مشاهدة النسخة كاملة : دور أهــل عمـان في نشـر الإسـلام


COMANDER
19-11-2007, 02:08 PM
لقد كان لأهل عمان دور رائد في نشر الإسلام في بقاع الأرض ومن ذلك نشر الإسلام في شرق أفريقيا والهند والصين وأندونيسيا ، والحلقات التي سوف أعرضها عليكم تباعاُ هي منقولة من كتاب (منهج الدعوة عند الإباضية) ط2 لـ: مكتبة الاستقامة للدكتور/ محمد صالح ناصر تتعلق بالموضوع أعلاه آملاً أن توفر للقارئ المعلومة التاريخية لدور العمانيين الأباسل في نشر الإسلام في مختلف ربوع العالم .
إن مساهمة العمانيين في نشر الإسلام يعود إلى ما قبل ظهور المذهب الإباضي ، أي قبل أن يفترق المسلمون إلى طوائف بعد الفتنة ، وإذا قلنا الإباضية فإننا نعني العمانيين الذين ارتبط انتشار المذهب الإباضي بهم ، حتى قيل إن الإباضية أزدية.
وقد عرف الأزد منذ القديم بمقدرتهم الحربية براً وبحراً ، وعندما جاء الإسلام كانوا من جند الفتوحات في الصفوف الأولى ، إذ تذكر الروايات التاريخية أن الملك عبد بن الجلندى العماني حين كان بالمدينة طلب من أبي بكر الصديق أن يقوم بحرب الغساسنة وآل جغنة على حدود الشام ، واستجاب له أبو بكر، وأمّره على سرية كان فيها حسان بن ثابت الأنصاري ، وقد قال عنه حسان "لم أر رجلا أحزم ، ولا أحسن رأيا وتدبيرا من عبد، وهو والله ممن وهب نفسه في يوم غارت صِباحه وأظلم صباحه .. فسر ذلك أبو بكر فقال: هو يا أبا الوليد كما ذكرت ، والقول يقصر عن وصفه، والوصف يقصر عن فضله" الشيخ السالمي: تحفة الأعيان
فبلغ ذلك (عبد) فبعث بمال عظيم وأرسل إليه: (إن مالي يعجز عن مكافأتك فاعذر فيما قصر ، واقبل ما تيسر) ثم إن أبا بكر كتب كتاباً إلى أهل عمان يشكرهم ويثني عليهم ، ومن ثم لم يكن عجباً أن يكون العمانيون الذين دخلوا الاسلام دون الحرب ، وعلى هذا النحو من الحماسة للإسلام، والتضحية في سبيله بأموالهم وأنفسهم ابتغاء رضوان الله. فكانوا في الصفوف الأولى في الفتوحات الإسلامية ، فكان دورهم في فتح العراق وفارس، وخاصة من ناحية البحر عضيماً.
ومن الروايات التاريخية نعرف أن الخليفة عمر بن الخطاب طلب من والي عمان عثمان بن أبي العاص الثقفي بعد وقعة (جلولاء) 16هـ أن يقطع البحر لمحاربة كسرى فارس، فخرج معه ثلاثة آلاف محارب أو ألفان وستمائة من الأزد، وراسب، وناحية، وعبدالقيس، وأكثرهم من الأزد، فعبر بهم عثمان بن أبي العاص من جلفار (رأس الخيمة) إلى جزيرة كاون (البحرين) وفيما قائد العجم ، فسالم القائد الفارسي عثمان بن أبي العاص ولم يقاتله.

ولكن الدور البارز الذي قام به العمانيون كان في عهد الإما عمر بن الخطاب، ومن جاء بعده في فتوح الشام وفارس والمغرب، ومصر وغيرها، ومن تم فإننا نجد لهم آثارا باقية في كل هذه البلاد، وكان منهم قواداً عظاماً وعلماء كبار، رفعوا راية الإسلام خفاقة في كل مصر وقطر. الشيخ السالمي: تحفة الأعيان ج1 ص52.
وبما أن متابعة هذا الانتشار ليس هو موضوع بحثنا ، فإننا سنقتصر على ما كان للعمانيين الإباضية فيه دور خاص أو مباشر، مثل فتوحاتهم في شرق إفريقيا، والصين، والهند، وأندونيسيا ، وجزر الملايو، وسيلان وجزر المالديف والكاديف.

