مشاهدة النسخة كاملة : تحديد جنس الجنين


الباشق
17-05-2008, 11:23 PM
لم تكن فكرة تحديد جنس الجنين وليدة اللحظة.. فقد سعى الإغريق لتحديد جنس المولود اعتماداً على قناعتهم بأن الأجنة الذكور مختزنة بالجهة اليمنى للرجل، في حين تحتل الأجنة الإناث الجهة اليسرى... وبناء على هذا الاعتقاد السائد كان الرجل الإغريقي يربط على خصيته اليسرى لمنع تكون الإناث خلال الجماع . أما الرجل الهندي فقد كان يحكم قبضته على الخصية اليسرى أثناء الجماع لنفس السبب، في حين استأصل الفرنسي الخصية اليسرى لمنع تكون الإناث على وجه الإطلاق .

عبر العصور ظل أمر جنس المولود المنتظر بمثابة حلم للأب والأم على حد سواء فالطبيعة البشرية والاعتقادات المتوارثة قد تلعب دوراً كبيراً في إصرار الزوجين على إنجاب مولود ذكر، وتختلف هذه النظرية في بعض المجتمعات إذا كانت هناك ضرورة طبية تفرض ذلك التحديد مثل الأمراض المرتبطة بالجين الذكري على حدة، أو الجين الأنثوي ؛ فكان أمر عزل الأجنة الذكور عن الإناث حاجة ملحة على الصعيد الطبي للحد من ولادة أطفال مرضى ومشوهين، الأمر الذي جعل علماء الأجنة يبذلون ما بوسعهم في تقديم تقنية تسمح باختيار جنس المولود.

أريد ولداً !!

بعد أن كثرت المحاولات التي سعى لها العرق البشري من أجل تحديد جنس المولود والتي اعتمدت كلها على افتراضات النجاح أو الفشل، تدخل العلم وأصبح لاختيار جنس المولود وسائل مختلفة تتفاوت في درجات تعقيدها وفرص نجاحها ووجدت لها مدخلاً علمياً لتنتهي بوسائل معقدة يديرها علماء الأجنة في مختبرات معقدة التجهيز.. فمنذ الثمانينات والأبحاث جارية في موضوع اختيار جنس المولود.

وقد أشار الدكتور نجيب لويس مستشار جراحة أمراض النساء والولادة إلى أن القاعدة العلمية الرئيسية المتعارف عليها بأن جنس المولود يحدد بنوع الكروموسوم الذي يحمله الحيوان المنوي إما أنثويا ( X -chromosome ) أو ذكريا ( Y- chromosome ) ، في حين أن بويضة الأنثى لا تحمل إلا ( X-chromosome ) أي الكروموسوم الأنثوي .

فإذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكروموسوم الأنثوي مع البويضة ( X-X ) كان نتيجة التلقيح أنثى، وإذا كان الالتقاء بين حيوان منوي يحمل الكروموسوم الذكري ( X-Y ) مع البويضة كان الناتج ذكراً، وقد أصبحت هذه القاعدة المحور الذي تدور حوله جميع هذه الأبحاث .

دور غذاء الأم

ويبدو أن هناك أشياء أخري في الحياة تؤثر على تحديد الجنس، ويعتبر الطعام من أهما، فقد أكدت دراسة حديثة في واشنطن والتي أجراها Joshi Rajan S. أن نوعية الغذاء الذي تتناوله المرأة يؤثر بشكل كبير على عملية اختيار جنس الطفل.. فالغذاء يؤثر على المستقبلات التي ترتبط بها الحيوانات المنوية في جدار البويضة والتي عن طريقها تخترق الجدار ويحدث التلقيح، مبيناً التأثير الحيوي للتوازن الأيوني للصوديوم والبوتاسيوم مقابل الكالسيوم , والمغنيسيوم على هذه المستقبلات، مما يؤدي إلى حدوث تغييرات على مركبات الجدار والذي بدوره يؤثر على انجذاب الحيوانات المنوية الذكرية أو الأنثوية .

