مشاهدة النسخة كاملة : قصة للمسابقة( حكايا فلسطين)


الرحيل الساحر
16-04-2006, 12:01 AM
حكايا فلسطين ...
قصة قصيرة: بقلم الرحيل الساحر

هذه القصة إهداء من قلم عربي إلى كل أم عربية فلسطينية أهلت دموعها على أحبابها الشهداء صغارا كانوا أم كبارا ... إلى كل طفل فلسطيني راح ضحية الغدر الصهيوني ... إلى كل ونة ألم في سجون الصهاينة الطغاة .. إلى كل شيخ سجد باكيا متضرعا إلى العزيز القهار يشتكي إليه ظلم القتلة أحفاد الخنازير ... إلى كل مسلم ينبض قلبه بالوفاء لفلسطين الغالية ...
إلى كل حلم بريء قتل قبل أن يرى طريقه إلى النور ... إلى محمد الدرة الذي مازال ينثر درر الإباء في نفوسنا ... وأخيرا إلى ذلك الشعب الأبي الذي قلت عنه يوما ومازلت أقول (( صبرا يا وطني صبرا لن يلين ..قبرنا نور وحقدنا ماض دفين .. في عيون الطامعين نحن شوك للخائنين.. صبرا يا وطن الأباة)) ...

"""""" حكايا فلسطين """"""