نشر الإسلام بشرق إفريقيا:
لا نستطيع أن نحدد تاريخاً معيناً لبداية الاتصالات العمانية الإفريقية، فمنذ أقدم العصور جاء العمانيون إلى الساحل الشرقي لإفريقيا المواجه لشبه الجزيرة العربية، وكان لهم تبادل تجاري مع السكان الأفارقة. (يراجع حصاد ندوة العلاقات العمانية المصرية، وزارة التراث القومي والثقافة، ع(2) يناير1994م) ولكن الذي لا شك فيه هو أن هذه العلاقات بدأت قبل ظهور الإسلام، فقد اشتهر العمانيون بركوب البحر، وعرفوا الانتقال من البحر الأحمر الشرقي إلى الساحل الغربي منه، وتسجل كل المصادر التاريخية نبوغهم في هذا المجال، وارتباط حضارتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية به.
وقد كان الوجود العماني في شرق أفريقيا بكل المقاييس، أكبر كثافة، وأكثر عمقاً منها في آسيا، أو بالتحديد جنوب شرقي آسيا، ولذلك كان تأثيرهم في هذه المنطقة أشد وأقوى (د/نايف السهيل، مرجع سابق ص185). فقد اعتمد – بجانب الروابط الملاحية والتجارية – على الهجرة العمانية الدائمة فردية وجماعية، حيث تعوّد الشعب العماني على رحلات منظّمة إلى شرق إفريقيا.
ولا شكّ أن احتكاك الأفارقة بالعرب المسلمين أدى إلى نتائج عميقة لم تقتصر على التجارية أو المعاملات المادية، بل لقد كان لأسلوب التعامل، وما حمله العرب المسلمون معهم من مبادئ يدعو إليها الإسلام، أعمق الأثر في الأفارقة.

والحق إن المصادر كلها تشير إلى دور التجار في هذا الصدد، لأن العلاقات الإقتصادية كانت من الدوافع التي ساعدت أن يتجه العمانيون إلى هذه المناطق النائية، ويستقروا فيها، ويكوّنوا بها إمارات عربية نمت وازدهرت بالتدريج، وشهد بعظمتها وازدهارها وتحضرها كل من زار المنطقة من العر والأجانب على السواء، وكانت هذه المهاجر العمانية على الساحل الإفريقي الشرقي مصدر إشعاع حضاري أثر في المناطق الإفريقية المجاورة. (حصاد ندوت العلاقات، يناير 1994م).
ونستطيع القول بوضوح إن كافة المصادر التاريخية تؤكد على الصلة بين عمان في كل العصور وبين الشرق والجنوب الإفريقي، حتى أنهم وصلوا إلى تنزانيا، ومدغشقر، وجنوب الصومال، وجزر القمر، ومنطقة نورديفان، وكلوة، ومِمبا، وزنجبار كما توضح ذلك مصادر كثيرة.
أما في شرق إفريقيا نفسها فقد توغلوا في الأحراش والغابات غير هيابين ولا وجلين، وكأن ركوب المخاطر في البحر ساعدهم على ركوبها في البر أيضاً. وهكذا وصل الإباضية العمانيون إلى جنوب وحول البحيرات الاستوائية، وإلى بحيرة نيانسا، ومنابع نهر الزمبيزي، وموزمبيق، وبحيرة تنجنيقا، وفيكتوريا، والبرت، وكيوجا المعرفة الآن باسم بورندي، ورواندا، وغربي كينيا، وغربي وجنوب أوغندا، ومملكة كارنجا (زيمبابوي). وقد استطاعوا بمهارتهم وقوة عزيمتهم أن يصلوا عن طريق ممتد بين الساحل والداخل، وتدفقوا عبر هذا الطريق مستخدمين الإبل في رحلات تستغرق شهرواً.

وكانت هذه الطرق بالتحديد هي السبيل الوحيد إلى وصول الإسلام إلى هذه المناطق الداخلية النائية في إفريقيا. ومع مرور الأيام تحولت هذه العلاقات التي بدأت بالتجارة إلى علاقات حضارية عميقة في كل مجالات الحياة، فتزاوج رجال عمان بنساء من إفريقيا، فجاء الجيل الجديد تعبيراً عن هذا المزج الحضاري الذي ترجم نفسه سريعاَ في تزاوج أخر بين اللغة العربية التي حملها الإباضية إلى إفريقيا وأخلصوا في نشر تعاليم الإسلام بها، وبين لغة الأفارقة أنفسهم، فنشأت في زنجبار وما حولها اللغة السواحيلية التي جاءت وليدة تزاوج العربي الإفرقي، والتي يتكلم بها أهل المشرق والجنوب الإفريقي حتى اليوم.
وقد برزت بعض المدن الساحلية زاهية بحضارتها العربية الإسلامية الجديدة، مثل لامو الواقعة شمال ممباسا، ويرجع تأسيسها إلى مستهل القرن الثامن الهجري، وقامت بها حكومة ديموقراطية معتنقة المذهب الإباضي، كما برزت في هذا المجال شخصيات عمانية اشتهرت بالجرأة في اقتحام المخاطر، ولا يكاد يصل القرن العاشر الهجري حتى استطاع الأئمة الإباضية العمانيون أن يمدوا سلطانهم على الشمال الشرقي من أرض الصومال حتى نهر رفوما، وأن يقيموا فيها إمارات تابعة لهم، وضعوا على رأسها رؤساء من العائلات العربية في ممباسا وزنجبار، وغيرهما من المناطق الهامة. (د/ حسنى أحمد محمود ، الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا، دار الفكر العربي القاهرة 1987م ص 140 و141 و439).

