مشاهدة النسخة كاملة : الهُنود الحُمر ..!


الملاك الغريب
07-02-2008, 05:28 PM
مَن هُم الهنودُ الحُمر ؟

هم أمم وشعوب عاشت في الأراضي المعروفة اليوم بالأميركتين، أطلق عليها البحارة الإسبان والبرتغاليين اسم الهنود الحمر لأنهم ظنوا في البداية عند الوصول لتلك الأراضي أنها الهند لكن بشرة سكانها الحمراء دفعتهم لوصفهم بالحمر.

وتؤكد جميع الدراسات بما فيها الغربية أن تلك الشعوب والأمم المعروفة باسم الهنود الحمر أنتجوا ثقافة مزدهرة مفعمة بالمعاني الإنسانية الراسخة، إلا أن وصول الأوروبيين لتلك الأراضي الغنية بالثروات كان بداية لانحسارهم بل وانقراضهم.

ويقول مؤرخون مثل الدكتور يوسف مروة أستاذ الفيزياء وتاريخ العلوم في كندا استنادا إلى مراجع ودراسات وأدلة كثيرة أن العرب والمسلمين وصلوا إلى أميركا قبل كريستوفر كولومبوس بخمسمائة سنة.

وحسب هؤلاء فقد وصل الملاح خشخاش بن سعيد القرطبي إلى جزر البحر الكاريبي عام 889 ثم وصل بعده الملاح ابن فروخ الأندلسي إلى جزيرة جامايكا عام 999.

وعندما وصل كولومبوس إلى ميناء بالوس في كوبا عام 1492 لم يجرؤ على النزول في تلك المنطقة عندما شاهد قبة مسجد بالقرب من الشاطئ فحول اتجاهه إلى جزيرة صغيرة، وقد كان يظن نفسه متجها إلى الهند في طريق التفافي لا يسيطر عليه العرب والمسلمون.

وكولومبوس نفسه كان عام 1467 بحارا مغمورا في سفينة عربية أبحرت على سواحل أفريقية ثم وصلت البرازيل دون أن يعرف أنه وصل إلى قارة جديدة، وعندما أبحر بعد ذلك بربع قرن بتمويل وتشجيع من الملكة إيزابيلا ملكة إسبانيا كان ثلث بحارته من العرب ويعتمد على خرائط وأدوات عربية، أما أول من وصل إلى القارة الأميركية فهو الملاح الفينيقي ماتو عشتروت عام 508 ق.م. ثم الملاح القرطاجي روتان عام 504 ق.م.

وتدل الآثار المتبقية والدراسات على اندماج وتأثر واضح لسكان أميركا بالعرب دون أن تطمسهم الحضارة العربية أو تفنيهم.

لقد كان عدد السكان "الهنود" في أميركا عام 1492 أكثر من خمسين مليونا وهم اليوم أربعون مليونا، وكان سكان أوروبا أيضا 54 مليونا ويقترب الأوروبيون اليوم من الألف مليون أو يزيدون!!.
وفي قصص الهنود الحمر أن "السلام كان يسود الأرض، وأن الروح العظيم دعا زعماء القبائل، وأمر بإشعال النار وإعداد المخيم، فانتشرت الحيوانات كلها، الدببة والغزلان والأرانب والذئاب والطيور تجمع الأحطاب وتقطعها.

واختار الروح من أنحاء البلاد بعضا من حجارتها وطينها وأعشابها ونفخ فيها فتحولت إلى غبار ناعم، ثم غسل يديه في البحيرات والأنهار وصنع "قلموت" بوقا سحريا وقدمه إلى "داكوتا" وقال له: هذا البوق يتذكر كل كلمة تقال ويعيدها لكم عندما تطلبون منه ذلك ثم مضى الروح العظيم وتلاشى كدخان بددته نسائم المساء.

وتجمع الزعماء كلهم حول النار ورووا حكاياتهم ليحفظها القلموت، وجاء يوم جديد وانطفأت النار، وتفرق الشيوخ، وبقي البوق وحده.وجاء شاحبو الوجوه (الأوروبيون) على سفنهم ومعهم الأمراض وماء النار (الخمر) وطردوا الهنود من مرابعهم، وأطبق النسيان على البوق، وترك محطما في الغبار".