في قطاع غزة المحتل , بين أزقة أحد الأحياء الفقيرة , هبت نسمة خفيفة داعبت بقايا جدران المنازل في رفق غريب بينما كانت نسمات الفجر الباردة تبعث انتعاشا محببا في المكان الهاديء . يمكنك الآن أن تسمع المواء الكسير للقطة العجوز " جيكا" وقد شدتها قطرات الطل على الجدران الصفراء للمواء. وبعد لحظات من المواء المنسجم أدركت أن لا رفيق لوحدتها سوى صدى مواءها الحزين فأسبلت جفنيها برفق خيالي وانطلقت في أحلام سنورية غريبة مضطربة . الصمت يكتسح المكان بينما بدأت خيوط الشمس الذهبية تتسلل ببطيء بين شقوق الجدران المتصدعة وكأنها ترسم منظرا حالما امتزج بالنسمات الباردة مع ضوء الشمس الشارد الحزين. قطعة من أحد الجدران المهلهلة تسقط على الأرض فتنقسم إلى شظايا صغيرة تقافزت لتصل إلى ساحة نظيفة من الرخام تتوسط بقايا المنازل . ساحة ماكان منزلا في يوم من الأيام.
فجأة تحركت أذنا القطة "جيكا" بهدوء . إنها تشحذ حواس السمع لديها .ثمة أصوات تأتي من بعيدو تقترب من المكان بسرعة . هذه المرة ومع الأقتراب المتزايد للأصوات فتحت " جيكا" عينيها الحادتين دفعة واحدة في تحفز مشحون بالتوجس ومدت رقبتها للإمام لتمعن النظر في ما وراء الجدران المتهالكة . هنالك مجموعة من الأشياء القادمة لاريب . مياااو , مواء قلق : هل هم كلاب الصيد الذين اكتسحوا المكان بمخالبهم الحديدية قبل عدة أيام فلم يبقوا إلا الخراب؟ مياااااااااو ,مواء خائف:لا لست مستعدة لتكرار المأساة مرة أخرى , قد يكون الفرار أنسب الحلول حينما تنعدم الحلول الأخرى. ولكن ميااااااو لم يعد ثمة ما يستحق أن تنقض عليه الكلاب مرة أخرى. كل ماحولي خراب في خراب وبقايا جثث تحت الأنقاض فلم تعاود كلاب الصيد النباح طالما انه لم يعد هنالك طرا ئد للاقتناص ؟؟ لا لا هؤلاء ليسوا بكلاب الصيد , إنهم ... .. مهلا هاهم يلوحون من بعيد بأجسادهم الغضة الطرية الصغيرة . إنها مجدولين وأصدقاؤها .مياااااااااو مياااااااو, هذه المرة مواء سعيد به إيقاع الثقة الأكيدة . رويدا رويدا بدأت أجساد الأطفال تظهر وماهي إلا لحظات إلا وقد اكتمل تألق ضوء الشمس في المكان المقفر محيلا إياه إلى وهج من الضوء وكأن قدوم الأطفال الخمسة بمثابة رسم لوحة جديدة سعيدة غطت اللوحة القديمة الحزينة والباهتة للمكان. قفزت الى الساحة المصقولة فتاة صغيرة في عمر الزهور ذات شعر شديد السواد يتطاير يمنة ويسرة على كتفيها البضين .تبعها بقية الصبية الخمسة الذين من جمالهم ورقتهم تظنهم ملائكة على الأرض . صاحت الفتاة الصغيرة بصوت طفولي مرح : ما أسعدني بالعودة هذا المكان مرة أخرى, مرحبا جيكا أما زلتي هنا يا عزيزتي ؟ قفزت القطة العجوز بمرونة عجيبة لا تتناسب مع عمرها لترتمي في أحضان الطفلة الناعمة وتموء بخفوت وسعادة . صاح أحد الفتية بمرح وهو ينظر الى التآلف الساحر بين نعومة الفتاة ونعومة القطة : مجدولين يبدوا أن جيكا اشتاقت لك كثيرا! فابتسمت مجدولين في جذل طفولي قائلة: كفى يا سعد إياك أن تغبط فتاة تحمل قطة بين ذراعيها . هز سعد كتفيه دلالة عدم الفهم بينما قال فتى بنفاذ صبر : مجد دعي جيكا جانبا ولنبدأ لعبتنا ليس لدينا الوقت الكافي للعبث مع قطة عجوز. قهقهت مجدولين بدلال وقالت تخاطب "جيكا" وعينيها تحدق في عيني القطة الزرقاوين: هل سمعتي ذلك يا جيكا؟ يبدو انك لم تعودي تلك القطة التي يرغب الكل في مداعبتها وملاعبتها بين الحين والأخر. ولكن.. هذه المرة ستشاركنا جيكا اللعبة. فاعترض احد الصبية قائلا صارخا باستنكار: ماذا ؟ مستحيل إنها لا تعرف شيئا عن كيفية اللعب وقوانينه كما أنني لم أحضر إلا خمس كرات فقط لنا نحن فقط. فأسرعت مجدولين تربت على رأس جيكا برفق وتضعها على الأرض اللامعة قائلة: كفى يا مهند , كلنا يعلم أن لاقوا نين للعبة لذلك اسميناها بلعبة " الحرية". لن تحتاج جيكا الى كرة لتشاركنا اللعب . فمط مهند شفتيه بامتعاظ وقال: لا بأس, أنتي أكبرنا يا مجد وتعرفين ماذا تفعلين حتما.
ثم أسرع يفتح حقيبة صغيرة من المخمل الأحمر ارتسم فيها العلم الفلسطيني
وأخرج منه خمس كرات بلورية براقة مختلفة الألوان. أخذ الجميع بمن فيهم جيكا يحدقون في الكرات الخمس مشدوهين بروعة الألوان التي تصدرها وكأنهم يرونها للمرة الأولى. كانت الكرات الخمس تسطع ببريق أخاذ يخطف الأبصار ويزداد تألقا مع انعكاس ضوء الشمس على الكرات الساحرة. وضع مهند الكرات الخمس في كفيه وقال مبستما وبلهجة أمرة:ليأخذ كل واحد منكم كرة كالمعتاد. أخذت مجدولين الكرة الزرقاء وأخذ سعد الكرة الصفراء وأحتفظ مهند بالكرة الحمراء بينما استحوذ الصبيان الباقيان على كرتين احداهما خظراء والثانية برتقالية. هتفت مجدولين بنشوة: فليضع كل واحد منك كرته أمامه على الأرض و لنشكل دائرة الحرية فلم يتبق إلا القليل وتبدأ أضواء الشمس بالرحيل ولن نتمكن حينها من اللعب.فوضع كل واحد منهم الكرة أمامه على الأرض ثم أسرعوا بتشكيل دائرة صغيرة وكل واحد منهم يسمك بيد الأخر برفق . شعر مهند بالحياء من جراء إمساكه بيد مجدولين الناعمة ولما رفع عينيه الرماديتين لاحظ نفس الشعور يعتلي وجه سعد الذي كان يمسك باليد الأخرى لمجدولين. وهنا أخذت جيكا بالمواء وكأنها تعترض على نسيانهم لها. فضحكت مجدولين بصوت موسيقي عذب وقالت: لا تخافي يا عزيزتي نحن لم ننسك . انتظري وستري. وهنا قال مهند بصوت مرتفع: شششش هدوءا لقد حان الوقت, أيها الحالمون أغمضوا العيون واجعلوا الملائكة تصافح أياديكم, يا كرات السماء أرشدينا الى الحرية, أرشدينا الى الحرية.
فأغلق الجميع أعينهم برفق. وهنا هبت نسمة خفيفة باردة سرعان ما انتشرت في المكان وعلى إثرها بدأت الكرات الخمس ترتفع ببطيء رويدا رويدا حتى اعتلت رؤوس الأطفال الخمسة وقطتهم ثم بدأت أجسادهم هم بالارتفاع هذه المرة . وماهي إلا لحظات حتى حلق الستة في سماء المكان وأخذوا يطيرون بنعومة وسلاسة كأنهم طيور النورس . فأخذ الكل يقهقه ويضحك مغتبطا بينما الكرات الخمس تتحرك بإيقاع عشوائي بين أجسادهم الطرية. أما القطة جيكا فلم تستطع التحكم بجسدها الذي أخذ يدور ويتشقلب بلا انتظام في الهواء وهي تموء بقلق واظطراب. وهنا اقتربت كرة مهند من كرة مجدولين واصطدمت بها بخفة ثم ارتدت لتحلق بعيدا في السماء وتصطدم بأحد الجدران لتعود بسرعة وتخترق جسد مجدولين في حركة ساحرة مثلما يخترق الطيف صفحة من المياه النقية فأطلقت مجدولين ضحكة طويلة وقال سعد بغيرة: مهند كف عن العبث فنظر إليه مهند وصرخ قائلا بمرح: لم افعل شيئا يا صديقي العزيز لقد رأيت بنفسك الكرة وهي تطير . فأخذ الجميع يتبادلون قذف الكرات فيما بينهم وهم يحلقون في سعادة, وفجأة إذا برياح عاتية تقتحم المكان كالمارد الجبار وتعصف بالأطفال وقطتهم عصفا وتتلاعب بهم في الهواء كالريش في مهب الريح فأخذوا يتصايحون ويصرخون بفزع ومجدولين تهتف: ما هذا من أين أتت هذه الرياح العاصفة؟ لا ينبغي أن يكون هنالك إعصار الآن هذا ليس عدلا. ثم أخذت الرياح تزأر وتشتد بقوة وتطرح الأولاد الخمسة أرضا ثم ترفعهم بعنف . حينها رأت مجدولين مهند ملقى على أحد الجدران بلا حراك ومن فمه تدفق دم غزير فأخذت بالصراخ: مهند .. مالذي يجري؟؟
لااااااااا.