واستمرت قرونا إلى أن جاء السقوط الأخير على يد الأفارقة الشيوعيين في أوائل الستينات. ولم يبق من تلك الأثار إلا ما كتبه العلماء الإباضية أو غيرهم عن تلك العهود الزاهرة. وقد يتساءل المرء عن انحسار المذهب الإباضي في هذه المناطق، وأحسب أن هذا يعود أساساً إلى أن الإباضية كانوا متسامحين مع أهالي تلك المناطق، فقد كانوا يهدفون إلى نشر الإسلام متجاوزين العصبيات المذهبية حيث حرصوا أشد الحرص على نشر الإسلام أولاً ولم يفكروا في أي شيء أخر بعد ذلك.
<B>وهكذا نستطيع القول: إن الإباضية في القرنين الثالث والرابع الهجريين وقد أثروا في سكان تلك المناطق تأثيرا بعيدا، وهم الذين يرد ذكرهم في المصادر أحياناً: البربر، أو السودان، أو الزنج، أو البانتو، وكان الفضل لأولئك الرواد في تحويل تلك القارة من الوثنية إلى الديانة الإسلامية، كما شهدت له بذلك الوثائق والدراسات.

نشر الإسلام في الهند:
كانت هناك عدة عوامل ساعدت كلها على الاتصال المباشر بين عمان والهند منها:
أولا: الجوار ، فبحكم وجود عمان قبالة الهند بحيث لا يفصل بينهما سوى المحيط الهندي، تعتبر عمان بالنسبة للهند بوابة إلى الخليج، والجزيرة العربية بأجمعها، وقد وطد هذا الجوار العلاقات بين القطرين منذ زمن بعيد.

