مشاهدة النسخة كاملة : فضل صيام رمضان وقيامه مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس


وقاص
16-09-2007, 08:02 AM
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين ، سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان ، ووفقني وإياهم للفقه في السنة والقرآن . آمين .

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فهذه نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام شهر رمضان وقيامه ، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحة ، مع بيان أحكام مهمة قد تخفى عل بعض الناس .

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان ،
ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين ،
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب ، وصفدت الشياطين ،
وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ))[1] .
ويقول عليه الصلاة والسلام : (( جاءكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ،
ينظر الله على تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ))[2] .
ويقول عليه الصلاة والسلام : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،
ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))[3] .
ويقول عليه الصلاة والسلام : يقول الله عز وجل : (( كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ،

للصائم فرحتان فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ))[4] . والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه وفضل جنس الصوم كثيرة .
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة وهي ما منَّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان فيسارع إلى الطاعات ،
ويحذر من السيئات ، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ولا سيما الصلوات الخمس ، فإنها عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين .

فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة .

ومن أهم واجباتها في حق الرجال ؛ أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه
كما قال عز وجل : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ))[5] ،
وقال تعالى : (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ))[6]
وقال عز وجل : { قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون ...}[7] إلى أن قال عز وجل : (( والذين هم على صلواتهم يحافظون . أولئك هم الوارثون . الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ))[8] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ))[9] .
وأهم الفرائض بعد الصلاة أداء الزكاة كما قال عز وجل : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ))[10] ،
وقال تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ))[11] . وقد دل كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة .

وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة صيام رمضان ، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي صلى اله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ،
وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ))[12] ،

ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال ؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه ، وتعظيم حرماته ،
وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها ، وتعويدها الصبر عما حرم الله ، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشراب وسائر المفطرات ؛
ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( الصيام جُنَّة فإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ))[13] .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ))[14] .
فعلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حرم الله عليه والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه ، وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام .

وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس :

منها : أن الواجب على المسلم أن يصوم إيماناً واحتساباً لا رياء ولا سمعة ولا تقليداً للناس أو متابعة أهل بلده ،
بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك ، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك ، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيماناً واحتساباً لا لسبب آخر ،
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،
ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))[15] .


ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره ،
فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم ، لكن من تعمد القيء فسد صومه
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء ))[16] .

ومن ذلك : ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر ، وما يعرض لبعض النساء من تأخر غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر ،
إذا رأت الطهر قبل الفجر ، فإنه يلزمها الصوم ، ولا مانع من تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر ن ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس ؛ بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس ،
وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس ،
بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس ،
ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة .

ومن الأمور التي لا تفسد الصوم : تحليل الدم ، وضرب الإبر ، غير التي يقصد بها التغذية ،
لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك ؛ ل
قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ))[17] ،
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ))[18] .

ومن الأمور التي لا يخفى حكمها على بعض الناس : عدم الاطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة
أو نافلة ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول اله صلى الله عليه وسلم
على أن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه ، وهو الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه .
وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً ، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة ، وصاحبها آثم غير مأجور .

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ظن بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة ، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة ،
وهذا كله ظن في غير محله بل هو خطأ مخالف للأدلة .

وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن صلاة الليل موسع فيها فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته ،
بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة ، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة ، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره .

ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال : (( مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى ))[19] متفق على صحته .

ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره ، ولهذا صلى الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر رضي الله عنه في بعض الأحيان ثلاثاً وعشرين ركعة ،
وفي بعضها إحدى عشرة ركعة ، كل ذلك ثبت عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في عهده ،
وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستاً وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث ،

وبعضهم يصلي إحدى وأربعين ، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم ،
كما ذكر رحمه الله أن الأمر في ذلك واسع ، وذكر أيضاً أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد ،
ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد ، هذا معنى كلامه رحمه الله .

ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة ،
أو ثلاث عشرة ركعة ، في رمضان وغيره ؛
لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في غالب أحواله ،
ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة ، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق .
والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان أن لا ينصرف إلا مع الإمام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة ))[20] .


ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة ،
وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار
والدعوات الشرعية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله عز وجل ،
ومواساة الفقراء والمساكين ، والاجتهاد في بر الوالدين ، وصلة الرحم ، وإكرام الجار ، وعيادة المريض ، وغير ذلك من أنواع الخير ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : (( ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ))[21] ،

ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ))[22] .

ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (( عمرة في رمضان تعدل حجة . أو قال : حجة معي ))[23] .
والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة .
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه ،
وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ، ويصلح أحوالنا ويعيذنا جميعاً من مضلات الفتن ،
كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين ،

ويجمع كلمتهم على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



م

ن

ق

و

ل



ما شيء ألوان :sadwalk:

** طموحة **
17-09-2007, 06:17 AM
جزاك الله عنا خير الجزاء اخي ابو ليث ..


//

^_^

//

دمت في حفظ الله

وقاص
17-09-2007, 11:35 AM
O_O


ثــانكس عالمرور

القلم الحزين
17-09-2007, 05:57 PM
بارك الله فيك أخي العزيز وقاص ..
أحسنت اختيار الموضوع ، جعل هذا في ميزان حسناتك ..

عطر الربيع
04-09-2008, 11:37 AM
شكرااااااااااااااا

orient
04-09-2008, 01:16 PM
موضوع يحوي من الافادة الشيء الكثير ..
بارك الله فيك مشرفنا ..

الفارس البلوشي
04-09-2008, 02:05 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراَ يا أخي الكريم .:thumbsup:

نورنور
04-09-2008, 11:22 PM
(حافظوا على الصلوات والصلاه الوسطى وقوموا لله قانتين )
(والذين هم على صلواتهم يحافظون )

..
..
موضوع جدا جميل
بارك الله فيك
ووفقك ربي للخير مسعاك
رعاك الرحمن

oonإيميmoo
08-09-2008, 08:22 PM
جزاك الله خيرا
ويعطيك العااااافيه

وقاص
14-09-2008, 03:43 PM
أشكركم أخوتي عالمرور ..


رمضاااان كريم ..

وتقبل الله صيامكم وقيامكم