجم عن الأسبانية إلى الألمانية من قبل كورت ماير ، طبع دار أرتميس في زيوريخ و ميونيخ ، 1984 ، 541 صفحة .
سيطرت اللغتان المتكونتان من اللهجتين العربية و الرومانية كقاعدة أساسية لهرم الحوار و التفاهم لعدة قرون بغض النظر عن العرق و الدين . وعلى قمة هرم الحوار و التفاهم بين الأديان الثلاثة كانت الكتابة العربية الفصحى و كذلك الكتابة اللاتينية للمسيحيين و الكتابة العبرية لليهود .
أخذ الدور الرئيسي للغة العربية الفصحى بالضياع تدريجيا منذ القرن الثاني عشر . و في الوقت ذاته بدأت في الشمال المسيحي كتابة اللهجات الرومانية ( الأسبانية القديمة و البرتغالية القديمة و القطلانية القديمة ) ، في حين أن الرومانية اختفت نهائيا في الجنوب الإسلامي ( المورسكية ) ، حيث أصبحت الحدود الدينية و العرقية حدودا لغوية .
مدارس طليطلة للمترجمين
إحتل كل من أساليب نشر و نقل المعرفة العلمية تحت الكفاءات الثقافية للمغاربة الأسبان مكانة عالية لعبت الترجمة دورا رئيسيا مركزيا فيها .
أخذت الحضارة الإسلامية الإرث العلمي و الفلسفي الإغريقي و نشرته . و بعد أن توطدت الديانة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط ، بدأ الخلفاء العباسيون إهتمامهم في بغداد بالعلوم و الثقافة ، حيث أصبحت اللغة العربية لغة العلوم و الثقافة من خلال ترجمة كتب الحضارات القديمة إلى العربية و نشرها و جعلها مفيدة .
http://rakann.com/vb/imgcache/6914.imgcache.jpg (http://elw3ad.net)
القصر
إنتشرت اللغة العربية بانتشار الإسلام و أصبحت اللغة العلمية للشعوب التي كانت تعيش تحت ظلال الإسلام في آسيا الوسطى كالفرس و الأزابكة و حتى يهود أسبانيا الذين مهدوا تقاليد الحضارات القديمة .
كانت لمدرسة المترجمين في بغداد أهمية تاريخية دولية لبناء و تطور اللغة العربية
و عولمة العلوم . كما قامت مدرسة المترجمين في بغداد بالحفاظ على نصوص الإغريق القديمة من خلال ترجمتها إلى العربية لدرجة أن هذه النصوص العربية بقت الشاهد الوحيد على الحضارة الإغريقية ، لأن النصوص الإغريقية الأصلية قد ضاعت و اندثرت .
وكان المتبرعان لهذا العمل العظيم هما الخليفة العباسي هارون الرشيد ( 786م – 809 م )
و الخليفة العباسي المأمون ( 813 م – 833 م ) . وقد استمر عمل مدرسة المترجمين في بغداد التي كان يطلق عليها بيت الحكمة حتى نهاية الألف للميلاد .
كان أغلب المترجمين من السريان المسيحيين الذين ترجموا عن اليونانية إلى العربية و كانوا أقوياءا في اللغتين السريانية و الآرامية إضافة إلى العربية . كان المترجمون يتقاضون أجورا عالية و لهم منزلة محترمة . نذكر هنا إسم حنين بن إسحق العبادي ( 808 م – 873 م ) الذي قام بترجمة كتب جالينوس و أبقراط الطبية في العهد الوسيط .

و ثابت إبن قرّة ( 826 م – 901 م ) الذي قام بترجمة كتب إقليدس و أرخميدس و بطليموس و طور علم الرياضيات و علم الفلك و علم البصريات إلى أبعد الحدود .
كما ترجمت الكتب عن الفارسية الوسطى ( البهلوية ) و عن السنسكريتية فعلى سبيل المثال ان هندسة المثلثات جاءت من الهند .
و بعد بغداد بثلاثة قرون أصبحت طليطلة مركزا دوليا هاما للحفاظ على العلوم و نشرها من خلال الترجمات ، حيث كان الإحتكاك بين الثقافات عميقا جدا في أسبانيا . وكان العمل المشترك في أسبانيا بين المسلمين و المسيحيين و اليهود مفتوحا دوليا لم يضاهيه في أي بلد آخر من العالم .
أصبحت مدينة طليطلة مدينة مختلطة من المسلمين و المسيحيين واليهود الذين كانوا يعيشون سوية بسلام إضافة إلى مجئ طلاب متعطشين للعلوم من أوروبا . و في مطلع القرن الثاني عشر للميلاد قدم موش رايموند من الحركة الإصلاحية إلى أسبانيا . وكان المستشار للملك القشتالي الفونسو السابع الذي عينه في سنة 1126 م مطران ، رئيس الأساقفة في طليطلة . توفي سنة 1152 م . و قد أصبحت مدينة طليطلة مركزا دوليا للتعليم و تأسست فيها مدرسة طليطلة للمترجمين .