ثانيا: الحركة التجارية ، كانت الحركة التجارية نشيطة دائبة بين عمان والهند، وكانت السفن تمخر عباب المحيط الهندي جيئة وذهاباً ما بين القطرين ، فقد كانت الهند في حاجة ماسة إلى توطيد علاقتها ببلاد العرب عامة، وبعمان خاصة، إذ أن الهند كانت في حاجة شديدة إلى (اللبان) الذي يستخدم في صناعة البخور، والذي تشتهر به منطقة ظفار عالمياً كما أن حاجتها إلى العاج الإفريقي ظلت شديدة أيضاً، وكان يصل إليها عن طريق عمان ينقله العمانيون من شرق إفريقيا، وكانت الهند في حاجة أيضاً غلى الخيول العربية التي كانت تأتيها من عمان بعامة، ومن منطقة ظفار بخاصة.
وكانت الهند من جهتها تبيع لعمان الأقمشة، والأقطان، والتوابل، والعطور ، وخشب النارجيل اللازم لصناعة الهند، وغير ذلك من المواد الزراعية والصناعية.
ثالثا: المنافسة البحرية ،كان لا بد أن تكون هناك منافسة شديدة في السيطرة على الطريق البحري التجاري بين الهند وعمان ، ويبدو أن المراكب العمانية كانت تتعرض من حين إلى آخر لهجمات القراصنة الهنود مما دفع بالأئمة العمانيين لحماية نشاطهم التجاري بإحداث أسطول حربي قوي يقف في وجه هجمات أولئك القراصنة ، وقد أنشأ الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي (192هـ) أسطولا بحرياً مسلحاً لحماية الشواطئ العمانية، ولتأمين الطريق البحري من القراصنة ، وقد قوي هذا الأسطول في عهد الإمام مهنا بن جيفر اليحمدي ما بين (226-237) إذ استطاع أن يكون أسطولاً ضخماً على درجة رفيعة من العدة والعتاد ، قيل أنه تتكون من ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة (المرجع السابق).
هذه العوامل جميعها عززت العلاقات بين البلدين ودفعت العمانيين إلى الهجرة والاستقرار بالساحل الغربي لبلاد الهند، فعمروا بعض البلاد وبنوا بها منازل لهم مثل ميناء تامه ، وقندرينا ، وكبايه ، وجرفتين ، وكلها موجود بالساحل الغربي المعروف عند القدامى بساحل ملبار (المصدر السابق).
ومن هنا كان استقرار كثير من التجار العمانيين في هذه الأرض مدعاة إلى الدعاية إلى الإسلام بين أهلها ، إضافة إلى أولئك الدعاة الذين كانوا يتوافدون من حين إلى آخر لغرض التجارة ، أو لغرض الدعوة نفسها ، وكان بعضهم يستقر فيها نهائياً حيث يتزوجون من أهالي الهند ، ويتخذون لغتهم وكثيراً من عاداتهم وتقاليدهم التي لا تتنافى مع الإسلام ، وبذلك كانوا مؤهلين تماماً كدعاة إباضية لنشر الإسلام في هذه البلاد وخصوصاً بين الهنديات اللاتي تزوجن من هؤلاء الوافدين ، وأيضاً بين الهنود الذين ارتبطوا معهم بعلاقات تجارية. (المصدر السابق).
ومما لا شك فيه أن الذي ساعد على الحركة الإسلامية الواسعة في هذه البلاد داخلا وساحلا هو ما رآه أهل تلك البلاد من أخلاق المسلمين العالية، ومعاملتهم الحسنة ، عندما بلوهم بالمصاهرة، والمتاجرة والمعاشرة ، مقارنين بين حالتهم الاجتماعية السيئة التي كانوا عليه في ظل حكم نظام طبقي يسيطر فيه رجال الدين على الناس بالاستغلال والاحتقار والقهر .. فرحبوا بالدين الإسلامي الذي لا يعترف بالطبقية في كل شيء.
والإباضية هم أصفى المسلمين تمثيلا لهذا الفكر الذي لا يؤمن إلا بالتقوى ميزانا ، ومقياسا .. ومن ثم انتشر الإسلام في كل مكان وصلة تاجر ، أو داعية ، أو فقيه مسلم ، وخاصة في سواحل الهند وهضبة الدّكن وغيرهما من أنحاء الهند ، وأقاليمها العديدة مثل البنغال ، وغيرها ... (يراجع أرنولد ويلسون: تاريخ الخليج ، تر: محمد أمين عبدالله مسقط ، ط ، 1985، ص 314-323-403.
وقد حظي الذين دخلوا في الإسلام من أهالي هذه البلاد بالاحترام والتقدير اللذين حظي التجار الغرباء بهما أيضا، الأمر الذي دفع بالحركة الإسلامية دفعات كبيرة بين الهنود ملوكا ورعية.
ويحرص المسلمون من الهنود على تأكيد الروابط التي تجمعهم بالتجار العمانيين الذين كانوا سبب إسلامهم ، فيقولون أنهم ينحدرون من أنجال هؤلاء التجار المسلمين الذين أقاموا في بلادهم منذ أزمنة بعيدة ، وهم يمدحون ذلك حتى في الوقت الحاضر.


وهكذا نرى نتيجة لجهود إباضية عمان وغير العمانيين انتشر الإسلام في الهند ، والتزام الهنود بتعاليم الإسلام وتقاليده ، وحافظوا على دينهم وغم ما يتعرضون له من هجوم شبه مستمر من ملوك الهند ومهراجاتهم.نقلاً من كتاب (منهج الدعوة عند الإباضية)

فنتريشنيه
19-11-2007, 03:24 PM
معلومات قيمه جدا اخي بارك الله فيك على النقل ..

COMANDER
19-11-2007, 07:59 PM
ياهلا بك واشكرك على مرورك طيب تحياتي لك بتوفيق ربي يحفظك

القلم الحزين
27-11-2007, 07:45 AM
بارك الله فيك أخي COMANDER ..
موضوع رائع ..

imranedjallal
02-12-2007, 02:40 PM
شكرا لك.
ما تناولته في موضوعك صحيح، حيث كان الفضل للعمانيين في نشر الاسلام ليس فقط في شرق آسيا ولكن في شمال افريقيا عموما، ففي الجزائر هناك بعض المناطق كـ"غرداية" مثلا تتبنى المذهب الإباضي. ولازال لحد الآن بعض علماء الإباضية العمانيون يقومون بزيارات دورية لتلك المناطق.
ورغم أنني لست إباضيا، إلاّ انني أحب عمان والشعب العماني.

أبو شهد
03-12-2007, 06:36 AM
تسلم أخي على الموضوع

تحياتي لك

أبو شهد

COMANDER
04-12-2007, 11:40 PM
ياهلا فيكم نورتو الموضوووع وتسلمو على المرور الطيب الف شكر تحياتي لكم بتوفيق ربي الموفق