استيقظت مجدولين الصغيرة فزعة من حلمها الجميل الذي غالبا ما كانت تحلمه كل ليلة ولكن هذه المرة تحول الى كابوس مريع. نظرت حولها في قلق وصرخت بأعلى صوتها: أمي أين أنتي؟ ولكن ما من مجيب لهتافها القلق. أسرعت تفتح باب الغرفة لتصدم بكابوس أخر اشد قسوة ورعبا. جميع أفراد أسرتها ملقون على ارض غرفة الجلوس وأجسادهم تسبح في الدماء وجثة القطة العجوز جيكا تتوسطهم ومن الخارج تعالت أصوات طلقات المدافع والرشاشات وصراخ الأطفال والعجائز وأسلحة العدو تحصدهم حصدا . دارت الدنيا أمام مجدولين بعنف ولم تدري ماذا تفعل واختنقت الكلمات في حلقها فلم تعد قادرة على إخراجها
وهنا أقتحم مهند المكان صارخا: مجد اهربي الأعداء يشنون غارة على القرية . اهربي بسرعة لق... ولم يكمل مهند عبارته فقد أصر القدر أن يكمل المأساة الأليمة حينما تدفق سيل من الرصاص عبر الباب ليخترق جسد مهند الغض ويطرحه أرضا قتيلا بعنف . رأت مجدولين الدماء تتدفق بغزارة من فم مهند وكأنما مشهد ما يتكرر أمام عينيها. لم تنطق بكلمة ورفعت عينيها باتجاه مدخل المنزل لترى أحد جنود الأعداء يقتحم المكان شاهرا مدفعه الرشاش ومصوبا إياه إليها وفي عينيه شبح الموت . أغمضت عينيها البريئتين وأخذت تهمس بحنان بينما ابتسامة ساحرة ترتسم في شفتيها: أيها الحالمون أغمضوا العيون واجعلوا الملائكة تصافح أياديكم, يا كرات السماء أرشدينا الى الحرية, أرشدينا الى الحرية.
وابل من الطلقات, جسد مسجى على الأرض وخطوات تبتعد بسرعة.