و في القرنين الثاني والثالث عشر للميلاد ترجمت أهم الكتب والرسائل العلمية والفلسفية من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية . وكان من أبرز المترجمين المؤثرين من كل أوروبا و الذين عينهم المطران رئيس الأساقفة رايموند و يوهانّس الذي جاء من بعده .
كان من أهم شروط ممارسة الترجمة هو اللغة و معرفة موضوع الإختصاص للمترجم .
لذلك كان المترجمون يعملون على فريقين ، مسيحي أو يهودي تحت ظل الإسلام له مقدرة و معرفة خارقة للعربية يقوم بترجمة النصوص شفويا إلى كل اللغات الرومانية و بعد ذلك يقوم القس الكاثوليكي المسيحي بنقل الصيغة المترجمة وكتابتها إلى اللغة اللاتينية .
كانت هذه الترجمة مثالية و مضبوطة لفهم النص الرئيسي نتيجة التصحيح و صقل أسلوب النص المترجم في النهاية إلى اللغة المسيحية الدولية اللاتينية ثم نشرها في أوروبا .
وطريقة عمل ترجمة الفريقين تاريخية تضم بعض الأسماء الشهيرة ، حيث استفاد دومينكوس جندي سالفوس من المعرفة الخارقة لأحد اليهود إسمه إبن داود
(Advendaul ) للفلسفة و اللغة بعد مناقشة مع يوهانس إسبانوس الذي قام بالترجمة بنفسه .
كان جيراردوس كريموننسيس ( Girardus Cremonensis ) يعمل سوية مع مترجم مغربي إسمه غالب ( Galippus ) . قدم جيرهارد ( جيراردوس ) من مدينة كريمونا
( Cremona ) الإيطالية في الفترة ( 1114 م - 1187 م ) و كان من أهم ممثلي مدرسة طيلطلة ، حيث قام بترجمة ثمانين كتابا : لإقليدس و جالينوس و أبقراط وأرسطوطاليس و القانون الطبي لإبن سينا و كتب الفلاسفة العظماء للعرب . وقد جاء إلى أسبانيا من أجل البحث عن النص الأصلي لكتاب المجسطي لمؤلفه بطليموس الذي أنهى ترجمة هذا الكتاب العظيم في تاريخ الفلك سنة 1175 م في طليطلة .
عاش دومينكوس جندي سالفوس في الفترة ( 1130 م – 1180 م ) وإسم عائلته إسم لاتيني لكلمة ( Gonzall"v"o ) الأسبانية ، حيث يظهر إسمه بالخطأ عند الكتابة جندي سالينوس ( Gundisalinus ) تربى وعاش في فرنسا بالمدرسة الكاتدرائية المشهورة شاتره ( Chatres ) .
فمن ترجماته و أعماله كتالوغ العلوم ( مفاتيح العلوم ) للفارابي بعنوان :
( Liber de Scientiis ) و نفس الكتالوغ ترجم لاحقا أيضا من قبل جيرهارد من مدينة كريمونا الإيطالية و لدى مقارنة الترجمتين يتضح لنا كيف كان القس المترجم إلى اللاتينية يتعمق بالنص العربي الأصلي . فلم تكن الترجمة منحصرة على العلوم و الفلسفة فحسب ، بل انها اهتمت بالكتب الإسلامية الرئيسية الأساسية . لقد ترجم القرآن الكريم إلى اللاتينية مرتين .
كلف بطرس فينرابيليس من مدينة كلني " Cluny " ( Petrus Venerabilis ) روبرت فون تشستر البريطاني ( Robert von Chester ) أن يسافر إلى أسبانيا و يترجم القرآن الكريم لأول مرة إلى اللغة اللاتينية .
كان اهتمام روبرت تشستر بالدرجة الأولى بالرياضيات ، و قد ترجم في سنة 1145 م كتاب الجبر للخوارزمي و أيضا القرآن الكريم الذي أعطى صورة للإسلام في أوروبا لمدة قرن واحد .
و بعد جيلين قام القديس ماركوس توليتانوس بناءا على طلب المطران ، رئيس الأساقفة روذريجو خمينيس ( Rodrigo Jimenez ) بترجمة القرآن الكريم للمرة الثانية إلى اللاتينية سنة 1210 م .