عن تأثير هذه الأيونات بصورة مبسطة فإن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم يحدث تغييرات على جدار البويضة لجذب الحيوان المنوي الذكري ( Y-sperm) ، واستبعاد الحيوان المنوي الأنثوي (X-sperm) وبالتالي نتيجة التلقيح تكون ذكراًوالعكس صحيح فان زيادة نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدم وانخفاض الصوديوم والبوتاسيوم يجذب الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الأنثوي (X-sperm ) ويستبعد الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الذكري (Y-sperm) وبالتالي تكون نتيجة التلقيح والحمل أنثى.

من خلال هذه الحقائق العلمية يتبين أن الحمية الغنية بالصوديوم والبوتاسيوم تعمل على زيادة عدد الذكور من المواليد، بينما تعمل الحمية الغنية بالكالسيوم والماغنسيوم على زيادة عدد الإناث... فالأم التي ترغب في الحصول على مولود ذكر، يتعين عليها أن تأكل اللحم والسمك ولكن ليس الأطعمة البحرية، والأطعمة المعلبة، وليس الخضراوات الطازجة، البلح والفواكه المجففة، وليس الفواكه الطازجة، السكر والمربى، والعسل، مع تجنب الشوكولاته، والخبز، مع تناول طحين الذرة، وتجنب تناول الأرز والحليب.

وللحصول على مولودة أنثى، يتعين على الأم تناول الخضراوات الطازجة وتجنب الفول، والسبانخ والبقدونس، كما يمكنها أن تتناول المكسرات والفول السوداني، مع عدم تناول الخوخ، ويمكنها أن تتناول ما شاءت من القشدة والبوظة والكسترد، وعدم تناول الزيتون والمايونيز، والجركين. ويتعين عليها بالطبع أن تقوم باتباع حمية غذائية بأطعمة خالية من الملح.

تحديد الوقت ..

من الوسائل التي تساعد في اختيار جنس الجنين أيضاً توقيت الجماع.. هذه الوسيلة تعتمد على الخصائص الفيزيائية للحيوانات المنوية فمن المعروف أن الحيوان المنوي الذكري (Y) خفيف الوزن سريع الحركة ولكنه يعيش فترة قصيرة، في حين أن الحيوان المنوي الأنثوي (X) ثقيل الوزن بطيء الحركة ويعيش لفترة زمنية أطول.

وعلى هذا يتحدد موعد الإباضة عند السيدة بالإمكان التدخل نسبياً بالتوقيت المناسب للجماع فإذا حدث الجماع مباشرة بعد حدوث الإباضة فإن الكفة ترجح للذكورة والعكس صحيح. وهناك عدة مؤشرات لموعد الإباضة منها طريقة الحساب فمثلاً: دورة من 28 يوماً، احتمال الإباضة: 2814= اليوم الرابع عشر من الدورة.

وهناك مؤشرات أخرى للإباضة كارتفاع في حرارة الجسم بشكل طفيف، وآلام أسفل البطن أو آلام في الصدر، أو نزول نقطة دم وقت الإباضة، وهناك بعض الفحوص مثل التصوير بالموجات الفوق الصوتية للمبيض (السونار) وهي أكثر دقة، وغيرها من الفحوص.

اختلال سكاني...!

بعد أن أصبحت تقنية تحديد جنس الجنين متاحة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتيح هذه التقنية دون أي قيود، حذر خبراء في مجال الأخلاقيات من مخاطر وقوع اختلال سكاني بسبب هذه الطريقة، فقد أظهر استبيان تم إجراؤه في الولايات المتحدة الأمريكية أن 40% من السكان يفضلون القيام باختيار جنس المواليد، وفي المجر، ما يقارب 100% من العلماء يفضلون القيام باختيار جنس المواليد، أما في الهند فقد أدي أسلوب اختيار جنس المواليد إلى ظهور نزعة خطيرة، ففي عام 1982 حدث عدم استقرار في التركيبة السكانية في شمال الهند نتيجة لعملية اختيار جنس المواليد وصل إلي نسبة غير طبيعية بلغت 935 من الإناث مقابل 1000 من الذكور، مما أثر في الدراسات الإحصائية للسكان.

وغم كل ذلك التحذيرات تقترح حفنة من العيادات الأميركية تشخيصاً جينياً قبل زرع البويضة، وتشير إلى أنه أكيد 99%، لذا يذهب ألاف الأزواج في العالم بأسره يرغبون باختيار جنس الجنين، إلى الولايات المتحدة حيث تسمح وسيلة ريادية بذلك رغم الجدل الذي تثيره هذه التقنية.

