مشاهدة النسخة كاملة : أئمة عمان


عاشقة التاريخ
01-12-2008, 01:14 AM
** الإمام ناصر القدوة في الزهد والعفو :
ويروى عن ورعه وعفته الشيء الكثير ، إذ يروى أنه كان يُعطى له ولعياله نفقة من بيت مال المسلمين، ولم يكن لديهم قدر يطبخون فيها طعامهم ، فحاولت زوجته أن تقتصد من النفقة نزراً يسيراً ، حتى توفر لديها ما يمكنها من شراء آنية صغيرة لتطبخ فيها، فلما رآها الإمام سألها عنها، فأخبرته بما صنعت. فقال لها: أتستعملينها وهي من مال بيت المسلمين؟ فأمر وكيل عمله أن ينقص من نفقتهم قدر ما كانت زوجته تقتصد فيها.
ودخل عليه القاضي محمد بن عمر ذات يوم ، فوجده متغير الوجه ، فسأله عن السبب ، فلم يجبه الإمام ، فألح عليه القاضي ، فأخبره أنه لم يكن معه شيء ينفقه على عياله سنة العيد .
ويروى أن أمه كان لها زوج بعد أبيه ، وكان الإمام رحمه الله ، وكان الإمام يطلب منها أن تصنع له طعامه قبل طعامهم لئلا تبقى بقية من طعام زوجها فيدخل في طعامه . فخالفت أمره مرة ، فعجنت طحين زوجها ، ثم خبزته ، ولم تغسل الوعاء، فعجنت فيه طحين الإمام . وقيل إن يدها التصقت ( بالطوبج ) وحميت الحديدة التي تخبز عليها ، ولم تستطع نزعها حتى رضي عنها الإمام.
** ** **
** فضائله وكراماته رحمه الله :-
ومن فضائله رحمه الله أن بدويا ضلت ناقته ، فمضى في طلبها. فبينما هو سائر إذ رأى أثر قدم إنسان فاستعظمها ، فجعل يتبعها حتى انتهت به إلى غابة كثيفة الشجر، فسمع صوتاً من داخل إحدى الأشجار يقول له: مطيتك في موضع كذا ، فامض إليها ، وقل للإمام ناصر بن مرشد يلزم هذه السيرة ، فإنها سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم). فمضى البدوي مرعوبا، وقصد الموضع الذي وصفه له الصوت ، فوجد فيه مطيته، ثم مضى بعدها إلى الإمام، وكان الإمام قد رأى في نومه أن بدويا أتاه يبشره أنه سائر على منهج الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته الشريفة ، فلما وصل إليه البدوي رآه في يقظته كما رآه في منامه، فقص عليه البدوي ما جرى وما سمع ، فحمد الإمام الله على ذلك ، وكافأ البدوي على بشارته.
ومن كراماته رضي الله عنه وغفر له ، أن رجلا بينما كان نائما في مسجد قصرى من الرشا ، رأى كأن سراجا مضيئا في زاوية المسجد، فلما انتبه رأى في تلك الزاوية الإمام مضطجعا ، وذلك قبل أن يعقد له بالإمامة.
وذات مرة كان رضي الله عنه نائما على سطح المنزل من شدة الحر أيام الصيف، فجاء إليه رجل ليقتله، فوقف على رأس الإمام والخنجر في يده مشحوذ مسنون ، والإمام نائم ، فأمسك الله على يد الرجل ، ولم يمكنه من قتل الإمام حتى انتبه من نومه ورآه واقفا والخنجر في يده، فسأله : ما تريد ؟؟
فقال الرجل: لا يسعني سوى عفوك !
فعفا عنه الإمام ولم يعاقبه.
ومن كراماته رضي الله عنه أنه اجتمع أناس من السفهاء في منزل أحدهم يشتمون الإمام ، فنهتهم ربة المنزل ، فلم ينتهوا ، فخرجت من فورها من البيت غاضبة ، فخرّ السقف فوق رؤوسهم ، فماتوا جميعا إلى حيث ألقت، وذلك تصديقا لقول الله عز وجل: (( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور )) [ سورة الحج ].
وقيل إن بغلة أكلت من طعام بيت المال من غير حق ، فتحرشت ، فلم تزل كذلك حتى رأت الإمام ، فأقبلت عليه ووضعت رأسها على منكبه حتى أتى صاحبها فسأله الإمام عن السبب ، فأخبره بما فعلت. فرضي الإمام وسامحها ، ومسح بيده الكريمة على رأسها فبرئت.
ويروى بالتواتر الجازم عن كثرة البركة التي أسبغت على رعيته بسبب صلاحه ونزاهته ، وفي نور الله وبركته وهديه ، روي أن جراب تمر قد أشبع جمعاً مؤلفاً من أربع مائة رجل . ومثل ذلك في جراب أرز وذلك في غزوة نخل.
وهذا قليل من كثير ، وكما يقول الشيخ السالمي رحمة الله عليه، إنهم ما كانوا يهتمون كثيراً بتدوين تلك الأخبار ، وأقول : ربما كان ذلك لكثرتها ولكثرة الصالحين في ذلك الزمان، فقد كان الصلاح القاعدة العامة والشذوذ والانحراف نادرين، بعكس زماننا هذا. فمن يدون هذه الأيام سيجد كثرة الفساد ، وحشداً هائلا من أخبار المفسدين في الأرض.