وتشير الدراسات إلى أن الانفلونزا والطاعون على ملايين الهنود الحمر، وبينما تقول الروايات الرسمية الغربية إن الأمراض جاءت مع الوافدين عرضا يؤكد باحثون غربيون أنها نشرت عن عمد للقضاء على الهنود الحمر لتحرير إسرائيل الجديدة كما أطلق المستعمرون الأوائل على أميركا من هذه "الوحوش الآدمية".

أين تبخر الهنود الحمر ؟!

مع مطلع القرن السابع عشر كان عدد الهنود الحمر في عموم القارتين الأمريكتين أقل من ثماني ملايين، بعد أن كان أكثر من خمسين مليونا عندما اكتشفت القارة ووصلتها طلائع الأوروبيين المغامرين الباحثين عن ثروات الأرض الجديدة.

وتشير الوثائق ومؤرخين غربيين إلى من بين الوسائل التي استخدمت ضد الهنود الحمر أن الجمعية التشريعية ( البرلمان) الأمريكية والذي كان يهيمن عليه من يسمون أنفسهم (البروتستانت الأطهار) أصدرت عام 1730 تشريعا يبيح إبادة من تبقى من الهنود الحمر، فأصدرت قرارا بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيها مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر، و40 جنيها مقابل أسر كل واحد منهم، وبعد خمسة عشر عاما ارتفعت المكافأة إلى 100 جنيه و50 جنيه مقابل فروة رأس إمرأة أو فروة رأس طفل.

بل إن تعليق تلك "التذكارات" على سروج الخيول أو على ياقات الملابس العسكرية أو تقديمها لسيدات المجتمع المخملي آنذاك بدا تقليدا يعكس شجاعة المحاربين الأوروبيين في معاركهم لاستئصال شأفة الهنود الحمر الذين رأى فيهم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة مجموعات من المتوحشين لا تزيد قيمتها عن قيمة وحوش الأراضي المطلوبة للاستعمار لزيادة مساحة الأرض التي يسيطر عليها الأوروبيون القادمون من وراء البحار.

وفي عام 1763 أمر القائد الأمريكي (البريطاني الأصل) جفري أهرست برمي بطانيات كانت تستخدم في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر بهدف نشر المرض بينهم مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين من الهنود، ونتج عن ذلك شبه أفناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية ، ويشير باحثون إلى أن أخطر ما في تلك الحرب غير المعلنة أن تلك الأوبئة لم تكن معهودة في الأرض الجديدة، ما يعني أن السكان لم يكن لديهم لا المناعة الطبيعية ولا الخبرة الطبية للتعامل مع هذا النوع من الأوبئة.

تغيير الاسم ..

لما كان أول ما سلب من الهنود الحمر هو اسمهم والتفاصيل الثقافية المميزة لكل أمة وشعب منهم فإن الحكومة الاميركية حاولت رد الاعتبار لهم فغيرت اسمهم في الستينات في وثائقها الرسمية وأطلقت عليهم اسم الأميركيين الأصليين، وغيرت اسم السود الى الاميركيون الأفارقة ، وذلك لأن المجموعتين احتجتا على وصفهما بأوصاف الألوان، لكن الحكومة غيرت، قبل سنوات قليلة، الاسم إلى الهنود الأميركيين، وذلك بعد ان احتج كثير من الأميركيين، خاصة البيض الذين ولدوا وولد آباؤهم واجدادهم هنا، بأنهم أصليون ايضا. ويبدو ان الاسم الاخير سيثبت لأن المتحف الجديد الذي افتتح في واشنطن لعرض تراث الأمم والشعوب التي عاشت قبل الأوروبيين فوق تلك الأرض أطلق عليه اسم المتحف الوطني للهنود الاميركيين.