وكان غرض هذه الترجمة هو مناقضة أو تفنيد العقيدة الإسلامية ، و بعد معركة لاس نافاس ده تولوسا مباشرة سنة 1212 م قضي فيها على المسلمين ، حصل ماركوس من طليطلة على طلب آخر للقيام بترجمة الرسالة الأساسية لمؤسس حركة الموحدين الزعيم الأول ، أبو عبد الله المهدي محمد بن تومرت إلى اللاتينية .
و في سنة 1248 م قاد الملك القشتالي فرناندو الثالث جيشه و دخل أشبيلية منتصرا .
وكان إبنه الأمير الملكي الفونسو يرافقه والذي اصبح ملكا بعد أربع سنوات .
وقد دحرت جيوش المسلمين قاطبة .
كان الملك الفونسو العاشر الذي حكم في الفترة ( 1252 م – 1284 م ) معجبا بالحضارة العربية ، حيث بذل طيلة حياته جهدا كبيرا لدمج إبداعاتهم في الثقافة الأسبانية .
و بسبب جهوده المبذولة حول العلوم عند العرب حصل على لقب ثان " بالحكيم " .

http://rakann.com/vb/imgcache/6915.imgcache.jpg (http://elw3ad.net)
القنطرة
أسس مدرسة طليطلة للمترجمين الثانية ، وكان هدف هذه المدرسة هو ترجمة الكتب إلى اللغة الأسبانية و ليس إلى اللغة اللاتينية .
وعندما كان الفونسو أميرا ملكيا سابقا أمر سنة 1251 م بترجمة كتاب كليلة و دمنة إلى اللغة الأسبانية القديمة . إن أصل هذا الكتاب من الهند و قد نقل عن طريق الفرس إلى العربية ثم دخل إلى عالم الحضارة الإسلامية .
و في سنة تأسيس الخلافة العباسية 750 م قام إبن المقفع بترجمة الكتاب من اللغة الفارسية الوسيطة البهلوية إلى العربية ، و أصبح هذا الكتاب مؤسسا للنثر القصصي العربي .
و بعد مضي خمسة قرون كوّن هذا الكتاب النثر القصصي في أسبانيا .
أمر الملك الفونسو الحكيم بترجمة أعمال و كتب عربية كثيرة إلى الأسبانية ، خلافا لمدرسة المترجمين في القرن الثاني عشر التي كانت تترجم إلى اللاتينية لأن الملك آنذاك كان مهتما فقط بالفلسفة ، في حين أن الملك الفونسو الحكيم إهتم بالعلوم و خاصة علم الفلك و علم التنجيم . و قد أمر بترجمة أهم الكتب العلمية العربية مثلا كتاب القانون للبتاني من مدينة حران ( 858 م – 929 م ) ، وهو من أشهر الفلكيين العرب ،
كتاب "الإسطرلاب أو الصفيحة " ( El Libro de La Alcafeha ) للزرقالي المتوفي سنة 1100م .
ترجم هذا الكتاب سنة 1255 م لأول مرة من مسيحي ثم من مسيحي مع يهودي سنة 1277م .
قام الملك بنفسه بصياغة الأسلوب و مراجعة الترجمة المشتركة و تصحيح أخطاء الترجمة من العربية إلى اللغة الأسبانية القديمة . و قد مهد الملك الفونسو الحكيم باعتباره مؤسس مدرسة طليطلة الثانية للمترجمين وضع الأساس لتطوير اللغة الأسبانية و جعلها لغة الثقافة العالمية .
ومن ذلك التأريخ فصاعدا أصبح بالإمكان الكتابة بالأسبانية عن كافة المجالات و الموضوعات عن العلوم الطبيعية و الرياضيات و الإختصاصات الأخرى التي كانت فقط للغة اللاتينية .
تمكن الفونسو الحكيم من كتابة موسوعة للعلوم في اللغة الشعبية لمملكته التي كانت ثورة في عهده للتجديد و الإبداع ، و بذلك مهد العلوم لكافة طبقات الشعب في حين كانت العلوم في أوروبا متأخرة بسبب اللغة اللاتينية الأوروبية العالمية التي عرقلت ظهور وانتشار العلوم .
و تبعا للنموذج العربي تمت كتابة العلوم في اللغة الشعبية الدارجة .
كان اليهود في هذه المرحلة الوسطاء لنقل العلوم لسببين :
1 – كانوا يتقنون اللغة العربية ( خلافا عن المسيحيين ) و اللغة الأسبانية ( خلافا عن المسلمين ) .
2 – و السبب الثاني هو عدم ميلهم للغة اللاتينية باعتبارها لغة الكنيسة المتشددة التي اضطهدت اليهود ولاحقتهم – ولهذا السبب - فضل اليهود تعلم الأسبانية بدلا عن اللاتينية .