اسيرة الهوى
17-04-2006, 09:56 AM
قصة روووووووووووووعه

يا رب تفوز


الى الامام

الملاك الغريب
17-04-2006, 02:16 PM
ما شاء الله منافسة قوية ..
اتمنى لكـ الفوز ..
^_^

سكون
17-04-2006, 02:26 PM
فعلا قصه رائعه ومؤثره في نفس الوقت نعم هذا هو حال اخواننا واهلنا وابنائنا في فلسطين الحبيبه وفي ارض العراق بلاد الرافدين ارواح تحصد وبرك من الدماء تسيل واعراض تنتهك كل يوم.

سلمت يمناك اخي الكريم على ما خطت.
قصه تستحق الفوز

الفارس البلوشي
17-04-2006, 07:55 PM
بالفعل قصه رائعه جدا ومؤثرة ..

سطور ذهبيه وكلمات مرتبه وجميله ..

يا أخي الغالي الرحيل الساحر ..

لك جزيل الشكر والتقدير ..

وأتمنى لك الفوز ..

الرحيل الساحر
17-04-2006, 09:18 PM
تسلموا اخواني واخواتي على مروركم الكريم وتشجيعكم

واسال الله التوفيق في اخراج القصة بناحية ادبية تحكي معاناة الامة العربية الفلسطينية

آسر القلوب
18-04-2006, 11:47 AM
من ادكـ يا ولد..:thumbup1:

أتمنى لكـ الفوز أن شاء الله..

ع فكرة انا راح اثبت المواضيع المشاركة بالمسابقة لعدة أيام..
بالاضافة أني راح اضم وصلة للمواضيع المشاركة بالمسابقة
بالموضوع الرئيسي..

موفق عزيزي..:thumbsup:

الرحيل الساحر
22-04-2006, 04:03 PM
تسلم حبيبي اسر القلوب

الرحيل الساحر
09-06-2006, 01:07 PM
اشكر الجميع على المرور في صفحة القصة وبالتوفيق للجميع في مسابقة اخرى ان شاء الله

تحيتي لكم

مساء الورد
09-06-2006, 01:46 PM
رائع ... رائع .. رائع
رونقه
ابدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااع
بوركت بما كتبته انامللك والى الامام دوما يا اخي العزيز
واتمنى للك الفوز من كل اعماق قلبي :)
اختك
مساء الورد

الرحيل الساحر
12-06-2006, 03:38 AM
تشكرين على مرورك العاطر هنا اختي العزيزة مساء الورد

اقدر كثيرا مرورك وتصفحك للقصة

لاعدمناك