ويشير أحد رواد هذه التقنية في الولايات المتحدة الدكتور جيفري شتاينبرج إلى أن "التوازن في العائلة" هو الحجة التي يتسلح بها الجزء الأكبر من نحو ألفين من الأزواج الذين أتوا إليه لعمل هذه التقنية، مضيفاً أن كل زبائنه لا يفضلون بالضرورة الذكور مثل الأسيويين. فالأميريكيون والكنديون يريدون بغالبيتهم بنات، أما الأميركيون من أصل إسباني فمنقسمون.

جمعة : تحديد جنس الجنين مباح شرعاً !..

بعد أن تناولنا تقنية تحديد جنس الجنين من الناحية الطبية، لابد وأن نختم برأي الدين في هذه العملية ؛ فقد أباح مفتى مصر الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية من خلال فتوى رسمية تحديد جنس ونوع الجنين، مؤكداً أن هذا أمر لا يتعارض مع مشيئة الله تعالى وقدرته.

وأشار جمعة إلى أن المنتشر الآن في الأوساط العلمية أن بويضة المرأة تحتوى على زوج متماثل من الكرومزومات xx وماء الرجل يحتوى على زوج غير متماثل من الكروموزومات xy، موضحاً أن الطرق العلمية الصناعية المختلفة المعنية بتحديد نوع الجنين تقوم على فصل منى الرجل y عن x ثم حقن بويضة الأم بأحدهما حسب الجنس المطلوب .

وأكد جمعة أن الحكم الشرعي في ذلك هو الإباحة.. فتحديد الجنين سواء كان ذكراً أم أنثي مباح شرعاً..لأن الأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، وذلك كما ورد بجريدة القبس .ورداً على القول الذي يرى أن تحديد نوع الجنين يتعارض مع مشيئة الله تعالى فى الآية الكريمة "يهب لمن يشاء إناثاً، ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيم "، قال جمعة " إن الله يهب ما شاء لمن يشاء، والتعرض لهبة الله والسعي إليها غير محظور، فهو في ذلك كالرزق والرحمة وكل عطاءات الملك الوهاب" .

الدين لا يعارض؛ بشرط ...

أعلن الشيخ سعيد الحجاوي مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية بعد الدراسة والاطلاع رأى مجلس الإفتاء أن اختيار جنس المولود جائز في حالة الضرورة... وذلك بشرط ألا يكون الباعث في اختيار جنس المولود تفضيل الذكر على الأنثى لقوله تعالى " إن أكرمكم عند الله اتقاكم " "سورة الحجرات أية 13 " وألا يُتاح اختيار جنس المولود لعموم الناس بل يجب أن يقتصر على حالات فردية خاصة لأسباب ضرورية مشروعة لا نتعداها، وألا يلجأ الأبوان إلي تحديد جنس المولود من بداية الزواج لان الله عز وجل قد يرزقهما ما يحتاجانه دون تدخل منهما، وأن تتوافر الأسباب الضرورية لجنس المولود وهذه الأسباب إما أن تكون نفسية أو صحية .

فمن الناحية الصحية قد يكون هناك مرض وراثي يُصيب جنساً دون جنس، ففي هذه الحالة يجوز للأسرة أن تختار جنس المولود الذي لا يصيبه المرض، ومن الناحية النفسية قد ترزق الأسرة بعدد كبير من البنات وتكون بحاجة إلي ولد ذكر فلا مانع من أن تلجأ هذه الأسرة إلي اختيار المولود الذكر لمرة أو مرتين ولا تتعدى ذلك ، لأن الضرورة تقدر بقدرها، كما اشترط المفتى أيضاً أن يقوم بهذه العملية طبيب مسلم ثقة، بحيث لا يجريها إلا بعد أن يتأكد من وجود الأسباب الضرورية لتحديد جنس المولود .

وأخيراً .. رغم توصل الأطباء إلى تحديد جنس الجنين إلا أن هذه التقنية لا تتم إلا وفقاً لإرادة الله سبحانه وتعالي وبمقتضى علمه، لقوله جل وعلي في سورة الشورى " لله ما في السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاُ ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير" "أية 49 ، 50 " .




المرجع (www.hewaraat.com)