وهذا الموقف يتناسب و يتفق مع هدف الملك الأسباني الفونسو الي دمج لغة الشعب الأسباني مع الآداب و العلوم و المعرفة ، و نتيجة لذلك التنوع الأسباني أصبحت الأسبانية لغة الثقافة في هذا المناخ الفكري بين جذور العالم الإسلامي و اليهودي و المسيحي .

قائمة بعض الكتب العربية المترجمة التي عثرنا عليها

1 - القانون – لإبن سينا ترجمة جيرهارد كريمونا ( Girardus Cremonensis )
إلى اللاتينية
2 - كتالوغ العلوم ( مفاتيح العلوم ) للفارابي Liber de Scientiis
ترجمة دومينكوس جندي سالفوس ( Dominicus Gundisalvus )
سنة 1175 م في طليطلة إلى اللاتينية
3 – مفاتيح العلوم ، للفارابي ، ترجمة جيرهارد من مدينة كريمونا الإيطالية
4 – القرآن الكريم ، ترجمة روبرت فون تشستر ( Robert von Chester )
إلى اللاتينية سنة 1134 م
5 - كتاب الجبر ، للخوارزمي ، ترجمة روبرت فون تشستر ، في سنة 1145 م
إلى اللاتينية .
6 - القرآن الكريم ، ترجمه إلى اللاتينية ماركوس توليتانوس سنة 1210 م
Marcus Teletanus
7 - رسالة العقيدة ، لإبن تومرت ترجمها إلى اللاتينية ماركوس توليتانوس
في الفترة ( 1210 م – 1211 م )
8 – كليلة ودمنة ، ترجم إلى الأسبانية القديمة سنة 1251 م .
9 - كتاب القانون ، للبتاني من مدينة حران ، إلى اللغة الأسبانية القديمة
10 – كتاب الصفيحة أو الإسطرلاب ، للزرقالي المتوفي 1100 م ، ترجم إلى
الأسبانية القديمة سنة 1255 م .
11 – تقويم قرطبة ، تأليف الطبيب عريب بن سعيد والمطران رسموند
سنة 960 م .
12 – حول كتاب الإسطرلاب الكري ، لبطليموس ، تأليف مسلمة المجريطي أو المدريدي ،
ترجمه هرمان فون دال ماتسين ( Hermann von Dalmatien )
في طليطلة إلى اللاتينية سنة 1143 م ، وطبع الكتاب سنة 1536 م في بازل
وسنة 1558 م في مدينة البندقية فينيسيا .
13 - كان الزرقالي أكبر فلكيي الأندلس من طليطلة ، قام بصناعة و تطوير ساعة مائية
لساعات و أيام التقويم العمري و كتاب الإسطرلاب ( الصفيحة ) ، و قد ترجمت كافة
أعماله في عهد الملك الفونسو الحكيم إلى اللغة الأسبانية القديمة ، حيث أثرت
مؤلفاته على تطوير الآلات و الأجهزة الفلكية في أوروبا .
14 - الكتاب المفضل حول اتجاهات أحوال النجوم ، تأليف المنجم إبن أبي الرجال
الذي كان حيا في النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي
و قد ترجم سنة 1254 م في عهد الملك الفونسو الحكيم إلى الأسبانية القديمة
و بعد ذلك ترجم إلى اللغات اللاتينية و العبرية والبرتغالية و الفرنسية و الإنكليزية .
15 - كتاب الحيوان ، لأرسطوطاليس ، ترجم قسم منه من العربية و قسم آخر من اللاتينية
إلى الأسبانية القديمة في عهد الملك الفونسو .
16 – كتاب الزراعة ، لأبن بسال ( Ibn Bassal ) ، ترجم إلى الأسبانية القديمة في عهد
الملك الفونسو .
17 - كتاب الزراعة أو الفلاحة ، تأليف إبن العوام ، ترجم سنة 1802 م إلى الأسبانية
و إلى الفرنسية ( 1864 م – 1867 م ) و أيضا إلى الأردية .
إعتمدت بالدرجة الأولى على كتاب خوان برنت و أيضا على المصدرين التاليين :
Arnold Hottinger: DIE MAUREN – Arabische Kultur in Spanien, Wilhelm Fink Verlag, Reprint 2005, 495 Seiten.
Andre Clot : Das maurische Spanien - 800 Jahre islamische Hochkultur in Al Andalus, Albartos 2004, 327 Seiten .
و ختاما أتمنى أن تكون هذه المقالة الموجزة محفزة و مشجعة لإخواننا الطلبة و أخواتنا الطالبات في دولنا العربية للبحث و التقصي عما ترجمته هاتان المدرستان في طليطلة من الكتب و المخطوطات العربية والإسلامية ، والله ولي التوفيق .

ألمانيا في 8 / 12 / 2008