مشاهدة النسخة كاملة : عندما تتبخر الأحلام


غريب الدار
13-04-2006, 01:56 PM
تكون أحلامكم متواضعة؟ بل آمنوا بقدراتكم واجعلوا أحلامكم بلا حدود، هذا ما نسمعه دائما من الكبار سواء كبار السن أو كبار المناصب في الندوات ومجالس الشباب.
ونتيجة لهذه التوجيهات والنصائح يفتح الشباب المجال إلى أن تكون طموحاتهم كبيرة جدا وأحلامهم للمستقبل لا حدود لها فيضعون لأنفسهم خططا خمسية لتنفيذها بعد التخرج كمرحلة أولى لتحقيق جزء من الأحلام الكبيرة لمستقبلهم المشرق الذي ينتظرهم وسيكون مزدهرا بالإنجازات، ولكن يؤجلون تنفيذها إلى ما بعد استلام الشهادة، فهي وثيقة التأمين للمستقبل المشرق الذي ينتظرهم وسلاحهم ضد غدر الزمن كما يقال.
وعند التخرج وانتقالهم من مرحلة الدراسة إلى مرحلة جديدة وهي البحث عن الوظيفة المناسبة التي تناسب دراستهم وميولهم يقولون: حان الوقت لتفعيل الخطة الخمسية، ويقدمون بكل ثقة على إشهار سلاحهم سلاح العلم لكي يفتح لهم جميع الأبواب المغلقة للوظائف التي طمحوا إليها وتكون شهادتهم بمثابة بساط الريح الذي يمكنهم من العبور فوق جميع الحواجز التي تحاول إعاقتهم ومنعهم من الوصول إلى أحلامهم وتنفيذ خططهم وأهدافهم.
فيقدم الشاب طلبا للوظيفة التي تكون مناسبة له وهو مستوف لجميع شروطها ويجد أن شخصا آخر قد حصل عليها، فهذا الشخص الأحق بهذه الوظيفة بسبب وجود الواسطة عنده فهي السلاح الأقوى في هذ الزمن، وينتظر الشاب المسكين شهورا طويلة وربما تمتد لبضع سنين من دون أن يحصل على الوظيفة التي حلم بها أو على وظيفة أخرى تكون من الخطة البديلة التي وضعها لمستقبله، فيسلم بالأمر الواقع لأن البطالة أرهقته وعقارب الزمن لأحلامه متوقفة دون حراك، فيجد نفسه مضطرا للقبول بأي وظيفة والسلام، لا صلة له فيها لا من قريب ولا من بعيد، فيذهب في أول يوم (دوام) ليجد ملف الحضور قد غص بأسماء الموظفين وتوقيعاتهم ولكن لا وجود لهم فهم موظفون عملهم الوحيد هو التوقيع في الملف واستلام المعاش كل آخر شهر، فعندها يدرك انه وضع القناع لبطالته وأصبح مجرد رقم في جداول التوظيف لدى الدولة.
وحين تنظر هذه الفئة من الشباب فيما حولها فترى أن لا قيمة للشهادات ولا قيمة للتميز ولا للإبداع، وان جهد سنوات من الدراسة والتميز يمكن أن يمحى باتصال تلفوني وبجرة قلم من صاحب منصب لا ضمير له ولا حياء، بعد كل هذا هل يكون للشاب أحلام؟ أم انها ستتبخر وتذهب أدراج الرياح وستغطي على إرادتنا وعزيمتنا غيوم الفساد الإداري الذي ينشر الواسطة في مجتمعنا كانتشار النار في الهشيم، فمتى ستنجلي هذه الغيوم وتشرق من جديد طموحاتنا وآمالنا وتتعدل أحوال الإدارات ونقول لها 'يعجبنا حياؤك' وعدالتك في التوظيف.