حمر بلون الأرض

ماري راندل، مؤلفة كتاب قصص جزر السلحفاة، تعيش في تجمع باين ريدج التابع لقبيلة لاكوتا في ولاية ساوث داكوتا، وصفت في حديث مع صحيفة الشرق الاوسط اللندنية نشرت في 17 آب/أغسطس 2005 ثقافة قبيلتها بانها تقوم على الايمان بما يسمونه الروح العظمى. وقالت راندل ان هذه الروح هي التي خلقت الناس والطبيعة، وعلمتنا أن لا نؤذي هذا الذي يحيطنا. الروح العظمي هي سر ما نأكل ونشرب، وسر الدواء الذي نصنعه والطب الذي نمارسه، وهي التي ترعى أطفالنا.

وقالت راندل، وهي جدة لعشرة أولاد وبنات، إن لون الهنود أحمر بلون تراب الأرض. ومن القصص التي تحكيها لاحفادها وحفيداتها أن فتاة بيضاء قالت لأطفال حمر أن لونها جميل، ولونهم قذر. فردوا عليها بأن لونهم هو لون الأرض التي ولدت منها الفتاة، والتي ستعود اليها.

وتضع قبيلة لاكوتا، بالاضافة الى فخرها بعقيدتها ولونها، اعتبارا هاما للثور الاميركي الهندي بفالو، وتراه جزءا من تراثها، وتفتخر بأنه كان هنا قبل هجرة الأوروبيين. لكن الرجل الابيض أحضر معه أول حصان، واستفاد الهنود من الخيول في رعاية ثيرانهم. لكن ثور بفالو يكاد ان ينقرض الآن، ويحمل الهنود الحمر الرجل الأبيض مسؤولية ذلك.

فقد كان الثور يحمل قيمة معنوية لا باعتباره رمزا بل باعتباره أخا له حق الحياة فوق هذه الأرض كما للإنسان، وتقول الأساطير أن الإنسان حين وصل تلك الأرض وبدأ الصيد تصدت له الحيوانات فقاتلها فهزمته ثم تعلم على استخدام الأسلحة وعاد لحربها فهزمها، لكن الجانبين اتفقا على أن تقدم الحيوانات للإنسان اللحم والشراب واللباس مقابل أن لا يقتل منها صيدا إلا لما يكفيه قوته وحاجته، وهكذا عاش الاثنان جنبا إلى جنب في سلام، حتى حضر البيض فأصبح الصيد هواية والقتل تسلية حينها حاول الهندي التصدي لهذه الممارسات لحماية الحيوانات فأبيد هو الآخر هكذا يروي الهنود قصتهم أو جزءا منها على الأقل.

الحرب عن الهنود الحمر

تقول ليوندا لفشاك للشرق الاوسط، وهي خبيرة في متحف الهنود الاميركيين في واشنطن، ومن قبيلة نافاهو التي تعيش في ولاية نيو مكسيكو، ان قبيلتها تؤمن بإله غير إله قبيلة لاكوتا، ويسمونه الجمال المحيط. وقالت إن الجمال يحيط بي من فوقي ومن تحتي، وعلى يميني وعلى يساري، وانا أصلي له سرا، صباحا ومساء، وقالت إن ثقافتهم تعتمد على ركنين:

• حب الطبيعة ولهذا يحملون الرجل الابيض مسؤولية قطع الاشجار وتدمير البيئة.
• كراهية الحرب، ولذا فإن لهجات بعض القبائل ليست فيها كلمة حرب، رغم أن فيها كلمات مثل مواجهة واختلاف.

وبهذه المناسبة، تشترك في حركة معارضة الغزو الأميركي للعراق منظمات تمثل الهنود الحمر، ومن الذين تحدثوا في مظاهرة جرت في العام 2006 في واشنطن نيكي مارش (اسمه القبلي الذئب الابيض، وقال ان الهنود الحمر يعارضون هذه الحرب، نحن نتكلم 750 لهجة، ولا توجد في أي لهجة كلمة حرب.

ويبادر كل هندي احمر، ويذكر محدثه بأنهم أول من عرف الذرة والطماطم والبطاطس والفول والقرع والفلفل (من هنا انتقلت الى العالم القديم). لكن الرجل الأبيض أحضر إلى هنا الأرز والقمح والشعير وغيرها، وأحضر المسيحية التي ساعدت كثيرا على التوسع وسط الهنود الحمر.

:

:icon31: